خريف الوهم الجميل .../ آسيا رحاحليه /

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    خريف الوهم الجميل .../ آسيا رحاحليه /

    خريف الوهم الجميل ..

    الخريف يعبّق الأجواء برائحة التربة و الطبشور و الكراريس ..أشجار الكالتوس الشاهقة المنتصبة على جنبات الطرق تنتفض , فتمطر السماء أوراقا شقّقها الجفاف و شابها الإصفرار , تلهو بها الرياح قليلا ثم تكدّسها أمام البيوت و الحوانيت و على حوافّ الأرصفة ..
    لأوّل مرّة , يطلّ الخريف بوجه مغاير على المدينة الصغيرة الرّابضة في سكون تحت سفح الجبل .
    ستفتح الثانوية أبوابها هذه السنة..
    ياله من خبر ! أخيرا سيرتاح الأولياء من مشقّة تسفير أبنائهم الناجحين إلى المدينة الساحلية الكبيرة التي تبعد مئات الكيلومترات ..
    كم كان الأمر مرهقا و مُكْلفا و كم أتى على أعصابهم و ما ادّخروه من دراهم !
    حفّت بالجميع مشاعر الإرتياح و الفرح و الترقّب و ما أن انطلقت أولى أيام الدراسةحتى سرى دفء الحياة في شرايين الطرقات و الأزقّة و انتعشت دكاكين بيع الحلوى و الشكولاطة و السجائر , و امتلات صدور الفتيات - خاصة - بالبهجة لتمكّنهنّ من تنسّم عبير الحرية بعيدا عن أسوار المنازل و مطالب الأمّهات .
    ماتزال بعض الأشغال عالقة .. المخابرو المطعم و الملعب غير أنّ معظم القاعات أصبحت على أهبة الإستعداد لاستقبال التلاميذ رغم أنّ أجهزة التدفئة لاتعمل بعد ..
    إنّما لسوء الحظ حلّ الخريف باردا جدا في ذلك الموسم من أواخر السبعينيات .
    صباحٌ غائمٌ و الشمس لا يبدو أنها قرّرت طبع قبلتها الحانية على وجه الكون ..
    ساحة الثانوية تعجّ بالضجيج و الهمهمة و دفقات الصبا المتوقّد .التلاميذ يقفون في مجموعات متفرّقة يتدفّؤون بالثرثرة و النّكات قبل أن يدقّ جرس البدء فيصطفّون بانتظام أمام الحجرات .
    أول حصة في اللغة الفرنسية . الأستاذ فرنسي , من باريس تحديدا... في تلك الحقبة كانت البلاد تنتدب إطارات من تونس و ليبيا و مصر و العراق , و من فرنسا أيضا من أجل التكفّل بالتدريس في الثانويات و الجامعات .
    جلس التلاميذ صامتين , حذرين , مبحلقين في الأستاذ الذي بدا صغير السن كأنّه طالب جامعي . كان طويل القامة , متناسق الجسم , عيناه صغيرتان زرقاوان و شعره أشقر و ناعم كشعر الأطفال في صور الإعلانات , تتناثر بعض خصلاته فوق جبينه في غير ترتيب فتجعل التناقض واضحا بين وجهه الطفولي و جسده القوي .. كان ودودا جدا و لطيفا و أنيقا , و عطره منعشا, قويا , مميّزا , يضوع من حركاته و لباسه و يديه .. و يسابق خطواته .
    فريدة تجلس في الصف الأول قبالة المكتب تماما , يلمع بريق الذكاء في عينيها العسليّتين و فوق جبينها الصغير ترتسم معاني الإصرار و التّحدّي .. إلى جانبها صبية طويلة , ممتلئة الجسم , ضيّقة الجبين , و اسعة الفم منتفخة الخدّين ما جعل وجهها يبدو كإجّاصة كبيرة .
    / مسيو جيل / يذرع القاعة جيئة و ذهابا ..يحدّثهم بحميمية و تأنٍ , بفرنسية بسيطة مفهومة , عن قيمة الدراسة و التفوّق و عن أهميّة الشعبة التي اختاروها.
    - الآداب ..و بأكثر من لغة ! ..جميل جدا..لا تستهينوا أبدا بهذه الشعبة .. الكثير من العظماء الذين بصموا التاريخ كانوا رجال أدب . و لكن لنتّفق من الآن.. عليكم بالمطالعة .. يجب أن تقرأوا كثيرا ..اقرأوا الشعر و الرواية ..و المسرح ..و الفلسفة و التاريخ . سوف يكون ضمن برنامجنا هذه السنة دراسة بعض الأعمال الأدبية .ستعملون في مجموعات نحدّدها لاحقا .
