الكتابة النسائية الجزائرية (1)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بلقاسم علواش
    العـلم بالأخـلاق
    • 09-08-2010
    • 865

    الكتابة النسائية الجزائرية (1)

    قراءة بعنــوان:
    [gdwl]
    "الكتابة النسائية والبوح الأنثوي في المجموعة القصصية " ليلة تكلم فيها البحر1"
    للقاصة الكاتبة والأستاذة الجزائرية آسيا رحاحلية2
    بقلم: بلقاسم علواش
    [/gdwl]


    [gdwl]لاشك أن الكتابة النسائية بدأت تظهر طاغية حديثا في الجزائر، فبعد عام 1988 الذي عرف ما يشبه ثورات شباب"facebook" أو ماتم وسمه بثورات الربيع العربي، التي تجتاح العالم العربي اليوم، حينما خرج الشباب في الخامس من أكتوبر عن بكرة أبيه في العديد من المدن الجزائرية منتفضا ضد ترهل النظام الحاكم وتآكله من الداخل، ضد البيروقراطية والمحسوبية و"الحقرة" وتفشي مظاهر الفساد، بعد أن ظهرت طبقة طفيلية قريبة من السلطة استولت على المال العام وبان ثراؤها الفاحش، وهي في الغالب من المناضلين الذين امتطوا صهوة الحزب التاريخي الحاكم وكوادره، المنظرين للاشتراكية والعدالة الاجتماعية، فما إن انخفضت أسعار النفط في الهزة الاقتصادية التي عرفها العالم عام 1985م، حتى ظهر جليا تململ الشارع الجزائري الذي مافتئ يمني النفس بالغد المشرق، ذاك الغد الحالم الذي حملته الخطابات السلطوية عبر شعاراتها الرنانة، لكن الصبر نفذ وانفجرت الجبهة الداخلية يوم الخامس من أكتوبر عام 1988، وحتى التاريخ لم يكن بريئا فهو يوم للمعلم، وما تزال هذه الأحداث بعيدة عن الدراسة السوسيولوجية، والتاريخية الاجتماعية وغيرها.
    وكما أسفرت هذه الأحداث المفاجئة عن تطورات متعجلة شملت تغيير الدستور وإنشاء الأحزاب السياسية التي استعصى حصرها لكثرتها، لكن مافتئت الجزائر تنعم بأول تجربة ديمقراطية حتى تدخل العسكر لوقف أول تجربة تعددية فاز فيها الإسلاميون بالأغلبية الساحقة، ورغم أن الرئيس الشاذلي بن جديد حينها أبان عن مقدرته ووعوده في التعايش مع البرلمانيين الإسلاميين وحكومتهم المنتظرة، بل وصرح بهذا جهارا في مقابلة مع صحيفة فرنسية، إلا أن أصحاب الأحذية الخشنة كان لهم رأي آخر، ووجهوا مسدساتهم للرئيس طالبين إياه بحل البرلمان السابق والتخلي عن منصبه حتى تكون ثغرة دستورية يستولي منها هؤلاء على الحكم، فأوقفت المسيرة " الديمقراطية" ومن يومها دخلت الجزائر أتون عشريتها الحمراء، التي بلغت فيها عبثية القتل مبلغا رهيبا، فاق حد المعقول، وسالت فيها الدماء مغزارة وسكبت الدموع مدرارة.
    وفي خضم هذه الأحداث المؤلمة التي روّعت الضمير العالمي، كونها كانت من العتامة والالتباس بمكان، جعل منها إشكالية عويصة استعصت على التفهم، عبّر عنها واختزلها واختصرها ذلك السؤال الشهير الذي طُرح طويلا، واختزل معها المأساة الجزائرية كلها:" من يقتل من في الجزائر؟؟؟؟"، فلم يَعُد يُعرَفُ القَاتِلُ، ولم تعرف هويته، بل صار القتل هو المعروف، وهو السائد المهيمن الوحيد؟!!.
    وما تزال هذه الحقبة السوداء حتى بعد شيوع الأجواء السلمية ترخي بظلالها طافية بين الحين والآخر، ذلك أن المصالحة التي حاولت ترميم الجراح خمدت بعض الأصوات، وما تزال قضايا المفقودين التي فاقت العشرة آلاف مغيّب والمجازر الجماعية البشعة، تطرح التساؤلات، وأقلها هل يقوى الزمن على طمر هذه الذاكرة المتناسية عمدا، وعجزا عن حلها، لأنها تصيب المتنفذين لحظتها في مقاتلهم.
    [/gdwl]

    انتشـار الكتـابة النسـائية الجـزائـريـة:

    [gdwl]إن اللافت في كل ما سبق، أن المحن أحيانا تتحول إلى منح، ولله في خلقه شؤون، ولا يتسع الأمر إلا إذا ضاق، فكم من المصائب والصعاب حوّلت الشعوب إلى المراجعة ومن ثمة التحفز والانطلاق، ومن هذا المنطلق ندلف إلى الكتابة النسائية، التي لم تكن أمرا ذا بال كبير قبل هذه الأحداث المؤلمة، ولم تكن الأسماء النسائية متوفرة إلى الحد الذي يجعل منها ظاهرة قائمة، بل ولم تظهر الكتابات النسائية الرائدة المتفرقة إلا في الديار المهجرية حيث يتوفر هامش من الحرية، غير أن جسامة فعل القتل المروع الذي رافق المرحلة التسعينية، وغزارة الدماء المسفوكة، وكثرة التشريد الذي طال الأسر الفقيرة التي كانت تعيش في البوادي والقرى والأرياف، وطريقة السلطة في تسيير الأزمة بدلا من حلها على أسس منهجية واضحة وصريحة، ناهيك عن تورط السلطة ذاتها حتى أخمص قدميها رفقة الزمر الإرهابية في وحل الدماء المسفوكة، مما حوّل المثقفين إلى فاعلين غير متفرجين، فكُتبت الكثير من الأعمال الإبداعية التي حاولت الغوص إلى عمق الإشكالية وإدانة فعل القتل والقتلة من أي جهة كانوا، كما أدينت السلطة وممارساتها، بل تحوّل الأمر إلى محاكمة تاريخ الجزائر كله، وأخصب مرحلة فيه بالخصوص، وهي الثورة التحريرية التي ركبتها السلطة الحاكمة كمطية لقهر الشعب والبقاء في الحكم.
    لقد ظهرت الكتابات الناقدة بجرأة وشدة، ودخل العنصر النسائي على خط الكتابة، وأفرز انفجارا في الأصوات النسوية الشابة والجديدة، التي ملأت الساحة، واغتدى رهانهن في هذه التجربة على الانشغال بكيفية التأسيس لنصوص روائية وقصصية تحمل بصمات خاصة، تطمح إلى ممارسة كتابة جادة وجديدة وجريئة، وبرؤية جديدة، أو لنقل متفردة، تعبر عن تجربة جمالية وإبداعية تكرس هواجس الوجود والمجتمع، تتجاوز في ذلك الهم الأنثوي الذاتي أو الجنسي أو الفئوي إلى الهم المجتمعي والعالمي، ممزوجا بقيم الحرية والعدالة، والهوية والمصير، لا تتوقف عند شيء محدد، بل تسائل الماضي، بطرح الأسئلة المتوترة الحرجة والأكثر قلقاً، دون لأي أو خوف، وتستنطق الحاضر وتدينه، وتدين واجهته المتنفذة، التي تفرض رؤاها وخياراتها، داعية إلى القيم الإنسانية المشتركة التي هي مطـالـب الجنسـين عـلى حـد ســواء.
    لقد ظهرت في السنوات الأخيرة بقوة أعمال أدبية نسائية لأصوات من مختلف الأعمار، وتميزت هذه الأعمال بالكتابة الحرة وغير المقيدة بالمكان والزمان الجزائري، وتناولت كل المواضيع وطرقت كل الأبواب؛ المسموح منها والممنوع، والمقدس والمدنس، بعد أن كانت الأصوات الروائية النسوية العربية في الجزائر ممثلة بصوت واحد بارز هو أحلام مستغانمي، وقبلها الكاتبة بالفرنسية آسيا جبار.
    تتعدد اليوم الأسماء
    وتفرض نفسها وتحظى بنسبة مقروئية مهمة، و
    تحوّلت الكتابة النسائية إلى ظاهرة رائجة ومتداولة في الثقافة الأدبية العربية المعاصرة، استرعت الانتباه وشدّت إليها الأنظار، لأنها امتلكت خصوصيات تفردت بها عن غيرها من صور الكتابات الأخرى، التي مافتئت تتنوع أسئلتها مما أهّل هذه الظاهرة للمتابعة وإثارة الأسئلة العميقة بعدما استدعت التأمل، محاولة لاستجلاء أبعادها المختلفة.

