امرأة الفيس بوك
نعم أنا مطلقة، أعلنها بكل صراحة ولن أخجل من ذلك وليس في هذا شئ يشين المرأة ،سوف أواجه الجميع ولن أقول لا يهمني المجتمع والناس فالأعراف الإجتماعية والعادات والتقاليد لها حكم القانون الوضعي وهذه العادات سوف تستمر إلى ما لانهاية فهي كالأرث الجميع يحافظ عليه بل ويزكيه،فالأصل هي كلمة من فرد أو جماعة ثم يتبع ذلك الآخرون إلى ان صارت تلك الكلمة في حكم القانون البشري ومن يخرج عن هذه الشرعية لابد أن يعاقب إجتماعيا ويختار سجنا إنفراديا أبوابه ونوافذه مفتوحة تتلقى الإشاعات والأقاويل وقد تستقبل الحجارة والحصى إذا أغلقت فتبقى بلا زجاج يقيها نار الريح الفاسدة طول العمر والعجيب قد تكون النساء صاحبات تلك الحجارة أو بتحريض منهن. ولكن لن أكذب ولن أخجل ولن أتوارى عن الأنظار.
وعليه فانا أعلنها في كل مجلس وفي كل مكان دون رهبة أو خوف وقبل أن تصل مسامعي كلمات المواساة أو مصمصة الشفاة ، وسأقترب لكل من يبعد عني بشخصيتي برأيي بعملى بجديتي بأخلاقي وإلتزامي الديني، المجموعة مفتوحة للجميع.
نعم أنا الذي طلبت الطلاق وبمحض إرادتي وإن كانت العصمة بيد زوجي ولم نتفاهم أو نتفق في مسيرة حياتنا التى لم تستمر سوى ثلاث سنوات لم أنجب أطفالا بقضاء الله وقدرة أولا واخيرا.وبسبب عدم التقارب أو الرفض الجسدى الذى أبي أن يستقبل نطفة قد تتحمل ما لا أعلمه فماتت في مهدها الأول من رحمة ربي،
كان طلاقي سهلا ميسورا فقد كانت العقبة الكبرى بالنسبة لمن كان زوجي هي مؤخر الصداق والقائمة وما الى ذلك من حقوق الشرعية ولكن ما أبسطها بالنسبة لنيل الحرية والبحث عن فرصة أخرى في الحياة ولا أقصد الزواج فقط ، وهذه الأمور لا تحد من إنطلاقي للحياة فهي تمثل لي عبوديةالانسان للإنسان أو أن هذا ثمن أمة تباع وتشترى، سوف أعتبرها فترة من فترات حياتي ولا يجوز الندم عليها وهي كأي فترة يمر بها الإنسان في حياته والحياة لا تستمر على وتيرة واحدة فكلها متغيرات.
كان هذا التعريف الذي وضعته الذي وضعته مريم على البروفايل الخاص بها على الفيس بوك ووضعت اسمها بالكامل تحت صورتها الحقيقية وبين القوسين كتبت (مريم المطلقة) وقبلت صداقات الكثير من النساء والرجال من جميع الأعمار ،يتبادلون الآراء والنقاشات، والكثير من السخافات تردها على موقعها فكانت ترد على الجميع بكل ثقة وآراء مقنعة حتى أمتنعت السخافات من تلقاء نفسها مرة بعد مرة.
وكانت خطوتها التالية العودة إلى عملها السابق بعد أن أنهت أجازاتها بدون مرتب فور الطلاق وعادت أشد إجتهادا وحيوية ونالت إستحسان وتقبل من جميع الزملاء فقد عرفوها من قبل ولم تتغير إسلوبا او شكلا وبنفس ملبسها الأانيق وعطرها المميز، الذي تغير هنا الزملاء فالكل يعاملها بحذر وريب فكانت تلمح في نظراتهم وتمتمة شفاهم أسئلة تفهمها جيدا فكانت تقطع عليهم الطريق وتقول لزميلها : أنت قصدك تقول كذا وكذا والإجابة هي كذا وكذا وانت يا زميلتي العزيزة تريدين أن تقولي كذا وتلقى في وجوه الجميع الاجابة مما أخجلهم جميعا وبدأ التعامل يعود كسابق عهده. إلا أن إحدى الخبيثات والمتطفلات من الزميلات تريد أن تعرف المزيد والمزيد وتسألها عدةأسئلة في سؤال واحد قائلة لها : يامريم هل لديك استعداد للزواج مر ة أخري زوج يحميك ويحافظ عليك ويسترك وتخلفي صبيان وبنات وتعيشي مثل كل الزوجات تشعرين فيها بإنوثتك وجمالك ، ام تظلين كالبيت المعلق الذي ليس له أهل ولا صاحب أنا أعرف إنك بألف رجل ولكن للضرورة أحكام ، بس على فكرة يا مريم لن يتزوجك رجل إلا وهو في مثل ظروفك رجل مطلق او أكبر منك سنا ولن يتزوجك شاب لم يتزوج من قبل، وسوف توافقين بلا ترد فليس بإمكانك ان تختاري عريس على كيفك او تذهبين أنت تخطبين شخص يعجبك
إنطلقت تلك الرصاصات القاتلة لصدر مريم بسلاح غير كاتم للصوت وتنتشر تلك الكلمات في جميع أعضاء مريم مما أصابها برجفة داخلية تحاول كتمانها دون أن يبدو ظاهرها على وجهها فتبدو رابطة الجأش تستجمع قواها لترد على زميلتها الخبيثة وتنتظربلهفة أن تنهي كلامها إلى أن سكتت عن الكلام المباح والغير مباح
تنظر إليها مريم قائلة: خلاص خلصتي عندك إستفسارات أخري ،فيدور وجه الزميلة إلى اليمين وإلى اليسار بمعنى خلاص فقد جف ريقها من الكلمات وحدتها ولولا ذلك لما صمتت عن الكلام.
