منذ أن زارت أختها إلهام تغيرت نظرتها إلى الحياة، بدأت تغزوها هواجس وأفكار لاعهد لها من قبل.. كانت راضية مطمئنة ،تشعر ان كل شيء على مايرام، لم يعترها أي إحساس أن شيئا في حياتها غير طبيعي.
كانت ثقتها بنفسها وبأسلوبها في إدارة حياتها ثقة مطلقة لا يشوبها أي شك ، فاخرت – باستمرار – بقدرتها الخارقة على خرق المألوف ، والخروج على النمطي المعهود ،وعلى صنع عالم خاص بها لاتستطيع الكثيرات من بني جنسها أن يصنعن مثله.
كان عالمها كتابا وقلما ، ثقافة وقراءة. شبت على ذلك منذ طفولتها المبكرة . استهواها الكتاب، عشقته عشقا لم تعشقه أم لأطفالها ثم صار عالمها الوحيد الذي لاتعرف عالما آخر غيره.
مضت فى الدراسة جادة دؤبا،تحقق نجاحا إثر نجاح ،كانت الاولى دائما ،يشار إليها بالبنان ،كانت الغيرة من نجاحها وتفوقها تأكل قلوب زميلاتها بل قلوب جميع من حولها.
ثم عشقت الكتابة ،وراحت تمارس الإبداع . أخذت ترسل ماتكتبه إلى الصحف والمجلات ، فوجدت تشجيعاً منقطع النظير ،وأصبحت كتاباتها الجريئة المثيرة تحتل أحيانا صدر الصفحات الأولى ، وبدأ اسمها يلمع ويكبر يوما بعد يوم . ولكن هذا النجاح الباهر كان يكلفها الكثير، كان على حساب أشياء كثيرة في حياة الأنثى خاصة.
كانت فى عزلة عن العالم كأنها تعيش في كوكب آخر، لاتدري شيئا عما يجري حولها حتى في أسرتها الصغيرة. من حولها من أخوات أو قريبات أو جارات يخطبن ، أو يتزوجن ، أو ينجبن ، أو يطلقن ، او غير ذلك ، وهي لاتدري عن ذلك كله شيئا.
وقل أن لبت دعوة إلى حضور فرح أو مناسبة ، وإذا فعلت جلست على مضض ، لا تكاد تشعر بما يجري من حولها ، بل تستعجل انقضاء الوقت حتى تعود إلى عالمها الأثير.
وكانت سنوات عمرها تنطوي سريعة عجلى. تقدم لخطبتها بعض الرجال ،ولكنها أبت ذلك كل الأباء،لم تجد نصائح أمها التي قالت لها عدة مرات:الزواج يا أحلام سنة الحياة..وهو حاجة انسانية.. كانت تقاطعها دائما محتجة منهية الحديث لاتحب له أن يطول: أنا سعيدة بعالمي ..لا أشعر أن شيئا ينقصني.. وتصر أمها أحيانا على الاستمرار فتقول لها :إنها سعادة مؤقتة يا أحلام .. ستشعرين في غد قريب بالحاجة إلى زوج وأولاد..لايمكن لامرأة أن تعيش وحيدة إلى الأبد..
لا أشعر أن شيئا ينقصني تلك كانت عباراتها التي ترددها باستمرار كلما حادثها أحد في موضوع الزواج.
كان ما يغدق عليها من الثناء،وما يكتب عنها من الإطراء يشعرها أنها غير الأخريات جميعا ، إنها أنثى من طراز فريد، تصنع ما لا تستطيع الأخريات أن يصنعنه.
لم تكن تزور أو تزار إلا نادرا، حتى أخواتها تزوجن جميعاً،وصار لهن أولاد، لم تكن تجد الوقت –كما تقول- حتى تزورهن .وقتها مشغول مستهلك دائما.
أين أذهب بهذه الأكوام من الكتب والصحف والمجلات التي علي أن أقرأها؟!وأين أذهب بأوراق الطالبات المتكدسة على مكتبي تنتظر القراءة والتصحيح والتعليق!؟
الزمن يمضي وهي تزداد انتشاء وسعادة بما تحقق من نجاح ، لم يقصم ظهرها إلا موت أمها . أحست فعلا بالوحدة،واستشعرت طعم القلق لأول مرة. أصبحت وحيدة في بيت الأسرة الواسع الكبير،بعد أن تزوج إخوتها وأخواتها جميعاً،وانتقل كل واحد إلى بيته الخاص.