    إذاً، شكّلت الروايةُ النسائيّة والأعمال القصصية الجزائرية ولا تزال خطابا سرديا لم تكتمل ملامحُه إلا في الفترة الأخيرة، مثله مثلَ كثير من الأقطار العربية، بالنظر إلى حداثة التجربة وتبلور المسار في مرحلة متأخرة، بيد أنّ الانفتاح الذي شهدته الجزائر ابتداء من فترة التّسعينيات أثر بدوره في ساحة الكتابة والإبداع بعامة والرواية بخاصة، وأفــرز انفجارا كبيرا في الأصوات النسوية الشابة والجديدة، التي ملأت الساحة.
    لعلّنا نذكر في هذا السّياق بعضَ هذه الأصوات الجزائرية البارزة والتي أضحت تسجّل حضورَها بقوة على نحو: زكيّة علال، كريمة الإبراهيمي، نسيمة بولوفة، نوال جبالي، رشيدة خوارزم، ربيعة مراح، خديجة نمري، فاطمة العقون، سميرة قبلي، ياسمينة صالح، زهرة ديك، شهرزاد زاغر، عبير شهرزاد، حسيبة موساوي، نسيمة بوصلاح، حنين عمر، سارة حيدر، عايدة خلدون، فضيلة فاروق، وغيرهن من الأسماء والأقلام التي صارت تنبثق هنا وهناك رغم "حواجز التقاليد والعادات، حيث إنّ كثيراً من الأسماء ما تزال تنشر تحت أسماء مستعارة، أو تشير إلى أسمائها برموز تترك الدارس لا يعتمد عليها لكون الأسماء الحقيقية مجهولة"(3) وتحاول بإصرار أن ترسم حساسية روائية مغايرة للحساسيات السابقة وذلك بالاستناد إلى وعي منطلق يصغي إلى ثقافة الحرية والتحرّر، في ملامسة وإضاءة قضايا وموضوعات تصاغ بأسئلة المكبوت والمسكوت عنه والأنوثة والذات والجسد(4)، وهذا كون الأعمال السردية تمارس"خطابا فنيا قادرا على احتواء الذاكرة والحلم والأفق، ولذلك فهي تعدّ من أكثر الأجناس الأدبية تقبلا لتنوع اللغات والأصوات وأنماط الوعي المختلفة...ولهذا، ومن هذا المنطلق نجد علاقة جدلية بين جنس [الأعمال السردية] ... ومسألة المرأة، كلاهما ساهم في تحرير المجتمع من ثقل الموروث من الأحكام السابقة حول المرأة"(5)، وباتت واجهة ناصعة في طرح الكتابة النسائية الراهنة.
    تبدو الكتابة الجديدة في الجزائر اليوم معزولة عن باقي الوطن العربي بسبب عوامل عدة، بيد أن غزارة الإنتاج وتنوعه وجرأته يعطي الانطباع الآن أن المستقبل واعد ومشرق نحو خلق إضافة مهمة للمدونة الروائية العربية والثقافة الأدبية والزخم الإنتاجي، والمشاركة بقوة في كتابة العصر، التي هي في الأخير كتابة سردية متنامية بامتياز.
    كانت أولى النصوص الروائية والسردية الجزائرية الناضجة تظهر من قبل الجيل الجديد في عام1998 وعن طريق منشورات جديدة أيضا هي"جمعية الاختلاف"(6) للروائي بشير مفتي بعنوان"المراسيم والجنائز"، أي أن كتابة الجيل الجديد لم تتبلور كظاهرة إلا مع نهاية التسعينيات، أكثر الفترات دموية في تاريخ الجزائر المعاصرة، وبعدها بدأت تظهر محاولات كثيرة لروائيين جدد، أغلبهم وجدوا أنفسهم شهودا على مرحلة خطيرة وعنيفة، ولهذا جاءت الأعمال الأولى مستعجلة قريبة من الشهادة على الوضع، حميمية السرد، وتدور في معظمها حول قصص الحب الذي وجد الإنسان الجزائري نفسه عاجزا عن تحقيقه، الحب كموضوع مستحيل وكخلاص في وضع متعفن هو الخلفية التي تميز أغلب الأعمال، والأمر ارتبط إلى حد بعيد بحالة العنف التي جعلت التوق إلى الحب والرغبة في الخلاص من خلال المحبة في مقابل الكراهية رهان الكتابة السردية الجديدة على مستوى مضامينها على الأقل.
    كما عبرت مثل هذه الأعمال عن سقوط الشعارات السياسية البراقة، وطرحت في المقابل رؤية نقدية لما كان يعرف بالشرعية الثورية والتاريخ المقدس، فالرواية رفضت الأوهام المزيفة التي كان الخطاب السياسي يرفعها ويلزم بها الجميع. لم يعد هناك "طابوهات" حقيقية مع الكتابة الجديدة، ولم يعد الأديب يتعامل مع الجنس والسياسي بخوف أوحذر، بل هو يكتب عن ذلك موغلاً بكل عفوية وحرية وجرأة وشجاعة، وكأنه أمر طبيعي، وكأن بشاعة القتل وحصد الأرواح البشرية وهول التدمير للوطن جعل من الخوف موضوعا مغيبا لدى الكتاب، فلم يعد الكاتب وهو يعايش الظروف الحالكة إلا أن يعتبر الخوف واللاخوف سيان.
    كما لعب جو الحرية النسبي والاهتمام بالمشاكل الملحة دورا بالغ الأهمية في قيام هذه الكتابة بوظيفتها النقدية كما يجب، فلا أحد كان له الوقت أو الجهد لحراستها، ولم تكن تراقب إلا من خلال مباشرية بعض منجزاتها القليلة الطاغية القاتلة، فلم تفرض الرقابة عليها مما
    يمكن أن يكون انحرافات أو تجاوز المسموح، وهذا ما تم استغلاله تمام الاستغلال.

    كما توجد في الرواية الجديدة أيضا موضوعة رمزية الأب، وموقعه أثره في المجتمع، والصراع بين الأجيال، وبين هذه الأجيال الجديدة وبين أصحاب النفوذ، وعلاقة ذلك بالمواطنة والهوية وغيرها من الإشكاليات المستعصية، وهي تعكس بذلك حالة من الانسداد في المواقف التي قادت للعنف حيث لا يوجد حوار حقيقي فاعل بين الأجيال والنخب والساسة وكل الفئات المكونة للنسيج المجتمعي.
    إنّ عشرية التسعينيات التي شهدت معاناة المثقف الجزائري، والكاتب منه بالخصوص الذي انسدت أمامه الأبواب، حيث"غابت دور النشر العمومية ولم تظهر دور النشر الخاصة إلا بطريقة محتشمة، واختفت منابر النشر من مجلات وملاحق أدبية ذات قيمة"(7)، ورغم هذه الظروف العائقة إلا أن أسماءً روائيةً وقصصية جديدةً تكرست مع مطلع هذه العشرية في الجزائر، وأصبح معدل صدور الأعمال السردية الإبداعية يتزايد سنويا، يزيد عن العشرين رواية في السنة ومثله أو أكثر في القصة، كما كان للجوائز الأدبية مثل جائزة "مالك حداد" للرواية المكتوبة بالعربية والتي تنظمها "منشورات الاختلاف"برعاية الروائية الكبيرة أحلام مستغانمي وجائزة"محمد ديب" للرواية المكتوبة بالفرنسية، وجائزة "ابن هدوقة"، وجائزة "على معاشي" للمبدعين الشباب برعاية وزارة الثقافة، وجائزة "الهاشمي سعيداني" التي ترعاها جمعية الجاحظية دور مهم في تشجيع الكتابة الروائية وتوسيع مقروئية هذه الأعمال، ولا يزال المنتوج بالفرنسية طافح أكثر وبغزارة بالرغم من أن المقروئية الغالبة اليوم هي للأعمال المكتوبة بالعربية، هاته اللغة التي تعلمت بها الأجيال الجديدة الناشئة في ظل مرحلة مابعد رحيل الاستعمار، ويعزا كثرة الإنتاج باللغة الفرنسية لارتباطه بالاهتمام الذي يوليه الإعلام في فرنسا والإعلام الجزائري المفرنس بهذه الأعمال التي تضيف زخما للثقافة الفرنكفونية، حيث تعمل هذه الآلة المتمكنة بقوة على تشجيع هؤلاء الكتاب مما يدفع أو يغري حتى من كان يكتب بالعربية إلى التحول إلى الكتابة بالفرنسية، كما"أعلن الزاوي أمين انتقاله إلى الكتابة باللغة الفرنسية"(8)، وقد ساعد على هذا ما تبديه المراكز الثقافية العربية ،القاهرة، بيروت، ودمشق من تقاعس أو قلة تواصل في اكتشاف ما يكتب في الجزائر، وفي قلة الاهتمام الإعلامي الذي يحقق الانتشار واليوع، والذي يشعر الروائي الجزائري حياله بأنه جزء من مشهد ثقافي واحد يتصف بالاتساع والتنوع والتفاعل.
    *****************
    لقد تناولت الكاتبة القاصة المبدعة آسيا رحاحلية في تسعة عشرة قصة موضوعات اجتماعية متنوعة، تتوزع بين الهم الخاص والهم العام، وبين بوح أنثوي خاص وقضايا عامة مجتمعية، تغلب عليها لغة رصينة مباشرة أحيانا ومكثفة مبتعدة عن التفاصيل الدقيقة أحيانا أخرى، تنتمي إلى كتاب الجيل الجديد الذي لا تستقر كتاباته على حال، بل هي سائرة في طريق مغامرة التجريب، باحثة عن شكلها النهائي الذي مافتئ يتبلور بعضه أو جزؤه يوما بعد يوم، والتراكم الكمي وحده الكفيل برسم معالم الصورة النهائية.
    [/gdwl]
    الهوامش:ـــــــــــــــــ

