رأيت رجلاً طويلاً مدعوساً، فسألته :
- من أنت ؟
- أنا الطريق .
فقلت، وأنا غير مصدق :
- من الذي دعسك ؟
نظر إلي نظرة ذات مغزى، وغمغم :
- السائرون في محلهم .
" وكيف يسير الناس، ولا يتغير محلهم ؟ " ...كنت أنوي أن أسأله هذا السؤال، لكنني لا إراديّاً تذكرت الفتاة التي أحببتها منذ الصغر، حتى وصلنا لسن الزواج، فخطبتها بخيالي .. وتزوجتها بخيالي .. وأنجبت منها أحلاماً بلا نهاية بخيالي؛ لأنني ترددت ولم أجرؤ على خطبتها لأسباب تافهة، حتى طارت للأبد من يدي، وحطّت للأبد في قلبي ..
أظنه يقصدني أنا ؟ ... وإلا ما نظر إليّ بتلك الطريقة، وهو يقول : " السائرون في محلهم "... فمن غيري يسير بالمنى والأمل ملايين الخطوات ، وهو قابع بمكانه منتعلاً أقدامه الحجرية ، واكتئابه ، وتردده ، ومخاوفه الواقعية واللاواقعية ؟...
لا ... لا ... لا أظنه يقـصدني فقد فعلت الكثير في حياتي ... وماذا فعلت غير الازدياد بالعمر والخوف والتردد ؟ ...
- آآآآه ... آآآآه ..
رفستْ آهاته المدوية قلبي وأفكاري ، فسألته فزعاً :
- ما بالك ؟..
- لقد دعستني ! .
من المجموعة القصصية : (( أنا وإبليس )) 2009م
قصـص ورسـوم : عـبدالـرحـمن أحمد الذيب
قصـص ورسـوم : عـبدالـرحـمن أحمد الذيب
تعليق