    ثم يسألهم وهو يستند على المكتب بكلتا يديه و ينحني بجسده فيسافر عطره في أرجاء القاعة :
    - أخبروني هل تقرأون باللغة الفرنسية ؟ اعطوني بعض الأسماء مثلا ؟
    يلوذ الجميع بالصمت ..بعضهم لأنه لا يقرأ لا بالفرنسية و لا بالعربية , و بعضهم يمنعه الخجل من الحديث في حضرة هذا الباريسي الأنيق و آخرون لا يفكّرون سوى في نهاية الحصة لتبدأ حصة الرياضة !
    و لكن صوت رخيم يقطع السكون بفرنسية سليمة جدا :
    - أستاذ .. أنا عندي مجموعة كتب ل / بالزاك / ..
    يلتفت الجميع نحو مصدر الصوت . فتاة جميلة .. بشرتها شديدة السمرة .. عيناها سوداوان واسعتان و شعرها أسود خفيف و شفتاها مكتنزتان . اسمها نعيمة ..ربطتها بفريدة بعد ذلك صداقة لمدة أسابيع ..قاسمتها الطاولة الأولى , لأيام فقط , قبل أن تتراجع إلى المقاعد الخلفية معتذرةً بقولها " عزيزتي فريدة أحبك كثيرا لكني لا أستطيع أن أجلس معك..الصفوف الأمامية للنجباء المطيعين .. أنت مهذبة جدا و صامتة و أنا أحب التهريج ! "
    " يبدو أنها فتاة ذكية و سوف تنافسني ..أكيد ." تفكّر فريدة قبل أن تهمس في أذن زميلتها و هي تسمع مسيو جيل يكيل المديح لنعيمة :
    - ماذا كان اسم الكاتب الذي ذكرته تلك السمراء هناك ؟
    - باز ..بال ..بالزاك ..على ما أعتقد .
    تتمتم صاحبة الوجه الإجاصي .
    الإسم غريب . لم يمر بفريدة قبل اليوم . لم تلاحظه في كتب ابن خالها الذي كانت تعتبره أكبر مثقفي العائلة ..فقد سافر كثيرا و اقتنى كتبا عديدة كانت تجد متعة في تصفّحها بفضول كلّما زارته في بيته .
    دارت عجلة الدراسة بسرعة أكثر , و مرّت الأيام بسيطة و سهلة كأحلام المجانين , حلوة , بريئة و صادقة كعيون الأطفال . و ازداد تعلّق التلميذات بمسيو جيل . لم يكن لهن حديثٌ إلا عنه . عن أناقته و عطره و لكنته الفرنسية الجميلة ..عن طريقة كلامه و مشيته و رشاقة حركاته و أنامله الطويلة النحيلة كأنامل " بيانيست ".. عن ثقافته و تأدّبه و حسن تعامله مع الجميع ..
    و كانت كل واحدة تسعى لكسب اهتمامه و إثارة انتباهه .. فريدة تريد أن تبهره بتفوقها و تميّزها .. نعيمة لا تفتأ تأتيه كل مرّة باسم كاتب جديد لا يدري أحد أين تعثر عليه , سميرة لا تتردّد في مسح السبّورة سواء طلب منها ذلك أم لم يطلبه , وردة تبادره في بداية كل حصّة بنفس العبارة كأنّها ببّغاء مدرّبة " أستاذ ..والدي يبلّغك سلامه " - والد وردة أستاذ انجليزية في المتوسطة -
    و أيضا نجاة.. و سعاد ..و فوزية...و لمياء ...و..و.. كلهن وقعن في غرامه .
    و هكذا تقضي الصبايا الصغيرات لياليهن في أحضان الأوهام .. يطير بهنّ الخيال إلى أراضيه النديّة الفسيحة حيث كل شيء ممكنا و حيث ال"مستحيل " لفظة منقرضة , و يستيقظن صباحا على صراخ الواقع فيهرعن إلى الثانوية يسابقن الطموح و الحلم و الأوهام .
    و انتبه الفتيان في القسم إلى ولع الفتيات بمسيو جيل فلم يتوانوا في ابتكار أساليبَ شيطانية من أجل إثارة الفوضى ونرفزة الأستاذ و تحطيم أعصابه فيحمرّ وجهه و تبرز عيناه و يبدأ في لعن اليوم الذي قدم فيه إلى الجزائر.. عندها ينظر الفتيان إلى الفتيات و لسان حالهم يقول : أرأيتن كم هو عصبيّ و شرّير و غير مهذّب هذا الملاك الذي تعشقن ؟
