وظيفه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جودت الانصاري
    أديب وكاتب
    • 05-03-2011
    • 1439

    وظيفه

    وظيفة
    ما ان تبخرت ايام الجامعة سراعا,,, بأحلامها الوردية ,, مرّها ،وحلوها ،،حتى ابتَلعَنا الجيش ,, وكأنه يقف على باب الجامعة .
    الوطن و الرجولة وما شابه ,, وكأننا انتقلنا فجأة مما يسمونه اوربا الى مجاهل افريقيا ,, لم يكن الامر صعبا علينا نحن : ابناء القرى قياساً بزملائنا ابناء البسكويت ! كما كان المدربون يسمون ابناء المدينة ,,, فالنهوض المبكر , واستخدام السلاح , وحفر الخنادق : ليس بالجديد على الفلاحين ,, اما الطعام فكان لبعض ابناء القرى النائية : نعمه نسبة للفقر والفاقة التي كانت تميّز تلك القرى حين ذاك .
    سنه ونصف وانتهت بشق الانفس .
    وموسم عمل شاق جديد استقبلنا بمجرد التسريح من الجيش ,, موسم حصاد وايّ حصاد ,, يدوي طبعاً بشمسه الحارقة ,, وتحضير الارض لموسم الخضراوات قبل فوات موسم الزرع ,, وغير هذا وذاك : كري الانهار والسقي الليلي .
    المنحوس منحوس ,,, اما كان الاجدر ان يؤخروا التسريح اياماً ؟
    (سلّم على عمك الحاج محمود ),, فاجأني الوالد بصوته الآمر ,,الجهوري حال جميع القرويين فقد تعوّدوا الحديث في الاراضي المفتوحة وعلى رأيهم : اذا انخفض صوت الرجل,,, ارتفع عليه صوت المرأة,,,, رميت الدراجة , ومسحت يدي بذيل ملابس الحصاد ولامست تلك اليد الناعمة وكأنها : رغيف حنطة مستوردة ,,,وخشيت ما خشيت ان يطلب الوالد ان اقبّل يد الحاج احتراماً فقد طلب منّي ذلك مرّة من قبل ,,, ولكن حين كنت صغيراً
    الحاج محمود : قريب والدي من بعيد , يسكن المدينة حيث كان يعمل موظفاً في احدى الدوائر , وقد احيل اخيراً على التقاعد وصار يزور القرية احياناً ,,, فله بستان يديرها والدي مقابل : نصف المحصول .
    اعتذرت من الرجل بالانصراف وتركت الوالد يجامله على العشاء ,,, على باب غرفة الضيوف التقتني الوالدة بأبريق الماء والمنشفة ,,, وصاح الوالد : صابون ,, وقفت اصب الماء على يد الحاج وهو يمرر الماء في فمه فيصدر اصواتاً كادت تضحكني لولا الخوف من الوالد فقد كان يبالغ في الاحترام لقريبه,, ثم اني رغم اكمالي الجامعة كنت اخشى غضبه ,,,,,ومن بين الماء والصابون قال : اين وصلت ؟,, فصاح والدي : اكمل الجامعة والجيش ,, فبادر الرجل : الم تحصل على وظيفة ؟
    طبعاً لم يكن الحصول على وظيفة في تلك الفترة بالشيء السهل خصوصاً لأمثالي من ابناء الفلاحين .
