مآزق الشِّعريّة ( بين قصيدة النثر والقِصّة القصيرة جِدًّا )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد جابري
    أديب وكاتب
    • 30-10-2008
    • 1915

    مآزق الشِّعريّة ( بين قصيدة النثر والقِصّة القصيرة جِدًّا )

    مآزق الشِّعريّة
    ( بين قصيدة النثر والقِصّة القصيرة جِدًّا )
    بقلم: البروفيسور عبدالله بن أحمد الفَيفي

    [ الحلقة الثانية ]


    كانت العلامة الفارقة للشِّعر عن النثر لدى العرب الوزن والقافية. وهي علامة لم يعد يحفل بها النقد الحديث كثيرًا، بل يُسقطها الشِّعْر الحديث، أو يعيث فيها، وقد يتخلّى عنها برمّتها، كما في قصيدة النثر، ثم يصرّ مع ذلك على أن ما يفعل ينتمي إلى جنس الشِّعر العربي، ليمسخ الشِّعْر نثرًا، ويدعو النثر شعرًا! مُلْقِيًا بمقولةٍ أسلوبيّة تذهب إلى أن "لبحور الشِّعْر وأوزانه أثرًا في الأداء، وفي قوّة الأسلوب"(1) عُرض البحر الميّت!

    ليس هذا فحسب، بل هناك أيضًا من ذهب يلتمس في التراث خروجًا عن الأعراف العربيّة للجنس الشِّعري، مدّعيًا أنها وُجدتْ في الماضي محاولات لإسقاط معياري الوزن أو التقفية. فمن ذلك ما خاض فيه بعض كبار النقاد المحدثين انطلاقًا ممّا أورده (ابن رشيق)(2)، حيث قال: "وقد جاء أبو نواس بإشارات أُخَر لم تَجْرِ العادة بمثلها، وذلك أن الأمين بن زبيدة قال له مرّة: هل تصنع شعرًا لا قافية له؟ قال نعم، وصنع من فوره ارتجالاً:

    ولقد قلتُ للمليحةِ قولي
    *** مِنْ بَعيدٍ لمَنْ يُحِبُّكِ: ... (إشارة قُبلة!)
    فأشارتْ بمِعْصَمٍ ثُمَّ قالتْ
    *** مِنْ بعيدٍ خلافَ قولي:... (إشارة لا لا!)
    فتـنفستُ سـاعةً ثم إنّي
    *** قلتُ للبغلِ عندَ ذلك:... (إشارة امشِ!)"

    فما كان من نقادنا المحدثين إلا أن تنافسوا في الاستناد إلى هذه الرواية للقول بأصول تراثية للتخلّي عن بناء القصيدة العربيّة، كُلٌّ يستغلّها لتأثيل شكلٍ مُحدَث من الشعر؛ فمن قائل- كمصطفى هدارة- إن ذلك (شِعْر مُرْسَل!)، إلى قائل- كأحمد بدوي-: "إذا صحّت هذه الرواية كان ذلك أول ما عُرف ممّا نسميه اليوم بالشِّعْر الحُرّ!"، ومن قائل- كيوسف بكّار(3)- إن تلك الأبيات "تجمع خصائص الشِّعْرين المُرسَل والحُرّ، فهي موزونة ولكنها متحرّرة من القافية، وهذه خصيصة من خصائص الشِّعْر المُرْسَل. ثم إنها متساوية التفعيلات، فالأشطار الأولى في ثلاث تفعيلات. وأما الأشطار الثانية ففي أربع. وهكذا تصرّف الشاعر في تفعيلات بحر الخفيف تصرّفًا يتفق مع مفهوم الشِّعْر الحُرّ!" كما عُدّت تلك في إحدى الدراسات المحاولة الوحيدة في الخروج عن إطار القافية وإسقاطها(4). بل هناك من أصّل بتلك الرواية لقصيدة النثر في التراث العربي، من خلال ما حسبه "شذرات شعريّة موزونة لكن غير مقفّاة"(5).