    في يوم غيّرت فريدة مكان جلوسها .لم يفت ذلك مسيو جيل :
    - مابك .. (فغيدة )..؟ لمّ غيّرتِ مكانك اليوم ؟
    - مريضة يا أستاذ .
    يحدّق مسيو جيل مليّا في وجه فريدة قبل أن يدير لها ظهره .
    - أخشى أنّه مرض الوهم يا صغيرة . انتبهي للدرس .
    أطرقت فريدة و اخفضت رأسها مخافة أن تفضحها حمرة نارية داهمت وجهها الجميل .
    ترى ..مالذي يقصده بمرض الوهم ؟
    تبتسم في خجل.. إنه يهتم لي..لو لم يكن يهتم لما انتبه أنّي غيّرت مكاني و لما سألني مابي ! منذ أيام تغيّبت فوزية ليومين و لم يسأل عنها .
    في ذلك اليوم قسّم مسيو جيل التلاميذ إلى مجموعات و وزّع عليهم كتبا قصصية متفاوتة الحجم أحضرها معه . كان من نصيب مجموعة فريدة قصة جرمينال ل / إميل زولا / ..كان عليهم تحضير ملخّص عنها و عن الكاتب .لم يكن الأمر يسيرا و لكن حب اللغة و الرغبة في إرضاء الأستاذ جعل الكل يعمل بجدّ .. و استعانت فريدة بابن خالتها و بقاموس قديم رثّ استلفته من إحدى المكتبات .
    و في يوم تقديم بحث مجموعة فريدةكان الجميع نشطا متحمسا و الحركة غير عادية داخل حجرة الدرس ..
    و لكن مرّ من الوقت عشر دقائق و لم يظهر مسيو جيل .. و دخل مدير الثانوية و برفقته أستاذ مسنٌ قليلا , في ملامحه قسوة , لحيته كثّة و يضع نظارات طبية سميكة ..
    - قفوا يا أولاد . قدّموا التحيّة لأستاذكم الجديد .
    ارتسمت الحيرة على الوجوه و لم يفهم أحد ما يجري ثم استجمعت تلميذة شجاعتها و سألت المدير عن مسيو جيل .
    - لقد تم نقله إلى ثانوية الولاية . من اليوم سيدرّسكم / مسيو جون بيار / انتبهوا و احذروا التشويش و كونوا مهذبين معه .
    و خرج المدير وكان الأستاذ الجديد يقول كلاما لكن فريدة لم تسمع شيئا .
    نظرت إلى الخارج من خلال النافذة الزجاجية المستطيلة و شردت في لوحات الطبيعة و أشجار الكالتوس و... غامت سماء عينيها .
    كانت تمطر و بدا أنّ الخريف أتمّ مهامه و حمل زاده من آمال المزارعين و أحلام القرويين و أوهام القلوب العذراء , و قَفَلَ مغادرا , فاسحا الطريق أمام موسمٍ شتويٍ رماديٍ كئيب, مودّعا المدينة الصغيرة الرابضة في سكون تحت سفح الجبل.
    التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 21-10-2011, 09:14.
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    #2
    اااالله أستاذة آسيا ..
    أرجعتيني ـ وكأنك تتحدثين بلسان حالي ـ ووقتها كنت مدرسا حديث العهد بالثانوية التجارية .. وكنت متحمسا أحب مادتي اللغة الفرنسية .. وما أن بدأت أولى أيام الدراسة حتى انهالت على رأسي مراسلات ومعاكسات من فتيات المدرسة .. وبالمنطق كان لابد أن أحتوى المواقف وتسيطر أخلاق المدرس عليهن.. لدرجة أن كثيرات منهمن فزعن مما اضطروني إلى تقديم طلب لتغيير الفصول من فتيات إلى صبيان .. ولن أحكي لك عما حدث .. لك أن تتخيلي الباقي ....!
    المهم انني سعدت بهذه اللحظات معك فكانت لي ذكريات لا أنساها كلما تذكرتها أجدني مبتسما ..
    نعم هي رسالة المدرس الطاهرة والتي لابد أن يطغى فيها العقل والحكمة على أي مشاعر أخرى ..
    رائعة أستاذة آسيا وأعجبتي اللغة جدا..
    تحياتي
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

