نشيــــد ريلكــــة/ سليمى السرايري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سليمى السرايري
    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
    • 08-01-2010
    • 13572

    نشيــــد ريلكــــة/ سليمى السرايري


    نشيـــد ريلكـــة



    كأنّكَ سكبْتَ الحدائقَ على راحتيَّ
    فأطبَقْتُ كفّي على الأُرْجوانِ المُمتدِّ إلى أوَّلِ بابٍ أعماهُ القِدَمُ
    أنتَ وحْدكَ ترى الأشجارَ حقائبَ لهجْرَتِنا الصغيرةِ
    تُشعِلُ أرضي همساتٍ غريبةً
    وَتشْعِلُ المعجزاتُ بيتاً لأسمائنا الأولى
    يَغْزِلُ لنا الضّبابَ في لُغةٍ تأْخذُنا نائمينَ إلى ليلٍ أقلَّ
    تُلوِّنُ الأَبْجديّةَ بشمُوسٍ مُنسكبةٍ منْ عينيْكَ
    وَتقتَرِفُ لُغة َ العُشَّاقِ
    تَعْلو خفيفاَ إلى السماءِ التي أوْرَثـَتـْكَ جِزْيةَ المَجَرَّاتِ
    يُبلّلُني مَطرٌ أسْوَدُ مِثلَ شَهْوةٍ قديمةٍ أيْقظَها مِعْولٌ عَاشِقٌ ذبَحَتْهُ المَرايا ...
    وَجَمْراً يَعْزِفُ نَشيدَ الجَسَدِ
    أَهْمُسُ لِلاشيْءِ ، وأُشيرُ إلى حَجر ٍ يَسْقطُ في البئرِ ولا يَصِلُ...
    هَلْ عَادتْ قصائدنا مِن قلْعةِ الرِّيحِ ؟
    وَهَلْ قفزَتِ الأسْمَاكُ المُلوَّنةُ مِنْ" أكـْوَارِيوم" أكثرَ آتِّساعاً مِنْ البَحْرِ إلى الشَّرَكِ المَنْصُوبِ لِعُزْلتِنَا
    هُناكَ حيْثُ البحْرُ مُصْطَخِبا في تـَفاصِيلِكِ
    حَيْثُ الحُبّ يَطفُو مُرْتَجِفاً على شَهَقَاتِ أصَابِعِنَا
    أدخلْ غربتي و ألبسني
    أنا ثوْبٌ كالأحلامِ النائمةِ
    جَسدٌ يفيضُ أنْهاراً وَسَواحلَ
    يَحْرِقـُني المَدُّ والجَزْرُ
    ومِزَاجُكَ المُسَطّحُ على رِمالٍ مُتَحَرِّكةٍ
    مَاذا لو عَبَرْنا بُحَيْرةَ الذِّئابِ إلى الشّجَّرةِ المُحَرّمَةِ ؟
    وَصَحَوْنا على حُلُمٍ في زَمَنٍ مُحنّطٍ ؟
    وَهذي آخِرُ فراشاتي بِلا أثَرٍ
    قبْلَ أنْ تَحْمِلَني المَوَاكِبُ
    قبلَ أنْ يَبْدَأَني الاغْتِيالُ
    لا أحَدَ غَيْركَ يُعِيدُ للخيولِ قافيةَ الرِّمالِ
    يَزْرَعُني أُنْثى في وادٍ غَيْرِ ذي زرْعٍ
    هَل قُلتُ أُحِبُّكَ ؟
    هَلْ قلْتُ لا قافلةً ترْحَلُ إلى تُرابي دونَ نبْعِكَ ؟
    ما مَعْنى قصَائِدِنا إنْ غَرّبَتـْنا حُروفٌ بلا ضَحكاتٍ ؟
    وَسَكَـنَتـْنا تَراتيلُ الهِدايةِ ؟
    آهِ لو تُعَطّرْنا بِطيبِ الغَجَريّاتِ
    هلْ كُنّا خلقْنا حِكْمَةً جديدةً للعُشَّاقِ ؟
    يا طِفلةً تُصلّي قبلَ الوِلادةِ بِقليلٍ ..
    ثـُمّ تَضِيعُ في تَشَابُهِ الخَسَاراتِ المُضيئةِ
    عُودي مِنْ آخِرِ الزُّرقةِ
    مثلَ حَيْرَةِ رِيْلكةَ "
    Rélka" المَصْلوبِ في الغِيَابِ...
    هذا حبيبُكِ لم تَعُدْ كَفُّهُ وَطناً
    وهذِهِ شجرةُ الحُزْنِ تُوزِّعُ سُلَّمَ الزَّفَراتِ على جَوْقَةِ الخَاسرينَ ..
    يا طفلةً يَمْلؤُها الرَّحيلُ
    أنتِ مَنْ نوّرتِ على ضفافِهِ
    وزيّنتِ أعْمِدةَ قَصْرِهِ المِزَاجيِّ
    عُودي مِن ثنايا الحَجَرِ
    ولا تَكُفــّي عَنِ الطّـوَاف ِ ...