    تُرى أضلّل تلك القراءات قول الأمين: "هل تصنع شعرًا لا قافية له؟"، فغفلوا عن أن المقصود: "هل تصنع شعرًا لا قافية له من جنس الأصوات العربية؟"، وأن أبا نواس لم يجرّد الأبيات من القوافي، وإنّما جاء بقوافٍ ذوات أصوات متطابقة في السمع، لكنها من غير الحروف العربيّة؟ أم تراه ضلّلهم أنّ صاحب "العُمدة" لم يستطع أن ينقل إلى آذانهم بالكتابة ما يعتمد على السماع في فهم ما قَصَده بـ"إشارة قبلة" (مكررة مرتين)، ليسمع هؤلاء شفتي أبي نواس وهما تقبّلان مليحته قبلتين، أو "إشارتي لا لا"، وهو يُصْعَق بصوتهما من طَرَف لسانها، أو "إشارة امشِ"، وهو- يائسًا- يزجر بها بغله، مكرّرة مرتين؟! أ ولو استطاع أن يبعث إليهم تسجيلاً صوتيًّا بذلك كُلّه، فهموا إشاراته تلك إلى: القُبلة، والرفض، والزجر، فكانوا بمنجاة عن السقوط في ذلك الوهم المتناسخ؟ أم أنه إنّما حرّكهم أصلاً إلى التضليل شغفهم بالتأصيل، والزعم بأن الأول ما ترك للآخر شيئًا؟!

    مهما يكن من شيء، لو استبصر أولئك النقّاد بما أورده ابن رشيق إذن لأدركوا أن أبا نواس لم يخرق أعراف الشِّعْر العربي، فلم يتخلّ لا عن الوزن ولا عن القافية في أبياته، وإنما استبدل صوت (السبَّبَين الخفيفين) في آخر التفعيلة الأخيرة من كل بيت بأصوات متشابهة غير لغويّة في العربيّة، هي صوت التقبيل والرفض والزجر. فليس هناك إذن لا شِعْر مُرْسَل، ولا شِعْر حُرّ، ناهيك عن أن تكون قصيدة نثر، وإنما هي أبيات موزونة على البحر الخفيف (فاعلاتن/ مستفعلن/ فاعلاتن)، مقفّاة برويّ تلك الأصوات المشار إليها.

    وفي هذا ما يكشف أزمة النقد العربيّ الحديث حينما يتخلّى عن وظيفته العلميّة، وتتجاذبه تيارات المذاهب الأدبيّة، فيمسي هوى الناقد كهوى الشاعر، يخشى أن تصيبه دائرة التقليد، فيترامى لإظهار حداثته، أو تأصيلاته للحداثة تراثًا، في غير موضوعيّة، ولا بحثٍ، ولا تجرّدٍ.

    لقد كان الشِّعْر العربي- نظريةً وممارسة- يؤمن بأن لجنس الشِّعْر حدًّا فاصلاً عن الأجناس النثرية، وقانونًا فارقًا، ونظامًا مائزًا، وَجَدَ علامته الأبرز في الموسيقى الشِّعْريّة، ولاسيما الوزن والقافية. والشِّعْر العربي ونقده لم يعدوا في ذلك ما قاله- مثلاً- الشاعر الكندي الأمريكي مارك ستراند، فيما يذكره عنه محمود درويش(6)، حينما قال:

    "في نهاية الندوة المشتركة طُلِب مني أن أوجِّه سؤالاً إلى مارك ستراند. فسألته: ما هي الحدود الواضحة بين الشِّعر والنثر؟ تلعثم كما يتلعثم الشعراء الحقيقيون أمام صعوبة التحديد. ثم قال... وهو الذي يكتب الشِّعر النثري: الإيقاع الإيقاع. الشِّعر يُعَرَّفُ بالإيقاع... ولا أعرف لماذا تذكّرت قول نيتشه الحاذق: "الحكمة هي المعنى محرومًا من الغناء"!"