روضت نفسها على حياتها الجديدة، ومضت في سيرتها الأولى المعهودة.
رزقت أختها الصغرى إلهام مولودا ذكرا بعد ثلاث بنات، ففرحت الأسرة به غاية الفرح.
وأقامت الأم بهذه المناسبة- حفلة، ودعت إلهام أختها الأستاذة أحلام .ولأنها دعتها من قبل مرات عدة ولم تلب، قالت لها في هذه المرة بلهجة تحذير ومودة:
لن تعتذري يا أحلام هذه المرة .. لن أقبل اعتذارك..ولن أقدرظروفك..ولن أحدثك بعد اليوم إذا لم تأتى..هكذا ألقت إلهام هذا الكلام دفعة واحدة في وجه أحلام حتى تقطع عليها حبل أي مسوغ للتخلف..ردت أحلام مستسلمة غصبا عنها:
سأحاول يا إلهام..
وردت عليها بحزم أشد:
بل ستأتين..أسمغيني أياها مؤكدة يا أحلام.. لم تملك أحلام إلا أن تقول :سآتي يا إلهام ..سآتي إن شاء الله.
ذهبت . منذ سنوات لم تزر أختها ، حتى كادت لاتهتدي إلى البيت بسهولة، زارتها أيام زواجها الأولى ، باركت لها ، و"نقطنها" ثم زارتها بعد ذلك مرات معدودات.
استقبلتها أختها بفرح عامر،واستقبلتها أخواتها الأخريات جميعاً ببهجة وحبور،ولكن ذلك كله كان ممزوجا بالعتاب الصادق الودود لتقصيرها في زيارتهن.
وبينما كانت أحلام جالسة عند أختها حاضرة غائبة:حاضرة بجسدها، غانبة بذهنها تفكر بأوراقها وكتبها ،وهى تتعجل انتهاء الزيارة التي لم تجد مندوحة عن تلبيتها ،دخلت ابنه أختها الصغيرة"بيان" كانت طفلة جميلة رائعة، تتدفق حيوية ولطفا . اندفعت نحو خالتها "أحلام" بحميمية طفولية عجيبة جعلت الجميع يستغربون:
خالتي أحلام..اشتقنا إليك كثيرا ..لماذا لاتزورينا ياخالتي؟..طرقت كلمة"خالتي" لأول مرة سمع "أحلام" كانت تخرج من فم هذه الصغيرة البريئة باهرة عذبة،كأنها نغمة سيمفونية رائعة ،أو زقزقة نشوان!
واندفعت الصغيرة التي لم تبلغ الرابعة من عمرها فجلست في حضن خالتها، وطوقتها بذراعيها ،وراحت تمطرها بالقبلات..كان هذا الموقف جديدا على أحلام،لم تعش جو المرح الطفولي هذا من قبل، لم تستشعر في غمرة استغراقها في أوراقها وكتبها وأقلامها براءة الأطفال,ولا بهجة الصغار المتدفقة الغامرة..وكانت "بيان"قد عانقت خالتها ،والتصقت بها بود عجيب وهي التي لم ترها إلا مرة أو مرتين في حياتها،كانت تحركها غريزة الطفولة،وكانت الكلمات تتقافز من بين شفتيها مثل نغمات الكمان:
خالتي:أحلام"..أنا أحبك كثيرا..وأمي تحبك كثيرا..نذكرك دائما..حدثتنى أمي عنك طويلا..قالت لي:إنك شاطرة متفوقة، أريد أن اكون مثلك ياخالتي.. أحست احلام أنها غارقة في نشوة رائعة لاعهد لها بها،تفجرت في أعماقها-في لحظة واحدة-مشاعر الأمومة والحنين واللهفة.
كم هي رائعة هذه الطفلة! احتضنت أحلام ابنة أختها الصغيرة "بيان" بحرارة، ضمتها إلى صدرها بكل ما ملكت من المشاعر الدافئة.
