ولأكل الترمس طرق أخرى .. !! محمد سلطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    ولأكل الترمس طرق أخرى .. !! محمد سلطان

    على مقربة منه, وجدتني أقف منزوع الإرادة ..
    أرقبه بحذر.. وعنقي دون تحكمي يلتوي معه, أحدق إلى وقع بصره ولا شئ يشد الأنظار!
    أتحرك نفس حركاته الواهنة, وأتمايل مع سنه المفرط..
    داهمني بضحكة مباغتة, كشفت عن فكه اللحمي الفارغ, إلا من ناب أبقته هموم الزمن.
    تمتم بكلمات غير مفهومة, وجدت صعوبة في التقاطها.
    وقت وجيز , وكانت الشمس تتسحب من فوق رؤسنا بهدوء, فعلى ما يبدو أنها لم ترد تشويشا, ولا تعكيرا لصفاء هذا اللقاء المصمت.
    أكدت بستائرها الصفراء على الظهيرة, وأعلنت عن حرارتها المتقدة.
    اشتدت السخونة بحذائي المفتوق, ونجحت أصابعي في الخروج لرؤية ما أصابني,وأوقفني هذه المدة الطويلة؟
    ظلت متلصصة؛ محاولة العثور على تفسير يبين لها هذه الصورة الباهتة !
    العم واصف ظهر من الطريق الجانبي, وظهر على سحنته السأم.
    ملّ من التنقل بالصحف اليومية, فأضحت مهنة غير متكافئة مع صحته وسنه الكبير.
    وها هو يدفع أمامه عربة محملة بأنواع متباينة من الفول السوداني, والترمس, وقد صُفت بالقلل والأواني الفخارية.
    علت الشمس أكثر.. واشتدت اكثر وأكثر.. وبدأ العم واصف يدفع عربته إلى المظلة المجاورة.
    أرمقه مقطبا حاجبي, كما يرقب الصقر هدفه. دس يده في (الصديري), وأخرج علبة معدنية بها بعض التبغ الغامق.. بمهارة تحسب له صنع لفافة صغيرة..
    دقائق واختفت من بين أصابعه في الهواء.. لكن سرعان ما أعد أخرى , محدثا بدخانها دوائر ومنحنيات.
    عند هذا الحد وأصبحت غير قادر على الوقوف, ولا أحتمل رؤية هذه الأفعال المجنونة, فأحيانا يبتسم, وأحيانا يبكي, ونادرا ما يتحدث بنفس كلماته غير المفهومة.
    العم واصف مازال مختبئا من وقدة النهار, ومحافظا على طراوة بضاعته , وطزاجة الحلبة الخضراء, مبللا أطراف أوانيها بالماء المنبثق عن الترمس والقلل.
    انتفض العجوز فجأة, ململما أعضاءه الهشة, كمن يرقب حدوث أمر جلل, تاركا علبته المعدنية على الأرض...
    على مشارف الطريق المقابل , ظهر شاب يماثلني في السن, يرتدي قميصا وبنطالا فاخرين, وبيده حقيبة مدلاة إلى الأرض.
    قريبا من العربة بادله عم واصف التحية.
    وأسرع ناحية العجوز, الذي نطق أخيرا بجملة مفهومة :
    غيبتك طالت قوي يابني !
    دس رأسه في صدره, محتضنه بعينين دامعتين, ثم اصطحبه.
    عدت إلى مكانه, آخذا علبة التبغ, صنعت واحدة, أشعلتها, وجلست إلى جوار عم واصف, متناولا منه قرطاسا من الترمس , التقط منه واحدة أو قبضة ، وأدردبها على فمي ، و أنا أرصدهما حتى ابتلعتهما الشوارع الميتة.
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد سلطان; الساعة 03-11-2011, 10:51.
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    الزميل الرائع محمد ابراهيم سلطان :
    عاش القلم الذي يدخل أغوار النفس الإنسانيّة بهذا العمق ..
    يحدّق إلى الملامح المنكسرة بعيني صقر ..
    يستجلب الدمعة رغم مكابرة كمونها ..
    رأيت هنا قلمك المتمكّن أديبنا المتميّز محمد ، يكتب على رقعةٍ كبيرةٍ من مساحات الرّوح ..لرصد لحظات ما قبل المغيب..
    فأتيت بالدهشة ، والتأمّل ..
    وأبقيت حتى آخر حرفٍ
    رجع لحنٍ حزينٍ، سيبقى صداه طويلاً..
    سلمتْ يداك أيها المبدع ، الذي عوّدنا على الرّوائع ..
    أهديك أحلى أمنياتي ...وتحيّاتي

