رقصة الدوريّ ..
مهداة إلى الدكتور الرائع نجم السراجي ..
مهداة إلى الدكتور الرائع نجم السراجي ..
الخريف يحوم حول أوراقي ، كانت غصوني أبعد من أن يطلها وأجمل من أن يقوى على كسرها ..!
لكن وكما ترحل أسراب الدوري... يرحل زهر اللوز..ويموت الغاردينيا !
لكن وكما ترحل أسراب الدوري... يرحل زهر اللوز..ويموت الغاردينيا !
"الغاردينيا ..!" أتذكر حبيبي "جميل" زهرتي التي أخبئها بعيدا عن يد الخريف وعن أعاصير الأيام ..
لابد أني سألتقيه اليوم على نفس المقعد، ينتظرني منذ أسابيع بكثير من الحزن والأسئلة ..!
ارتديت معطفي الأسود، قبعة الصوف الرمادية وصمتي ..أما حقيبة الذكريات فتقصدت أن أتركها
على أريكة وحدتي .. حتى لا تكون سبب ضعفي .... !
نزلت الحرم الجامعي، خطواتي تحمل انكساري ...وثغري يرتجف من كلام لن أقوله ..!
لابد أني سألتقيه اليوم على نفس المقعد، ينتظرني منذ أسابيع بكثير من الحزن والأسئلة ..!
ارتديت معطفي الأسود، قبعة الصوف الرمادية وصمتي ..أما حقيبة الذكريات فتقصدت أن أتركها
على أريكة وحدتي .. حتى لا تكون سبب ضعفي .... !
نزلت الحرم الجامعي، خطواتي تحمل انكساري ...وثغري يرتجف من كلام لن أقوله ..!
الشجر يعزف على قيثارة الريح ويداي ترقصان بردا وتوترا تحت مظلة مطر خفيف ..
هاو هو مقعدنا ، أراه يفتقدنا كيف لا ونحن لازمناه لسنين، منذ السنة الدراسية الأولى
إلى اليوم ووعدناه أن نظل معه أثناء بدء تحضيرنا لرسالة الدكتوراه في السنة القادمة ..!
ها هو يعاتبني بصمت .. يقف عليّه عصفور دوري.. "عصفور دوري!!
لم لم يهاجر مع ذويه ؟ المسكين..."
جلست أحدثه باهتمام بينما كان غير مبال إلا بالقفز مع خفقات قلبي المتصاعدة ..
هاو هو مقعدنا ، أراه يفتقدنا كيف لا ونحن لازمناه لسنين، منذ السنة الدراسية الأولى
إلى اليوم ووعدناه أن نظل معه أثناء بدء تحضيرنا لرسالة الدكتوراه في السنة القادمة ..!
ها هو يعاتبني بصمت .. يقف عليّه عصفور دوري.. "عصفور دوري!!
لم لم يهاجر مع ذويه ؟ المسكين..."
جلست أحدثه باهتمام بينما كان غير مبال إلا بالقفز مع خفقات قلبي المتصاعدة ..
أتى جميل .. كبلت يديّ ببعضهما وجلست كما المذنب أثناء صلاة التوبة
بخفته التي اعتدتها جلس بقربي ولأنه حنون نسي العتاب واللوم، فكّ قيود يديّ، شبك
أصابعه بأصابعي "لمَ لم ألبس القفازات .. كيف نسيت أن لمسته بمقدورها أن تعلن موتي وحياتي ..أن تهزم كل قلاعي "
-"هل تشعرين بالبرد حبيبتي ؟" سأل بلهفة تحول الجليد إلى بركان
-قليلا ...
-هل أنت مريضة ؟
-لا ... إسمع "جميل" أنا مضطرة للعودة إلى قريتي نهائيا ..
-نهائيا .؟؟ كيف ..؟ لماذا ..؟والدراسة وحلم الدكتورا ومنزلنا الذي نؤثثه منذ عام ..وأنا ..!هل أذهب معك
لأطلبك من أهلك كما اتفقنا ..!
-لا ... لدي من اليوم مشاريعي الخاصة ..!
-ماذا ..؟أية مشاريع..؟ لا أفهمك انت غريبة جدا هذه الفترة ..؟ فهميني ..
جن جميل ..بدأ يهذي، لأول مرة يخرج عن هدوئه
لأول مرة لا أجيب على أسئلته ... تركته يجن مع المقعد ورحلت ..!
أسأل نفسي:- لمَ لم أخبره بالسر ؟
-كي يبقى مبتسما
أعشق ابتساماته وأسنان اللؤلؤ التي تشرق منها شمس وجودي .. والغمازة .."آه من غمازتك يا "جميل" كم غرقت فيها.." !
بخفته التي اعتدتها جلس بقربي ولأنه حنون نسي العتاب واللوم، فكّ قيود يديّ، شبك
أصابعه بأصابعي "لمَ لم ألبس القفازات .. كيف نسيت أن لمسته بمقدورها أن تعلن موتي وحياتي ..أن تهزم كل قلاعي "
-"هل تشعرين بالبرد حبيبتي ؟" سأل بلهفة تحول الجليد إلى بركان
-قليلا ...