يا اختي العزيزة : الزواج كما يقول مجتمعنا هو قسمة ونصيب نعم سأتزوج ممن يناسبني ويفهمني وإن لم أجد فلن أتزوج وسوف أكمل مسيرة حياتي بلا رجل وكل شئ بالتعود والإرادة فالمدخن الذي يريد إبطال التدخين يكون ذلك بقوة الإرادة ودفع الخيال المريض بتغيير الفكرة والانتقال إلى عمل يشغلة،وأما أنا بألف رجل فهذه إهانة كبرى لي فأنا أفخر بإنوثتي التي إختارها الله لي ولن أتشبه بالرجال كما يكره الرجل تشبيهه بإنثى فالكل متساو يؤدي دوره الذى خلقه الله له وكل ميسر لما خلق له.
أقول كلاما قد يكون غريب على مجتمعنا وعليك يازميلتي العزيزة إذا أعجبني شخص ما ورأيت انه يناسبيني سوف أتقدم لخطبته وأطلب الزواج منه ،وقبل أن تكمل قاطعتها قائلة وهي تطيل وتمد في حروف الكلمات وبصوت هادي فيه اللؤم والخباثة بغرض إحراجها : يامريم ياحبيبتي رغم غرابتك سأوافقك ولكن إذا رفض هذا الشخص الزواج منك ماذا أنت قائلة،
تبتسم مريم ابتسامة هادئة وكلها ثقة فيما تقول : شئ عادي صديقتي، وهل أنت تزوجتي أول رجل تقدم لخطبتك بالطبع لا ...
وضعت ساقا عل ساق وبنظرات تفاخر و انتفخت فيها أوداجها متشدقة تقول: يا مريم أنا تقدم لي عشرات العرسان أختار وأفاضل بين هذا وذاك من لا يعجبني أقول له مع السلامة .
- إذن أنت أعطيتي لنفسك حق القبول والرفض فلماذا لا يكون هذا الحق للرجل والأنثي لأنها شراكة قد تستمر مدى العمر . واعلمي إن الغالبية العظمي من الفتيات تتأنق وتتزين وتستخدم لين القول لشد إنتباه الرجال إليها ، اذهبي إلى الأفراح والنوادي ،وفي الأسواق تجدين بيوت الازياء تتحرك أمامك مع الغاديات والرائحات أليس كل ذلك دعوة مفتوحة لتلقي طلبات الزواج ، والأمهات انفسهن يصحبن بناتهن لهذه المجتمعات بغرض دفين داخلهن لتزويج بناتهن.
لم تجد إجابة شافية مقنعة ترد بها على مريم وتحاول أن تأخذ الحديث إلى منحنى آخر لا يبتعد كثيرا عن الموضوع قائلة:
- ولكن يامريم أن تتقدمي بنفسك لخبة رجل الموضوع هنا يفرق ، للمرأة كرامتها فلا ينبغي أن نعرض أنفسنا على العرسان وهذا ما تعودنا عليه في مجتمعنا وبالطبع يقلل من ثمن المرأة.
- ثمن المرأة !!!!!! تتعجب مريم وتكرر ثمن المرأة !!!! ينبغي لنا أن نعود إلى عصر الحريم ونُباع ونُشترى في سوق الحريم، نحن من نحقر أنفسنا ونجعل المجتمع ذكوري النزعة ونهاجم الرجال ونطلب بالمساوة وأخيرا نقول مجتمعنا مجتمع ذكوري نحن من نصنع هذا الذكورية ونتشدق بها.
- يعني أنت يامريم ممكن تعملى كده بجد وتتقدمي لرجل تخطبينه.
- ممكن وقد حدث بالفعل وقريبا سوف نعلن زواجنا.
- زميلة مريم غير مصدقة وتسألها بكل استهزاء يا ترى ممكن نعرف العريس ده يا مريم ياجميلة.
مريم: طبعا ياعزيزتي أنه شقيقك يا زميلتي العزيزة زغردي بقى إحنا بقينا أقارب ، ولم تكمل مريم الحديث حتى وجدت زميلتها قد سقطت على الأرض في طريقها إلي إغماءة عميقة
ترغي وتزبد قائلة : لن يحدث ذلك أبدا .... لن يحدث ذلك أبدا ... على جثتي لو ده حصل ،ويختفي صوتها تدريجيا مع مغادرة سيارة الإسعاف المكان.
تعليق