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3
      محمد ابراهيم سلطان
      أين أنت؟
      لم الغيبة؟
      هل أنت زعلان؟
      هل أنت غاضب؟
      يجب أن ترد على كل هذه الأسئلة
      و
      نص جميل محمد
      كان سهلا بكل شيء لكنه راصد
      رصدت الحركات
      رصدت الهموم
      رصدت العمر والبقاء المعركة مع لقمة العيش
      رصدت البطالة . وأنت تجلس بلاعمل
      رصدت هموم الشارعنص جميل وناعم حتى بشجنه.
      كنت تنسل بين الحروف كنسمة
      ودي ومحبتي لك أيها الغالي
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • محمد سلطان
        أديب وكاتب
        • 18-01-2009
        • 4442

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
        الزميل الرائع محمد ابراهيم سلطان :
        عاش القلم الذي يدخل أغوار النفس الإنسانيّة بهذا العمق ..
        يحدّق إلى الملامح المنكسرة بعيني صقر ..
        يستجلب الدمعة رغم مكابرة كمونها ..
        رأيت هنا قلمك المتمكّن أديبنا المتميّز محمد ، يكتب على رقعةٍ كبيرةٍ من مساحات الرّوح ..لرصد لحظات ما قبل المغيب..
        فأتيت بالدهشة ، والتأمّل ..
        وأبقيت حتى آخر حرفٍ
        رجع لحنٍ حزينٍ، سيبقى صداه طويلاً..
        سلمتْ يداك أيها المبدع ، الذي عوّدنا على الرّوائع ..
        أهديك أحلى أمنياتي ...وتحيّاتي
        إيمان الدرع ملكة الإنسانية ..
        أسعدني حضورك بهذا الزخم من مشاعر أنا متأكد منها .. ومدركها ..
        أشكر لك هذه الطلاوة الأروع وكلماتك المشجعة ..
        وأين سنذهب جنبك سيدتي وأنت سيدة هذا النوع من القص الإنساني
        تحياتي لك وتقديري أستاذة إيمان ..
        ومعك أردد تعيش وتسلم يا وطني.
        صفحتي على فيس بوك
        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

        تعليق

        • محمد سلطان
          أديب وكاتب
          • 18-01-2009
          • 4442

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          محمد ابراهيم سلطان
          أين أنت؟
          لم الغيبة؟
          هل أنت زعلان؟
          هل أنت غاضب؟
          يجب أن ترد على كل هذه الأسئلة
          و
          نص جميل محمد
          كان سهلا بكل شيء لكنه راصد
          رصدت الحركات
          رصدت الهموم
          رصدت العمر والبقاء المعركة مع لقمة العيش
          رصدت البطالة . وأنت تجلس بلاعمل
          رصدت هموم الشارعنص جميل وناعم حتى بشجنه.
          كنت تنسل بين الحروف كنسمة
          ودي ومحبتي لك أيها الغالي
          عائدة الأغلى ,,
          وحشتني حديثك وقربك مني .. أشعرتيني فعلا بأنك كما انت وستبقين ..
          والدليل أنك تشعرين وحدسك عالي جدا ..
          نعم عائدة بعض الأمور البسيطة التي تشغل بال صاحبها .. فتبدو له جبال من الهم ..
          الحمد لله أنا بخير .. وبخصوص شغلي فالحمد لله وبعد خناق مع وزارة التربية والتعليم تسلمت أخيرا أعادة تشغيلي بعدما تحججوا في البداية وقالوا " محدش قالك تسافر" .. ومستورة والحمد لله ..
          أما عن النص وما به . فكلها لقطات تبدو واضحة في مجتمعاتنا الشرقية وبكثرة .. وتأثر فينا بالتأكيد ..
          سعيد بهذا القرب وهذه المشاعر الصداقة منك يا سيدة البلاد الفراتية ..
          تحياتي لك وسلامي لكل أهلنا بالعراق القريب من القلب..
          صفحتي على فيس بوك
          https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