    1 –آسيا رحاحلية، ليلة تكلم فيها البحر، مجموعة قصصية، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، عين مليلة، الجزائر،ط1، 2010.
    2
    - قاصة وروائية، صوت نسوي جزائري، أستاذة لغة إنجليزية، تكتب باللغة العربية، يحضر في كتاباتها الهم الجزائري والعربي والإنساني، وجانبا من التجارب الحياتية الأقرب إلى السيرة الذاتية.
    (
    3) - صالح مفقودة، السرد النسوي في الأدب الجزائريالمعاصر،الموقف الأدبي،عدد407، آذار2005، ص:111.
    (4)
    - برزت الروائية "فضيلة الفاروق" من بين أجرأ الأصوات التي تحتفي بتموّجات الجسد وردم الهوة بينه وبين مجازات الكتابة الإبداعية الساعية إلى إدراجه في سياقه الحضاري العام دون الخصوصية الثقافية المحلية، بل تعد عندالبعض من اللائي انخرطن في تجربة مغامرة جاعلة من الجسد علامة ارتكاز لخصوبة نص جديد، لا يتحدّد بأشكال وتصوّرات معيّنة، وقد تجسّد ذلك من خلال عمليها الصادرين مؤخّرا واللذين لفتا إليهما النظر في جرأة تناول موضوع العلاقة بين المرأة والرجل وغوايات الجسد، وهما "تاء الخجل"2003، و"اكتشاف الشهوة"2006.
    (5)
    - زهور كرام، السرد النسائي العربي، مقاربة في المفهوم والخطاب، دارالمدارس، الدارالبيضاء، المغرب، ط1، 2004، ص:32.
    (6)
    - دأبت رابطة كتّاب الاختلاف على توزيع جائزة مالك حداد للرواية الجزائرية، كل سنتين بالتعاون مع الروائية أحلام مستغانمي وجهات راعية أخرى، وبرعاية مادية دائمة من الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والتلفزيون الجزائري· وقد تأسست هذه الجمعية في 2001، بفكرة الروائية الكبيرة أحلام مستغانمي، بهدف تشجيع الكتابة باللغة العربية إلى جانب خلق جسر تواصل أدبي وثقافي بين الأجيال.وترأس الجمعية حاليا الأديبة الطبيبة آسيا موساي.
    (7)
    - الخير شوار، روائيو جيل 1988 في الجزائر، جيل حلّت به اللعنة من كل الجهات، صحيفة العرب، لندن،عدد يوم:12/09/2008، ص:14.
    (8)
    - مخلوف عامر، الرواية والتحولات في الجزائر، ص:17.

    التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 25-10-2011, 10:40.
    لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
    ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

    {صفي الدين الحلّي}
  • بلقاسم علواش
    العـلم بالأخـلاق
    • 09-08-2010
    • 865

    #2
    [gdwl]
    العنوان الأصلي: ليلة تكلم فيها البحر

    هل من المصادفة أن يأتي العنوان هكذا؟ هل أدخلته الكاتبة على نصوصها القصصية عنوة؟ هل تشكل العنوان قبل النص المنكتب أم بعده؟ وهل هو علامة تزين غلاف المطبوع أم له دلالاته؟
    تلكم هي الأسئلة التي تقارب العتبة الأولى التي منها نلج لعوالم الكاتبة المبدعة آسيا رحاحلية، وإني إذ أحاول القبض على طرائق تشكل هذا العنوان والأنساق التي تزاحمت في ذهن الكاتبة ضمن أسيقة كتابية ووجودية واجتماعية ملحة فرضت نفسها على النص وكاتبته، فإني أحاول عبثا التوغل نحو العوالم الشفيفة المغلقة التي رافقت النص لحظة الميلاد، ولا أخفي على القارئ اللبيب أنني أمني النفس بالسباحة بعيداّ، حتى لحظة المخاض ولحظة الحمل ولحظة ما قبل تشكل الجنين النصي؟؟
    ولكن هل في المقدرة هذا؟ وهل أقوى على تحقيق الأحلام بالسباحة في بحر متلاطم يكسوه الظلام، وتسيطر عليه الريح الهوجاء، وأنا بدون مجادف أتحكم منها وبها في قواربي؟ فالجواب: كلا، وعبثا سأحول التجريب!!!
    نعم، لم يكن عالم آسيا رحاحلية رحبا فقط، بل كان عميقا، وخطرا، ورحلة مهولة محفوفة بكل الأخطار، فهو عالم البوح المنفجر، قد لا أجد له مقاربة من تلك التي مال إليها جاك لاكان، البوح النفسي، لدراسة السلوك، والولوج إلى العقل الباطن؟ لقراءة الماضي وسبر أغوار الحاضر، واستشفاف المستقبل واستشرافه، عبر هدير اللغة في منعرجات شديدة الانعطاف، كل هذا وأكثر هو عالم المبدعة آسيا رحاحلية.
    إن الصورة التي يعلوها العنوان تدل على البحر بتلاطم أمواجه العالية ورياحه العاتية وقواربه المستصرخة المستغيثة، فلا يماثله ويدلل عليه سوى حالة النفس البشرية التي تعتلج بالحسرة، تبغي أن تبوح في كتابة جديدة، بصوت وميزة نسائية، في عالم ذكوري لا يقبل للمرأة أن تمارس دورها كاملاً، وأن تشاركه هاته الرحلة العابرة بحلوها ومرها، بعقلية ونزعة تشاركية، بل إنه يرفض هو النزول عن سلطة الوصاية الآتية من رواسب الفكر الماضوي في أسوأ عصور الانحطاط والتردي.
    [/gdwl]
    التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 24-10-2011, 10:53.
    لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
    ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

    {صفي الدين الحلّي}

    تعليق

    • بلقاسم علواش
      العـلم بالأخـلاق
      • 09-08-2010
      • 865

      #3

      [gdwl]

      ليـلة تكـلّم فـيـهـا البـحـر

      ليلة..... البحر يتكلم كل ليلة، في الربيع وفي الشتاء وفي الخريف وحتى في الصيف، فلِمَ أراد أن يتكلم في ليلة واحدة تبقى مستمرة، هل كان صامتا من قبل؟ أم أن كلامه كان همسا غير مسموع، وإن كان مهموسا فالكلام بعد الهمس هو الصراخ، وهل كان البحر صامتا حتى يتكلم، أم أنه استعارة من الكاتبة للغضب الذي انفجر في تلك الليلة، فلم تكن الليلة بدعا من الليالي ولم يكن البحر صامتا، وإنما الليلة كانت فيصلا بين السكوت والكلام، والبحر بأمواجه كان كناية عن انفجار الكلام وظهور البوح الآسيوي.
      [/gdwl]


