على مقربة منه, وجدتني أقف منزوع الإرادة ..
أرقبه بحذر.. وعنقي دون تحكمي يلتوي معه, أحدق إلى وقع بصره ولا شئ يشد الأنظار!
أتحرك نفس حركاته الواهنة, وأتمايل مع سنه المفرط..
داهمني بضحكة مباغتة, كشفت عن فكه اللحمي الفارغ, إلا من ناب أبقته هموم الزمن.
تمتم بكلمات غير مفهومة, وجدت صعوبة في التقاطها.
وقت وجيز , وكانت الشمس تتسحب من فوق رؤسنا بهدوء, فعلى ما يبدو أنها لم ترد تشويشا, ولا تعكيرا لصفاء هذا اللقاء المصمت.
أكدت بستائرها الصفراء على الظهيرة, وأعلنت عن حرارتها المتقدة.
اشتدت السخونة بحذائي المفتوق, ونجحت أصابعي في الخروج لرؤية ما أصابني,وأوقفني هذه المدة الطويلة؟
ظلت متلصصة؛ محاولة العثور على تفسير يبين لها هذه الصورة الباهتة !
العم واصف ظهر من الطريق الجانبي, وظهر على سحنته السأم.
ملّ من التنقل بالصحف اليومية, فأضحت مهنة غير متكافئة مع صحته وسنه الكبير.
وها هو يدفع أمامه عربة محملة بأنواع متباينة من الفول السوداني, والترمس, وقد صُفت بالقلل والأواني الفخارية.
علت الشمس أكثر.. واشتدت اكثر وأكثر.. وبدأ العم واصف يدفع عربته إلى المظلة المجاورة.
أرمقه مقطبا حاجبي, كما يرقب الصقر هدفه. دس يده في (الصديري), وأخرج علبة معدنية بها بعض التبغ الغامق.. بمهارة تحسب له صنع لفافة صغيرة..
دقائق واختفت من بين أصابعه في الهواء.. لكن سرعان ما أعد أخرى , محدثا بدخانها دوائر ومنحنيات.
عند هذا الحد وأصبحت غير قادر على الوقوف, ولا أحتمل رؤية هذه الأفعال المجنونة, فأحيانا يبتسم, وأحيانا يبكي, ونادرا ما يتحدث بنفس كلماته غير المفهومة.
العم واصف مازال مختبئا من وقدة النهار, ومحافظا على طراوة بضاعته , وطزاجة الحلبة الخضراء, مبللا أطراف أوانيها بالماء المنبثق عن الترمس والقلل.
انتفض العجوز فجأة, ململما أعضاءه الهشة, كمن يرقب حدوث أمر جلل, تاركا علبته المعدنية على الأرض...
على مشارف الطريق المقابل , ظهر شاب يماثلني في السن, يرتدي قميصا وبنطالا فاخرين, وبيده حقيبة مدلاة إلى الأرض.
قريبا من العربة بادله عم واصف التحية.
وأسرع ناحية العجوز, الذي نطق أخيرا بجملة مفهومة :
غيبتك طالت قوي يابني !
دس رأسه في صدره, محتضنه بعينين دامعتين, ثم اصطحبه.
عدت إلى مكانه, آخذا علبة التبغ, صنعت واحدة, أشعلتها, وجلست إلى جوار عم واصف, متناولا منه قرطاسا من الترمس , التقط منه واحدة أو قبضة ، وأدردبها على فمي ، و أنا أرصدهما حتى ابتلعتهما الشوارع الميتة.
أرقبه بحذر.. وعنقي دون تحكمي يلتوي معه, أحدق إلى وقع بصره ولا شئ يشد الأنظار!
أتحرك نفس حركاته الواهنة, وأتمايل مع سنه المفرط..
داهمني بضحكة مباغتة, كشفت عن فكه اللحمي الفارغ, إلا من ناب أبقته هموم الزمن.
تمتم بكلمات غير مفهومة, وجدت صعوبة في التقاطها.
وقت وجيز , وكانت الشمس تتسحب من فوق رؤسنا بهدوء, فعلى ما يبدو أنها لم ترد تشويشا, ولا تعكيرا لصفاء هذا اللقاء المصمت.
أكدت بستائرها الصفراء على الظهيرة, وأعلنت عن حرارتها المتقدة.
اشتدت السخونة بحذائي المفتوق, ونجحت أصابعي في الخروج لرؤية ما أصابني,وأوقفني هذه المدة الطويلة؟
ظلت متلصصة؛ محاولة العثور على تفسير يبين لها هذه الصورة الباهتة !
العم واصف ظهر من الطريق الجانبي, وظهر على سحنته السأم.
ملّ من التنقل بالصحف اليومية, فأضحت مهنة غير متكافئة مع صحته وسنه الكبير.
وها هو يدفع أمامه عربة محملة بأنواع متباينة من الفول السوداني, والترمس, وقد صُفت بالقلل والأواني الفخارية.
علت الشمس أكثر.. واشتدت اكثر وأكثر.. وبدأ العم واصف يدفع عربته إلى المظلة المجاورة.
أرمقه مقطبا حاجبي, كما يرقب الصقر هدفه. دس يده في (الصديري), وأخرج علبة معدنية بها بعض التبغ الغامق.. بمهارة تحسب له صنع لفافة صغيرة..
دقائق واختفت من بين أصابعه في الهواء.. لكن سرعان ما أعد أخرى , محدثا بدخانها دوائر ومنحنيات.
عند هذا الحد وأصبحت غير قادر على الوقوف, ولا أحتمل رؤية هذه الأفعال المجنونة, فأحيانا يبتسم, وأحيانا يبكي, ونادرا ما يتحدث بنفس كلماته غير المفهومة.
العم واصف مازال مختبئا من وقدة النهار, ومحافظا على طراوة بضاعته , وطزاجة الحلبة الخضراء, مبللا أطراف أوانيها بالماء المنبثق عن الترمس والقلل.
انتفض العجوز فجأة, ململما أعضاءه الهشة, كمن يرقب حدوث أمر جلل, تاركا علبته المعدنية على الأرض...
على مشارف الطريق المقابل , ظهر شاب يماثلني في السن, يرتدي قميصا وبنطالا فاخرين, وبيده حقيبة مدلاة إلى الأرض.
قريبا من العربة بادله عم واصف التحية.
وأسرع ناحية العجوز, الذي نطق أخيرا بجملة مفهومة :
غيبتك طالت قوي يابني !
دس رأسه في صدره, محتضنه بعينين دامعتين, ثم اصطحبه.
عدت إلى مكانه, آخذا علبة التبغ, صنعت واحدة, أشعلتها, وجلست إلى جوار عم واصف, متناولا منه قرطاسا من الترمس , التقط منه واحدة أو قبضة ، وأدردبها على فمي ، و أنا أرصدهما حتى ابتلعتهما الشوارع الميتة.
تعليق