ما قبل الاعتراف المتأخر / محمد المهدي السقال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد المهدي السقال
    مستشار أدبي
    • 07-03-2008
    • 340

    ما قبل الاعتراف المتأخر / محمد المهدي السقال

    قصة قصيرة

    ما قبل الاعتراف المتأخر

    محمد المهدي السقال

    استرقت النظر في عيونهم خافقة دواخلي بتوجس ما يمكن أن يتهامسوا به في عز التظاهر بمشاركتي احتفال ما يسمونه ليلة الدخلة ، وأخيرا ضاعت منه سلطانيته ، انهزم المحارب على جبهة الرفض المطلق لطقوس اللعبة ، شعرت بالتقزز من لحظة انفصال ذاتي عن ذاتي ، سألني أخي ''أحمد'' عن التحول المفاجئ ، لم أكن أدري أنه سينقل عنّي بالحرف بعضاً من ردّي عليه ، فقد سرى بين صحابي وأهلي أنني ما أقدمت على ما أنا فيه سوى لرغبة في توقف النظر إلي كعانس قبل الأوان ، لكن ''أحمد'' كان أميناً فيما تبقّى من حديث حول خوفي من عجز محتمل عن أي فعل ، ابتسم مستغرباً حين أسررت له بنفي مداعبتي لها بأي شكل من الأشكال طوال فترة الخطوبة ، ثم علّق عليّ خائفاً من سكوتي عما قد لا تحمد عقباه ، وهو يستعرض أمثلة الذين تأخر بهم الزواج، فاكتشفوا أنهم في النهاية عاجزون عن قطرة دم في مثل هذه الليلة ، لم أشأ التعبير أمامه عن انزعاجي من فشل محتمل ، رغم أنه يدري أكثر من غيره ما كان بيننا من صعلكة في سوق النساء ، تبا لها من طقوس مقيتة.
    نما إلى سمعي أكثر من مرة ، حديث متقطع عن صلة قديمة بهذه المرأة التي قاسمتني الفراش لأزيد من عشرين عاما ، لعل أغربه صوغ حكاية بالغت في تجميل صورة الحب الذي كان بيننا ، استدل بعضهم برفضي المتواصل الزواج من بنات خالي وخالتي وعمتي وجارات كانت بينهن وبين أمي صلات جاوزت قرابة الدم ، أذكر ارتباط البداية بأوائل السبعينات، حين تحدثت الحكومة عن سنة بيضاء ، وهي تحكم بالإعدام على عام كامل من الدراسة ، ومن خلاله على عمر التربية والتعليم في البلاد إلى الآن ، كرهت اللون الأبيض ، بعدما ظل عندي رمزا للنقاء والطهر و أشياء أخرى تشكلت بالوهم في حلم أحمر،
    حين بادرتها بالسؤال ، كرهتُ من القطة الجميلة في القسم كما كنا نسميها، أن تكون خارج اللعبة ، برفضها الانخراط في الإضراب العام ،
    حاولت إقناعي بأن الإضراب هذه السنة سياسي ،
    وليكن ، ما لك أنت ؟
    انسحبت ، ولم ألتق بها إلا بعد عشر سنوات ، سألتها عن حياتها فاشمأزت مما هي فيه، استرسلتْ في لعن القدر والحكومة وأشياء أخرى ، وجدت فيها امتدادي للأقصى من غضب على كل شيء ، هل تزوجت ؟ أخجلتها بمفاجأة السؤال فردت : أنت كما أنت لم تتغير، لكنك تغيرتِ ، ولم يطل بنا الحديث في الشارع عند بوابة دكان أخي ، تسمع آخر الجمل فقال بنبرة ما حسبتها إلا ساخرة :
    تزوجها ، تبدو مناسبة لك ،
    نظرت إلى حالي المتمزق بين حلم في الحلم وحلم في الواقع ، بين أناقتها البسيطة وفوضوية شكلي الأقرب إلى تمثيل انشغالاتي ، قلت لأخي:
    ليس بيني وبينها شيء يربطني بها مما أختزنه عن صورة المرأة في ذاكرتي،
    عدنا إلى الفلسفة ،
    وتوقف عن الحديث، كنت أعرف أنه يفهم ما أقول ، ألم يكن أستاذاً قبل اعتزاله الخدمة في أول احتكاك له بالنظام التعليمي المترهل ؟ ثم استدرك:
    تزوجها ، على الأقل ستحمي نفسك من القيل والقال، وكان عملياً في مساعدتي مادياً لإقامة هذا الحفل ، لكنه وحده ظل يعرف أني كنت أصنع هامشا لوجودي غير الذي أنا منشغل به .

    ***********

    " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "
  • رشيدة فقري
    عضو الملتقى
    • 04-06-2007
    • 2489

    #2
    اخي الكريم محمد المهدي السقال
    كما تعلم اخي اني لا اقراك قراءة ضوئية
    لان قلمك يفرض علينا قراءات متعددة
    ولهذا استاذنك في العودة بعد سبر اغوارهذا العمل الباذخ
    وفي نقله الى القصة القصيرة حيث مكانه الانسب
    تقديري وودي
    اختك رشيدة فقري
    [url=http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=1035][color=#008080]رسالة من امراة عادية الى رجل غير عادي[/color][/url]

    [frame="6 80"][size=5][color=#800080]
    عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتـي العَزائِـمُ
    وَتأتـي علَى قَـدْرِ الكِرامِ المَكـارمُ
    وَتَعْظُمُ فِي عَينِ الصّغيـرِ صغارُهـا
    وَتَصْغُرُ فِي عَيـن العَظيمِ العَظائِـمُ[/color][/size][/frame]
    [align=center]
    [url=http://gh-m.in-goo.net/login.forum][size=5]جامعة المبدعين المغاربة[/size][/url][/align]
    [URL="http://mountadaal3acharah.4rumer.com/index.htm"]http://mountadaal3acharah.4rumer.com/index.htm[/URL]