    تعليق

    • آسيا رحاحليه
      أديب وكاتب
      • 08-09-2009
      • 7182

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
      اااالله أستاذة آسيا ..
      أرجعتيني ـ وكأنك تتحدثين بلسان حالي ـ ووقتها كنت مدرسا حديث العهد بالثانوية التجارية .. وكنت متحمسا أحب مادتي اللغة الفرنسية .. وما أن بدأت أولى أيام الدراسة حتى انهالت على رأسي مراسلات ومعاكسات من فتيات المدرسة .. وبالمنطق كان لابد أن أحتوى المواقف وتسيطر أخلاق المدرس عليهن.. لدرجة أن كثيرات منهمن فزعن مما اضطروني إلى تقديم طلب لتغيير الفصول من فتيات إلى صبيان .. ولن أحكي لك عما حدث .. لك أن تتخيلي الباقي ....!
      المهم انني سعدت بهذه اللحظات معك فكانت لي ذكريات لا أنساها كلما تذكرتها أجدني مبتسما ..
      نعم هي رسالة المدرس الطاهرة والتي لابد أن يطغى فيها العقل والحكمة على أي مشاعر أخرى ..
      رائعة أستاذة آسيا وأعجبتي اللغة جدا..
      تحياتي
      لا أستغرب أخي العزيز محمد الأسمر الراقي أن تقع الطالبات في غرامك ..
      أتمنى أن تكتب لنا عن تلك الفترة ..كيف احتويت الموقف و كيف تصرّفت ..
      ستكون قصصا جميلة جدا بأسلوبك الشيّق ..
      شكرا لك ..
      سررت جدا برأيك .
      مودّتي .
      يظن الناس بي خيرا و إنّي
      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        ذكرتني زاوية النظر هنا ، و الرؤية
        خاصة بهذا النص الجميل ، بالكثيرين
        الذين تعلمنا على أيديهم من أساطين الأدب العربي
        فى عصرنا هذا ، و إلى جانب الكبار من الكتاب العالميين
        فرأيت هنا محمد حسين هيكل صاحب زينب و بداية الرواية
        العربية ، و أيضا محمد عبد الحليم عبدالله و غيرهما .. كما رأيت
        جمال رؤية وليم فوكنر ، و مكسيم جوركي فى أدبياته !
        ليس ما ذكرت انتقاصا من قيمة العمل ، و لكن جميل أن يشدنا
        عمل قصصي إلى هؤلاء الذين أثروا حياتنا الأدبية بأعمالهم العظيمة
        الباقية مهما عدت الأيام و السنون !
        بدأت من الخارج و انتهيت إلى الخارج ، و هذه براعة فى القبض على
        السردية ، و عدم افلات الخيط !
        هنا فرض الموضوع أو الدرس شكله ، و كانت كاميرا الرؤية تكاد تبتعد
        عن كلوذات مكبرات لها خصوصية إلا فى حالات نادرة وواضحة
        فقد كانت الكاميرا تعطي مشهدا كليا و تحدث الزووم قليلا
        كاشفة عن حديث أو مشاعر هنا و هناك بينما لم تقدم لنا المعلم عن قرب
        لأنه لا يعنيها بأية حال .. و لن يفيد الحالة ، إذ كان المطلوب هذه الرؤية
        و فقط و تأثير رحيل الاستاذ السلبي و المحبط على الفتيات و احلامهن الوردية فى هذه السن المتقدمة !!