      [gdwl]
      ليـس كـمـثـلـه رجــل

      "ليس كمثله رجل" تلك هي البداية، اعتراف وتقدير وإجلال لصاحب الاعتراف، للوالد عربون الوفاء، متناصة في هذا مع قوله تعالى" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" وهذا يكفي كمؤشر للإطلاع على المخزون الثقافي للكاتبة، وعلاقة الثقافة الدينية في ربط الوجود والكينونة التربوية بالأصل دون نكران أو جحود، ولم يكن الوالد المرحوم بعيدا عن هدير العنوان العريض الكبير، الصمت كان متوارثا، وفد إلى آسيا من أبيها الذي كان يلقب بـ "الرجل الصامت"(9)، فالصمت سمة وهدي وسمت وخلق رفيع قلّ وجوده، إذا، نحن أمام نص عميق، فكري، تأملي، فلسفي، وجودي؛ يحاول الغوص في تفكيك البنى السوسيواجتماعية، إنه يحاول العودة للوراء ليتلمس البقاء، ليفتش في الفرع باحثا عن جذوره في الأصول، وعائدا بالأصول مفككا إلى فروع التكوين الأولى، كان هو صامتا صمت أهل الحضور لا صمت أهل القبور، صمت الحياة، الباحث فيما وراء هذه الحياة المكتنفة بالزوال، " لم يكن يضحك إلا نادرا.. وحين يحدث وتنفرج أسارير وجهه.. يكون ذلك في حدّ ذاته حدثا بالنسبة لنا"(10)، كأننا بهذا المقطع السردي أمام حالة تجلي للذات، الباحثة فيما وراء الصمت، المستشعرة ذاك البركان الذي لم تخمد ناره بعد، أوالمنتظرة لتلك اللحظة التي ينفجر فيها الصمت ويتكلم في ليلتها البحر، كانت هذه القصة، تمهيدا قصيرا وفاصلا منشطا، تنضد البدايات، وترسم خطى الزمن السردي، وتأسس للحكاية التي طفقت تولد في لحظات البوح، الذي سيأخذ القارئ غوصا إلى الأعماق.[/gdwl]
      الهوامش: ـــــــــــــــــــــــــــــ
      (9) – آسيا رحاحلية، ليلة تكلم فيها البحر، مج قصصية، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، عين مليلة، الجزائر،2010، ص:9.
      (10) - نفسه، ص:9.
      التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 23-10-2011, 23:59.
      لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
      ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

      {صفي الدين الحلّي}

      تعليق

      • بلقاسم علواش
        العـلم بالأخـلاق
        • 09-08-2010
        • 865

        #4
        [gdwl]
        فــي العـمـر مـتـسـع للألــم:

        جاء هذا العنوان مخاتلا ، ملتبسا فيه معنى الألم، فالغالب أن العمر يتسع للألم والأمل معا، لكن العبارة يُتفاءل بها عند ذكر الأمل، فكيف وقع القلب في نفس جذر الكلمة وكيف تم تغيير معنى الجملة العتبة؟ إننا أمام بناء قصصي يتصعّد بأحداثه، يحاول قلب كل شيء، ليقول كل شيء دون التراتبية المألوفة، إننا أمام بوح ولحظة استذكار ماضوية أليمة، تركت صداها في الذات عميقاً، وجرحها غائر، صبغت القص بوخزها المؤلم، فاتسع العمر للألم والأمل، فالنهوض بعد الكبوة، والسعة بعد الضيق، والعسر بعد اليسر، إنها ثنائيات ضدية لا تنفك عنها التجربة الإنسانية، فلا الملك يبقى ولا المملك، وكم من صحيح مات من دون علة، وكم من سقيم عاش حينا من الدهر، ولن تجد الكاتبة في ضوء تجربة الألم إلا استذكارا للماضي السالب، وإلا عودة فاحصة للخطى السابقة في الطريق، لقد كانت رحلة التخدير رحلة تطهر من ماضي قاس، رحلة الإخلاء والتخلي، وفي النهاية لم يقو كل ذلك على محو كدمات الألم العالقة، لقد صارت مترسبة متكلسة، تمضي لتعود، وتنسى لتتذكر، كانت هذه الثنائية تعتلج في فكر الكاتبة، تحاول الإجابة والتأمل، تكتم شيئا وتسر أشياءً وكل هذا يسرّع الأحداث والزمن نحو ليلة الشهقة والبوح والانفجار، ليلة التطهر، ليلة ليست ككل الليالي، ففيها البحر يتكلم والذات الكاتبة ستنفي أنين الألم وتلفظ عذابات السنين.[/gdwl]
        التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 23-10-2011, 23:58.
        لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
        ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

        {صفي الدين الحلّي}

        تعليق

        • بلقاسم علواش
          العـلم بالأخـلاق
          • 09-08-2010
          • 865

          #5
          [gdwl]
          لا أعـرف لـي وطـنا سـواكِ
          تقدم الكاتبة عن طريق تحميل بطلها لبعض الأحداث والحركات والانكسارات ما يحمل على إدانة السلطة، التي تسكن الأبراج العاجية متجردة من إنسانيتها، ترفس القوانين التي تتغنى بها، سلطة غريبة مريضة، تصيب الناس باليأس من الحياة، تشعرهم أن الشيء الوحيد الماثل بين يديها هو قدرتها على زرع الإحباط والمساعدة في القتل البطيء، سلطة مازوشية نرجسية تستعذب عذابات الناس، تستعلي عليهم، تقتلهم، تدمرهم، سلطة غشومة شعارها القاتم:" لك الحق في الموت، وليس لك الحق في الحياة الكريمة"(11)، سلطة تقتل بالمفعول البطيء، دفعت من يأستهم للانتحار على الجسور نسياً منسيّاً، كأن لم يكونوا بشرا لهم كرامة طوقت رقاب الحكام، كما يحفل النص بشحنة نقدية عالية وقوية للإيديولوجية، التي رشحت بها الخطابات الرسمية للساسة، كالعدالة الاجتماعية وأمومة الدولة وغيرها من مفاهيم الاشتراكية المرتكسة، ولم يجد الانتماء الحقيقي لبطل القصة سوى في بيته المتواضع وزوجته الوفية وكبده الصغير. بعدما تلاشت كل الشعارات وافترقت عن خطاباتها المزيفة، إنه نوع من اختزال الهوية، واختزال طموحات المواطن في أشياء تستهلك عمره دون أن تجعله عنصرا فاعلا في وطن سلبه الانتهازيون كل جميل فيه.
          [/gdwl]


          الهوامش:ــــــــــــ
          (11) آسيا رحاحلية، ليلة تكلم فيها البحر، ص:24.
          التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 23-10-2011, 23:56.
          لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
          ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

          {صفي الدين الحلّي}

          تعليق

          • بلقاسم علواش
            العـلم بالأخـلاق
            • 09-08-2010
            • 865