    بقلم /
    سليمى السرايري
    تونس
    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول
  • سليمى السرايري
    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
    • 08-01-2010
    • 13572

    #2
    ريلكــــــة


    (( عُرف الشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه المولود بمدينة براغ التشيكية في العام 1875منذ صباه المبكر بحساسيته المفرطة إزاء العالم المحيط به، وميله الشديد إلى العزلة والانقطاع إلى التأمل. وبعدما تأكد من عدم قدرته على الانضمام إلى حياة الجماعة قرر أن يحيا حياةً بوهيميةً متفردة عمادها الشعر والفنّ والترحال. وتناول ريلكه في أدبه الشعري والنثري موضوعات مختلفة، غنية في تفاصيلها تستند بدرجة رئيسية إلى وقائع حياته المضطربة.
    لكن ما يتميز به أسلوب ريلكه هو ليس فقط استعراضه للوقائع الحياتية وتجاربه الذاتية، إنما الكيفية التي عالج بها الموضوعات الإنسانية الجوهرية، وذلك عبر رؤية فلسفية عميقة غير قابلة للاندثار

    ~~~~~~~~~
    ~~~~~
    ~~~~
    التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 30-09-2011, 15:39.
    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

    تعليق

    • سليمى السرايري
      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
      • 08-01-2010
      • 13572

      #3

      أتمنى من حضراتكم تحليل نصّي الذي أضعه بين أيديكم

      مع الشكر الجزيل




      التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 30-09-2011, 15:42.
      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

      تعليق

      • منتظر السوادي
        تلميذ
        • 23-12-2010
        • 732

        #4
        ممكن قليلا من الوقت كي اضع قراءة للنص
        الدمع أصدق أنباء من الضحك

        تعليق

        • سليمى السرايري
          مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
          • 08-01-2010
          • 13572

