نصف أنثى .. لصابرين الصباغ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صابرين الصباغ
    أديبة وشاعرة
    • 03-06-2007
    • 860

    نصف أنثى .. لصابرين الصباغ

    نظر الجمالُ لنفسه بالمرآة ،وعندما تَجسدت نظرته شققتُ سطحها اللامع وخرجتُ.

    ابتسامتي تنمو فوق شفتى ،لا تعرف خريفاً.

    زوجي وأبنائي يحتمون بخيمة حبي من شمس الحياة الحارقة ، يرتوون من ينابيع أمومتي .

    هذه الصورة الجميلة المعلقة على جدار عمرنا ،يهتريء الحبل المعلق فيه إطارها ؛ لتهوى أرضاً وتتساقط معها كل ألوان سعادتي .

    أشعر بألم تحت إبطي، إذا نظرت للمرآة وجدت الهُزال يحتل تضاريسي،وأشعر بالضعف يستنزف قوتي وينحرها نحراً .

    الجميع ينظر إلىَّ نظرات استفهامية، يجيبهم جسدي بوهنه، بأن هناك شيئاً مايسري بخلاياى،يلتهمني .

    اتخذتُ الأطباء ندماء جدد، لأقع بين أيديهم فريسة لغازٍ لا يرحم .

    أفقد وعيي فوق سرير عديم الإحساس، و كشافات حارقة أوضع تحتها، تنهش أشعتها جسدي بلارحمة .

    أفقت.. تتحسس نظراتي طريقها إلى النور؛ لتعكس كل ما يقابلها في دروبها .

    رأيتهم حولي يقبلونني لخروجي سالمة، وأنا مازلت بين الحلم واليقظة أجد ألمًا يشتعل بصدري ..مددت يدي على موضع الوجع فلا أجد سوى ضمادات تغفو فوق أضلعي. تذكرت أني كنت في طريقي لبتر جزء من أنوثتي ملوثاً بالخبث .

    عيونهم تملؤها الشفقة، كرهت أن تهطل علىَّ زخات نظراتهم حتى لو سقت أرضي الثكلى .

    شكوت من الألم؛ لأواري عنهم شعور الفقد الذي اعترى جوارحي .

    بعد رحيلهم تحسست موضعه فلم أجده ، وجدت أخاه يئن من وجع فقد القرين .

    باتت غصة بعيني وأسئلة كثيرة .. كيف سأواري تلك الإعاقة؟ ولو واريتها كيف سأواري إعاقتي النفسية ؟

    تدخل الممرضة .. تلقي لي بطوافة لتنجدني من خضم حيرتي، أخبرتني بالحل؛ أنوثة مزيفة قدترضي العيون، لكنها لا تمحو هذا الألم القابع بأعماقي كحجر صلد لا يذوب.

    أصلحت الفقد .. لكن عيون الجميع رحلت من فوق وجهي، لتسكن أسفل عنقي في قوافل استكشافية؛لترى ما حاولت مداراته .

    قاطعت المرآة، حتى لا أرى- تحت ثيابي - ما أخفيه عن الجميع .

    استيقظت ليلاً فزعة؛ لأجد يد زوجي النائم تترنح غافية فوق دروب فقدي .
    التعديل الأخير تم بواسطة صابرين الصباغ; الساعة 27-09-2011, 09:51.


  • دينا نبيل
    أديبة وناقدة
    • 03-07-2011
    • 732

    #2
    أستاذتي صابرين الغالية

    لا اعرف ما اقول سوى أنني اشعر بألم شديد .. نبرة الحزن والألم عالية جدا وقوية في القصة ...

    إنه المرض اللعين الذي يفترس الانسان وما أشرسه إن افترس ( جمال ) المرأة وأخذ منها ما يميز أنوثتها ... لقد جسدت سيدتي الشعور النفسي القاتل الذي تشعر به من ابتليت بمثل ذاك المرض .. عافانا الله أجمعين .. وترقبها وملاحظتها لردود أفعال من حولها ونظراتهم إليها وكأنها قد ماتت بعد اقتطاع هذا الجزء منها

    وأرى في رأيي المتواضع أن النص قد يحتمل معنى آخر في طياته الخفية .. فهذه المرأة كان مرضها جسدي وله أثر نفسي ورأت جمالها يقتطع من جسدها ..
    فما بالك سيدتي بمن تقطّع هي جمالها وتتركه طواعية وهي عمياء لا تشعر بذلك والكل حولها يلحظون بينما هي لا


    هذه أول مرة أقرأ لحضرتك .. وهو اجمل ما قرأت اليوم

    سعدت للغاية بالاسلوب .. غاية في الابداع سيدتي .. أتمنى اتعلم منك الكثير فأنا بعد صغيرة وجديدة في المجال

