شاءت الاقدار في زمن العار أن أشارك زملائي رحلة في ربوع الوطن الجريح ، انطلقت بنا الحافلة في حوالي الساعة الثامنة صباحا من مدينة نابلس متوجهة ومنطلقة بنا الى مدينة خليل الرحمن وكلنا أمل أن تسير الرحلة بأمن وأمان دون حواجز وسدود ولا أخفيكم ايها الاكارم أن الامل كان ممزوجا بالالم طول الطريق ، ليس بسبب الحواجز والسدود وليس بسبب جدار الفصل العنصري الذي يتلوى كالافعى الفاغر فاه ليبتلع كل شيء امامه وليس الالم بسبب الطرق البعيدة التي سلكناها مع ان الطرق المغلقة صارت حكرا على الالة العسكرية أو أغلقت تماما كل هذا قد تعودنا عليه وتعودنا على أكثر من ذلك ولكن الالم الحقيقي تلك المستوطنات الجاثمة فوق التلال تحيط بالمدن والقرى احاطة السوار بالمعصم ومما يزيد الالم تلك المقولات التي نسمعها كل يوم ان هذه المستوطنات منها ما هو شرعي ومنها ما هو غير ذلك ،ولكل مستوطنة صغيرة او كبيرة أسم سرق من اسماء مدننا وقرانا العربية الاصيلة وفي بعض الاحيان يسرقون بعض النصوص من الكتب المقدسة ليسقطوها على هذه المستوطنات لتأخذ صبغة دينية لا يمكن التنازل عنها.وهذه سياسة متعارف عليها عند الصهاينة وهي من صلب المشروع الصهيوني العالمي.
وتزداد الاسرة والحسرة والالم عندما تقف على بعد أمتار قليلة من القدس تشاهد قبتها الذهبية تعكس أشعة الشمس كالمرآة ولا تستطيع أن تدخلها وتكحل عينيك بمرآى الاقصى والصلاة في رحابه .فتغادر المكان وفي قلبك لوعة الفراق وتتمنى لو أن الشمس تقف مكانها لا تغيب لتظل ماثلا امام ذلك المنظر الرهيب .
وفي الخليل عندما تصل الى منطقة الحرم الابراهيمي تشعر بالعار الذي يتلبسه الملوك والزعماء والرؤساء والامراء مكتوب أمام الحاجز الاول الذي لا بد وان تنتظر دورك فيه للتفتيش (هنا مكان مقدس ..)فهل أصبحت قدسية المكان بحاجة الى مدجج بالسلاح أم بحاجة الى الايمان ؟؟وتدخل الحاجز الثاني بعد أن تخلع عن نفسك كل ما هو معدن حتى لا تعتبر ارهابيا فتبوء بسجن او قتل أو ضرب واهانة أو منع من الدخول .ثم تدخل الى الحاجز الثالث لترى بأم عينك كيف قسم المحتل المسجد الابراهيمي الى قسمين كان نصيب الدجالين الافاكين منه نصيب الاسد.
لقد كانت رحلة مميزة بعد غياب قسري قارب العشرين سنة فتخيلوا معي تلك المشاعر وحجم ذاك الالم الذي لاقيناه في تلك الرحلة!!!