          #5
          أشكرك أستاذي منتظر
          سأنتظر بشغف


          تقديري

          لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

          تعليق

          • منتظر السوادي
            تلميذ
            • 23-12-2010
            • 732

            #6
            ستكون وقفتنا مع المطلع : -
            النص تحكمه حركتان " بطلة " و " بطل " ....
            " سكبت الحدائق في راحتي " : البطل هو ما يجعل البطلة سعيدة معشوشبة بالحياة الخضراء والأمل والخير ، لأنه وهبَ لها الحدائق ؛ والحدائق رمز للخير والجمال على المعمورة وهي رمز الحياة أيضاً ، ولما تكون الحدائق تحت تصرف يديها فهي في غاية السعادة ، ثم يعود النص إلى البطل وهو الذي يرى دون سواه من بني البشر أن الأشجار [ طبعا الاشجار ليست بمعناها المعجمي ] هي الناقل والوسيط الذي ينقله مع البطلة إلى ضفاف الفرح والتخلص من التصحر والغربة ، إذن البطلة في حالة ترقب وانتظار للهجرة من الحال المعاش إلى حال أكثر جمالية وطمئنينة ، وأكثر نضارة عن طريق ذلك البطل - فتقول في النص : " ادخل غربتي " فهي تعيش غربة والغريب شخص يعاني عدم استقرار ، وأظن أنها غربة نفسية - ذلك الحال الذي تريده لا احد يقدر عليه بل لا يفعله سواه ، فالبطل المنتظر بيده مقاليد الفرح الآتي للبطلة ، البطل يعطي البطلة شيئا كالمعجزات في هذا الزمن وبالمعجزات ينسج لها بيتا ، ولشوق البطلة إلى الاستقرار جعلها تقول إنها معجزة ، فحتى الشمس تكون مشعة من عينيه فترى بضياء عينيه وتعيش تحت رعايته ، فهو يحميها بعينه فتكون سعيدة وهو قد أنار لها دروب الحياة المعتمة ، " ليلٍ أقل " النوم يكون قصيرا لأنه وقت الفرح ودوما تكون السعادة قصيرة العمر ، او الظلام يكون قصيرا والمتبقي كله نور وضياء ، لكنه غادر الأرض إلى السماء " تعلو إلى السماء "
            الحدائق والأشجار هي رمز للوطن المستقر ، الذي فيه الخصب والحياة ، ترى البطلة انه كل ذلك بيد البطل .
            .................................................. ................................
            نجد في نهاية النص تقريبا " هذا حبيبك لم تعد كفه وطنا " ويبدو لنا ان هذه العبارة هي البؤرة المركزية للنص ، رغم إنها كانت الإشارة الصريحة الوحيدة .
            من هنا تختلف نظرتنا إلى المطلع فنقرأه قراءة أخرى مغايرة تماماً للأولى ؛ سنبدأ بتحليل بعض المفردات :-
            " كأنك " هنا التشبيه فيه راحة التقليل ، فالبطلة تقلل من شأن البطل ، وان من أغراض التشبيه التقليل ، أو التشكيك وهو ما نراه هنا .
            " أنت وحدك " فهو مغاير لنظرتها ، فتراه لوحده وليس مشاركها في فؤادها ، أي كلاهما منعزل ومبتعد عن الاخر فلكل منهما نظرة مختلفة ، أضف أَنَّ الأرض الآن بها أشياء غريبة لم تعهدها من قبل وبدت كالنار ، همس والاصوات ربما اصوات رفض لذلك البطل الساكن في المخيلة وهي الان تخاطبه ؛ ولا سوى المعجزات تعيد الأسماء الأولى إلى ما كانت عليه من وفاق وتلاؤم ، فلم يكن لها [ البطلة ] بيتا إلا عن طريق المعجزات ، فتغيرت الأسماء الأولى .
            " الضباب " دلالة على عدم الصفاء ، وعدم الوضوح .
            " ليل اقل " هنا دليل على الأرق الذي يصيبها ، ونتذكر هنا قول الشاعر " ما أطول الليل على من لم ينم " فوقت النوم الليل الذي هو السبات قليل ، فلا نوم ، نائمين الى ليل أقل ، فيبدو ان الارق يغلف الاجواء لدى البطلة .
            " تلوّن " و " تقترف" كلا الفعلين يحملان دلالة سلبية ، فالتلوين يخفي الأشياء ويغير حقيقتها بل يظهرها بزي آخر ، أما الاقتراف فهو للسيئة والسوء ، فالعشق هنا ملون ومغاير للحقيقة ، بل يتصنع لغة للعشق ، وليس عشقاً حقيقياً .
            الشاعرة هنا ترسم لنا بطلة و بطلاً بأسلوب رمزي رائع وفي تراكيب جديدة ، فالمعنى يمكن أن تراه حسب دلالة بعض الكلمات وتخلق معنى معين ، ويمكنك أن ترى من خلال كلمات أٌخرى معنى مغاير ، وهنا تكمن الأدبية ، فلا نقول أنَّ قرأتنا هي القراءة الصائبة ، ولا ننفي قراءات لاحقة ، وإنما يبقى النص مفتوحاً للنقاد .
            .................................................. ................................
            أدبية بعض العبارات :
            " سكبت الحدائق في راحتي " هنا الأدبية تكمن في انه قد جعل مقاليد الحياة [ الحدائق ]براحتها وتحت تصرفها ، وكذلك الفعل اسكب أعطى الجملة نغمة خاصة فهو يستعمل مع الماء والماء سر الحياة فمجيء سكب هنا للحياة في يدها قد أَعطى الادبية للعبارة .
            " كفه وطن " ما أجمل أن تكون يد الحبيب وطنا ، تعبير أدبي ، الكف تشير إلى أشياء كثيرة جدا ، منها الأمن ، والقوة ، والكتابة ، بل كثير من الأشياء ، ومن ثمة فهذه اليد هي وطن .
            " يزرعني أنثى في واد غير ذي زرع " تناص بصيغة التحوير للنص القرآني ، فأضفى على النص جمالية فنية إبداعية .
            الدمع أصدق أنباء من الضحك