دخلت إلهام فوجدت بيان في أحضان أختها، خشيت أن تكون هذه الصغيرة المعروفة " بالشقاوة" و"الفهرته" قد ازعجت خالتها الجادة الوقور التي لا تكاد تزورهم إلا في مناسبات معدودة،فصاحت بها:
كفى يابيان..ابتعدي عن خالتك ولا تزعجيها..ولكن بيان كانت تزداد التصاقا بخالتها ،وحاولت إلهام أكثر من مرة أن تبعد الصغيرة عن خالتها،ولكنكلا من الخالة والطفلة كانت متشبثة بالأخرى تشبثا عجيبا،كان رأساهما ملتصقين ،وقد أغمض كل منهما عينيها في استغراقة حالمة.
وكانت أحلام تقول منتشية:اتركيها يا إلهام ..دعيها في أحضاني أرجوك..دخلت إلهام وخرجت أكثر من مرة،والطفلة والخالة متعانقتان بشكل عفوي رائع.
ما أروع هذه الطفلة! ما أبهاك يابيان!؟
تحس هذه الخالة-لأول مرة – بمشاعر دافئة تنبض في اعماقها تشعر-لأول مرة-أن شيئا هاما ينقصها.
دعت إلهام أختها لتتعشى عندها،ولم تصدق أذنيها عندما هزت الأستاذة رأسها موافقة بعد أن كان شرط موافقتها على الحضور أن تجلس نصف ساعة على الأكثر ثم تنصرف بسبب كثرة أعمالها.
قانت إلهام-غيرمصدقة سخاء أختها بالوقت-لتصنع العشاء،وكانت بيان قد غفت في أحضان خالتها.
أطالت أحلام السهر عند خالتها،ولم تفلت الطفلة الغافية في أحضان خالتها لحظة واحدة..
خرجت من بيت أختها في آخر الليل بمشاعر لم تألفها من قبل،لم تستطع أن تنام تلك الليلة،كانت فقط تغمض عينيها على طيف بيان الرائع الحبيب، يسري في جوانحها خدر لذيذ،وشوق إلى عالم طالما استهانت به،وكان يهجس في أعماقها هاجس ممزوج باللهفة والقلق :هل فات الأوان؟
كانت ثقتها بنفسها وبأسلوبها في إدارة حياتها ثقة مطلقة لا يشوبها أي شك ، فاخرت – باستمرار – بقدرتها الخارقة على خرق المألوف ، والخروج على النمطي المعهود ،وعلى صنع عالم خاص بها لاتستطيع الكثيرات من بني جنسها أن يصنعن مثله.
كان عالمها كتابا وقلما ، ثقافة وقراءة. شبت على ذلك منذ طفولتها المبكرة . استهواها الكتاب، عشقته عشقا لم تعشقه أم لأطفالها ثم صار عالمها الوحيد الذي لاتعرف عالما آخر غيره.
مضت فى الدراسة جادة دؤبا،تحقق نجاحا إثر نجاح ،كانت الاولى دائما ،يشار إليها بالبنان ،كانت الغيرة من نجاحها وتفوقها تأكل قلوب زميلاتها بل قلوب جميع من حولها.
ثم عشقت الكتابة ،وراحت تمارس الإبداع . أخذت ترسل ماتكتبه إلى الصحف والمجلات ، فوجدت تشجيعاً منقطع النظير ،وأصبحت كتاباتها الجريئة المثيرة تحتل أحيانا صدر الصفحات الأولى ، وبدأ اسمها يلمع ويكبر يوما بعد يوم . ولكن هذا النجاح الباهر كان يكلفها الكثير، كان على حساب أشياء كثيرة في حياة الأنثى خاصة.
كانت فى عزلة عن العالم كأنها تعيش في كوكب آخر، لاتدري شيئا عما يجري حولها حتى في أسرتها الصغيرة. من حولها من أخوات أو قريبات أو جارات يخطبن ، أو يتزوجن ، أو ينجبن ، أو يطلقن ، او غير ذلك ، وهي لاتدري عن ذلك كله شيئا.