    وإذ يتقرّر هذا فليس عن موقفٍ مضادّ بالمطلق لقصيدة النثر، ولا مناوئ لخرق نظام فنّي بنظام آخر، بل هو موقف من أن تستتبع فوضى الأبنية الفنيّة فوضى نقديّة اصطلاحيّة في تسمية الأشياء بغير أسمائها. وهذا عين ما حذّر منه من قبل جان كوهين(7)، إذ قال: "إنه يمكن للشِّعْر أن يستغني عن النَّظْم، ولكن لماذا يستغني عنه؟ إنّ الفنّ الكامل هو الذي يستغلّ كل أدواته. والقصيدة النثريّة بإهمالها للمقومات الصوتيّة للّغة تبدو، دائمًا، كما لو كانت شِعرًا أَبْتَر." وسنرى أن ذلك البتر الشِّعريّ يقاوم إرادة صاحبه دون تحقّقه، فتنبتُ المقوّمات الصوتيّة الشِّعريّة في ثنايا النصّ، مخاتلةً كاتب قصيدة النثر.

    وعليه يمكن القول: إن مصطلح (قصيدة نثر) مجاز اصطلاحي يشار به إلى نصّ جميل مختلف، قد يبزّ الشِّعْر تعبيرًا وليس بشِعر، ويفوق النثر إفضاء وليس بنثر. وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها، وتقييد لمشاريعها عمّا تطمح إليه. وفي نماذج هذه الدراسة، ممّا يصنّف تارة في الشِّعر وتارة في النثر، برهانان على جناية ذلك التقييد المعيق لحركة الإبداع بقسرها على ولوج قالبين خرسانيّين موروثين، أحدهما اسمه شِعر والآخر اسمه نثر. ذلك أن بعض أنماط قصيدة النثر تُثبت أن الإيقاع ما ينفكّ يراود النصّ حين يتقمّص حالة الشِّعْر، حتى وهو يظنّ الخلاص منه، مثلما أن أشكالاً من الكتابات النثريّة، ومنها القِصّة القصيرة جِدًّا، تحمل شواهد على ذلك المأزق التصنيفي الأجناسي؛ حيث تتوالج بعض نصوصها مع قصيدة النثر، إلى درجة التماهي.

    ولقد مرّ النصّ الشعري الحديث بتجارب إيقاعية مختلفة، أفرزت أشكالاً شتّى، سُمّي منها في القرن الماضي (شِعْر التفعيلة)، ووقفنا إلى ذلك- في بحث سابق- على ما أسمّيناه (شعر التفعيلات)، وقَصَدنا به: أن لا يتقيّد الشاعر بتفعيلةٍ واحدة في النصّ(8). ونقف بالقارئ في هذه المقاربة على شكلٍ جديد تَلْفِتُنا إليه نصوص المبدعة السعوديّة منال العويبيل(9)، متمثّلاً في نصوص إيقاعيّة، لكنها غير منضبطة على التفعيلة، كما أنها تحتفي إلى جانب ذلك بالتقفية. ومن ثَمَّ فهي لون جديد، يقع بَيْن بَيْن، أي بَيْن قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة. ولهذا نقترح لها مصطلحًا خاصًّا، على طريقة العرب في النحت، مكونًا من (قصيدة النثر) و(قصيدة التفعيلة)، هو: (قصيدة النَّثْرِيْلَة)، تجنّبًا لاتخاذ صيغة مركّبة من قبيل: (قصيدة النثر-تفعيلة). ونعني بقصيدة النَّثْرِيْلَة: ذلك النصّ الذي يمزج قصيدة النثر بقصيدة التفعيلة، ليتولّد شكلاً ثالثًا(10).

    وتفصيل ذلك في الحلقة المقبلة، بإذن الله.

    aalfaify@yahoo.com
    شعر أ.د. عبد الله الفـَيفي، نقده، دراساته الأدبية، مقالاته الصحفية، وحواراته بالعربية والإنجليزية