            تعليق

            • دينا نبيل
              أديبة وناقدة
              • 03-07-2011
              • 732

              #7
              قراءتي على نص أ / سليمى السرايري
              " نشيد ريلكة "


              قد يستغرب القارئ العربي العادي عند أول مصافحة له مع النص ذلك لأن العنوان يحوي اسم شخصية ربما تكون غير معروفة لدى الكثيرين وهو اسم الشاعر الألماني النمساوي الفذ راينر ريلكة .. وهذا قد يترك انطباعا وتساؤلا أكثر في ذهن القارئ عن طبيعة الاسم وسبب ادراجه بعنوان النص واقترانه بكلمة ( نشيد ) ..وهذا ما سيظهر لاحقا في النص

              يمكنني كقارئة تقسيم النص إلى مقاطع حسب تدرج المشاعر المسيطرة على كل مقطع إلا أنني لا أحبذ هذا ذلك لأن النص الذي بين أيدينا يشبه فيضا تلقائيا للمشاعر التي تتدرج وتأخذ القارئ معها وتغمسه في قلب النص ليصير جزء من هذا النشيد .. نشيد ريلكة

              يبدأ النص بما يشبه المفاجأة لي كقارئة ..
              فهو يبدأ بصورة بيانية تبدأ بأداة التشبيه ( كأنك ) فتزج القارئ زجا إلى قلب الأحداث وفيض المشاعر الموجود في النص
              ( كأنك سكبت الحدائق على راحتي ) يقف القارئ هنا لا يدري ماذا حدث ماذا فعل هذا الرجل ليقال عنه ذلك .. ومن المتكلم .. أسئلة تدور في ذهن القارئ تدفعه بقوة لاستكمال قراءة النص

              -- ( كأنك سكبت الحدائق على راحتي )
              -- ( فأطبقت كفي على الأرجوان الممتد إلى أول باب أعماه القدم )

              هنا صورتان أشبه بفعل ورد فعل لكن كما أسلفت الفعل الأول ( السكب ) غير معروفة حقيقته كي يأخذ هكذا تشبيه
              فهو بدأ ( السكب ) على ( الراحة ) بينما هي ( أطبقت ) ( الكفّ ) وأرى هنا استخدام الكلمات في غاية التوفيق فهو يسكب الحدائق على كل راحتها بدون اكتراث ولا اهتمام بما تعنيه لها فتنسكب كالسائل بين يديها .. لكن رد فعلها مغاير لذلك تماما فأطبقت بكفها بكل أصابع راحتها راحت تمسك بالسائل .. وأنى لها الإمساك بسائل منسكب .. !!

              وهنا يقف القارئ متسائلا ما سبب اختيار " الأرجوان " على غيره من النباتات والألوان لتطبق عليه وتتشبث به البطلة .. والسبب في ذلك أن المطالع للأدب الغربي يجد أن هناك ربطا وثيقا بين اللون الارجواني و الرغبة في تعويض المفقود وتحقيق السلام الداخلي وفرص الحب المتفلتة
              هنا يظهر لي كقارئة فقدان حلقة الاتصال بين كل من البطل والبطلة في هذا النص وذلك من خلال أفعال كل منهما وفهمهما للطبيعة حولهما .. لذا تقول فيما بعد ...