    وفقك ربي

    ودام لنا يراعك مبدعا

    تقبلي تحياتي الحارة

    تعليق

    • شيماءعبدالله
      أديب وكاتب
      • 06-08-2010
      • 7583

      #3
      لمسة شاعرية مميزة
      شاعرتنا العزيزة
      خطوات من واقع
      كنت مع كل حرف وسطر ؛
      جاذبية .. وتشويق
      ووجع أحسسته بصياغة فنية بارعة
      صدق من قال لا يفهم المرأة إلا المرأة
      لأن وجع الإحساس غير وجع الحواس أشد بكثير
      لاسيما إذا لامس الأنوثة
      القفلة كانت مميزة تكشف وجه الحقيقة لكلا الجانبين ....
      سعيدة أن أكون أول من يزور هذا الألق والفن المتقن
      تحية تليق
      ومودتي وشتائل الورد

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        الله عليك زميلة صابرين الصباغ
        كنت رائعة
        ناعمة
        حنونة
        حزينة
        كنت امرأة تخاف أن تفقد غاليها
        خوف مشروع
        وكابوس ينتاب أكثر النساء قوة وأضعفهن
        أحببتك هنا في هذا النص لأنك كنت أنثى
        ولأنك جعلتني أعيش تلك المخاوف فعليا
        دافئة ومضة النهاية سيدتي
        ودي ومحبتي لك

        عاشقين


        عاشقين حكايات ملتهبة نسبت إليها، كتبت عنها. أساطير، تداولها الأبناء عن آبائهم. قالوا: - طاغية تسطر تاريخ العشق، بأحرف من جمر منحوتة من نور و نار.. وحمم، تصطلي الأرواح فيها فحذار، حذاري منها! فاتنة فتاكة ترمي بسهام سحرها فتغوي الرجال بفتنتها وبهاء طلتها، يهيمون فيها يشرئبون بأعناقهم نحوها وقلوبهم واجفة، خوفا عليها.. لكنهم لا
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • ريما ريماوي
          عضو الملتقى
          • 07-05-2011
          • 8501

          #5
          لايوجد عندي تعليق الا انني احسست مع بطلتنا
          بكل حرف طرح هاهنا, ويا لروعة صياغتك,
          وكاننا كنا معها في معاناتها,
          الله يحفظ الجميع من المرض الخبيث, ويسلمهم
          ويشفي من اصيب منهم شفاء تاما.
          شكرا لك, مودتي وتقديري.
          تحياااتي.


          أنين ناي
          يبث الحنين لأصله
          غصن مورّق صغير.

          تعليق

          • صابرين الصباغ
            أديبة وشاعرة
            • 03-06-2007
            • 860

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة دينا نبيل مشاهدة المشاركة
            أستاذتي صابرين الغالية

            لا اعرف ما اقول سوى أنني اشعر بألم شديد .. نبرة الحزن والألم عالية جدا وقوية في القصة ...

            إنه المرض اللعين الذي يفترس الانسان وما أشرسه إن افترس ( جمال ) المرأة وأخذ منها ما يميز أنوثتها ... لقد جسدت سيدتي الشعور النفسي القاتل الذي تشعر به من ابتليت بمثل ذاك المرض .. عافانا الله أجمعين .. وترقبها وملاحظتها لردود أفعال من حولها ونظراتهم إليها وكأنها قد ماتت بعد اقتطاع هذا الجزء منها

            وأرى في رأيي المتواضع أن النص قد يحتمل معنى آخر في طياته الخفية .. فهذه المرأة كان مرضها جسدي وله أثر نفسي ورأت جمالها يقتطع من جسدها ..
            فما بالك سيدتي بمن تقطّع هي جمالها وتتركه طواعية وهي عمياء لا تشعر بذلك والكل حولها يلحظون بينما هي لا


            هذه أول مرة أقرأ لحضرتك .. وهو اجمل ما قرأت اليوم

            سعدت للغاية بالاسلوب .. غاية في الابداع سيدتي .. أتمنى اتعلم منك الكثير فأنا بعد صغيرة وجديدة في المجال

            وفقك ربي

            ودام لنا يراعك مبدعا

            تقبلي تحياتي الحارة

            أيتها النبيلة
            شرفت بوجودك الأول لنص لي ..
            كفاك الله شر الفقد بكل أنواعه فما أقساه في الحياة
            سعدت بمرورك حبيبتي
            سعدت لأنك جارتي وبنت العروس البهية
            محبتي


            تعليق

            • صابرين الصباغ
              أديبة وشاعرة
              • 03-06-2007
              • 860

