
ثورة وأكلتها القطة..
محمد سليم:
بدايةً..أليكم تلك الحكاية الطريفة؛..
جاء صياد إلى أحد الأغنياء بسمكة تزن سبعة أرطال..فأرسلها إلى زوجته مع صبي..فرحت الزوجة أيما فرح وأسرعت في إعدادها و..اتصلت بأمها وشقيقتها لكي يأتيا للغذاء..وفي المساء عاد الزوج إلى بيته فرِحاً..ولكنه لم يجد السمكة التي أرسلها..فسأل زوجته في الحال: لماذا لم تطهي السمكة؟..قالت:لقد أعددت السمكة وجهزتها ولكني انشغلت..فأكلتها القطة..كلها..ولم تترك لنا شيئا لنأكله..قال:حسنا..القطة أكلت كل السمكة؟!..قام من مجلسه ووضع القطة على الميزان فوجدها تزن سبعة أرطال بالتمام..وسألها:هل الذي أمامي الآن القطة أم السمكة التي أكلتها القطة؟!....وهنا خجلت الزوجة من نفسها واعترفت أن الكذب بدون رجلين ............
ومن هنا أيضا نسأل..وأين رِجلي الكذب في ثورات ربيعنا العربي؟..لا إجابة تهدي سبل الرشاد..
غير أنها ثورات شعبية بلا قيادة سياسية ولا فكرية ولا حتى كاريزمية..(ثورات بدون رجلين..)..فقط.. ميادين وساحات مكتظة بجماهير مشحونة بغضب السنين خرجت عن بكرة أبيها في لحظة غير مسبوقة لتطالب (تطالب من ؟!!) بسقوط أنظمة قمعية وراثية بالية فشلت في تلبية الحقوق الدنيا لمواطنيها منذ ولِدت باعت الغالي والنفيس لتكريس بقاؤها على كراسي الحكم إلى أبد الآبدين أوأحد الأجلين..وهنا أيضا نسأل..وما الأجلين؟..الأعمار بيد الله سبحانه..ولما كان كذلك..فـ كان ولا بد من إبعاد وإزاحة رأس النظام الدكتاتوري البوليسي عن جسد النظام الحاكم لتظل الدولة والوطن بلا رأس أبوي تسلطي يتحكم في كل شاردة وواردة ويأمر فيطاع..وأضحت الدولة مُعدة بسكين الربيع العربي (بلا رجلين وبلا رأس )..وباتت بعد إزاحة رأس النظام جثة هامدة مُهلّهلة مقطعة أوصالها..والثورة كذلك جسد بلا رأس قائدة..وهنا يلزم أن نتخيل هذا المشهد العجيب اللي بلا قافية بدون رؤوس بالمرّة.. جثث مجهزة لنار الطهي(ثورات, ودول بلا رؤوس واعية ولا أرجل حاكمة )وكأنها أسماك في بحر بلا زعانف ولا خياشيم..جثث جثث مكتظة تناطح وتثور على وفي مواجهة جثث بالية متعفنة في غرف مغلقة !..و ما المشهد حينئذ ؟وكيف يُرى؟ ومن ذا له عينين ليري ما يحدث بتلك الغرف؟..و..المشهد العام بلهجة أهل مصر هو لطم الخد وشق الجيد كذِبا أو شماتة عند توديع" الفقيد المرحوم" لمثواه الأخير في جنازة مهيبة.. حيث جموع من المشيعين الغفيرة تسير خلف الجثة ورؤوسهم مطروحة أرضا والميّت مُعداً على خشبة الوحيد رأسه مرفوعة بأعلى!..وعندما تُوارى الجثة التراب عندئذ تبدأ فوضى حديث الإرث والميراث..وتبدأ قعقعة السكاكين تقطيعا تمزيعا بكعكة المرحوم..ولكن كيف المشهد بربيع ثورات العرب الآن وأين القطة؟..الإجابة قطعا بلا رؤوس عناوين واضحة..فـ الثورات بلا رؤوس فاعلة وبلا أرجل ثابتة و الأوطان (مُحررة من رؤوس الطغاة)..والكل جثث جثث.. جثث مكدسة في ثلاجة للموتى تعج بالطامحين والجوعى لطعام شهي!.. والكل يتحرك بدافع ذاتي أو بغريزة البقاء أو مدفوعا لإخافة الأموات..ولن نسمع إلا صيحات حب البقاء والأنا الفوضوية ..وصرخات استغاثة تطالب بلقمة عيش كريمة ومواطنة مُستحقة..وما الحل؟!.والقطة بل القطط تنتظر اللحظة لتنهش الجثث وتُمني نفسها بوجبة شهية ................
ونهايةً..
هناك ولا ريب أياد خفية لن تكل من محاولة سرقة ثورتنا..وهناك من يضرب بيد من حديد على كل يد تمتد للسمكة الشهية ليظل حارسها الأمين ليأكلها وحده بلا شريك..ولكني أوقن أننا جهزنا الثورة وفرحنا بها أيما فرح و لم ندعو جموع الشعب لحضور الوليمة والاستمتاع بها وإنما قدمناها على طبق من ذهب لقط قادم..
فهل حان الوقت لنزن السمكة ونتأكد أن الذي أمامنا الآن السمكة أم القطة ؟..
هيّا معاً ..
نزن القطة ..أو
نحافظ .. ونحرس سمكتنا...............