        جميل آسيا .. هات ما عندك
        فالمخزون أدري أنه كثير و متخم بالكثير من الوقائع
        و تلك الزيارة لهذا الباريسي لم تكن لتعطي هذه و تكتفي بأية حال
        خاصة أن العمل الأخير أعطى بعدا آخر حين كانت رسائله هى المضمون

        و أكتفي
        مع بالغ تقديري و احترامي
        التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 21-10-2011, 09:53.
        sigpic

        تعليق

        • آسيا رحاحليه
          أديب وكاتب
          • 08-09-2009
          • 7182

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          ذكرتني زاوية النظر هنا ، و الرؤية
          خاصة بهذا النص الجميل ، بالكثيرين
          الذين تعلمنا على أيديهم من أساطين الأدب العربي
          فى عصرنا هذا ، و إلى جانب الكبار من الكتاب العالميين
          فرأيت هنا محمد حسين هيكل صاحب زينب و بداية الرواية
          العربية ، و أيضا محمد عبد الحليم عبدالله و غيرهما .. كما رأيت
          جمال رؤية وليم فوكنر ، و مكسيم جوركي فى أدبياته !
          ليس ما ذكرت انتقاصا من قيمة العمل ، و لكن جميل أن يشدنا
          عمل قصصي إلى هؤلاء الذين أثروا حياتنا الأدبية بأعمالهم العظيمة
          الباقية مهما عدت الأيام و السنون !
          بدأت من الخارج و انتهيت إلى الخارج ، و هذه براعة فى القبض على
          السردية ، و عدم افلات الخيط !
          هنا فرض الموضوع أو الدرس شكله ، و كانت كاميرا الرؤية تكاد تبتعد
          عن كلوذات مكبرات لها خصوصية إلا فى حالات نادرة وواضحة
          فقد كانت الكاميرا تعطي مشهدا كليا و تحدث الزووم قليلا
          كاشفة عن حديث أو مشاعر هنا و هناك بينما لم تقدم لنا المعلم عن قرب
          لأنه لا يعنيها بأية حال .. و لن يفيد الحالة ، إذ كان المطلوب هذه الرؤية
          و فقط و تأثير رحيل الاستاذ السلبي و المحبط على الفتيات و احلامهن الوردية فى هذه السن المتقدمة !!

          جميل آسيا .. هات ما عندك
          فالمخزون أدري أنه كثير و متخم بالكثير من الوقائع
          و تلك الزيارة لهذا الباريسي لم تكن لتعطي هذه و تكتفي بأية حال
          خاصة أن العمل الأخير أعطى بعدا آخر حين كانت رسائله هى المضمون

          و أكتفي
          مع بالغ تقديري و احترامي

          أستاذي المبدع القدير ربيع ..
          أن يحيلك نص من نصوصي إلى أولئك الكبار من الكتّاب لهو شرف كبير لي ..
          يشعرني بالسعادة و الفخر..
          و لا غرو أن اكون قد تأثّرت بهم و قد نبت ريش حروفي من معين إبداعاتهم التي تشرّبتها منذ الصغر..
          يعجبني فيك إلمامك بزوايا العمل و تلك الرؤية الثاقبة العميقة للنص ..
          و أتعلّم منك دائما ..
          و فعلا لم أركّز على الأستاذ هنا بل كان همّي نقل صورة الفتيات في تلك السن ..
          هذا نصٌ أحبّه لأنه نال رضاك ..
          شكرا على كل ما قدّمته لي ...لنا .. كتّاب القصة ..
          مودّتي و تقديري و امتناني.
          يظن الناس بي خيرا و إنّي
          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

          تعليق

          • فايزشناني
            عضو الملتقى
            • 29-09-2010
            • 4795

            #6

            أختي العزيزة آسيا
            يا لهذا القلم الرشيق
            حتى حروفك كأوراق الكالتوس
            تجمهرت معلنة عن سريان الحياة في نص جميل
            نعم كنت صادقة في وصفك حالة الصف والطلاب
            كيف يفكرون
            وكيف يتعلقون بوهم ( أشرت إليه )
            وأنا ممن تعلق بمدرّسة اللغة الانكليزية في المرحلة الاعدادية
            ليس أنا فقط بل أغلب شباب الشعبة
            وكنت كنعيمة أحب الجلوس في المقاعد الخلفية لممارسة بعض الشغب البريء
            أما أيام المدرسة رغم قسوة أيام الخريف والشتاء فيها كانت ولا أجمل وستبقى ذكراها حتى الممات
            وهم جميل لكنه مشروع لطالبة بذات العمر قد تعشق أذنها قبل العين أحياناً
            محبتي لك أيتها القديرة

            هيهات منا الهزيمة
            قررنا ألا نخاف
            تعيش وتسلم يا وطني​

            تعليق

            • محمد مثقال الخضور
              مشرف
              مستشار قصيدة النثر
              • 24-08-2010
              • 5517