    ــــــــــــــــــــــــــ
    (1) الشايب، أحمد، (1990)، الأسلوب: دراسة بلاغيّة تحليليّة لأصول الأساليب الأدبيّة، (مصر: مكتبة النهضة)، 82.
    (2) (1972)، العُمْدة في محاسن الشِّعْر وآدابه ونقده، تح. محمّد محيي الدين عبدالحميد (بيروت: دار الجيل)، 1: 310.
    (3) (1971)، اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري، (مصر: دار المعارف)، 378.
    (4) انظر: الدخيل، وفيقة، (1410هـ= 1990م)، شِعْر الكُتّاب في القرن الرابع الهجري، (مخطوطة رسالة دكتوراه، قسم اللغة العربية، كلية الآداب، جامعة الملك سعود)، 333.
    (5) انظر: لعيبي، شاكر، (محرم 1428هـ يناير 2007م)، "إشكاليات قصيدة النثر المحلية (شِعر وتواريخ)"، (مجلة "قوافل"، ع21، (نادي الرياض الأدبي))، 18.
    (6) (2008)، أثر الفراشة (يوميّات)، (بيروت: رياض الريّس)، 196- 197.
    (7) (1986)، بنية اللغة الشِّعريّة، تر. محمّد الولي ومحمّد العمري (الدار البيضاء: دار توبقال)، 52.
    (8) انظر: الفَيفي، عبدالله بن أحمد، (2005)، حداثة النص الشِّعري في المملكة العربيّة السعوديّة: (قراءة نقديّة في تحوّلات المشهد الإبداعيّ)، (الرياض: النادي الأدبي)، 151.
    (9) منال عبد العزيز محمد العويبيل: شاعرة سعودية، تحمل شهادة بكالوريوس في التربية الفنيّة. إلى جانب التحاقها بدورات تدريبيّة فنيّة، وورش عمل ثقافيّة وأدبيّة مختلفة. ساهمت بنشر نصوص شعريّة ونثريّة في عدد من المطبوعات السعوديّة والعربيّة، وعبر الشبكة الإلكترونيّة. ولها مجموعة شِّعريّة أولى تحت عنوان: "كَذَب العشّاق ولو صَدَقوا"، لم تكن قد طبعت حين إعداد هذه الدراسة، 2007. كما عَمِلَتْ محرّرةً ثقافيّة صحفيّة. إضافة إلى دورها الإعلامي في عدد من الفعاليّات النسائيّة. ولها عدد من العضويّات الثقافيّة، منها عضويّتها وتحريرها في بعض المجلاّت الثقافيّة الإلكترونيّة. وهي، إلى كونها شاعرةً، فنّانةٌ تشكيليّة، لها مشاركات في عدد من المعارض التشكيليّة والأنشطة الفنّيّة.
    (10) ولا يناقض الاستمساك بمصطلح "قصيدة" هنا ما سبق من تحفّظ على نسبة قصيدة النثر إلى جنس الشِّعْر، فالأمر قد صار اصطلاحًا سائرًا، ولا مشاحّة في الاصطلاح، بل لا سبيل إلى تبديد الجهود في مشاحّة لا جدوى منها في تغيير ما سار في الناس. هذا إضافة إلى أن المصطلح يقيّد دلالته المضاف إليه: "النثر"، أو "النَّثْرِيْلَة". فضلاً عن أن قصيدة النَّثْرِيْلَة أقرب إلى خصائص الشِّعر من قصيدة النثر، الخالصة النثريّة.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * ملحق "الأربعاء"، صحيفة "المدينة "- السعوديّة، الأربعاء 1 صفر 1432هـ= 5 يناير 2011م، ص6.
    http://www.mhammed-jabri.net/
  • نجلاء الرسول
    أديب وكاتب
    • 27-02-2009
    • 7272

    #2
    شكرا لك أخي الجابري على نقل هذا المقال حول مأزق الشعرية وإن كنت أرى أن فيه إجحافا كبيرا لقصيدة النثر كون الكثير ينظر إلى شكلها الخارجي دون التبحر في كنه التجربة فالنثر ليس نقيض الشعر بل اللاشعر هو نقيض الشعر

    تحيتي لك وتقديري


    والقصيدة النثريّة بإهمالها للمقومات الصوتيّة للّغة تبدو، دائمًا، كما لو كانت شِعرًا أَبْتَر." وسنرى أن ذلك البتر الشِّعريّ يقاوم إرادة صاحبه دون تحقّقه، فتنبتُ المقوّمات الصوتيّة الشِّعريّة في ثنايا النصّ، مخاتلةً كاتب قصيدة النثر.