    نظر الرجل اليّ وكأنه خيّاط يريد ان يخيط لي بدله ,, وتوقعت ان يطلب مني ان استدير ثم قال : ستأتي معي غداً ,,,فلدي في الدائرة معارف كثيرون , ولي عليهم افضال ,, لم اقل شيئا فبادر الوالد بذات الصوت : قل له شكراً والله يطيل بعمرك ,, المدير الجديد كان يعمل تحت يدي وسترى كيف آمره ,,, واضاف بصيغة الآمر: احلق شعرك ولحيتك ولأتنسى البدلة وربطة العنق و,,,, توكل .
    في الصباح وصلنا الدائرة مبكرين بعد ان دلقت الوالدة خلفنا دلو ماء طلبا للتسهيل ,,,,,لم يكن باستقبالنا غير المنظفين ومن بقي من الحراس ,,فلم يصل الموظفون بعد,,, لكنهم استقبلوه بحفاوة , وفتحوا له باب غرفة المدير ,, جلس على كرسي المدير وجلست على احد المقاعد ,, وتقاطر الموظفون يحيوه وهو يلاطفهم ويذكّر البعض بمواقفه وعاداته في التأخر ,, ,,كان قلبي يقفز من مكانه كلما دخل موظف ببدله ظنّاً مني انه المدير ,, واخيراً ظهر صدق الحاج ,, فقد كان محل احترام حتى المدير الذي اصرّ ان يبقى الحاج على كرسيه .
    كان كوالدي يصرخ : سلّم على فلان وفلان ويردد للجميع هذا ابن اخي ,, احسست ان الوظيفة اصبحت كما يقولون بالجيب .
    بعد الشاي اخرج الحاج علبة سجائره وقدم للمدير ,, طبعاً نسيت ان اذكر : كان المدير ضخماً مهيباً بصلعته وشاربه الكبير وكأنه جنح غراب يغطي شفته العليا .
    المهم زرع الرجل السيجارة في ذلك الحقل من الشعر ,, وبحركة رشيقة مد الحاج ولاعته ليجامل المدير بإشعال سيجارته .
    من سوء حضي كانت الولاعة الغازية على اعلى درجاتها ,,وطبعاً تعلمون ما حدث فقد احترق نصف ذلك الشارب بغمضة عين ,, ظل الرجل يمس شاربه بطريقة آلية وهو يردد: بسيطة , بسيطة .
    اما انا فقد وجدت الرجل وكأنه : انكمش الى الربع او اقل,,, فقد كانت لتلك الشعرات التي فاحت رائحتها هيبة خاصة ,, فايّ طاووس وقد فقد ذيله؟ ,,,عموماً لم اتمكن ان امسك نفسي عن الضحك فهربت خارج الغرفة لأكمل ضحكة تعقبها آهة طويلة على الوظيفة التي احترقت مع هيبة المدير .
    لم اجد من اللائق ترك الحاج والعودة بخيبة الامل ,,اما هو,, فقد خرج بعد حين وهو يلوح بفخر الفاتحين لكاتبة الطابعة بورقة: تحمل امر تعيين، ومن خلفه رجل يشبه المدير ولكن بشارب محروق .!!
    لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    جودت الأنصاري
    هذه أول مرة أقرأ لك
    لكنه أعجبني
    نص خفيف الظل وفيه روح الدعابة المشوبة بالحزن الدفين
    أحيانا يهيء لي أن أحسن طريقة لابتلاع الوجع هي السخرية منه
    ودي ومحبتي لك



