ختامها تبارك :
قصة واقعية ، سمعتها إذ أنا صغير
من بطلتها أم أحمد ، و عرفت بطلتها
الأخرى حق المعرفة ، فقد كانت
جدتي لأمي .
وضعت يدها على صدر صديقتها الممدد بلا حراك على السرير الحديدي، فيما عيناها تغرورقان بدموع أسىً غير متناه .
ما أصعبه موقفاً !! ، لم تكن تحتمل التفكير به ، فإذا بها اليوم تعيشه ، لم يكن ما بينهما صداقة فحسب ، بل أخوة ، رابطة عميقة لم تزدها الأيام إلا قوة و متانة ، علاقة راقية لا عنوان لها إلا الصفاء المطلق .
تحاملت على حزنها ، فتحت مصحفها العتيق محاولةً أن تكتم دموعها ، أو تداريها على الأقل ، قصدت سورة تبارك ، فلكم سمعت أن لهذه السورة بركة خاصة تنال من تقرَأ عليهم و لا سيما المرضى .
بدأت بالتلاوة فغاصت في بحر ذكريات ، في مسلسل أخذ يتداعى شيئاً فشيئاً لصداقتهما الطويلة العميقة ، منذ التقتا في أحد المساجد القديمة ، فهفت كل روح إلى أختها ، و طابق صفاء النفس في إحداهما صدق النية و الإخلاص في الأخرى ، فغُرست بذرة المحبة التي لم تحسبا أن الأيام ستحفظها كل هذه السنين .
باتتا على قلب واحد لم تؤثر فيه حوادث الحياة منذ ذلك اليوم ، أنجبتا الأولاد ، كبروا ، درسوا ، سافر بعضهم ، و عمل الآخرون في بلدهم ، لكنَّ ذلك الخيط النوري العجيب الرابط بين السيدتين لم ينقطع و لم يهن لأيٍّ من الأسباب ، بل طفق يشتد ، و أولادهما تصادقوا و تحابوا ، فغدت العلاقة أسرية لا شخصية .
آه يا خيرية ، لا تعلمين كم أعاني في هذه اللحظات ، قالتها أم أحمد و لم تظن أن صديقتها ستسمعها ، ففاجأتها يدها الشلاء ترتفع لتقبض على يدها و تشد عليها بقوة و دفء لم تحس بمثله يوماً .
نبتت العزيمة و الإصرار فجأة في صدرها ، فمسحت دموعها على عجل ، و أخذت في إكمال ما تبقى من السورة بحماسة و صوت مرتفع و هي تشد على يد صديقتها ، كأنها بذلك تشفيها مما هي فيه ، و خُيِّل إليها أنها حين تفرغ من التلاوة ستلقاها جالسة و قد تلاشى عنها كل مرض و ألم ، و عادت شابة فتية كما كانت حين التقتا قبل قريب من أربعين عاماً .
تابعت التلاوة و أمل عجيب يحدوها ، إحساس ملؤه اليقين أن نهاية هذا المرض ستكون مع نهاية السورة ، حتى وصلت إلى الآية الأخيرة فانفرجت أساريرها ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين ) .
حين أتمتها وجدت صدر صديقتها يسكن ، ثم ارتخت يدها التي كانت في يد أم أحمد ، و برد جسدها في لحظة ، فعمت الغرفة وحشة غريبة .
أرادت أم أحمد أن تصرخ ملء الكون ، لكن صرختها لم تخرج من فمها ، بل دوت في أنحاء جسمها النحيل فكادت تمزق أحشاءها .
قصة واقعية ، سمعتها إذ أنا صغير
من بطلتها أم أحمد ، و عرفت بطلتها
الأخرى حق المعرفة ، فقد كانت
جدتي لأمي .
وضعت يدها على صدر صديقتها الممدد بلا حراك على السرير الحديدي، فيما عيناها تغرورقان بدموع أسىً غير متناه .
ما أصعبه موقفاً !! ، لم تكن تحتمل التفكير به ، فإذا بها اليوم تعيشه ، لم يكن ما بينهما صداقة فحسب ، بل أخوة ، رابطة عميقة لم تزدها الأيام إلا قوة و متانة ، علاقة راقية لا عنوان لها إلا الصفاء المطلق .
تحاملت على حزنها ، فتحت مصحفها العتيق محاولةً أن تكتم دموعها ، أو تداريها على الأقل ، قصدت سورة تبارك ، فلكم سمعت أن لهذه السورة بركة خاصة تنال من تقرَأ عليهم و لا سيما المرضى .
بدأت بالتلاوة فغاصت في بحر ذكريات ، في مسلسل أخذ يتداعى شيئاً فشيئاً لصداقتهما الطويلة العميقة ، منذ التقتا في أحد المساجد القديمة ، فهفت كل روح إلى أختها ، و طابق صفاء النفس في إحداهما صدق النية و الإخلاص في الأخرى ، فغُرست بذرة المحبة التي لم تحسبا أن الأيام ستحفظها كل هذه السنين .
باتتا على قلب واحد لم تؤثر فيه حوادث الحياة منذ ذلك اليوم ، أنجبتا الأولاد ، كبروا ، درسوا ، سافر بعضهم ، و عمل الآخرون في بلدهم ، لكنَّ ذلك الخيط النوري العجيب الرابط بين السيدتين لم ينقطع و لم يهن لأيٍّ من الأسباب ، بل طفق يشتد ، و أولادهما تصادقوا و تحابوا ، فغدت العلاقة أسرية لا شخصية .
آه يا خيرية ، لا تعلمين كم أعاني في هذه اللحظات ، قالتها أم أحمد و لم تظن أن صديقتها ستسمعها ، ففاجأتها يدها الشلاء ترتفع لتقبض على يدها و تشد عليها بقوة و دفء لم تحس بمثله يوماً .
نبتت العزيمة و الإصرار فجأة في صدرها ، فمسحت دموعها على عجل ، و أخذت في إكمال ما تبقى من السورة بحماسة و صوت مرتفع و هي تشد على يد صديقتها ، كأنها بذلك تشفيها مما هي فيه ، و خُيِّل إليها أنها حين تفرغ من التلاوة ستلقاها جالسة و قد تلاشى عنها كل مرض و ألم ، و عادت شابة فتية كما كانت حين التقتا قبل قريب من أربعين عاماً .
تابعت التلاوة و أمل عجيب يحدوها ، إحساس ملؤه اليقين أن نهاية هذا المرض ستكون مع نهاية السورة ، حتى وصلت إلى الآية الأخيرة فانفرجت أساريرها ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين ) .
حين أتمتها وجدت صدر صديقتها يسكن ، ثم ارتخت يدها التي كانت في يد أم أحمد ، و برد جسدها في لحظة ، فعمت الغرفة وحشة غريبة .
أرادت أم أحمد أن تصرخ ملء الكون ، لكن صرختها لم تخرج من فمها ، بل دوت في أنحاء جسمها النحيل فكادت تمزق أحشاءها .
تعليق