              #7
              أستاذة آسيا

              شدني العنوان وهو يجري على الشريط المتحرك
              فالوهم والخريف توأمان - على ما يبدو -
              والخريف الذي نحن فيه الآن له في نفسي ما له من أوهام جميلة أو جماليات واهمة

              لم تكن القصة أقل نفاذا من العنوان بل إنها - بريشتك الفنية الذكية - التقطت اللحظة الفكرة
              وقدمتها بأرقى ما يكون عليه الفن الرفيع

              أشكرك وأحييك على هكذا جمال

              تعليق

              • آسيا رحاحليه
                أديب وكاتب
                • 08-09-2009
                • 7182

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة فايزشناني مشاهدة المشاركة
                أختي العزيزة آسيا
                يا لهذا القلم الرشيق
                حتى حروفك كأوراق الكالتوس
                تجمهرت معلنة عن سريان الحياة في نص جميل
                نعم كنت صادقة في وصفك حالة الصف والطلاب
                كيف يفكرون
                وكيف يتعلقون بوهم ( أشرت إليه )
                وأنا ممن تعلق بمدرّسة اللغة الانكليزية في المرحلة الاعدادية
                ليس أنا فقط بل أغلب شباب الشعبة
                وكنت كنعيمة أحب الجلوس في المقاعد الخلفية لممارسة بعض الشغب البريء
                أما أيام المدرسة رغم قسوة أيام الخريف والشتاء فيها كانت ولا أجمل وستبقى ذكراها حتى الممات
                وهم جميل لكنه مشروع لطالبة بذات العمر قد تعشق أذنها قبل العين أحياناً
                محبتي لك أيتها القديرة
                نعم ..
                أخي العزيز فايز..
                تلك أيام لن تنسى ..
                لن تمحى من الذاكرة ..
                لأنها حملت البراءة و العفوية و الصدق ..
                سعيدة بكلامك يا من كنت مشاغبا بريئا هههه
                مودّتي و شكرا لك .
                يظن الناس بي خيرا و إنّي
                لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                تعليق

                • جودت الانصاري
                  أديب وكاتب
                  • 05-03-2011
                  • 1439

                  #9
                  المبدعه آسيا احييك
                  سرد دقيق ورائع لم يغفل شيئا
                  اما عنصر المفجأه فكان غير متوقع من حيث رحيل الاستاذ
                  لكنك بحرفنة رشيقه اختزلت الوقت وجعلت الامر مقبولا
                  وبالكلمات نلتقي ونتواصل
                  لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                  تعليق

                  • آسيا رحاحليه
                    أديب وكاتب
                    • 08-09-2009
                    • 7182

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد مثقال الخضور مشاهدة المشاركة
                    أستاذة آسيا

                    شدني العنوان وهو يجري على الشريط المتحرك
                    فالوهم والخريف توأمان - على ما يبدو -
                    والخريف الذي نحن فيه الآن له في نفسي ما له من أوهام جميلة أو جماليات واهمة

                    لم تكن القصة أقل نفاذا من العنوان بل إنها - بريشتك الفنية الذكية - التقطت اللحظة الفكرة
                    وقدمتها بأرقى ما يكون عليه الفن الرفيع

                    أشكرك وأحييك على هكذا جمال
                    مرحبا بالشاعر الجميل الخضور..
                    أشكر الخريف الذي جاء بك إلى هنا..
                    قبل أن تكنس أمطار الشتاء كل أوهامه الجميلة ..
                    سعيدة أنك وجدت الجمال في النص .
                    شكرا لك .

                    مودّتي.
                    يظن الناس بي خيرا و إنّي
                    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                    تعليق

                    • آسيا رحاحليه
                      أديب وكاتب
                      • 08-09-2009
                      • 7182

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة جودت الانصاري مشاهدة المشاركة
                      المبدعه آسيا احييك
                      سرد دقيق ورائع لم يغفل شيئا
                      اما عنصر المفجأه فكان غير متوقع من حيث رحيل الاستاذ
                      لكنك بحرفنة رشيقه اختزلت الوقت وجعلت الامر مقبولا
                      وبالكلمات نلتقي ونتواصل
                      أخي الكريم جودت الانصاري ..
                      نعم ..
                      أجمل و أرقى و أغنى تواصل هو تواصلنا عبر جسور الحرف الجميل ..
                      شكرا لك و سعيدة ان النص نال رضاك .
                      مودّتي أخي.
                      يظن الناس بي خيرا و إنّي
                      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                      تعليق