    عاشقين

    عاشقين حكايات ملتهبة نسبت إليها، كتبت عنها. أساطير، تداولها الأبناء عن آبائهم. قالوا: - طاغية تسطر تاريخ العشق، بأحرف من جمر منحوتة من نور و نار.. وحمم، تصطلي الأرواح فيها فحذار، حذاري منها! فاتنة فتاكة ترمي بسهام سحرها فتغوي الرجال بفتنتها وبهاء طلتها، يهيمون فيها يشرئبون بأعناقهم نحوها وقلوبهم واجفة، خوفا عليها.. لكنهم لا
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • سلمان الجاسم
      أديب وكاتب
      • 07-02-2011
      • 122

      #3
      لم اجد من اللائق ترك الحاج والعودة بخيبة الامل ,,اما هو,, فقد خرج بعد حين وهو يلوح بفخر الفاتحين لكاتبة الطابعة بورقة: تحمل امر تعيين، ومن خلفه رجل يشبه المدير ولكن بشارب محروق .!!
      الزميل جودت الأنصار ي ..تحياتي الحارة لك وأود أن أسجل إعجابي بطريقة سردك للأحداث ..طريقة.. سلسة.. متدرجة.. متسلسلة..ممتعة..
      وقد أضحكني المقطع الأخير حتى أدمعت عيناي ..رغم إني منذ فترة لم أعرف الضحك ..الحدث رائع ..والنتيجة أروع !
      بوركت ياأخي ..وبورك قلمك المبدع واستمر بهذا الاسلوب الممتع..
      تقبل أطيب تمنياتي لك بالتوفيق .

      تعليق

      • دينا نبيل
        أديبة وناقدة
        • 03-07-2011
        • 732

        #4
        سيدي جودت القدير

        لا اقول سوى .. رائعة .. رائعة ! ..

        لقد أضحكتني قصتك كثيرا .. استاذي لم أتوقعها هكذا لما قرأت العنوان لكن من أول سطر أحسست روح الدعابة بها .. فعلا رائعة

        رجعت بها سيدي إلى زمن توفيق الحكيم والمديرين والموظفين المنظفين والفلاحين المسّاحين .. وهذا الجو المضحك المخزي في آن واحد

        النهاية أعجبتني لم أكن أتوقعها حقيقة وهذا مما يحسب للكاتب بجدارة

        اسلوبك رائع فيها سيدي وجديد على حد علمي المتواضع بنصوصك استاذي


        دام قلمك سيد جودت مبدعا

        تعليق

        • ريما ريماوي
          عضو الملتقى
          • 07-05-2011
          • 8501

          #5
          نعم استاذ جودت وأنا أعجبني نصك كثيرا,
          يمتعني أسلوب الفكاهة بالقص, مهما كان حجم الالم المبطن!
          يسلموا الأيادي, مودتي وتقديري.
          تحياتي.


          أنين ناي
          يبث الحنين لأصله
          غصن مورّق صغير.

          تعليق

          • فايزشناني
            عضو الملتقى
            • 29-09-2010
            • 4795

            #6
            نعم أستاذ جودت كنت مبدعاً في الوصف

            جميع القرويين فقد تعوّدوا الحديث في الاراضي المفتوحة وعلى رأيهم : اذا انخفض صوت الرجل,,, ارتفع عليه صوت المرأة
            هذا وصف لحالة حقيقية نراها ونميزها بين من يعيش في أراض مفتوحة
            أو بنايات مكتظة ترتسم إشارات التحذير من إعلاء الأصوات على الشفاه والوجوه

            ابناء البسكويت ! كما كان المدربون يسمون ابناء المدينة

            وهذه صورة أخرى شاهدها كل من خدم في الجيش
            كانوا يسمون أبناء المدينة : بالطنطات هههههه

            وخشيت ما خشيت ان يطلب الوالد ان اقبّل يد الحاج احتراماً فقد طلب منّي ذلك مرّة من قبل

            هي عادة كانت في وقتها تحض على الاحترام والطاعة
            لكنها باتت للزعبرة هذه الأيام

            لن أطيل أنهيت المشهد بلقطة بارعة .... أحييك وأشد على يديك
            تابع هذا الابداع والتالق
            هيهات منا الهزيمة
            قررنا ألا نخاف
            تعيش وتسلم يا وطني​

            تعليق

            • جودت الانصاري
              أديب وكاتب
              • 05-03-2011
              • 1439

              #7
              السيده عائده تحياتي
              ليس غريبا علينا نحن العراقيين,, تجاوز الالم ,,لا بل تحويله الى نكته نضحك عند ذكرها
              والا كيف تفسرين بقاءنا على قيد الحياة مع كل ما مرّ بنا من المصائب والويلات
              اشكر هذا المرور العذب سيدتي
              ودام التواصل
              لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

              تعليق

              • جودت الانصاري
                أديب وكاتب
                • 05-03-2011
                • 1439