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة شيماءعبدالله مشاهدة المشاركة
              لمسة شاعرية مميزة
              شاعرتنا العزيزة
              خطوات من واقع
              كنت مع كل حرف وسطر ؛
              جاذبية .. وتشويق
              ووجع أحسسته بصياغة فنية بارعة
              صدق من قال لا يفهم المرأة إلا المرأة
              لأن وجع الإحساس غير وجع الحواس أشد بكثير
              لاسيما إذا لامس الأنوثة
              القفلة كانت مميزة تكشف وجه الحقيقة لكلا الجانبين ....
              سعيدة أن أكون أول من يزور هذا الألق والفن المتقن
              تحية تليق
              ومودتي وشتائل الورد


              عزيزتي شيماء
              مرور كالربيع على وجه الدنيا
              شكرا لرؤيتك الواعية وقراءتك الرائعة
              محبتي


              تعليق

              • د.نجلاء نصير
                رئيس تحرير صحيفة مواجهات
                • 16-07-2010
                • 4931

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة صابرين الصباغ مشاهدة المشاركة
                نظر الجمالُ لنفسه بالمرآة ،وعندما تَجسدت نظرته شققتُ سطحها اللامع وخرجتُ.

                ابتسامتي تنمو فوق شفتى ،لا تعرف خريفاً.

                زوجي وأبنائي يحتمون بخيمة حبي من شمس الحياة الحارقة ، يرتوون من ينابيع أمومتي .

                هذه الصورة الجميلة المعلقة على جدار عمرنا ،يهتريء الحبل المعلق فيه إطارها ؛ لتهوى أرضاً وتتساقط معها كل ألوان سعادتي .

                أشعر بألم تحت إبطي، إذا نظرت للمرآة وجدت الهُزال يحتل تضاريسي،وأشعر بالضعف يستنزف قوتي وينحرها نحراً .

                الجميع ينظر إلىَّ نظرات استفهامية، يجيبهم جسدي بوهنه، بأن هناك شيئاً مايسري بخلاياى،يلتهمني .

                اتخذتُ الأطباء ندماء جدد، لأقع بين أيديهم فريسة لغازٍ لا يرحم .

                أفقد وعيي فوق سرير عديم الإحساس، و كشافات حارقة أوضع تحتها، تنهش أشعتها جسدي بلارحمة .

                أفقت.. تتحسس نظراتي طريقها إلى النور؛ لتعكس كل ما يقابلها في دروبها .

                رأيتهم حولي يقبلونني لخروجي سالمة، وأنا مازلت بين الحلم واليقظة أجد ألمًا يشتعل بصدري ..مددت يدي على موضع الوجع فلا أجد سوى ضمادات تغفو فوق أضلعي. تذكرت أني كنت في طريقي لبتر جزء من أنوثتي ملوثاً بالخبث .

                عيونهم تملؤها الشفقة، كرهت أن تهطل علىَّ زخات نظراتهم حتى لو سقت أرضي الثكلى .

                شكوت من الألم؛ لأواري عنهم شعور الفقد الذي اعترى جوارحي .

                بعد رحيلهم تحسست موضعه فلم أجده ، وجدت أخاه يئن من وجع فقد القرين .

                باتت غصة بعيني وأسئلة كثيرة .. كيف سأواري تلك الإعاقة؟ ولو واريتها كيف سأواري إعاقتي النفسية ؟

                تدخل الممرضة .. تلقي لي بطوافة لتنجدني من خضم حيرتي، أخبرتني بالحل؛ أنوثة مزيفة قدترضي العيون، لكنها لا تمحو هذا الألم القابع بأعماقي كحجر صلد لا يذوب.

                أصلحت الفقد .. لكن عيون الجميع رحلت من فوق وجهي، لتسكن أسفل عنقي في قوافل استكشافية؛لترى ما حاولت مداراته .

                قاطعت المرآة، حتى لا أرى- تحت ثيابي - ما أخفيه عن الجميع .

                استيقظت ليلاً فزعة؛ لأجد يد زوجي النائم تترنح غافية فوق دروب فقدي .
                حينما تفقد الأنثى جزءا من جسدها تتخفى بداخلها ربما تحبس الحزن في غياهب ذاكرتها وتجتر الألم بمفردها ،
                ترسم البسمة فوق الشفاة الجافة التي تتشقق من فيض التيبس
                ربما تقاتل الألم لكنها دائما وأبد تتحسس موضع الألم
                صارين الصباغ القديرة
                نعصك عبر عن مررات الفقد عند الأنثى عندما تبتر علامة من علامات أنوثتها
                فالمراة دائما وأبدا تبحث عن الجمال لا الفقد
                تحياتي ليراع يقطر ابداعا
                sigpic

                تعليق

                يعمل...
                X