                      • الهويمل أبو فهد
                        مستشار أدبي
                        • 22-07-2011
                        • 1475

                        #12
                        الاستاذة آسيا

                        لا أدري لماذا أعود إلى "خريف الوهم الجميل" مرات متعددة استنطقها فتظل كالخريف عصية حتى على الوهم سواء كان جميلا أو كئيبا، ولا أدري لماذا أربطها باستمرار بـ"ديميتر" آلهة الخريف/الحصاد الأغريقية، وكأني بمفارقات العنوان نفسه تتجسد في داخل النص، فأرى في "فريدة/فغيدة" آلهة الخصب تودع الخصوبة لتستقبل الشتاء كئيبة! فمع نهاية القصة تأخذ مفردة "وهم" معناها الحقيقي لتلقي بظلال مفارقة حادة على "جمالها"، بل كأن العنوان يتحول إلى "وهم الخريف المر"!

                        لي عودة بعد أن أقرأ قصيدة الشاعر الرومانسي كيتس: أنشودة الخريف
                        التعديل الأخير تم بواسطة الهويمل أبو فهد; الساعة 22-10-2011, 13:19.

                        تعليق

                        • ريما ريماوي
                          عضو الملتقى
                          • 07-05-2011
                          • 8501

                          #13
                          نعم أستاذة آسيا الجميلة, أعجبني هذا الوهم الجميل,
                          على الرغم من أنني أكاد أجزم أن النهاية قد تغيرت
                          عن تلك التي في ذهنك! استمتعت بقصك وسردك,
                          وكم يطيب قص الذكريات, الله يسعدك ويحفظك..
                          مودتي وتقديري.
                          تحياااتي.
                          التعديل الأخير تم بواسطة ريما ريماوي; الساعة 23-10-2011, 18:28.


                          أنين ناي
                          يبث الحنين لأصله
                          غصن مورّق صغير.

                          تعليق

                          • عائده محمد نادر
                            عضو الملتقى
                            • 18-10-2008
                            • 12843

                            #14
                            آسيا رحالية الغالية
                            نص ناعم وجميل
                            تموجت بالسرد فيه وأنت تصفين ردود أفعال الفتيات وهذا الوهم الكبير الذي يشعرن به اتجاه الأستاذ
                            ربما أراد النص أن يفتح أعيننا بأن الفتيات يحببن الرجل أنيقا وعطرا
                            لم لا
                            كانت المشاعر للفتيات صادقة لأن التعلق بالرجل الأنيق والقريب العمر منهن أمر لابد منه
                            تخيلت الفرح الغامر وهن يشمن عطره الأخاذ يسبقه وتلك الرجفة في الصدر حين يقترب
                            رائعة كنت آسيا
                            العنوان جاء أكثر معبر وله شاعرية تجذب العين
                            تكتبين بأنفاس عذبة
                            ودي ومحبتي لك سيدتي
                            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                            تعليق

                            • آسيا رحاحليه
                              أديب وكاتب
                              • 08-09-2009
                              • 7182

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة الهويمل أبو فهد مشاهدة المشاركة
                              الاستاذة آسيا

                              لا أدري لماذا أعود إلى "خريف الوهم الجميل" مرات متعددة استنطقها فتظل كالخريف عصية حتى على الوهم سواء كان جميلا أو كئيبا، ولا أدري لماذا أربطها باستمرار بـ"ديميتر" آلهة الخريف/الحصاد الأغريقية، وكأني بمفارقات العنوان نفسه تتجسد في داخل النص، فأرى في "فريدة/فغيدة" آلهة الخصب تودع الخصوبة لتستقبل الشتاء كئيبة! فمع نهاية القصة تأخذ مفردة "وهم" معناها الحقيقي لتلقي بظلال مفارقة حادة على "جمالها"، بل كأن العنوان يتحول إلى "وهم الخريف المر"!

