كم هو صعب بحق اختيار أول نص ... من كتاباتي ليقرأه أدباء كبار
مثلكم ولكنني انتقيت هذا النص آملة أن ينال استحسانكم ورضاكم..
[align=center] (( ركام ... أم اعوام ))
من خلال نافذة عتيقة تطل على وادي حار مقفر لا زرع فيه ولا حياة ... يوجد ذلك المنزل الذي عاثت به الغبرة حتى أنك تشم رائحتها وهي تصعد متسللة إلى رئتيك لتشعرك بناقوس الخطر يقترب حتى تسد أنفك والذي هو الممر لذرات الغبار تلك ... فتنظر من حولك فإذا كل شيء قد تغير لونه ورائحته ... حتى السجاد الصيني ... والحرير البلجيكي موجوداً ولكنه بات عتيقاً مهترئاً ...
وإذا تركت لعينيك الفضوليتين المجال ستصعد مع السلم لترى ما حال تلك الغرف في الطابق العلوي هل هي مثل تلك الدرجات المتشققة ... أم أنها أفضل حالاً ... فتبدأ لتصعد السلم درجة تلو الأخرى بخطى ثابتة وحذرة خوفاً من السقوط ... وتسمع ضجيج الأصوات يصدح صداها عبر الممرات المؤدية لتلك الغرف ... فهذا صوت لطفلة صغيرة تلهو وتقفز ... حتى انك تسمع صوت قرع حذاءها وترى أشباح الدمى الصغيرة التي كانت تلعب بها مستمتعة ... وهي مترامية في كل مكان على الأرض وعلى درجات السلم وفي الممر المؤدي لغرفتها الصغيرة ...
وهذا صوت حنون دافئ ينادي بعطف ...هيا يا صغيرتي حان موعد النوم ... ويشد أذنك سماع صوت آخر صوت أجش ... جهور ... حاد ... يتكلم بكلام منمق وكأنه كلاماً سياسياً ... بالطبع فقد كان دبلوماسياً ...
وهاهو صوت الأخت الكبرى وهي تدندن بأغنية تسلي نفسها فيما تخبز الكعك المحلى بالشوكلاتة والذي فاحت رائحته من المطبخ الإضافي للطابق العلوي ... وعيناها تتأمل المنظر الجميل للوادي من نافذة المطبخ ...
عيناك تترقب ... وأذناك تسمع كل ما يقال بل كل ما يحدث ... ولكنها مجرد أشباح لشخصيات عاشوا في المكان... ترى لما أصبح هذا المنزل بهذا المنظر ... بعد أن كان زاهراً وعامراً بأهله والذين كانوا عائلة لطيفة ... تعيش كباقي العائلات ... الجواب ببساطة ... دارت الأيام ... ومشت بهم السنين لتتزوج الفتاتين ... ويمرض ويموت الوالد ... لتبقى الأم وحيدة لسنه واحده بعد وفاة الوالد ... ثم لحقت به هي الأخرى وتركوا جميعا هذا المنزل خالياً بهذه الصورة الميتة ... والجافة ... فهذا حال الدنيا ... إن زانت لك أعوام فإنها ذات يوم تصبح كالركام .[/align]
عهود الحربي
مثلكم ولكنني انتقيت هذا النص آملة أن ينال استحسانكم ورضاكم..
[align=center] (( ركام ... أم اعوام ))
من خلال نافذة عتيقة تطل على وادي حار مقفر لا زرع فيه ولا حياة ... يوجد ذلك المنزل الذي عاثت به الغبرة حتى أنك تشم رائحتها وهي تصعد متسللة إلى رئتيك لتشعرك بناقوس الخطر يقترب حتى تسد أنفك والذي هو الممر لذرات الغبار تلك ... فتنظر من حولك فإذا كل شيء قد تغير لونه ورائحته ... حتى السجاد الصيني ... والحرير البلجيكي موجوداً ولكنه بات عتيقاً مهترئاً ...
وإذا تركت لعينيك الفضوليتين المجال ستصعد مع السلم لترى ما حال تلك الغرف في الطابق العلوي هل هي مثل تلك الدرجات المتشققة ... أم أنها أفضل حالاً ... فتبدأ لتصعد السلم درجة تلو الأخرى بخطى ثابتة وحذرة خوفاً من السقوط ... وتسمع ضجيج الأصوات يصدح صداها عبر الممرات المؤدية لتلك الغرف ... فهذا صوت لطفلة صغيرة تلهو وتقفز ... حتى انك تسمع صوت قرع حذاءها وترى أشباح الدمى الصغيرة التي كانت تلعب بها مستمتعة ... وهي مترامية في كل مكان على الأرض وعلى درجات السلم وفي الممر المؤدي لغرفتها الصغيرة ...
وهذا صوت حنون دافئ ينادي بعطف ...هيا يا صغيرتي حان موعد النوم ... ويشد أذنك سماع صوت آخر صوت أجش ... جهور ... حاد ... يتكلم بكلام منمق وكأنه كلاماً سياسياً ... بالطبع فقد كان دبلوماسياً ...
وهاهو صوت الأخت الكبرى وهي تدندن بأغنية تسلي نفسها فيما تخبز الكعك المحلى بالشوكلاتة والذي فاحت رائحته من المطبخ الإضافي للطابق العلوي ... وعيناها تتأمل المنظر الجميل للوادي من نافذة المطبخ ...
عيناك تترقب ... وأذناك تسمع كل ما يقال بل كل ما يحدث ... ولكنها مجرد أشباح لشخصيات عاشوا في المكان... ترى لما أصبح هذا المنزل بهذا المنظر ... بعد أن كان زاهراً وعامراً بأهله والذين كانوا عائلة لطيفة ... تعيش كباقي العائلات ... الجواب ببساطة ... دارت الأيام ... ومشت بهم السنين لتتزوج الفتاتين ... ويمرض ويموت الوالد ... لتبقى الأم وحيدة لسنه واحده بعد وفاة الوالد ... ثم لحقت به هي الأخرى وتركوا جميعا هذا المنزل خالياً بهذه الصورة الميتة ... والجافة ... فهذا حال الدنيا ... إن زانت لك أعوام فإنها ذات يوم تصبح كالركام .[/align]
عهود الحربي
تعليق