            #6
            [gdwl]
            وانـهـزم الشـيـطـان

            ولا ينهزم الشيطان إلا بعد أن يخوض معركته القاسية، هكذا يوحي العنوان، وهكذا تحيل دلالته، فماهي هذه المعركة؟ وماهي النتائج التي أسفرت عنها، والتي كانت الهزيمة فيها لصيقة بالشيطان؟
            وهنا بوح داخلي وتكشف نفسي، يبدأ العنوان مرفدا بمقولة فلسفية" تفكيرنا هو الذي يصوّر لنا القبح أو..الجمال"(12)، وهو بساط يركبه النص إلى معانقة سويداء الحقيقة النفسية الداخلية العميقة، فالشيطان في اللحظات التي تحلك فيها الحياة ويضطرب التفكير ويتشتت الذهن يصور لنا بشاعة الحياة، سواء كان هذا الشيطان حقيقي أو كان مجازيا كان يكون النفس الأمارة بالسوء، فالشيطان نفذ من خلال أسئلة بريئة لم تحسم إجابتها إيجابيا، وبقيت حبيسة الأخذ والرد بعيدا عن العلن، وداخل سويداء النفس تعتلج معاركها،" أحدق في المرآة بذهول كأني أرى وجهي لأول مرة (...) كأني نجمة سينما تعاين التغييرات بعد عملية الترميم"(13)، كأن التجلي النفسي الداخلي بدأ يبعث بحقائقه بعد خفوت حمم البراكين النشطة "لأن داخلي كان بشعا"(14)، فلم تكن تلك الحادثة التي طرح فيها السؤال البريء المقارن بين الأختين في ملامحهما في زمن البراءة والطفولة إلا شررا أشعل فتيل الخوف من الماضي والمستقبل معا، ورغم أن الماضي قطعت الأم ظنونه، إلا أن المستقبل زادت شروخه مرحلة التعليم الجامعي، وتلاقي الأقران وفتوة الشباب، والانفتاح وطرح الأسئلة القلقة، وبداية تشكل ملامح الذات الأولى واستقرارها، وتكشف الصفحات الأولى من مرحلة الشباب والمراهقة وسنين الطفولة، لقد أدت الغيرة التي دبت بين الأختين في تفاوت الجمال المتخيل إلى أن تصور الكاتبة نفسها تعيش العذاب وترى وجهها وملامحها لكن بنظرة قلقة ليست نظرتها هي بل كانت ترى وجهها في المرآة، فتنعكس لها صورة بشعة، لأنها لم تكن تراها إلا بعيون الآخرين؟(15).
            لقد عالجت الكاتبة مشكلة التنشئة الاجتماعية والتربية، وجلّت صفحة الطفولة البيضاء، وبينت ما تحتاجه من إحاطة وعناية ورعاية، وأوغلت في سرد حالات الحيرة والاضطراب التي تعانيها من خلال التوقف عند حالات القلق الداخلي التي قست على البراءة ورسم تجلياتها التي انتهت إلى محاولة رمي زجاجة" حامض الكبريت"(16)، ولان إرادة الخير هي الغالبة في النهاية، فقد أفاقت على شبه كابوس مخيف أو حلم مرعب، تتخلله الدماء، والتهم تلاحق الفعل وفاعله، والكاتبة تحاول التوغل أكثر في تعاريج النفس الطفولية علها تركز الأضواء على المعاناة التي تعانيها ضمن مجتمع لا يتفهمها وضمن أسرلا تتحسس مشاغلها وهواجسها.
            [/gdwl]

            الهوامش:ـــــــــ
            (12) – آسيا رحاحلية، ليلة تكلم فيها البحر، ص:27.
            (13) – نفسه،ص:27.
            (14) – نفسه، ص:28.
            (15) ينظر المرجع نفسه، ص:30.
            (16) – نفسه،ص:31.

            التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 23-10-2011, 23:55.
            لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
            ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

            {صفي الدين الحلّي}

            تعليق

            • بلقاسم علواش
              العـلم بالأخـلاق
              • 09-08-2010
              • 865

              #7
              [gdwl]
              ليلة تكلم فيها البحر


              ويعود بنا العنوان مرة أخرى إلى لحظة البدء، لحظة العتبة الأولى، على شكل عتبة فرعية لقصة جديدة وبناء معماري جديد، تحيلنا إلى العتبة المركزية التي تتحكم في النص، ومرد ذلك أن العنوان لم يعد "عنصراً(تابعاً) بل صارعنصراً بنائيّاً بعد أن أولته المنهجيات الحديثة اهتمامها الكبير يوم حولته من عامل تفسير مهمته وضع المعنى أمام القارئ إلى مشروع للتأويل" (17)، فالعنوان ليس جملة تزيّن واجهة عمل ما وضعت اعتباطاً، وإنّما هو بوابة الولوج إلى فضاء النّص، فلم يعد مجرد اسم يتقدم النّص ويفتح مسيرة نموه، بل"أضحت علاقته بالنّص بالغة التعقيد، إنه مدخل إلى عمارة النص وإضاءة بارعة وغامضة لأبهائه وممراته المتشابكة"(18)،كما أنّه علامة تفتقر إلى التأويل، الذي لابد منه للإحاطة ولو بصورة جزئية بما يختزنه النص، لأنّه غدا "أساسا مهما وأداة إجرائية في تأويل نسيج النّص وقيمه الدلالية، وذلك بالبحث عن الوظيفة العلائقية(lafonction relationnelle) بيــن العنوان ومتن النص"(19)، وتجعل هذه العلاقة التي يقيمها العنوان مع النص القارئ "غير مجبر على قبول ما يقدمه النّص، وبذلك ينطلق في عملية بنائية إيحائية ينتقل عبرها مـن دوال معينة إلى مدلولات لا يحيل عليها النص بالضرورة بقدر مـا يثيرهـا أو يـوحي بها..."(20)، ولكأن العنوان-بذلك- مثير يعمل على خلق تواصـل بيـن المتـلقي والخطاب، فيغدو كل ما من شأنه دالا بمثابة المحرك أو الفاعل لتفجير الدلالات الكامنة، على اعتبار أن النص لا يعترف بكل شيء، كما أن دلالته لا تعطى سلفا، ولا هـي مسلمة جاهزة، فقد زعزعت تلك العلاقة الظرفية الواهية التي كانت تجمع القارئ بالعمل الأدبي انطلاقا من تثبيت الناص دلالة نصه في صيغة العنوان كمحـدد قبـلي يلخـص المضامين، ويعيّن المقاصد، وحتى الإيديولوجيات التي قلما يخلو منه نص، بل إن كل نص هوحامل أيديولوجيا، والنص الراقي هومن يقوى على طمـر هذه الأيـديولوجيا وعدم تمكينها من الطفو على بنية النص السطحية وحـتى العمــيقة.
              ليلة تكلم فيها البحر، تلكم فيها البوح، انفجر فيها الغضب، أرخى اللاحكي فيها زمامه، وأناخت الكتابة فيه عن منطق الصمت، لقد بلغ العزم والإصرار إلى درجـة أن"كـل العراقيل أطاح بها على جانبي الطريق.. لن يسمح لمجرد فكرة عابرة بأن تتمكن مــن عزيمته...."(21)، هكذا طلّق البطل الخوف وعاد إلى فكرة تلقفها في دروس الفلسفة قديما، ليحيّيها وينمي فيها قدراته ويستثمرها، ليجدها بلسما علاجيا، تنير له الطــريق الموحش في الأوطان التي فشلت فيها برامج الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، إنها فكـرة مهوسة وانتحارية عالجتها الكاتبة، واستقائها من دروس مقررة، بما يشي أنها فكرة موغلة قديمة، وهي مأساة ووصمة عار في جبين الأنظمة الحاكمة، لأنها أبقتها خـلاصا وحيدا، يراود العديد من الشباب الذين أكلهم غول البطالة، ولم يجدوا في أوطانهم فـرص العيش الكريمة، فركبوا قوارب الموت عبر ظلمة الليل والبحر، يدفعون الأمـوال الـتي جمعتها أيديهم المتعبة(22). دفعوا بها إلى بارونات الهجرة غير الشرعية، نحو الحلم الموعود فيما وراء البحار، في حركة معاكسة لأحلام الثورات التحررية التي طردت المستدمر المستلب لحقوق الشعوب، وكأنها تحيل وتقرر أن الحركة المرتكسة للشباب هـي تعبير عـن فشل كلي لأحلام الاستقلال العريضة، وها هي الكاتبة تصوّر وباحترافية فنية أدق التفاصيل التي يراعيها الشاب المسكين المقهور في بلده، في رحلة اللحاق بالدولة المستعمرة، التي يحلم بأن ينال حقوقه كإنسان وكرامته الآدمية فيها، بعدما طرد تواجدها آباؤه وأجداده من على تراب بلاده، ما أقسى هذه الرحلة التي تترسب في أنساق التفكير، وتتسرب أطيافها إلى مخيال الشباب، وتداعب فكرهم في ظل أنظمة حكم شمولية لاتحسن سوى تسويق شعارات مفلسة تجاوزها الزمن.
              لقد عبرت هذه النوعية من الكتابة عن سقوط الشعارات السياسية البراقة، وطرحت في المقابل رؤية نقدية لما كان يعرف بالشرعية الثورية والتاريخ المقدس، فمنطق القصة رفض الأوهـام المزيـفة التي كان الخطاب السياسي يرفعها ويلزم بها الجميع، ممنـيا بالغـد المشرق.
              لم يعد هناك "طابوهات" حقيقية مع الكتابة الجدية، ولم يعد الأديب يتعامل مع الجنس والسياسي والأمني والمستقبلي والاستشرافي بخوف أوحذر، بل هو يكتب عن ذلك بكل عفوية وحرية وكأنه أمر طبيعي، كما لعب جو الحرية النسبي والاهتمام بالمشاكل الملحة دورا بالغ الأهمية في قيام هذه الكتابة بوظيفتها النقدية كما يجب. [/gdwl]
              الهوامش:ـــــــــ
              17) - بشرى البستاني ، قراءات في النص الشعري الحديث، دار الكتاب العربي، ط1، 2002، ص:32.
              (18) - على جعفر العلاق، الشعر والتلقي، دراسات نقدية، دار الشروق، الأردن، ط1، 1997، ص:173.
              (19) - منقور عبد الجليل، مقاربة سيميائية لنص شعري: قصيدة نازك الملائكة نموذجا، الموقف الأدبي،ع382، 2003، ص:14.
              (20) - طاهر رواينية، النص الأدبي وشعرية المناصة، اللغة والأدب، مجلة أكاديمية علمية، معهد اللغة العربية وآدابها، جامعة الجزائر،ع12، ديسمبر1997، ص:364.
              (21) – المجموعة القصصية، ص:33.
              (22) – ينظر المجموعة القصصية، ص:36.
              التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 26-10-2011, 21:37.
              لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
              ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