              ( أنت وحدك ترى ) فهو مستقل عنها برؤيته ما تشعر به
              ( الأشجار حقائب لهجرتنا الصغيرة ) فالأشجار هي رمز الاستقرار والحياة لكن الصورة هنا غريبة فهذه الأشجار أشبه بحقيبة السفر للترحال والهجرة وهذا فهمه وحده لها كما تقول البطلة

              أدى بها هذا الشعور من عدم الاكتراث إلى احساسها نحو الاشياء بالتبدل والتغير حتى لأشياء كانت هي تعهدها :
              فأرضها صار بها همسات غريبة .. وصار لأسمائهما بيت يغزل الضباب ويحجب النور
              ويكون بينهما الانفصال فهو يعلو خفيفا عنها تاركها أرضا في هذه الصورة الحزينة الطينية الرائعة

              ( يبللني مطر أسود مثل شهوة قديمة ايقظها معول عاشق ذبحته المرايا ) وهنا أكثر من صورة مركبة لكن ننظر أولا إلى المشبه به .. فهذا معول حديدي ولكنه عاشق ذبحته المرايا فصار يتخبط في الصور ويحتار ... لا يهتدي لنقطة الضرب وعليه ترتعب صورة تلك الشهوة المتحجرة فلا تعرف من أين ستقتلع ولا من أين ستأتيها الضربة القادمة
              والبطلة صارت كتلك الشهوة القديمة المتيبسة كالصخرة يبللها مطر أسود يعميها من شدة الحزن والفقد فصارت لا تميز ما حولها .. ولا تعرف من أين تتلقى الضربات

              هنا تنتقل البطلة بحالة أشبه ما تكون بالضياع والشرود التام وانقطاع الغايات
              أَهْمُسُ لِلاشيْءِ ، وأُشيرُ إلى حَجر ٍ يَسْقطُ في البئرِ ولا يَصِلُ...

              وهنا أود أعلق على صورتين بديعتين تمثلان هذا الشعور
              1. وَهَلْ قفزَتِ الأسْمَاكُ المُلوَّنةُ مِنْ" أكـْوَارِيوم" أكثرَ آتِّساعاً مِنْ البَحْرِ إلى الشَّرَكِ المَنْصُوبِ لِعُزْلتِنَاهُناكَ حيْثُ البحْرُ مُصْطَخِبا في تـَفاصِيلِكِ

              هنا صور متداخلة من الأسماء المتقافزة من الضيق ( الأكواريوم) والذي هو اضيق من (البحر المتسع ) وهنا يظهر الشكل الغير منطقي لرؤية الأمور فيعكس حالة الشرود الحقيقية التي تعاني منها البطلة ... فتقفز هذه الأسماك إلى الشرك المنصوب حيث التضارب والسؤال المتكرر ( بهل ) والذي يوحي بمدى التخبط

              والصورة الثانية :

              2- أدخلْ غربتي و ألبسني
              أنا ثوْبٌ كالأحلامِ النائمةِ
              جَسدٌ يفيضُ أنْهاراً وَسَواحلَ
              يَحْرِقـُني المَدُّ والجَزْرُ
              ومِزَاجُكَ المُسَطّحُ على رِمالٍ مُتَحَرِّكةٍ
              مَاذا لو عَبَرْنا بُحَيْرةَ الذِّئابِ إلى الشّجَّرةِ المُحَرّمَةِ ؟
              هنا صورة متكاملة متراكبة للبطلة فهي ثوب لأحلام نائمة تدخل فيه وتتدثر به فما يسكن هذا الجسد وإنما يفيض أنهارا وسواحل فتتلاحق عليها الأمواج فيحرقها المد والجزر .. وهنا المفارقة فالماء صار عكس وظيفته .. صار حارقا وعند هذه الشواطئ الرمال متحركة كما الصحراء وعلى هذه الرمال يرسو مزاجه المسطح الذي تطالبه أن يعبر بها بحيرة الذئاب إلى الشجرة المحرمة .. وهنا دليل على انقطاع السبل بها والأمل !

              هي لا تزال في أشد الاحتياج إليه ويظهر هذا في:

              لا أحد غيرك يعيد للخيول قافية الرمال
              يزرعني أنثى في واد غير ذي زرع

              هو يأتي لها بالمعجزات .. فيعيد للرمال آثار الخيول عليها ، ويزرعها أنثى بواد غير ذي زرع وهذه صورة غاية في الجمال فهذا واد بلا زرع قد عرف وصفه لكنه رغم ذلك يزرعها فيه ولا يكون زرعا عاديا وإنما يزرعها انثى بها معاني الخصوبة .. هي ترى انه وحده من يستطيع فعل ذلك

              ونأتي لآخر مقطع في النص .....