    وعليه يمكن القول: إن مصطلح (قصيدة نثر) مجاز اصطلاحي يشار به إلى نصّ جميل مختلف، قد يبزّ الشِّعْر تعبيرًا وليس بشِعر، ويفوق النثر إفضاء وليس بنثر. وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها، وتقييد لمشاريعها عمّا تطمح إليه. وفي نماذج هذه الدراسة، ممّا يصنّف تارة في الشِّعر وتارة في النثر، برهانان على جناية ذلك التقييد المعيق لحركة الإبداع بقسرها على ولوج قالبين خرسانيّين موروثين، أحدهما اسمه شِعر والآخر اسمه نثر. ذلك أن بعض أنماط قصيدة النثر تُثبت أن الإيقاع ما ينفكّ يراود النصّ حين يتقمّص حالة الشِّعْر، حتى وهو يظنّ الخلاص منه، مثلما أن أشكالاً من الكتابات النثريّة، ومنها القِصّة القصيرة جِدًّا، تحمل شواهد على ذلك المأزق التصنيفي الأجناسي؛ حيث تتوالج بعض نصوصها مع قصيدة النثر، إلى درجة التماهي.

    نجلاء ... ومن بعدها الطوفان


    مستوحشاً مثل رقيم تقرأه الخرائب
    أوزع البحر على السفن .. أوزع انشطاري

    على الجهات التي عضها الملح
    لم أكن في ذاك الرنين الذي يبزغ منه دم الهالكين
    وكنت سجين المكان الذي لست فيه ..

    شكري بوترعة

    [youtube]6CdboqRIhdc[/youtube]
    بصوت المبدعة سليمى السرايري

    تعليق

    • محمد جابري
      أديب وكاتب
      • 30-10-2008
      • 1915

      #3
      الأستاذة الكريمة نجلاء الرسول؛

      شكرا للطيف مرورك، وليتك اطلعت على سلسلة مقالاته التصنيفية لفنون الكتابة الأدبية آنئيذ لم تجدي من نفسك إلا موافقته.

      فما اعترضت عليه إلا لكونه كان في دراسة مائزة بين فن النثر والشعر الكلاسيكي بكل مقوماته. فهو لم يجحف القول في النثرية حيث يبيّن:

      " يمكن القول: إن مصطلح (قصيدة نثر) مجاز اصطلاحي يشار به إلى نصّ جميل مختلف، قد يبزّ الشِّعْر تعبيرًا وليس بشِعر، ويفوق النثر إفضاء وليس بنثر. وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها،"

      ألم ترينه أيضا يؤكد في تعليقه رقم 10 " ولا يناقض الاستمساك بمصطلح "قصيدة" هنا ما سبق من تحفّظ على نسبة قصيدة النثر إلى جنس الشِّعْر، فالأمر قد صار اصطلاحًا سائرًا، ولا مشاحّة في الاصطلاح، بل لا سبيل إلى تبديد الجهود في مشاحّة لا جدوى منها في تغيير ما سار في الناس. هذا إضافة إلى أن المصطلح يقيّد دلالته المضاف إليه: "النثر"، أو "النَّثْرِيْلَة". فضلاً عن أن قصيدة النَّثْرِيْلَة أقرب إلى خصائص الشِّعر من قصيدة النثر، الخالصة النثريّة"

      أم تريدين أن نبقى دوما ندور فيما سبق وأن أهدر مداد الخلاف بين جنسي قصيدة النثر والشعر؟ أرجو من سماحتك أن تتابع ما يكتبه النبغاء وما ينبغي لنا من مقومات لتقويم جلائل الأعمال،وما تسعفنا من ضوابط لتحديد جنس كل فن.
      http://www.mhammed-jabri.net/

      تعليق

      • نجلاء الرسول
        أديب وكاتب
        • 27-02-2009
        • 7272

        #4
        أخي الجابري :