    [url=http://www.racha34.piczo.com/?cr=2][COLOR="Purple"][SIZE="4"][SIZE="5"]موقعي[/SIZE][/SIZE][/COLOR][/url]

    تعليق

    • محمد المهدي السقال
      مستشار أدبي
      • 07-03-2008
      • 340

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة رشيدة فقري مشاهدة المشاركة
      اخي الكريم محمد المهدي السقال
      كما تعلم اخي اني لا اقراك قراءة ضوئية
      لان قلمك يفرض علينا قراءات متعددة
      ولهذا استاذنك في العودة بعد سبر اغوارهذا العمل الباذخ
      وفي نقله الى القصة القصيرة حيث مكانه الانسب
      تقديري وودي
      اختك رشيدة فقري
      في انتظار إطلالتك التي أعتز بها كعادتي حين أقف عند تعليقاتك ، أحب لفت الانتباه إلى أن النص مرتبط بسابقه '' اعتراف متأخر '' ضمن '' ثلاثية الاعتراف ''.
      أما تنظيميا فلك مطلق الصلاحية للنقل من غير استئذان أخيتي رشيدة.
      تحية صدق

      " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "

      تعليق

      • جوتيار تمر
        شاعر وناقد
        • 24-06-2007
        • 1374

        #4
        السقال المبدع...

        استحضار لماض ترك ماهيته على جدران الذاكرة ،التي هنا تلعب دور الشرطي والرقيب على الذات نفسها ، تم الاستحضار بتقينة رائعة ، جعلت من تعاقب الزمكانية ينسجم مع الحكي ، ويتوغل في حقل التجريب ، النص بلا مقدمات يدخلنا في اجوائه الممهدة لخرق ذهني آت ،الذاكرة هنا تتعشب لتخلق فضاء خاص منه يستقي النص ادواته لخرق الزمكانية ، الذات هنا تعيش حالة بين الاعادة والاستعادة فيملي عليها رؤاها ما هو يناقض تكوينها ، فتبحث في افق الذات الاخرى مداها ، لكنها تصطدم بواقع له يكشف الإستبطان لدواخل الذات و توتراتها كشفا لسلوكياتها الروحية الدفينة من خلال محيطها الثقافي و الإجتماعي والسياسي ،فتفضي باستقرائية الى تفاصيل دالة ، موحية ، فالاحمر والبياض هنا لهما اكثر من مدلول ، لكنها اذا ما قولبت بقالب اجتماعي يختصر رسمها على تأثيث سريري ، لكن ما يجعلن ياراه ابعد واعمق كونها رافقت استحضار ذهني مسبق ، وهنا يأتي الشرود ويخلق عالمه الوهمي في الذات ، وكأني بالنص كما في اعتراف متأخر يخلق في المتلقي ماهية الذاكرة بين ثلاثية اخرى ، الاستحضار ، والواقع ، الانتظار ، الذات ، الذات الاخرى ، الختمة.


        دم بخير
        محبتي
        جوتيار

        تعليق

        • محمد المهدي السقال
          مستشار أدبي
          • 07-03-2008
          • 340

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة جوتيار تمر مشاهدة المشاركة
          السقال المبدع...

          استحضار لماض ترك ماهيته على جدران الذاكرة ،التي هنا تلعب دور الشرطي والرقيب على الذات نفسها ، تم الاستحضار بتقينة رائعة ، جعلت من تعاقب الزمكانية ينسجم مع الحكي ، ويتوغل في حقل التجريب ، النص بلا مقدمات يدخلنا في اجوائه الممهدة لخرق ذهني آت ،الذاكرة هنا تتعشب لتخلق فضاء خاص منه يستقي النص ادواته لخرق الزمكانية ، الذات هنا تعيش حالة بين الاعادة والاستعادة فيملي عليها رؤاها ما هو يناقض تكوينها ، فتبحث في افق الذات الاخرى مداها ، لكنها تصطدم بواقع له يكشف الإستبطان لدواخل الذات و توتراتها كشفا لسلوكياتها الروحية الدفينة من خلال محيطها الثقافي و الإجتماعي والسياسي ،فتفضي باستقرائية الى تفاصيل دالة ، موحية ، فالاحمر والبياض هنا لهما اكثر من مدلول ، لكنها اذا ما قولبت بقالب اجتماعي يختصر رسمها على تأثيث سريري ، لكن ما يجعلن ياراه ابعد واعمق كونها رافقت استحضار ذهني مسبق ، وهنا يأتي الشرود ويخلق عالمه الوهمي في الذات ، وكأني بالنص كما في اعتراف متأخر يخلق في المتلقي ماهية الذاكرة بين ثلاثية اخرى ، الاستحضار ، والواقع ، الانتظار ، الذات ، الذات الاخرى ، الختمة.


          دم بخير
          محبتي
          جوتيار
          **
          لقد تشكل لدي في ضوء تواصلك مع النصوص ، اقتناع عميق بما يمكن أن ينشأ من اتصال وجداني بين الكاتب والمتلقي ، ذلك أن الانطباع الذي تتركه في نفسي قراءاتك أخي جوتيار ، يزيد من اعتقادي بأن النص في النهاية مشاع ليس من حق كاتبه ادعاء تفرده بالسلطة عليه .
          أصدق التحية
          محمد المهدي السقال

          " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "

          تعليق

          يعمل...
          X