              يا طِفلةً تُصلّي قبلَ الوِلادةِ بِقليلٍ ..
              ثـُمّ تَضِيعُ في تَشَابُهِ الخَسَاراتِ المُضيئةِ
              عُودي مِنْ آخِرِ الزُّرقةِ
              مثلَ حَيْرَةِ رِيْلكةَ "
              Rélka" المَصْلوبِ في الغِيَابِ...


              أرى هنا انها تخاطب نفسها " يا طفلة " أو الطفلة البريئة فيها ... بريئة في فهمها وانها تصدق كل شئ وسريعة الانخداع وتسيئ الاختيار ( تشابه الخسارات المضيئة ) فتطلب منها الاستيقاظ من الحيرة التي تشبه حيرة ريلكة ..

              وهنا يأتي في النص لأول مرة ذكر اسم هذه الشخصية " ريلكة " منذ ذكر في العنوان وهنا يتعرف القارئ على هذا الشاعر وأن كان جاهلا به .. فهو شاعر معروف بحساسيته المفرطة إزاء العالم المحيط به، وميله الشديد إلى العزلة والانقطاع إلى التأمل.

              ويظهر هنا من النص ( حيرة ريلكة المصلوب في الغياب ) وان كان القارئ لا يعرف شيئا عن ريلكة فحسبه أن يعلم انه كان انسانا يعيش حياة بوهيمية قوامها الترحال والحيرة والغياب كما قالت الكاتبة ..

              ( هذا حبيبك لم يعد كفه وطنا ) وهذه هي اهم جملة بالنص والمحور الذي تدور حوله النص والذي يقلب الموازين به ويظهر مكنون مشاعرها فكأنما توقظ نفسها من الحيرة التي تعيش بها

              فهي من نورت على ضفاف بحره وزينت قصره المزاجي هو كالملك لها ومحور حياتها .. اعطته الكثير وتنتظر منه لكنه في قصر مشيد يأبي مخالطة الرعية والنزول اليها وهنا نرى الفراق واضحا بينها وبينه في أول النص
              تقول :" فأطبقت كفي على الأرجوان " .. هي شديدة الحرص وهي من تريد اعطائه الوطن
              لكن بآخر النص تقول :" هذا حبيبك لم تعد كفه وطنا "

              وهنا الفرق بينهما فتطالب نفسها في النهاية أن تعود من ( الثنايا ) والزوايا التي أحاطت بها في هذا الرجل و ( لا تكف ) عن الحياة

              أشكرك مبدعتنا أ / سليمى السرايري على النص الممتع

              دام لنا قلمك في ألقه

              دينا نبيل 6/ 10 / 2011

              تعليق

              • سليمى السرايري
                مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                • 08-01-2010
                • 13572

                #8
                سأعود هنا

                تفأجات بهذا الجمال النقدي

                شكرا لكما من القلب أستاذ منتظر والأستاذة دينا.

                لي عودة ان شاء الله
                لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                تعليق

                • سليمى السرايري
                  مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                  • 08-01-2010
                  • 13572

                  #9
                  أستاذي الناقد الرائع
                  منتظر السوادي


                  كانت القراءة هنا محلّقة في سماء الجمال المفاجئ للروح
                  ولم أتصوّر أن أطلّ من خلالها على مساحات اكثر جمالا من قصيدتي هذه.

                  شكرا جزيلا وشتائل ياسمين لقلبك النابض بالروعة والإحساس.

                  لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                  تعليق

                  • سليمى السرايري
                    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                    • 08-01-2010
                    • 13572

                    #10
                    العزيزة الناقدة المتميّزة
                    دينا نبيل


                    غمرت قلبي بهذا الجمال النقدي الأخّاذ بما يحمل من عمق وتركيز للتفاصيل الصغيرة.
                    دام قلمك نصرة للنصوص وللكتّاب وللمشهد الثقافيّ العربيّ أينما حللتِ.

                    طوق الياسمين لروحك الطيّبة المعطاءة.



                    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                    تعليق

                    يعمل...
                    X