        أم تريدين أن نبقى دوما ندور فيما سبق وأن أهدر مداد الخلاف بين جنسي قصيدة النثر والشعر؟
        أنا معك أخي الجابري وهذا ماأراه أن هذا الخلاف في التجنيس قد انتهى ومع ذلك نرى الكثير ينفي الشعرية عن قصيدة النثر

        وفي قول الكاتب البروفسيور الفيفي:

        يمكن القول: إن مصطلح (قصيدة نثر) مجاز اصطلاحي يشار به إلى نصّ جميل مختلف، قد يبزّ الشِّعْر تعبيرًا وليس بشِعر، ويفوق النثر إفضاء وليس بنثر. وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها،"


        أراه أجحافا من وجهة نظري ولازلت لأن القصيدة النثرية هي نص يحمل رؤيا كبيرة تنويريه واستشرافية يسكن الشعر داخلها لو اتقنت فنياتها وإن كان ظاهريا يقول بأنها قصيدة إلا أنه ينفي الشعر عنها في حديثه نظرا لأنه يرى في القالب الكلاسيكي البلاغي الشعر فقط من خلال المعطيات التي قرأتها هنا

        انتهى.
        _________________________

        وفي قوله :

        وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها، وتقييد لمشاريعها عمّا تطمح إليه. وفي نماذج هذه الدراسة، ممّا يصنّف تارة في الشِّعر وتارة في النثر، برهانان على جناية ذلك التقييد المعيق لحركة الإبداع بقسرها على ولوج قالبين خرسانيّين موروثين، أحدهما اسمه شِعر والآخر اسمه نثر. ذلك أن بعض أنماط قصيدة النثر تُثبت أن الإيقاع ما ينفكّ يراود النصّ حين يتقمّص حالة الشِّعْر، حتى وهو يظنّ الخلاص منه، مثلما أن أشكالاً من الكتابات النثريّة، ومنها القِصّة القصيرة جِدًّا، تحمل شواهد على ذلك المأزق التصنيفي الأجناسي؛ حيث تتوالج بعض نصوصها مع قصيدة النثر، إلى درجة التماهي.

        هنا اختلف كثيرا لأن إصطلاح ( قصيدة النثر ) أعطى هذا الفن مساحات واسعة للإبداع وفق جماليات الإيقاع الداخلي وليس الإيقاع الخارجي إلا لو كان منثورا بصورة توظيفية جيدة عن طريق التباعد فيما بينه ووفق فنيات القصيدة النثرية فهي خرجت عن المألوف وعن البلاغة القديمة وبات بفنياتها أقرب إلى تفاصيل الحياة اليومية والتي تحاكي الواقع والمأمول بتلك الأخيلة والتصوير والتحليق والتماهي

        أما الجانب السردي القصصي فهنا يكمن الجمال لأن جماليات الشعر في القصيدة النثرية قد يخترق الأجناس الأخرى بقوة وبالتالي هناك توسع لهذا المفهوم الشعري بأن يكون النص عابرا للأجناس فهو ليس إشكالية برأي إنما هو رؤيا تحقق الشعرية وتنفتح على الاجناس

        وقولك أخي الجابري:

        أرجو من سماحتك أن تتابع ما يكتبه النبغاء وما ينبغي لنا من مقومات لتقويم جلائل الأعمال،وما تسعفنا من ضوابط لتحديد جنس كل فن.

        الرأي والرأي الآخر والحوارات لا نقيدها فقط بالتلقي ودوما اختلاف الرأي هو شيء صحي
        شكرا لك وحفظك الله أخي الفاضل

        انتهى .
        التعديل الأخير تم بواسطة نجلاء الرسول; الساعة 24-10-2011, 12:21.
        نجلاء ... ومن بعدها الطوفان


        مستوحشاً مثل رقيم تقرأه الخرائب
        أوزع البحر على السفن .. أوزع انشطاري

        على الجهات التي عضها الملح
        لم أكن في ذاك الرنين الذي يبزغ منه دم الهالكين
        وكنت سجين المكان الذي لست فيه ..