30/10/2011
كتابات ساخرة
محمد سليم:
بدايةً..أليكم تلك الحكاية الطريفة؛..
جاء صياد إلى أحد الأغنياء بسمكة تزن سبعة أرطال..فأرسلها إلى زوجته مع صبي..فرحت الزوجة أيما فرح وأسرعت في إعدادها و..اتصلت بأمها وشقيقتها لكي يأتيا للغذاء..وفي المساء عاد الزوج إلى بيته فرِحاً..ولكنه لم يجد السمكة التي أرسلها..فسأل زوجته في الحال: لماذا لم تطهي السمكة؟..قالت:لقد أعددت السمكة وجهزتها ولكني انشغلت..فأكلتها القطة..كلها..ولم تترك لنا شيئا لنأكله..قال:حسنا..القطة أكلت كل السمكة؟!..قام من مجلسه ووضع القطة على الميزان فوجدها تزن سبعة أرطال بالتمام..وسألها:هل الذي أمامي الآن القطة أم السمكة التي أكلتها القطة؟!....وهنا خجلت الزوجة من نفسها واعترفت أن الكذب بدون رجلين ............
ومن هنا أيضا نسأل..وأين رِجلي الكذب في ثورات ربيعنا العربي؟..لا إجابة تهدي سبل الرشاد..
غير أنها ثورات شعبية بلا قيادة سياسية ولا فكرية ولا حتى كاريزمية..(ثورات بدون رجلين..)..فقط.. ميادين وساحات مكتظة بجماهير مشحونة بغضب السنين خرجت عن بكرة أبيها في لحظة غير مسبوقة لتطالب (تطالب من ؟!!) بسقوط أنظمة قمعية وراثية بالية فشلت في تلبية الحقوق الدنيا لمواطنيها منذ ولِدت باعت الغالي والنفيس لتكريس بقاؤها على كراسي الحكم إلى أبد الآبدين أوأحد الأجلين..وهنا أيضا نسأل..وما الأجلين؟..الأعمار بيد الله سبحانه..ولما كان كذلك..فـ كان ولا بد من إبعاد وإزاحة رأس النظام الدكتاتوري البوليسي عن جسد النظام الحاكم لتظل الدولة والوطن بلا رأس أبوي تسلطي يتحكم في كل شاردة وواردة ويأمر فيطاع..وأضحت الدولة مُعدة بسكين الربيع العربي (بلا رجلين وبلا رأس )..وباتت بعد إزاحة رأس النظام جثة هامدة مُهلّهلة مقطعة أوصالها..والثورة كذلك جسد بلا رأس قائدة..وهنا يلزم أن نتخيل هذا المشهد العجيب اللي بلا قافية بدون رؤوس بالمرّة.. جثث مجهزة لنار الطهي(ثورات, ودول بلا رؤوس واعية ولا أرجل حاكمة )وكأنها أسماك في بحر بلا زعانف ولا خياشيم..جثث جثث مكتظة تناطح وتثور على وفي مواجهة جثث بالية متعفنة في غرف مغلقة !..و ما المشهد حينئذ ؟وكيف يُرى؟ ومن ذا له عينين ليري ما يحدث بتلك الغرف؟..و..المشهد العام بلهجة أهل مصر هو لطم الخد وشق الجيد كذِبا أو شماتة عند توديع" الفقيد المرحوم" لمثواه الأخير في جنازة مهيبة.. حيث جموع من المشيعين الغفيرة تسير خلف الجثة ورؤوسهم مطروحة أرضا والميّت مُعداً على خشبة الوحيد رأسه مرفوعة بأعلى!..وعندما تُوارى الجثة التراب عندئذ تبدأ فوضى حديث الإرث والميراث..وتبدأ قعقعة السكاكين تقطيعا تمزيعا بكعكة المرحوم..ولكن كيف المشهد بربيع ثورات العرب الآن وأين القطة؟..الإجابة قطعا بلا رؤوس عناوين واضحة..فـ الثورات بلا رؤوس فاعلة وبلا أرجل ثابتة و الأوطان (مُحررة من رؤوس الطغاة)..والكل جثث جثث.. جثث مكدسة في ثلاجة للموتى تعج بالطامحين والجوعى لطعام شهي!.. والكل يتحرك بدافع ذاتي أو بغريزة البقاء أو مدفوعا لإخافة الأموات..ولن نسمع إلا صيحات حب البقاء والأنا الفوضوية ..وصرخات استغاثة تطالب بلقمة عيش كريمة ومواطنة مُستحقة..وما الحل؟!.والقطة بل القطط تنتظر اللحظة لتنهش الجثث وتُمني نفسها بوجبة شهية ................
ونهايةً..
هناك ولا ريب أياد خفية لن تكل من محاولة سرقة ثورتنا..وهناك من يضرب بيد من حديد على كل يد تمتد للسمكة الشهية ليظل حارسها الأمين ليأكلها وحده بلا شريك..ولكني أوقن أننا جهزنا الثورة وفرحنا بها أيما فرح و لم ندعو جموع الشعب لحضور الوليمة والاستمتاع بها وإنما قدمناها على طبق من ذهب لقط قادم..
فهل حان الوقت لنزن السمكة ونتأكد أن الذي أمامنا الآن السمكة أم القطة ؟..
هيّا معاً ..
نزن القطة ..أو
نحافظ .. ونحرس سمكتنا...............
30/10/2011
كتابات ساخرة
تعليق