                #8
                الاخ سلمان تحياتي
                احزنتني اذ تقول انك لم تضحك مذ زمن,,,,الحياة اخي لا تستحق سوى ان نتحداها بضحكه ولو في
                الظاهر فقط
                اشكر مرورك
                راجيا التواصل والود
                لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                تعليق

                • جودت الانصاري
                  أديب وكاتب
                  • 05-03-2011
                  • 1439

                  #9
                  الرائعه دينا
                  مرحبا بهذا المرور
                  الواقع احيانا اغرب كثيرا من الخيال ,,,ولا يحتاج الا لبعض التزويق
                  دام التواصل
                  لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                  تعليق

                  • جودت الانصاري
                    أديب وكاتب
                    • 05-03-2011
                    • 1439

                    #10
                    السيده المبدعه ريما
                    تحيه كبيره,,,,آراؤك مشجعة جدا ودافعه الى الامام
                    لي مبدآن في القص اولا النهاية السعيده او على الاقل المقنعه
                    وثانيا جميع النصوص من ارض الواقع
                    دام التواصل
                    لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                    تعليق

                    • جودت الانصاري
                      أديب وكاتب
                      • 05-03-2011
                      • 1439

                      #11
                      الاخ العزيز فائز
                      تحيه كبيره بيضاء
                      من الواضح انك قرأت النص بتأني كبير
                      اشكر مرورك الجميل وصدقني له وقع خاص في نفسي
                      دام تواصلنا والود
                      بالمناسبه قرأت طلبا لاحد الاعضاء مقدما للاداره يطلب فيه ترخيصا غريبا جعلني لا الومك على قصتك القصيرة جدا(مغارة علي بابا)التي استهجنتهافي وقتها,,, والمعنى في قلب الشاعر!!!
                      لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                      تعليق

                      • عائده محمد نادر
                        عضو الملتقى
                        • 18-10-2008
                        • 12843

                        #12
                        الزميل القدير
                        جودت الأنصاري
                        لا أدري كيف اختفت ملاحظة
                        انك أهملت الهمزات جدا
                        بودي أن تراجع النص وتضع الهمزات كي يأخذ النص حقه
                        لكني أعود وأقول لك
                        نصك فيه سخرية من الواقع المرير زميلي
                        وفيه رمزية
                        ودي ومحبتي مرة أخرى لك


                        عاشقين

                        عاشقين حكايات ملتهبة نسبت إليها، كتبت عنها. أساطير، تداولها الأبناء عن آبائهم. قالوا: - طاغية تسطر تاريخ العشق، بأحرف من جمر منحوتة من نور و نار.. وحمم، تصطلي الأرواح فيها فحذار، حذاري منها! فاتنة فتاكة ترمي بسهام سحرها فتغوي الرجال بفتنتها وبهاء طلتها، يهيمون فيها يشرئبون بأعناقهم نحوها وقلوبهم واجفة، خوفا عليها.. لكنهم لا
                        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                        تعليق

                        • هادي زاهر
                          أديب وكاتب
                          • 30-08-2008
                          • 824

                          #13
                          أخي الكاتب جودت الانصاري
                          لقد استمتعت
                          محبتي
                          هادي زاهر
                          " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                          تعليق

                          • جودت الانصاري
                            أديب وكاتب
                            • 05-03-2011
                            • 1439

                            #14
                            مرحب بك اخي العزيز هادي
                            واشكر هذا المرور خفيف الظل
                            ودام تواصلنا والود
                            لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                            تعليق

                            • جودت الانصاري
                              أديب وكاتب
                              • 05-03-2011
                              • 1439

                              #15
                              المبدعه عائده تحياتي
                              مشكورة على الملاحظه القيمه وساحاول في النصوص الجديده
                              مع اني اعتمد على نباهة الاخوه القراء
                              دام التواصل
                              لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                              تعليق

                              يعمل...
                              X