        شكري بوترعة

        [youtube]6CdboqRIhdc[/youtube]
        بصوت المبدعة سليمى السرايري

        تعليق

        • محمد جابري
          أديب وكاتب
          • 30-10-2008
          • 1915

          #5
          أخي الجابري :



          أم تريدين أن نبقى دوما ندور فيما سبق وأن أهدر مداد الخلاف بين جنسي قصيدة النثر والشعر؟



          أنا معك أخي الجابري وهذا ماأراه أن هذا الخلاف في التجنيس قد انتهى ومع ذلك نرى الكثير ينفي الشعرية عن قصيدة النثر

          وفي قول الكاتب البروفسيور الفيفي:



          يمكن القول: إن مصطلح (قصيدة نثر) مجاز اصطلاحي يشار به إلى نصّ جميل مختلف، قد يبزّ الشِّعْر تعبيرًا وليس بشِعر، ويفوق النثر إفضاء وليس بنثر. وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها،"





          أراه أجحافا من وجهة نظري ولازلت لأن القصيدة النثرية هي نص يحمل رؤيا كبيرة تنويريه واستشرافية يسكن الشعر داخلها لو اتقنت فنياتها وإن كان ظاهريا يقول بأنها قصيدة إلا أنه ينفي الشعر عنها في حديثه نظرا لأنه يرى في القالب الكلاسيكي البلاغي الشعر فقط من خلال المعطيات التي قرأتها هنا

          انتهى.
          _________________________

          وفي قوله :

          وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها، وتقييد لمشاريعها عمّا تطمح إليه. وفي نماذج هذه الدراسة، ممّا يصنّف تارة في الشِّعر وتارة في النثر، برهانان على جناية ذلك التقييد المعيق لحركة الإبداع بقسرها على ولوج قالبين خرسانيّين موروثين، أحدهما اسمه شِعر والآخر اسمه نثر. ذلك أن بعض أنماط قصيدة النثر تُثبت أن الإيقاع ما ينفكّ يراود النصّ حين يتقمّص حالة الشِّعْر، حتى وهو يظنّ الخلاص منه، مثلما أن أشكالاً من الكتابات النثريّة، ومنها القِصّة القصيرة جِدًّا، تحمل شواهد على ذلك المأزق التصنيفي الأجناسي؛ حيث تتوالج بعض نصوصها مع قصيدة النثر، إلى درجة التماهي.

          هنا اختلف كثيرا لأن إصطلاح ( قصيدة النثر ) أعطى هذا الفن مساحات واسعة للإبداع وفق جماليات الإيقاع الداخلي وليس الإيقاع الخارجي إلا لو كان منثورا بصورة توظيفية جيدة عن طريق التباعد فيما بينه ووفق فنيات القصيدة النثرية فهي خرجت عن المألوف وعن البلاغة القديمة وبات بفنياتها أقرب إلى تفاصيل الحياة اليومية والتي تحاكي الواقع والمأمول بتلك الأخيلة والتصوير والتحليق والتماهي

          أما الجانب السردي القصصي فهنا يكمن الجمال لأن جماليات الشعر في القصيدة النثرية قد يخترق الأجناس الأخرى بقوة وبالتالي هناك توسع لهذا المفهوم الشعري بأن يكون النص عابرا للأجناس فهو ليس إشكالية برأي إنما هو رؤيا تحقق الشعرية وتنفتح على الاجناس

          وقولك أخي الجابري:

          أرجو من سماحتك أن تتابع ما يكتبه النبغاء وما ينبغي لنا من مقومات لتقويم جلائل الأعمال،وما تسعفنا من ضوابط لتحديد جنس كل فن.

          الرأي والرأي الآخر والحوارات لا نقيدها فقط بالتلقي ودوما اختلاف الرأي هو شيء صحي
          شكرا لك وحفظك الله أخي الفاضل

          انتهى .

