أجساد، وحيطان!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • رضا الزواوي
    نائب رئيس ملتقى النقد الأدبي
    • 25-10-2009
    • 575

    أجساد، وحيطان!

    انتصب القاضي واقفًا بعد أن نفذت شظايا حكمه من قضبان قفص إلى بقايا جسد تلاشى بعضه بين جنبات القاعة؛ يلملم كلمات، بعثرتها حسرات اندثرت من شفتين؛ ظلتا ترتجفان في صمت رددته الحيطان:
    - بريء، أنا بريء والله!
    ... وانسلّ جسد آخر من بين الجموع، وكأنه يخلع عباءة الكلمات المتناثرة حواليه في نشوة أيقظها التواء جسد ثالث يفيض عطرًا...
    انسابت الفاتنة نحو الآخر، بعد أن ألقت خلف القضبان تجاعيد أيامها الخالية، ساحبة بقاياها من عينيْ صائدها، وهي تردّد في دلال يذيب الحيطان:
    - جريء! أنت جريء والله!
    في لحظات مترنحة، تقيأت القاعة الأجساد؛ فحاصرتها الحيطان!
    [frame="15 98"]
    لقد زادني حبّـا لنفسي أنني***بغيض إلى كل امرئ غير طائل
    وأنّي شقيّ باللئــام ولا ترى***شـقيّـا بهـم إلا كـريم الشـمـائل!

    [/frame]
  • مختار عوض
    شاعر وقاص
    • 12-05-2010
    • 2175

    #2
    أكاد أجزم أن البطل الأساسي في هذا النص هو الصياغة المتقنة المعبرة؛ ولنتأمل سويًّا الجملة الأولى التي رسمت مشهد إصدار حكم القاضي كأنه طلقة خرطوش انتثرت شظاياها بالقاعة لتخترق بعضها قضبان القفص إلى بقايا جسد متهالك يقبع داخله؛ لنكتشف أن الصياغة جاءت شديدة الإحكام عندما أسست للوحة غاية في القدرة على التعبير؛ بل ومهدت للمتلقي بأن هذه الشظايا ستصيب – لا شك – آخرين، كما أوحت بنوع من التعاطف مع ذلك المسكين القابع كبقايا جسد متهالك خلف القضبان.
    ثم تتوالى الأحداث بنفس مستوى الصياغة المتقنة لتكشف عن ظالم ومظلوم وشاهد يقرر فضح الظلم من خلال إبراز التقابل اللغوي في الجملتين: "بريء، أنا بريء والله!" و "جريء! أنت جريء والله!" ثم تنتهي القصة عندما " تقيأت القاعة الأجساد؛ فحاصرتها الحيطان!"
    والنص بهذا الشكل أراه يقترب من كلٍّ من القصة القصيرة والقصيرة جدًّا لدرجة لا أستطيع اعتباره ينتمي لأحد الجنسين دون الآخر، وهو ما أراه ميزة إضافية تحسب لمبدعه صديقي الأستاذ رضا الزواوي الذي يستحق كل التقدير على ما أبدع من خلال هذه الصياغة الشاعرية الرائعة.

    تعليق

    • رضا الزواوي
      نائب رئيس ملتقى النقد الأدبي
      • 25-10-2009
      • 575

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة مختار عوض مشاهدة المشاركة
      أكاد أجزم أن البطل الأساسي في هذا النص هو الصياغة المتقنة المعبرة؛ ولنتأمل سويًّا الجملة الأولى التي رسمت مشهد إصدار حكم القاضي كأنه طلقة خرطوش انتثرت شظاياها بالقاعة لتخترق بعضها قضبان القفص إلى بقايا جسد متهالك يقبع داخله؛ لنكتشف أن الصياغة جاءت شديدة الإحكام عندما أسست للوحة غاية في القدرة على التعبير؛ بل ومهدت للمتلقي بأن هذه الشظايا ستصيب – لا شك – آخرين، كما أوحت بنوع من التعاطف مع ذلك المسكين القابع كبقايا جسد متهالك خلف القضبان.
      ثم تتوالى الأحداث بنفس مستوى الصياغة المتقنة لتكشف عن ظالم ومظلوم وشاهد يقرر فضح الظلم من خلال إبراز التقابل اللغوي في الجملتين: "بريء، أنا بريء والله!" و "جريء! أنت جريء والله!" ثم تنتهي القصة عندما " تقيأت القاعة الأجساد؛ فحاصرتها الحيطان!"
      والنص بهذا الشكل أراه يقترب من كلٍّ من القصة القصيرة والقصيرة جدًّا لدرجة لا أستطيع اعتباره ينتمي لأحد الجنسين دون الآخر، وهو ما أراه ميزة إضافية تحسب لمبدعه صديقي الأستاذ رضا الزواوي الذي يستحق كل التقدير على ما أبدع من خلال هذه الصياغة الشاعرية الرائعة.
      جزيل شكري أخي المبدع مختار عوض لهذه الإطلالة الواعية التي أنارت جانبا من النص في لفنة راقية، استطعت من خلالها رفع أحد الستائر؛ لتفتح آفاقا تتيح للآخرين السفر برؤاهم؛ لاكتشاف التفاصيل الكامنة وراء "أكمة" العبارات الهائمة!
      التعديل الأخير تم بواسطة رضا الزواوي; الساعة 08-10-2011, 21:45.
      [frame="15 98"]
      لقد زادني حبّـا لنفسي أنني***بغيض إلى كل امرئ غير طائل
      وأنّي شقيّ باللئــام ولا ترى***شـقيّـا بهـم إلا كـريم الشـمـائل!

      [/frame]

      تعليق

      يعمل...
      X