              {صفي الدين الحلّي}

              تعليق

              • مباركة بشير أحمد
                أديبة وكاتبة
                • 17-03-2011
                • 2034

                #8
                كل الشكر والتقدير أستاذ بلقاسم علواش ،على هذه الجولة النقدية بين كتابات لها وزنها الثقيل في عالم الإبداع القصصي النسائي للأديبة القديرة آسيا رحاحلية، وقد برهنت حقا أنك تمتلك حسا نقديا ورؤية عميقة ذات أبعاد . بيد أني أتساءل عن معنى الأدب المستعجل الذي وقفت عند عتبته في مقدمة حديثك عن الأديبات الناشئات ؟؟ و بعض الروايات التي عثرت على طريقها نحو النشر لانعدام الرقابة جراء الأحداث القاهرة في العشرية الحمراء ،هل سيحجر عليها في الركن الأسود بعد أن أشرقت شمس الأمان ؟ ثم ماذا بعد ؟؟ هل من انبعاث للأدب النسوي من جديد ؟كثير من المتفحصين للأوضاع الراهنة والسابقة وهي راكدة بين براثن الإنغلاق الفكري الإجتماعي يؤكدون أن أدب المرأة العربية وخاصة الجزائرية ،لايكتب له الإستمرار، ودليلهم في ذلك اختفاء الكاتبة أو الشاعرة عن مسرح الأحداث وانزوائها في باحة الدار بعد زواجها مالم يقدر لها أن تحظى بزوج خارج البلاد كما هو الحال للأديبة المشهورة عالميا صاحبة ذاكرة الجسد ،أو تمتلك مخزونا من الحرية يمكنها من التوغل في دروب تستعصي على غيرها كالأديبة زهور ونيسي ( وزيرة سابقة) فضيلة فاروق وزينب الأعوج وآسيا جبار،الشاعرة ربيعة جلطي ،اللواتي يعتبرن نجوما لامعة من المستحيل أن يأفل بريقها في الحياة .ثم هل من سبيل إلى اقتحام الأديبات ساحة الشهرة في الداخل إذا كان غيرهن من اللامعات قد توارين عن الأضواء كالشاعرة مبروكة بوساحة التي تعتبر أول شاعرة جزائرية صدر لها ديوان شعر باللغة العربية ( براعم) 1969 ،والمرحومة زوليخة مسعودي التي لولا تدخل نخبة من الأدباء ورصدهم لمحصولها الأدبي من قصص ومقالات لأمست رهينة النسيان؟؟...فقط.
                تحيتي واحترامي.
                التعديل الأخير تم بواسطة مباركة بشير أحمد; الساعة 25-10-2011, 08:25.

                تعليق

                • آسيا رحاحليه
                  أديب وكاتب
                  • 08-09-2009
                  • 7182

                  #9
                  أستاذ بلقاسم علواش ..
                  لا أدري حقا كيف أعبّر لك عن فرحتي و قد أوليت باكورة أعمالي الكثير من اهتمامك و وقتك ..
                  كنت واثقة أن المجموعة وقعت بين أيد أمينة قديرة و أنها ستحظى بعمق الرؤية و التحليل و القراءة .
                  و لا أعرف كيف أشكرك ..
                  هذا مرور سريع لأقول لك بارك الله فيك و زادك من علمه و وفّقك في كل أعمالك ..
                  و كم هو الأدب بحاجة إلى أمثالك ..
                  سأعود قريبا .
                  مودّتي و تقديري.
                  يظن الناس بي خيرا و إنّي
                  لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                  تعليق

                  • محمد ثلجي
                    أديب وكاتب
                    • 01-04-2008
                    • 1607

                    #10
                    أخي المبدع بلقاسم علواش
                    تحيبة طيبة

                    قراءة موفقة لقاصة مبدعة بحق .. آسيا رحاحلية تنطلق كصاروخ نحو الإبداع .. لا أشك أبداً بقدراتها على التحليق عالياً في عوالم القصة . ثمة تشبع واضح من اللغة والصورة والسردية التي لا تشعر المتلقي بهذا الملل لحظة القراءة .. فالصور عادة ما تكون جاذبة متلاحمة مع بعضها .. فضلاً عن الأفكار الجديدة والمعنية بالواقع والمصير والإنسانية .

                    كل التقدير والمودة على ما تفضلت به أخي المبدع بلقاسم علواش من قراءة ورؤية من منطلق أدبي واع ومثقف
                    ***
                    إنه الغيبُ يا ضيّق الصدرِِ
                    يا أيها الراسخ اليومَ في الوهمِ والجهلِ
                    كم يلزمُ الأمرَ حتى يعلّمك الطينُ أنك منهُ
                    أتيت وحيدًا , هبطت غريبًا
                    وأنت كذلك أثقلت كاهلك الغضّ بالأمنياتِ
                    قتلت أخاك وأسلمته للغرابِ
                    يساوى قتيلاً بقابرهِ

                    تعليق

                    • بلقاسم علواش
                      العـلم بالأخـلاق
                      • 09-08-2010
                      • 865

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة مباركة بشير أحمد مشاهدة المشاركة
                      كل الشكر والتقدير أستاذ بلقاسم علواش ،على هذه الجولة النقدية بين كتابات لها وزنها الثقيل في عالم الإبداع القصصي النسائي للأديبة القديرة آسيا رحاحلية، وقد برهنت حقا أنك تمتلك حسا نقديا ورؤية عميقة ذات أبعاد . بيد أني أتساءل عن معنى الأدب المستعجل الذي وقفت عند عتبته في مقدمة حديثك عن الأديبات الناشئات ؟؟ و بعض الروايات التي عثرت على طريقها نحو النشر لانعدام الرقابة جراء الأحداث القاهرة في العشرية الحمراء ،هل سيحجر عليها في الركن الأسود بعد أن أشرقت شمس الأمان ؟ ثم ماذا بعد ؟؟ هل من انبعاث للأدب النسوي من جديد ؟كثير من المتفحصين للأوضاع الراهنة والسابقة وهي راكدة بين براثن الإنغلاق الفكري الإجتماعي يؤكدون أن أدب المرأة العربية وخاصة الجزائرية ،لايكتب له الإستمرار، ودليلهم في ذلك اختفاء الكاتبة أو الشاعرة عن مسرح الأحداث وانزوائها في باحة الدار بعد زواجها مالم يقدر لها أن تحظى بزوج خارج البلاد كما هو الحال للأديبة المشهورة عالميا صاحبة ذاكرة الجسد ،أو تمتلك مخزونا من الحرية يمكنها من التوغل في دروب تستعصي على غيرها كالأديبة زهور ونيسي ( وزيرة سابقة) فضيلة فاروق وزينب الأعوج وآسيا جبار،الشاعرة ربيعة جلطي ،اللواتي يعتبرن نجوما لامعة من المستحيل أن يأفل بريقها في الحياة .ثم هل من سبيل إلى اقتحام الأديبات ساحة الشهرة في الداخل إذا كان غيرهن من اللامعات قد توارين عن الأضواء كالشاعرة مبروكة بوساحة التي تعتبر أول شاعرة جزائرية صدر لها ديوان شعر باللغة العربية ( براعم) 1969 ،والمرحومة زوليخة مسعودي التي لولا تدخل نخبة من الأدباء ورصدهم لمحصولها الأدبي من قصص ومقالات لأمست رهينة النسيان؟؟...فقط.