-هل أنت مريضة ؟
-لا ... إسمع "جميل" أنا مضطرة للعودة إلى قريتي نهائيا ..
-نهائيا .؟؟ كيف ..؟ لماذا ..؟والدراسة وحلم الدكتورا ومنزلنا الذي نؤثثه منذ عام ..وأنا ..!هل أذهب معك
لأطلبك من أهلك كما اتفقنا ..!
-لا ... لدي من اليوم مشاريعي الخاصة ..!
-ماذا ..؟أية مشاريع..؟ لا أفهمك انت غريبة جدا هذه الفترة ..؟ فهميني ..
جن جميل ..بدأ يهذي، لأول مرة يخرج عن هدوئه
لأول مرة لا أجيب على أسئلته ... تركته يجن مع المقعد ورحلت ..!
أسأل نفسي:- لمَ لم أخبره بالسر ؟
-كي يبقى مبتسما
أعشق ابتساماته وأسنان اللؤلؤ التي تشرق منها شمس وجودي .. والغمازة .."آه من غمازتك يا "جميل" كم غرقت فيها.." !
مشيت طويلا دون أن أعرف وجهتي، فالدرب شاحب مثل وجنتي....عند توحد لون الإنسان مع لون المكان تُخلق المتاهة ..!
الاتجاهات انحصرت في زاوية واحدة ..... هي وجهة واحدة ..!
الاتجاهات انحصرت في زاوية واحدة ..... هي وجهة واحدة ..!
الأيام الأخيرة لفها وشاح السكون .. أقفلت باب غرفة سكني بمفتاح صدئ، بالكرسي،بالوسائد ..
ونمت هكذا أتوسد نسيم الحزن .. خرير جداول الليل .. ولحن تردده كل ليلة ذات البومة السمينة، المنتفخة بالهواء،
تماما مثل العمر،شهيق وزفير داخل بالون يكبر ويكبر ..فقط ليفقع ذات قدر !
ونمت هكذا أتوسد نسيم الحزن .. خرير جداول الليل .. ولحن تردده كل ليلة ذات البومة السمينة، المنتفخة بالهواء،
تماما مثل العمر،شهيق وزفير داخل بالون يكبر ويكبر ..فقط ليفقع ذات قدر !
هجرت كل من أحب.. الغريب يحتاج إلى غربة أكبر ..!
والمسافر يكره لحظات الوداع ..خاصة إن أقلعت به الطائرة هكذا بدون جواز سفر ..دون حقائب ..دون عودة !!
والمسافر يكره لحظات الوداع ..خاصة إن أقلعت به الطائرة هكذا بدون جواز سفر ..دون حقائب ..دون عودة !!
كان السرطان بدايةً دهشة شطرت فاهي إلى نصفين ، بل كذبة لم أصدقها ...كذبة غيرت قوانين حياتي، وضعت الحقيقة بمعادلة منصفة مع السراب..!
كذبة تحمل ألما حقيقيا .. تهدد بنحر عنق العمر .. السكين التي في يدها حقيقية ..ليست لعبة كما ظننت..!
بعدها تحولت إلى معركة من أجل البقاء .. تحديت المرض .. لكن الألم يقهر الإرادة والمسكنات تجعل ساعد المقاومة هزيلا ..أكاد أخسر آخر جولة ..!
تنبهت أني لم أراهن على الكثير ... ليست الخسارة كبيرة وماذا سأخلف ورائي غير كتابات يتيمة، أوراق يزلزلها البرد وخصلات متشردة ..
وغمازة سأسرحل إليها ؟!
وغمازة سأسرحل إليها ؟!
فكرت بأحلام لم أحققها ، أحلام أكبر من عدد أيامي القادمة ....
وضعت لائحة بما أرغب في القيام به ، من أسخف الأشياء حتى أعقدها ..
أما الشفاء فلم يكن على لائحتي لأنه مجرد احتمال يضعه الطبيب ليواسي به مريضه وينفيه في صدره احتراما لصدق مهنته .. !
وضعت لائحة بما أرغب في القيام به ، من أسخف الأشياء حتى أعقدها ..
أما الشفاء فلم يكن على لائحتي لأنه مجرد احتمال يضعه الطبيب ليواسي به مريضه وينفيه في صدره احتراما لصدق مهنته .. !
ركبت الدراجة بين الأزقة كما اشتهيت طويلا ، ضحكت كثيرا وبكيت أكثر .. وكتبت مزيدا من القصائد...!
وحدها القهوة كنت أقف عاجزة عن شربها رغم إدماني عليها ، فلا نكهة ولا رائحة لها ..من دون حبيبي جميل ..!
وحدها القهوة كنت أقف عاجزة عن شربها رغم إدماني عليها ، فلا نكهة ولا رائحة لها ..من دون حبيبي جميل ..!