وقل أن لبت دعوة إلى حضور فرح أو مناسبة ، وإذا فعلت جلست على مضض ، لا تكاد تشعر بما يجري من حولها ، بل تستعجل انقضاء الوقت حتى تعود إلى عالمها الأثير.
وكانت سنوات عمرها تنطوي سريعة عجلى. تقدم لخطبتها بعض الرجال ،ولكنها أبت ذلك كل الأباء،لم تجد نصائح أمها التي قالت لها عدة مرات:الزواج يا أحلام سنة الحياة..وهو حاجة انسانية.. كانت تقاطعها دائما محتجة منهية الحديث لاتحب له أن يطول: أنا سعيدة بعالمي ..لا أشعر أن شيئا ينقصني.. وتصر أمها أحيانا على الاستمرار فتقول لها :إنها سعادة مؤقتة يا أحلام .. ستشعرين في غد قريب بالحاجة إلى زوج وأولاد..لايمكن لامرأة أن تعيش وحيدة إلى الأبد..
لا أشعر أن شيئا ينقصني تلك كانت عباراتها التي ترددها باستمرار كلما حادثها أحد في موضوع الزواج.
كان ما يغدق عليها من الثناء،وما يكتب عنها من الإطراء يشعرها أنها غير الأخريات جميعا ، إنها أنثى من طراز فريد، تصنع ما لا تستطيع الأخريات أن يصنعنه.
لم تكن تزور أو تزار إلا نادرا، حتى أخواتها تزوجن جميعاً،وصار لهن أولاد، لم تكن تجد الوقت –كما تقول- حتى تزورهن .وقتها مشغول مستهلك دائما.
أين أذهب بهذه الأكوام من الكتب والصحف والمجلات التي علي أن أقرأها؟!وأين أذهب بأوراق الطالبات المتكدسة على مكتبي تنتظر القراءة والتصحيح والتعليق!؟
الزمن يمضي وهي تزداد انتشاء وسعادة بما تحقق من نجاح ، لم يقصم ظهرها إلا موت أمها . أحست فعلا بالوحدة،واستشعرت طعم القلق لأول مرة. أصبحت وحيدة في بيت الأسرة الواسع الكبير،بعد أن تزوج إخوتها وأخواتها جميعاً،وانتقل كل واحد إلى بيته الخاص.
روضت نفسها على حياتها الجديدة، ومضت في سيرتها الأولى المعهودة.
رزقت أختها الصغرى إلهام مولودا ذكرا بعد ثلاث بنات، ففرحت الأسرة به غاية الفرح.
وأقامت الأم بهذه المناسبة- حفلة، ودعت إلهام أختها الأستاذة أحلام .ولأنها دعتها من قبل مرات عدة ولم تلب، قالت لها في هذه المرة بلهجة تحذير ومودة:
لن تعتذري يا أحلام هذه المرة .. لن أقبل اعتذارك..ولن أقدرظروفك..ولن أحدثك بعد اليوم إذا لم تأتى..هكذا ألقت إلهام هذا الكلام دفعة واحدة في وجه أحلام حتى تقطع عليها حبل أي مسوغ للتخلف..ردت أحلام مستسلمة غصبا عنها:
سأحاول يا إلهام..
وردت عليها بحزم أشد:
بل ستأتين..أسمغيني أياها مؤكدة يا أحلام.. لم تملك أحلام إلا أن تقول :سآتي يا إلهام ..سآتي إن شاء الله.
ذهبت . منذ سنوات لم تزر أختها ، حتى كادت لاتهتدي إلى البيت بسهولة، زارتها أيام زواجها الأولى ، باركت لها ، و"نقطنها" ثم زارتها بعد ذلك مرات معدودات.
استقبلتها أختها بفرح عامر،واستقبلتها أخواتها الأخريات جميعاً ببهجة وحبور،ولكن ذلك كله كان ممزوجا بالعتاب الصادق الودود لتقصيرها في زيارتهن.