                              لي عودة بعد أن أقرأ قصيدة الشاعر الرومانسي كيتس: أنشودة الخريف
                              و لا أدري أخي العزيز لمَ أجد الخريف محيّرا و غامضا و غريبا و مختلفا عن كل الفصول الأخرى ..
                              للصيف حظّه الوافر من الحب و الجمال..
                              للربيع نصيبه من الألوان و العطور و الضّياء ..
                              للشتاء ..كآبته و خصوبته و حقيقته ..
                              و ماذا للخريف ؟
                              سوى أوهام جميلة - لا ..ليست مرّة - تحفّ بالروح و القلب و تمضي سريعا..
                              تتطاير مع الأوراق الصفراء ..
                              تتحلّل مع أولى زخّات الأمطار ..
                              تتحوّل إلى ..لاشيء .
                              و لعلّ فغيدة تودّع الوهم لتستقبل الحقيقة التي لها جمالها أيضا..رغم كل شيء ..
                              شكرا لك اخي العزيز و مرحبا بعودتك .

                              هذه قصيدة كيتس ..

                              (يخاطب الشاعر الخريف وكأنه فتاة جميلة)
                              *
                              1
                              لا تفكّـرْ فيهم ، لك موسيقاكَ أيضاً ،-
                              بينما الغيوم المحتبَسة تُـزهِـرُ النهارَ المُحتضَر بلطف ،
                              وتلمس جُذاماتِ* الأرض بلون ورديّ ؛
                              وفي جوقة مُـوَلـوِلةٍ ينـدب البعوضُ
                              فصلاً من الضّباب وعذوبة الإثمار،
                              متعاوناً مع صديقِ الشَّمس الصّاعدة الحميمِ جدّاً ؛
                              أن تُحَـمِّـلَّ الكرومَ التي تنطلـق بحرية
                              حول السّقفِ القَـشّي بثمـارٍ وتصونَها في الأماسيِّ ؛
                              أنْ تَـثَـنيَ أشجارَ الكوخ المكسوِّ بالطّحلب بـتـفّـاحٍ ،
                              وتجعلَ الفواكهَ كلَّـها ريّـانةً حتّى الصّمـيمَ ؛
                              لينتـفخَ اليقطـينُ ، وترتـويَ قشورُ البندق
                              بلبٍّ حُـلـوٍ ؛ لتُطـلِقَ تبـرعُـمـاً أكثـرَ ،
                              و تستمـرّ أكثـرَ ، أخيراً أزهاراً للنحـل ،
                              حتى تظـنَّ أنَّ الأيامَ الدافئـةَ مستمرةٌ دومـاً ،
                              حيث الصّيفُ غمـرَ خلايـاها الطَّـريّـةَ .
                              2
                              من الذي لمْ يـَركَ غالـباً وسْطَ مخزنِـكَ ؟
                              وأيٌّ يبحث بين حين وآخر من خارج الوطن ،
                              يجدك جالساً غيرَ مُبـالٍ على أرضيّة القمح ،
                              وشَعـرُكَ بالرّيح المُغَـربِلة منتصبٌ بلطف ؛
                              أو على الحقل غيرِ المحصود تماماً تظهر نائماً ،
                              ناعساً من دخان الخشخـاش ، بينما يُـبـقي
                              منجلك على سنابل القمح القادمة وأزهارِها المجدولةِ كلِّها :
                              وأحياناً مثـلُ لُقّـاطةٍ** تحفـظ بانتظام
                              ما تحملـه عَـبْـرَ الغـديـر ؛
                              أو بمعصرة التفاح ، بنظرة الصّبور
                              تراقب الرواسبَ الأخيرةَ ساعاتٍ وساعاتٍ.
                              3
                              أين أغاني الربيع ؟ نعم ، أينهـا ؟
                              بين صفصاف النهر ، حُمِـلتْ إلى الأعالي
                              أو غطستْ ، مثـلَ الريح الخفيفة تعيش أو تموت ؛
                              مثل الحُمْلان الكبيرة تثغـو بصوت عالٍ على سفوح التِّلال ؛
                              صراصيرُ الوشيع*** تطنطن ؛ والآن بنعومة مُضاعفـةٍ
                              يَصفِـرُ العصفورُ المُحَـنّى من حديقة أو حقل ؛
                              وتغـرِّد السّـنونـو المتجمِّعة في الفضاء .
                              ___________
                              * جُذامات : جمع جُذامة وهي ما بقي بعد الحصاد وتكون من نصيب الأغنام.
                              ** ما يلتقط من الحصاد .
                              *** الوشيع : ستار من شجيرات.
                              __________
                              ترجمة: د. بهجت عباس
                              التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 22-10-2011, 19:24.
                              يظن الناس بي خيرا و إنّي
                              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X