                      تحيتي واحترامي.
                      الأستاذة الفذة مباركة بشير أحمد
                      ما اصطلح عليه بـ "الأدب الاستعجالي" هو وليد المرحلة التسعينية، وهو وسْمٌ يعم كتابة الجنسين، واللافت للنظر في هذه الفترة هو انفجار الأقلام الجديدة وأغلبها شابة وأكثر أهلها من الصحفيين، ترجمت يوميات الجزائريين، باللغتين؛ العربية والفرنسية، ولعلها كانت ردة فعل طبيعية على فعل القتل الذي طال المثقفين عامة والصحفيين على وجه الخصوص، فتكاثرت الأعمال الفنية الإبداعية مما أثار ذلك حفيظة الأدباء القدامى، والنقاد منهم بالخصوص، الذين هاجموا هذه النصوص وبخاصة الروائية منها وصنفوها ضمن ''الأدب الاستعجالي'' ومنهم من ترفق وسماها بـ"أدب المحنة"ووخزوها بالافتقار إلى جماليات الرواية الفنية وتقنياتها الكتابية، وساهم هذا الجدل النقاشي في إحداث شبه قطيعة بين الطرفين، وكأنه صراع الأجيال يطفو على سطح المساجلات النقدية.

                      فالبعض اعتبرها كتابة روائية أو قصصية لم تستكمل وقت النضج، وحرقت أشواط البلوغ، فولدت غير مكتملة، وعللوا ذلك بكون أغلب منتجيها هم صحفيون ذوو ميول أدبية ونزر من الروائيين الشباب، افتقروا إلى امتلاك آليات الكتابة الفنية الحديثة، فجاءت أغلب نصوصهم بلغة تقريرية ومباشرة
                      ومن هؤلاء الناقد والروائي والأستاذ الجامعي [محمد ساري]، وهو ممن عايش المرحلة وكتب عنها رواية "الورم"، والذي يرى أن نصوص الأزمة والفجيعة قليلة الأهمية الأدبية، أغلبها كتابات تقريرية تتصف بالتصوير الفوتوغرافي لوقائع وأحداث مرحلة العنف السياسي، بعيدا عن تقنيات وجماليات الفن السردي سواء أكان قصة أم رواية، واعتبرها رغبة وترجمة لحاجة الكاتب للتعبير عن مشاعره، أكثر ما كانت رغبة بكتابة نص أدبي جديد.
                      هذا، ناهيك عما يقوله عنها الروائي[بشير مفتي] وهو واحد ممن ظهر في هذه الفترة من أنها
                      جاءت بدوافع إيديولوجية تارة وتجارية تسويقية تارة أخرى، فأغلب كتابها فرنكفونيون اختاروا فرنسا وجهة لهم آنذاك وكتبوا فيها رواياتٍ تهاجم الإسلاميين. وقد''تسرَّعوا'' في كتابتها لأن أحداث العنف في الجزائر كانت تستقطب أنظار العالم كله لما عرفته من مجازر مهولة، فكان من الطبيعي أن يُقرأ جلّ ما يكتب عن الأزمة فاغتنم هؤلاء الفرصة للظهور والرواج، والحقيقة أن هذا الرأي يحتاج إلى إعادة نظر، لأن فيه من البعد عن الموضوعية وغمط حق الكتاب الشباب الشيىء الكثير.
                      والحقيقة أن هذا المصطلح فيه ظلم، وتجني على هذه المرحلة، فلكل مرحلة محاسنها ومساوئها، كما لكل جيل محاسنه ومساوئه، ولقد قرأنا روايات غاية في الجدة والجودة والجمالية الفنية أنتجتها المرحلة التسعينية، وقد توسط من النقاد والروائيين العدد الكبير كمثل عزالدين جلاوجي الذي مال إلى الرأي السابق المتوسط.كما أن جل الأعمال الخالدة الكبيرة كتبت في خضم الحروب والأخطار كما هو الحال مع الملحمة الخالدة"جلجامش"، وكما كتب مبدعو أمريكا الجنوبية وعروا الديكتاتوريات مع الفارق الفني الجمالي بينها وبين ماكتب عندنا.

                      وأما عن شق سؤالك الثاني فلا أعتقد أن هذه الكتابات ستختفي أو لاينسج على منوالها، لأنها تعالج مرحلة تاريخية منتهية لم يعد أحد ممن صنعها نافذا حتى يحجر عليها.
                      أما عن الأدب النسوى، وهل من انبعاث له من جديد؟ خصوصا مع تواري العديد من الأسماء، ومع حصول النجومية والشهرة خارج الجزائرفقط، فهذا أرده إلى سبب وحيد لا يوجد غيره عندي، وهو بنية المجتمع الجزائري الذي هو مجتمع ذكوري مازال محافظا ولا يسمح للمرأة أن تمارس دورها بالقدر الذي يبقيها مبدعة وناقدة وأديبة مستمرة العطاء، فإمكان زوج شرقي الهوى أن يقضي على إبداع كاتبة كبيرة كما يمكن ذلك أن تفعله الجهات الثقافية الرسمية كوزارة الثقافة مثلا التي لا تشجع سوى المهرجانات الرايوية حيث الردح والركح وماتلاهما.
                      وكل التحيات أستاذتي القديرة
                      وشرف لي تواجدك هنا بهذه الأسئلة الوجيهة
                      وتحياتي التي لاتنتهي









                      التعديل الأخير تم بواسطة بلقاسم علواش; الساعة 28-10-2011, 16:49.
                      لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
                      ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

                      {صفي الدين الحلّي}

                      تعليق

                      • بلقاسم علواش
                        العـلم بالأخـلاق
                        • 09-08-2010
                        • 865

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
                        أستاذ بلقاسم علواش ..
                        لا أدري حقا كيف أعبّر لك عن فرحتي و قد أوليت باكورة أعمالي الكثير من اهتمامك و وقتك ..
                        كنت واثقة أن المجموعة وقعت بين أيد أمينة قديرة و أنها ستحظى بعمق الرؤية و التحليل و القراءة .
                        و لا أعرف كيف أشكرك ..
                        هذا مرور سريع لأقول لك بارك الله فيك و زادك من علمه و وفّقك في كل أعمالك ..
                        و كم هو الأدب بحاجة إلى أمثالك ..
                        سأعود قريبا .
                        مودّتي و تقديري.
                        الأستاذة والأخت الكريمة آسيا القديرة
                        إن الأعمال الإبداعية تكاثرت في عالمنا العربي قديما وحديثا بل حتى في الوقت المعاصر، وفي شتى الأجناس والألوان الأدبية، ولم يجد النقد الحصيف، والنقاد المتمكنون الطريق إليهابعد، وعجبي من تلك الأعمال النقدية الأكاديمية التي تكرر نفسها حينما تعمد إلى بعض الأعمال وتتخمها بالقراءات وتفعيل آليات المناهج الحداثية، دون الالتفات إلى بقية الأعمال المتراكمة، المترامية في كل الربوع العربية.
                        ومن الغريب أن يجد القارئ المتابع الأستاذ المشرف على العمل النقدي يسمح للطالب أن يتناول أعماله كنماذج حية للدراسة والبحث، ومن هنا فالاستسهال الذي توسم به الأعمال الإبداعية كحال كتابات المحنة التسعينية في الجزائر، يقع فيه بعض النقاد ممن يسومونها بسوء الاستسهال ذاته.

