امـــــتـــــحـــــان عــــــســــــيــــــــر
في زاو ية البيت المنسي كانت ترقد محفظته البنية عند نهاية كل أسبوع ؛ بينما يتفرغ للعب وتقليد الكبار في أشغال الحقل . ويتذكر أنها محشوة بقلمين ودفتر وكراسة ؛ وأن شكلها استحال إلى (بوفية) لكثرة ما يتأبطها ؛ ويغدو بها ويروح . لكن في هذه الزاوية (رحمة ربي )مطمئنة البال قريرة العين ؛ لا يشغل بالها غيره .عندما يتناهى إلى سمعه أنها قادمة يتصورها امرأة ؛ رأسها في عنان السماء ؛ تجر ذيولا وتمشي بتؤدة كأنها تعبر الصراط . تخترق بنظراتها الحادة كل تفاصيل جسده . يود لو أنه أطلق ساقيه للريح وفر هاربا كي لا تبطش به ..... عندما يصغي إلى جدته وهي تكرر بصوتها الهادئ الرخيم رحمة (ربي جاية ) يلتف في منديله ويستسلم للنوم دون أن ينسى أنها قريبة منه قرب الند للند ... يتذكر أنه شرب في كؤوس زادا وفيرا من الخوف ؛ وابتلعه جرعة جرعة لونت حياته الطفولية بحزن قاتم ....
في إحدى الليالي راوده إحساس غريب معتقدا أن (رحمة ربي ) استحالت إلى ثعابين كثيرة لكثرة الأحاجي التي سمعها عن تناسخ الأرواح ؛ وبدت له على البساط المطرز بخطوط بارزة كأنها حقيقة ؛ فأطلق صرخة زلزلت أرجاء المكان ؛ انتفضت جدته واحتضنته كالتمامة بين ذراعيها ؛ هالها الأمر ؛ وانتابها حزن عميق ؛ بحثت عن الحيلة والألطاف لكن دون جدوى . فأبصرت دموع الخوف تنسكب على خديه وهو يقول بملء صراخه الطفو لي ".. هي ..هي " وتقول الجدة : " لا لا هذه مجرد خطوط ؛ هون عليك ؛ لا تخف .. كن شجاعا ".
أخذت بيده النحيفة المرتجفة تسحبها فوق الخطوط كي تزيل ما علق بذهنه من أوهام. أدرك أنها حملها ما لا تطيق فشعرت بالانهيار ؛ وكان عنوان رأفتها منتهى حنانها لتخفيف عذابه .ثم صاح في غمرة البكاء : "هي ..هي ". فضمته إلى صدرها وأجهشت هي أيضا في البكاء . كفكفت دموعها بطرفي منديلها الذي تلفه حول عنقها . بدا وجهها شاحبا وهي تشير بيدها الناعمة إلى السقف قائلة : انظر يا بني ( رحمة ربي ) هناك في الأعلى؛ في السقف .
نام ليلته بين أحضانها ؛ لكنه علم منذ ذلك الحين أن ( رحمة ربي) مكانها سماوي لذلك لا تؤذيه.
البوفية : أريكة صغيرة ذات شكل دائري أو مربع .
جاية : قادمة
في زاو ية البيت المنسي كانت ترقد محفظته البنية عند نهاية كل أسبوع ؛ بينما يتفرغ للعب وتقليد الكبار في أشغال الحقل . ويتذكر أنها محشوة بقلمين ودفتر وكراسة ؛ وأن شكلها استحال إلى (بوفية) لكثرة ما يتأبطها ؛ ويغدو بها ويروح . لكن في هذه الزاوية (رحمة ربي )مطمئنة البال قريرة العين ؛ لا يشغل بالها غيره .عندما يتناهى إلى سمعه أنها قادمة يتصورها امرأة ؛ رأسها في عنان السماء ؛ تجر ذيولا وتمشي بتؤدة كأنها تعبر الصراط . تخترق بنظراتها الحادة كل تفاصيل جسده . يود لو أنه أطلق ساقيه للريح وفر هاربا كي لا تبطش به ..... عندما يصغي إلى جدته وهي تكرر بصوتها الهادئ الرخيم رحمة (ربي جاية ) يلتف في منديله ويستسلم للنوم دون أن ينسى أنها قريبة منه قرب الند للند ... يتذكر أنه شرب في كؤوس زادا وفيرا من الخوف ؛ وابتلعه جرعة جرعة لونت حياته الطفولية بحزن قاتم ....
في إحدى الليالي راوده إحساس غريب معتقدا أن (رحمة ربي ) استحالت إلى ثعابين كثيرة لكثرة الأحاجي التي سمعها عن تناسخ الأرواح ؛ وبدت له على البساط المطرز بخطوط بارزة كأنها حقيقة ؛ فأطلق صرخة زلزلت أرجاء المكان ؛ انتفضت جدته واحتضنته كالتمامة بين ذراعيها ؛ هالها الأمر ؛ وانتابها حزن عميق ؛ بحثت عن الحيلة والألطاف لكن دون جدوى . فأبصرت دموع الخوف تنسكب على خديه وهو يقول بملء صراخه الطفو لي ".. هي ..هي " وتقول الجدة : " لا لا هذه مجرد خطوط ؛ هون عليك ؛ لا تخف .. كن شجاعا ".
أخذت بيده النحيفة المرتجفة تسحبها فوق الخطوط كي تزيل ما علق بذهنه من أوهام. أدرك أنها حملها ما لا تطيق فشعرت بالانهيار ؛ وكان عنوان رأفتها منتهى حنانها لتخفيف عذابه .ثم صاح في غمرة البكاء : "هي ..هي ". فضمته إلى صدرها وأجهشت هي أيضا في البكاء . كفكفت دموعها بطرفي منديلها الذي تلفه حول عنقها . بدا وجهها شاحبا وهي تشير بيدها الناعمة إلى السقف قائلة : انظر يا بني ( رحمة ربي ) هناك في الأعلى؛ في السقف .
نام ليلته بين أحضانها ؛ لكنه علم منذ ذلك الحين أن ( رحمة ربي) مكانها سماوي لذلك لا تؤذيه.
البوفية : أريكة صغيرة ذات شكل دائري أو مربع .
جاية : قادمة
تعليق