بعد شتاء طويل ، نالت مني عواصفه وبعثرت آخر ورودي ، وصلتني الدعوة للمشاركة بأمسية شعرية
في الجامعة .. كنت قد توقفت عن كتابة الشعر، لأن الدماء صارت تخالط أوراقي ، وسطوري لم تعد سوى خصلاتي
المتساقطة أتعثر بها فتموت القصيدة قبل ولادتها ..!
في الجامعة .. كنت قد توقفت عن كتابة الشعر، لأن الدماء صارت تخالط أوراقي ، وسطوري لم تعد سوى خصلاتي
المتساقطة أتعثر بها فتموت القصيدة قبل ولادتها ..!
احتضنت آخر قصيدة كتبتها وذهبت إلى نفس المكان حيث خيبتي وعمري الذي خسرت .. حيث ينتظرني ذات الدوري الراقص !
أمام حشد من الشعراء والأساتذة والطلاب وقفت هيكل أنثى، أخفي رأسي بشال حريري مخادع، أمثل دور الشاعرة ..
"كيف تلقي الشعر أنثى من دون جدائلها ؟ "
وكي لا تفضحني كلماتي ، لم تكن قصيدة عن الحب أو الوطن ،عن الحياة أو الموت .. كانت فنجان قهوة لم أشربه مع جميل،
كانت عبق البن والياسمين ، وابتسامة الحقائب حين تلقي نفسها في بحر المغيب ..بين موجة قهوة .. وشاطئ مطر ..!
كانت همساتي الأخيرة لجميل الذي لم يحضر، ليته يعي كم أحتاج أن أموت بين ذراعيه .. أن أحتسي الحياة من غمازتيه ..!
كانت أحجية صفق لها الجمهور بدهشة .. صفقوا لأول مرة للوداع دون أن يعرفوا ..!
وحدي كنت أعرف أنها القصيدة الأخيرة .. لأن الأحلام كلما تحقق كلما اقتربت النهاية ..!
أمام حشد من الشعراء والأساتذة والطلاب وقفت هيكل أنثى، أخفي رأسي بشال حريري مخادع، أمثل دور الشاعرة ..
"كيف تلقي الشعر أنثى من دون جدائلها ؟ "
وكي لا تفضحني كلماتي ، لم تكن قصيدة عن الحب أو الوطن ،عن الحياة أو الموت .. كانت فنجان قهوة لم أشربه مع جميل،
كانت عبق البن والياسمين ، وابتسامة الحقائب حين تلقي نفسها في بحر المغيب ..بين موجة قهوة .. وشاطئ مطر ..!
كانت همساتي الأخيرة لجميل الذي لم يحضر، ليته يعي كم أحتاج أن أموت بين ذراعيه .. أن أحتسي الحياة من غمازتيه ..!
كانت أحجية صفق لها الجمهور بدهشة .. صفقوا لأول مرة للوداع دون أن يعرفوا ..!
وحدي كنت أعرف أنها القصيدة الأخيرة .. لأن الأحلام كلما تحقق كلما اقتربت النهاية ..!
في حضرة الشعر كنت أنا وكذبة ..كيف تجرأت ..؟ كذبتان على ورقة البوح الخضراء ؟!
انحسبت خجلة نحو الباحة ..كانت خالية إلا من أنين مقاعدها ..تذكرت "هادي" و"نور" .. يوم افترقا
"وليد" و"غالية" .. وغيرهم الكثير ..تذكرت أصابعي المتشابكة بأصابع جميل ... !
أيقنت أنها متكررة مأساة المقاعد .. وأن الدوري لا يرقص فوقها ..إنما هو جمر الحنين يجعله يقفز ألما
أو ربما هي طقوس خاصة ... نحن لا نعرف لغة الطيور .. لأننا لم نطر يوما .. !
انحسبت خجلة نحو الباحة ..كانت خالية إلا من أنين مقاعدها ..تذكرت "هادي" و"نور" .. يوم افترقا
"وليد" و"غالية" .. وغيرهم الكثير ..تذكرت أصابعي المتشابكة بأصابع جميل ... !
أيقنت أنها متكررة مأساة المقاعد .. وأن الدوري لا يرقص فوقها ..إنما هو جمر الحنين يجعله يقفز ألما
أو ربما هي طقوس خاصة ... نحن لا نعرف لغة الطيور .. لأننا لم نطر يوما .. !
قررت بحزم ألا ألتفت ورائي، خطيرة هي عناكب الماضي رغم رقّتها .. حضنت قصيدة القهوة
وببطء مشيت .. لا أدري لم البطء ..؟ ربما أردت أتيح له الفرصة ليتبعني ... ذلك الدوريّ الصغير !
وببطء مشيت .. لا أدري لم البطء ..؟ ربما أردت أتيح له الفرصة ليتبعني ... ذلك الدوريّ الصغير !
تعليق