                        وتحت هذا الهاجس، جاءت القراءة لمجوعتك القصصية، محاولة للتعريف بها والتشرف بمعانقة صدفاتها، وإني إذ أقرّ بالعجز والطفو فوق سطوحها بعيدا عن النفاذ إلى أعماق أعماقها، والتي لا يحسنها سوى البحّار الذي امتهن السباحة طويلاً، إلا أنني ممن يعتبر أن إشعال الشمعة خير ألف مرة من لعن الظلام.
                        وبحق وصدق، هي نصوص غاية في المتعة انطبعت في انكتابيتها بانطلاقة روحك البيضاء المشرقة، تستحق منا الكثير، ومن النقاد المحترفين بالخصوص، أن يولوها عنايتهم، فالنقد والتناول بالتحليل والتشريح يثري النص ويغني الكاتب ويمده بزاد المسير.
                        وأنت تستحقين هذا وزيادة أستاذنا المبدعة القديرة آسيا
                        فشكرا لك، آملين أن تتواصل المسيرة، وسلواك فيما قلناه أن الكثير من النصوص الكبيرة حوصرت في البداية، لكنها تغلغلت إلى القلوب وخُلَّدت بعد لأيٍِ، كما وقع لرواية بوريس باسترناك التي نقدت السائد، فحوربت لكنها انتصرت في النهاية على القمع والإقصاء ولو بعد رحيل صاحبها.
                        وتحياتي التي لا تنتهي


                        لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
                        ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

                        {صفي الدين الحلّي}

                        تعليق

                        • بلقاسم علواش
                          العـلم بالأخـلاق
                          • 09-08-2010
                          • 865

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة محمد ثلجي مشاهدة المشاركة
                          أخي المبدع بلقاسم علواش

                          تحيبة طيبة


                          قراءة موفقة لقاصة مبدعة بحق .. آسيا رحاحلية تنطلق كصاروخ نحو الإبداع .. لا أشك أبداً بقدراتها على التحليق عالياً في عوالم القصة . ثمة تشبع واضح من اللغة والصورة والسردية التي لا تشعر المتلقي بهذا الملل لحظة القراءة .. فالصور عادة ما تكون جاذبة متلاحمة مع بعضها .. فضلاً عن الأفكار الجديدة والمعنية بالواقع والمصير والإنسانية .


                          كل التقدير والمودة على ما تفضلت به أخي المبدع بلقاسم علواش من قراءة ورؤية من منطلق أدبي واع ومثقف
                          أهلا بك أستاذنا الكبير الناقد والمثقف والإنسان الفاضل محمد ثلجي
                          وإني لفي غبطة من أمر هذه التتويجات التي وشّح بها قلمك المجموعة القصصية للأستاذة القاصة آسيا رحاحلية، وهي تجربة ثرية قاربت الواقع ولامست بعضا من لحظاته الهاربة، ونحن إذ نشيد بقلمها فإننا نشد على يدها في استمرارية الزخم العطائي والإيغال في التجريب المنفتح على الرؤى المتعددة والمقارب للتيمات المتنوعة والقابض على أهم اللحظات الحاسمة في التجربة الإنسانية الحياتية بكل تجلياتها، كون التراكم وحده الكفيل برسم الصورة النهائية للأثر الأدبي، الذي ينشد الخلود دوماً كي لا يطاله البلى، ليبقى شاهدا على غنى تجربة الكتابة وثرائها.
                          ولا نجد ما يسعفنا لقاء توقيعك البهي، والذي هو شهادة من ضليع مطلع إلا أمنية للأستاذة آسيا في رحلتها الإبداعية في انبنائها على نظارة الفنية الجمالية والعمق الفكري الثري في أعمق صوره الإنسانية.
                          شكرا لك جزيلا أستاذنا القدير محمد ثلجي معطوفا بالتقدير والعرفان
                          وفعلا مرورك زادنا ثقة رغم بساطة المحاولة
                          وطفوها الجلي.
                          كل التحيات القلبية
                          لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
                          ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

                          {صفي الدين الحلّي}

                          تعليق

                          • آسيا رحاحليه
                            أديب وكاتب
                            • 08-09-2009
                            • 7182

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة بلقاسم علواش مشاهدة المشاركة
                            [gdwl]
                            العنوان الأصلي: ليلة تكلم فيها البحر

                            هل من المصادفة أن يأتي العنوان هكذا؟ هل أدخلته الكاتبة على نصوصها القصصية عنوة؟ هل تشكل العنوان قبل النص المنكتب أم بعده؟ وهل هو علامة تزين غلاف المطبوع أم له دلالاته؟
                            تلكم هي الأسئلة التي تقارب العتبة الأولى التي منها نلج لعوالم الكاتبة المبدعة آسيا رحاحلية، وإني إذ أحاول القبض على طرائق تشكل هذا العنوان والأنساق التي تزاحمت في ذهن الكاتبة ضمن أسيقة كتابية ووجودية واجتماعية ملحة فرضت نفسها على النص وكاتبته، فإني أحاول عبثا التوغل نحو العوالم الشفيفة المغلقة التي رافقت النص لحظة الميلاد، ولا أخفي على القارئ اللبيب أنني أمني النفس بالسباحة بعيداّ، حتى لحظة المخاض ولحظة الحمل ولحظة ما قبل تشكل الجنين النصي؟؟
                            ولكن هل في المقدرة هذا؟ وهل أقوى على تحقيق الأحلام بالسباحة في بحر متلاطم يكسوه الظلام، وتسيطر عليه الريح الهوجاء، وأنا بدون مجادف أتحكم منها وبها في قواربي؟ فالجواب: كلا، وعبثا سأحول التجريب!!!
                            نعم، لم يكن عالم آسيا رحاحلية رحبا فقط، بل كان عميقا، وخطرا، ورحلة مهولة محفوفة بكل الأخطار، فهو عالم البوح المنفجر، قد لا أجد له مقاربة من تلك التي مال إليها جاك لاكان، البوح النفسي، لدراسة السلوك، والولوج إلى العقل الباطن؟ لقراءة الماضي وسبر أغوار الحاضر، واستشفاف المستقبل واستشرافه، عبر هدير اللغة في منعرجات شديدة الانعطاف، كل هذا وأكثر هو عالم المبدعة آسيا رحاحلية.
                            إن الصورة التي يعلوها العنوان تدل على البحر بتلاطم أمواجه العالية ورياحه العاتية وقواربه المستصرخة المستغيثة، فلا يماثله ويدلل عليه سوى حالة النفس البشرية التي تعتلج بالحسرة، تبغي أن تبوح في كتابة جديدة، بصوت وميزة نسائية، في عالم ذكوري لا يقبل للمرأة أن تمارس دورها كاملاً، وأن تشاركه هاته الرحلة العابرة بحلوها ومرها، بعقلية ونزعة تشاركية، بل إنه يرفض هو النزول عن سلطة الوصاية الآتية من رواسب الفكر الماضوي في أسوأ عصور الانحطاط والتردي.
                            [/gdwl]
                            أعجبني جدا هذا التحليل أستاذي الكريم ..
                            لا أعتقد أنّ أي كاتب يختار عنوان كتابه اعتباطا أو مصادفة ..
                            و حتى لو حصل ذلك فإنّ في خبايا الكاتب دائما ما يبرّر ذلك الإختيار ..
                            و مع أنّ عنوان المجموعة ليلة تكلّم فيها البحر هو عنوان قصة معيّنة
                            عن شاب جزائري مهمّش بطّال ..
                            يقرّر ركوب البحر نحو الضفة الأخرى ..
                            إلا أني و ربما لاشعوريا..أسقطت العنوان على ذاتي تعبيرا عن
                            حالة الرفض للصمت و السكون..و الرضوخ و الإستكانة ..
                            حالة ربما طالت أكثر مما يجب ..
                            البحر قد يكون هنا هو القلم في انفجاره فوق الورق ..
                            أو هو الصدر في انفتاحه عمّا يعتمل فيه من بوح آن أن يظهر للنور..
                            أو هو الحلم أو الموهبة أو نبوءة اتى زمانها..

                            تحيّتي و تقديري لك أستاذي.
                            يظن الناس بي خيرا و إنّي
                            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                            تعليق

                            • آسيا رحاحليه
                              أديب وكاتب
                              • 08-09-2009
                              • 7182

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة محمد ثلجي مشاهدة المشاركة
                              أخي المبدع بلقاسم علواش
                              تحيبة طيبة

                              قراءة موفقة لقاصة مبدعة بحق .. آسيا رحاحلية تنطلق كصاروخ نحو الإبداع .. لا أشك أبداً بقدراتها على التحليق عالياً في عوالم القصة . ثمة تشبع واضح من اللغة والصورة والسردية التي لا تشعر المتلقي بهذا الملل لحظة القراءة .. فالصور عادة ما تكون جاذبة متلاحمة مع بعضها .. فضلاً عن الأفكار الجديدة والمعنية بالواقع والمصير والإنسانية .

                              كل التقدير والمودة على ما تفضلت به أخي المبدع بلقاسم علواش من قراءة ورؤية من منطلق أدبي واع ومثقف
                              كم أسعدني رأيك هذا أستاذ محمد ثلجي..
                              ملأني بالفرح و الفخر..
                              حفّزني و زادني إصرارا على مواصلة الدرب..
                              شكرا لك من كل قلبي..
                              يظن الناس بي خيرا و إنّي
                              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X