          تعليق

          • فوزي سليم بيترو
            مستشار أدبي
            • 03-06-2009
            • 10949

            #6
            أنقع حفنة من حبوب الترمس في الماء من يومين إلى ثلاثة أو أربعة ...
            إلى أن تذهب مرارته . أضعه على نار هادئة ، لدقائق حتى يستوي .
            أفرده على صينية ، وأركنه بمواجهة تيار هواء ، إلى أن يبرد .
            أطلب النارجيلة من المقهى الماجور " ديليفري " وأجلس في - البلكونة -
            وبيدي - شوب البيرة البارد - أمارس اجترار أحلامي على وقع موسيقى " رق الحبيب " .
            هذه طريقتي لأكل الترمس أخي الحبيب محمد إبراهيم سلطان .
            جرجرني هذا النص البديع لكورنيش النيل وذكريات زمن مضى .
            مودتي
            فوزي بيترو

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              جميلة محمد
              لغة و أسلوبا
              و معالجة
              ربما تحمل كثيرا من شجن أو قليلا منه
              لكنه كان كافيا لرؤية ملامح الصورة
              كان الصدق هو سيد الموقف
              و لذا رغم بساطة الحالة و اعتيادها بدت جميلة !

              محبتي
              sigpic

              تعليق

              • سمية البوغافرية
                أديب وكاتب
                • 26-12-2007
                • 652

                #8
                يقال عن القصة القصيرة أنها مثل الطلقة..
                فكانت قصتك بالفعل تجسيدا جميلا لهذا المعنى
                أحييك على هذه الحرفية الجميلة في نسج القصة
                ومزيدا من الإبهار أنتظره منك الأخ محمد
                سؤال: ما هو الترمس؟!
                التعديل الأخير تم بواسطة سمية البوغافرية; الساعة 02-11-2011, 07:41.

                تعليق

                • ريما ريماوي
                  عضو الملتقى
                  • 07-05-2011
                  • 8501

                  #9
                  شكرا لك استاذ محمد سلطان,
                  نجحت في أن تنقل لنا مشهدا كأنّه مصور من حارة شعبيّة
                  وساعدتني في استعادة ذكرياتي لمنظر الترمس,
                  والفول والحمص المسلوق المرصوص في العربة,
                  وكنا نتحلّق حول البائع , نشتري ببضعة قروش
                  ونتلذذ بأكله وعندما ننهي , نتوسل للبائع
                  أن يضع لنا قليلا من ماء سلق الفول
                  مع الكمّون كي نشربه فوق البيعة ,
                  يااه ما زلت أذكر الطعم.

                  يعطيك الصحة والعافية,

                  احترامي وتقديري.


                  تحياااتي.
                  التعديل الأخير تم بواسطة ريما ريماوي; الساعة 02-11-2011, 11:57.


                  أنين ناي
                  يبث الحنين لأصله
                  غصن مورّق صغير.

                  تعليق

                  • صالح صلاح سلمي
                    أديب وكاتب
                    • 12-03-2011
                    • 563

                    #10
                    الاستاذ.. محمد ابراهيم
                    التقريبه الشعبيه في نصوصك..شيء لاتخطئه الابصار
                    لكن في هذا النص لمحت تأثرا بقرائات غربيه
                    تمتلك خيارات ادبيه متنوعه
                    لأيصال الفكره.. مع اكبر قدرممكن من التأثيرفي المتلقي
                    شكرا لك.

                    تعليق

                    • آسيا رحاحليه
                      أديب وكاتب
                      • 08-09-2009
                      • 7182

                      #11
                      أحب نصوصك أخي محمد ..
                      فيها عفوية و بساطة و صدق .
                      إلى جانب جمال اللغة و دقّة التصوير ..
                      صوّرت المشهد هنا ببراعة .
                      تحيّتي و دام عطاء قلمك .
                      يظن الناس بي خيرا و إنّي
                      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                      تعليق

                      • محمد سلطان
                        أديب وكاتب
                        • 18-01-2009
                        • 4442