وبينما كانت أحلام جالسة عند أختها حاضرة غائبة:حاضرة بجسدها، غانبة بذهنها تفكر بأوراقها وكتبها ،وهى تتعجل انتهاء الزيارة التي لم تجد مندوحة عن تلبيتها ،دخلت ابنه أختها الصغيرة"بيان" كانت طفلة جميلة رائعة، تتدفق حيوية ولطفا . اندفعت نحو خالتها "أحلام" بحميمية طفولية عجيبة جعلت الجميع يستغربون:
خالتي أحلام..اشتقنا إليك كثيرا ..لماذا لاتزورينا ياخالتي؟..طرقت كلمة"خالتي" لأول مرة سمع "أحلام" كانت تخرج من فم هذه الصغيرة البريئة باهرة عذبة،كأنها نغمة سيمفونية رائعة ،أو زقزقة نشوان!
واندفعت الصغيرة التي لم تبلغ الرابعة من عمرها فجلست في حضن خالتها، وطوقتها بذراعيها ،وراحت تمطرها بالقبلات..كان هذا الموقف جديدا على أحلام،لم تعش جو المرح الطفولي هذا من قبل، لم تستشعر في غمرة استغراقها في أوراقها وكتبها وأقلامها براءة الأطفال,ولا بهجة الصغار المتدفقة الغامرة..وكانت "بيان"قد عانقت خالتها ،والتصقت بها بود عجيب وهي التي لم ترها إلا مرة أو مرتين في حياتها،كانت تحركها غريزة الطفولة،وكانت الكلمات تتقافز من بين شفتيها مثل نغمات الكمان:
خالتي:أحلام"..أنا أحبك كثيرا..وأمي تحبك كثيرا..نذكرك دائما..حدثتنى أمي عنك طويلا..قالت لي:إنك شاطرة متفوقة، أريد أن اكون مثلك ياخالتي.. أحست احلام أنها غارقة في نشوة رائعة لاعهد لها بها،تفجرت في أعماقها-في لحظة واحدة-مشاعر الأمومة والحنين واللهفة.
كم هي رائعة هذه الطفلة! احتضنت أحلام ابنة أختها الصغيرة "بيان" بحرارة، ضمتها إلى صدرها بكل ما ملكت من المشاعر الدافئة.
دخلت إلهام فوجدت بيان في أحضان أختها، خشيت أن تكون هذه الصغيرة المعروفة " بالشقاوة" و"الفهرته" قد ازعجت خالتها الجادة الوقور التي لا تكاد تزورهم إلا في مناسبات معدودة،فصاحت بها:
كفى يابيان..ابتعدي عن خالتك ولا تزعجيها..ولكن بيان كانت تزداد التصاقا بخالتها ،وحاولت إلهام أكثر من مرة أن تبعد الصغيرة عن خالتها،ولكنكلا من الخالة والطفلة كانت متشبثة بالأخرى تشبثا عجيبا،كان رأساهما ملتصقين ،وقد أغمض كل منهما عينيها في استغراقة حالمة.
وكانت أحلام تقول منتشية:اتركيها يا إلهام ..دعيها في أحضاني أرجوك..دخلت إلهام وخرجت أكثر من مرة،والطفلة والخالة متعانقتان بشكل عفوي رائع.
ما أروع هذه الطفلة! ما أبهاك يابيان!؟
تحس هذه الخالة-لأول مرة – بمشاعر دافئة تنبض في اعماقها تشعر-لأول مرة-أن شيئا هاما ينقصها.
دعت إلهام أختها لتتعشى عندها،ولم تصدق أذنيها عندما هزت الأستاذة رأسها موافقة بعد أن كان شرط موافقتها على الحضور أن تجلس نصف ساعة على الأكثر ثم تنصرف بسبب كثرة أعمالها.
قانت إلهام-غيرمصدقة سخاء أختها بالوقت-لتصنع العشاء،وكانت بيان قد غفت في أحضان خالتها.
أطالت أحلام السهر عند خالتها،ولم تفلت الطفلة الغافية في أحضان خالتها لحظة واحدة..
خرجت من بيت أختها في آخر الليل بمشاعر لم تألفها من قبل،لم تستطع أن تنام تلك الليلة،كانت فقط تغمض عينيها على طيف بيان الرائع الحبيب، يسري في جوانحها خدر لذيذ،وشوق إلى عالم طالما استهانت به،وكان يهجس في أعماقها هاجس ممزوج باللهفة والقلق :هل فات الأوان؟
تعليق