          الأستاذة نجلاء الرسول؛

          أعتذر بداية عن هذا التأخير في الرد،
          تنم هذه المساهمة عما تكتنزينه من رؤية وجلاء فهم وتصور وما ترسمينه لمستقبل قصيدة النثر؛ هذه العبارة التي أسالت مدادا وأضاعت جهدا، حيث قطعت سبيل الاجتهاد ووقف المتخاصمين في الجدل، وكان كافيا تسميتها لو وقفوا معها بإضافة النثر للقصييدة، حتى تعتبر جنسا إبداعيا مستقلا عما عرف السابقون، ولا ضير.

          فالأدباء هم من عزفوا على السري ليلا في غفلة عن أهلها، بينما النقاش يدور جهارا نهارا هناك، وأخرجت المكتبات إخراجها فنونا ذات أمواج تتلاطم أحيانا وتختلف أخرى، وكتبوا كتابات صار الناقد يتساءل عن جنسها؟ ويتابع ما تتصيده النبغاء من جليل تعبير وجمال تغريد مع خفة الكلمة ذات الوزن الثقيل.

          والمبدع غير الناقد، فقد يتصيد الأول فنون القول أو تسيل سيلها بجمالها، دون أن يأبه لها، ومسحة الناقد المتعقب لخطاه تكشف المزايا، وتبين زوايا قد لا يعبأ لها الكاتب نفسه...

          ومن هنا تفتحت الكتابة على كل شكل من أشكال الفنون وتنوعها، وهاجت وماجت الكتابة الأدبية، - ولا أقصد كتابات العامة، وإنما إثراء المتخصصين البارعين، والمبدعين المتفانين في مجالهم - ؛ والناقد وحده بقي في حيص بيص من أمره، يؤصل ويحدد الأجناس ويتابع ويقارن ويقارب فإن لم يراع كل أشكال الكتابة ومتابعتها لرسم حدود جنسها وميزات كل منها، أرى القطار يتجاوزه، ويلبث لبث صاحب رسائل طاحونتي.

          وفي هذا الصدد قرأت في هذا المنتدى لأحد النقاد وهو يشدد على ضرورة التمسك بالتفعيلة الواحدة في قصيدة التفعيلة. فما كانت من ضوابط منطلقات الأمر تجاوزها الزمان وعفى عنها، بعد أن تحررت الكتابة الأدبية وأشكالها من كل القيود والقواعد، حتى التماهي بين منطلقات جنس وجنس آخر.

          كل هذا التطور، تأتي قراءة الناقد عود على بدء تحديدا للأطر ومميزات كل فن عن شبيهه ومخالفه في آن،ومع ذلك بقيت الكتابة الشعرية الخليلية بأوزانها وموسيقاها وقافيتها فنا له خصوصياته ومميزاته لم تلمسه يد التطاول والتعدي.

          إن جماليات التلقي ليست في حقيقة الأمر من إنتاج مبدع، وإنما هي جهد الناقد، الذي سلط الضوء ووجه عناية التلقي لاستخراج فنون إبداعية وبراعة تشكيلية من جمال الكلمة خفيفة الظل، ذات انطباع غريب جديد يهز أنفاس القارئ ويدغدغ جوانحه ويزعزع كيانه لجديد الرسم والتصوير المبدع الخلاق؛ ولولا مواكبة الناقد لجريان وديان الفنون وشلالات الإبداع لأضحي كلامه مكرورا وطبعا كل مكرور مهجور.

          وعود لقصيدة النثر وما جرته أجواء تحررها من إبداع، وفنون، وأشكال، وأجناس للكتابة الأدبية، ليعد فتحا خصه زماننا لروادها، وأرى المبدعين قد رجعوا لقراءات الرموز سواء ذات التوجه الصوفي أو غيرها لفك طلسم الدلالات وتفكيك أنواع الخطاب للرد على من تغنوا بالأمس بما تخبئه النظرية النحوية من دلالات:
          1- ليستوقفوهم عند دلالات اللألفاظ وتعدد جماليات نسماتها؛
          2- ليردوا على النحاة أسباب تعدد التحليل النحوي للجملة بمجرد تغيير تركيبتها...
          وهكذا تماهت دلالات الأمر والنهي حتى تبادلا الأدوار في الأداء والتعبير...
          http://www.mhammed-jabri.net/

          تعليق

          يعمل...
          X