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
                        أنقع حفنة من حبوب الترمس في الماء من يومين إلى ثلاثة أو أربعة ...
                        إلى أن تذهب مرارته . أضعه على نار هادئة ، لدقائق حتى يستوي .
                        أفرده على صينية ، وأركنه بمواجهة تيار هواء ، إلى أن يبرد .
                        أطلب النارجيلة من المقهى الماجور " ديليفري " وأجلس في - البلكونة -
                        وبيدي - شوب البيرة البارد - أمارس اجترار أحلامي على وقع موسيقى " رق الحبيب " .
                        هذه طريقتي لأكل الترمس أخي الحبيب محمد إبراهيم سلطان .
                        جرجرني هذا النص البديع لكورنيش النيل وذكريات زمن مضى .
                        مودتي
                        فوزي بيترو
                        أهلا بك أخي فوزي سليم
                        أسعدتني بهذا الحديث الفياض ..
                        أشكرك وأشكر لك هذا الحفنة من ترمسك الذي عرفته ..
                        وتحياتي وكل التقدير
                        صفحتي على فيس بوك
                        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                        تعليق

                        • محمد سلطان
                          أديب وكاتب
                          • 18-01-2009
                          • 4442

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                          جميلة محمد
                          لغة و أسلوبا
                          و معالجة
                          ربما تحمل كثيرا من شجن أو قليلا منه
                          لكنه كان كافيا لرؤية ملامح الصورة
                          كان الصدق هو سيد الموقف
                          و لذا رغم بساطة الحالة و اعتيادها بدت جميلة !

                          محبتي
                          سلمت وسلمت الأيادي أستاذ ربيع
                          أسعدني حديثك
                          وأعجبتني هذه القفلة كثيرا
                          تحياتي لك وكل التقدير
                          صفحتي على فيس بوك
                          https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                          تعليق

                          • محمد سلطان
                            أديب وكاتب
                            • 18-01-2009
                            • 4442

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة سمية البوغافرية مشاهدة المشاركة
                            يقال عن القصة القصيرة أنها مثل الطلقة..
                            فكانت قصتك بالفعل تجسيدا جميلا لهذا المعنى
                            أحييك على هذه الحرفية الجميلة في نسج القصة
                            ومزيدا من الإبهار أنتظره منك الأخ محمد
                            سؤال: ما هو الترمس؟!
                            وأنا بدوري أشكرك أستاذة سمية فمنكم قد تعلمنا هذه الحرفية , ومن قلمكم أثقلنا الموهبة ..
                            أسعدتني هذه الطلة وهذا الرأي الذي لوحده وسام ..
                            الترمس : هي حبوب تنقع في الماء أو تغلى ثم يضاف لها الملح والليمون وأحيانا الشطة .. مثل حمص الشام .
                            تحياتي لك وتقديري
                            صفحتي على فيس بوك
                            https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                            تعليق

                            • محمد سلطان
                              أديب وكاتب
                              • 18-01-2009
                              • 4442

                              #15
                              شكرا لك استاذ محمد سلطان,
                              نجحت في أن تنقل لنا مشهدا كأنّه مصور من حارة شعبيّة
                              وساعدتني في استعادة ذكرياتي لمنظر الترمس,
                              والفول والحمص المسلوق المرصوص في العربة,
                              وكنا نتحلّق حول البائع , نشتري ببضعة قروش
                              ونتلذذ بأكله وعندما ننهي , نتوسل للبائع
                              أن يضع لنا قليلا من ماء سلق الفول
                              مع الكمّون كي نشربه فوق البيعة ,
                              يااه ما زلت أذكر الطعم.

                              يعطيك الصحة والعافية,

                              احترامي وتقديري.
                              تحياااتي.
                              ااااااااااااااااااااااالله يا ريما ما أجملك وما أجمل ذكرياتك
                              يكفي هذا التعليق أن يكون قصة قصيرة .. ليتك تفكرين في نظمها , وانا متأكد أنها ستخرج من بين أناملك راااااااائعة .. ما رأيك؟؟ ننتظرها قريبا ؟؟
                              رائعة أنت ريما بهذا الحجم من الخفة والروح الأخف ..
                              تحياتي لك وتقديري
                              وكل الود
                              صفحتي على فيس بوك
                              https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                              تعليق

                              يعمل...
                              X