عجل العيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بهائي راغب شراب
    أديب وكاتب
    • 19-10-2008
    • 1368

    عجل العيد

    [frame="3 98"]
    عجل العيد


    1

    الحاج أحمد ، غني بفضل الله، تجارته مربحه، وأبواب رزقه متعدده، وهو في كل حال يعود إلى الله، يستعين به ويتوكل عليه، بنفس قدر خشيته وتذلله لله..
    من عادة الحاج احمد وقبل أن يحل عيد الأضحى بأيام قليلة، أن يشتري عجلا لا يشرك معه أحدا كباقي الناس، وذلك من الشكر لله والتحدث بنعمته عليه، حيث يوزع اربعة اخماسه على الناس من الأهل والأصدقاء والمحتاجين من المساكين والفقراء ..
    وهكذا صار الأمر قبل العيد بيومين ذهب إلى حظيرة العجول واختار عجلا مميزا سمينا توسم فيه كثرة اللحم،وبعد ان نقد ثمنه للبائع أعطاه عنوانه ليرسل العجل إليه مباشرة ..
    قبيل المغرب بقليل، عاد الحاج أحمد إلى بيته كي يتناول افطاره مع أهل بيته بعد صيام اليوم، وعند دخوله توجه إلى الساحة الجانبية التي أعدها للعجل، فلم ير شيئا، سأل زوجه ، أجابته بأنها لا تعلم شيئا وأن أحدا لم يحضر عجلا إليهم..
    توتر قليلا، وهاتف البائع عن ذلك، ولماذا تأخر ؟ وفوجئ به يخبره بأن العجل قد وصل إليهم فعلا ...
    أمر محير جدا، كيف ذلك وهو لا يرى ولا يسمع أي صوت قد يشير إلى وجوده ..
    وبينما هو في التفكير تناهي إليه صوت جلبة الأطفال التي يصدرونها عادة في عيد الأضحى عند وجود العجل أو وصوله، تعجب أكثر .. يصدر من لدن دار الجيران ، وهو يعلم أن أحدا من جيرانه أفقر من أن يشتري معزة ..
    خرج مسرعا .. وتوجه إلى بيت جاره حيث جلبة الأولاد وصراخهم .. ودخل ليرى العجل مربوطا إلى جذع شجرة الجميز الهزيلة وقد تجمع أولاد الحارة مع أولاد جاره يصفقون ويهللون فرحا بالعجل ..
    تسمر الحاج أحمد في مكانه ... المنظر جمده، وحمله إلى فضاء واسع جدييد لم يدخله قبلا ..
    سرت فرحة الأولاد إلى أوصاله ، وتخللته حتى ارتعش وهو يقول .. في نفسه .. هنيئا لكم العجل، والله لا أقلبها عليكم أبدا ..وتوجه عائدا إلى بيته وهو يردد مع الأذان الله اكبر الله أكبر ..
    وعلى مائدة الافطار سأله أولاده عن العجل .. أخبرهم أنه غدا بإذن الله يشتريه ويحضره بنفسه.

    2
    كان الجو عاصفا ، والأمطار تنهمر بغزارة، وشاحنة العجول المحملة بالكامل تسير فوق الجسر الضيق .. وهي تتمايل يمينا وشمالا مع الريح التي تضربها بدون هوادة .. وصاحب الشحنة بجانب السائق يقرأ القرآن، ويدعو الله أن ييسر له الطريق، وأن يجنبهم أخطار الانقلاب أو التزحلق ..
    ومع اشتداد الريح العاصفة ، وغزارة الأمطار ، اشتدت أرجحة الشاحنة المثقلة بحملها.. حتى أحس الرجل بأنها ستقلب لا محال في أي لحظة، وأنه سيفقد العجول كلها .. وأسرع في تلاوة آيات النجاة واللجوء إلى الله مكررا الدعاء .. يا رب .. يا رب إن أنجيتنا لأهبن أول عجل لأول مشتر .. هبة لوجهك الكريم ...

    3
    في صباح اليوم التالي وعند الساعة التاسعة صباحا، كان الحاج أحمد في حظيرة العجول ليختار واحدا جديدا، عندما وصلت شاحنة العجول إليها وبدأت تفرغ حمولتها،
    تقدم الحاج أحمد واستفسر عما إذا كان بإمكانه شراء احد العجول الجديدة ، أومأ إليه التاجر بنعم، حيث بدأ يعاينها واحداد واحدا حتى اختار واحدا أشار إلى التاجر نحوه ..
    أخرج الحاج أحمد محفظته لينقد التاجر الثمن، وسأله: كم المبلغ
    رد عليه: هل ثبت اختيارك أم .. بإمكانك اختيار واحد آخر ..
    قال له : لا لقد اخترت وهذا هو الثمن ..
    رد التاجر : ابق مالك في جيبك ..
    الحاج أحمد مستغربا: ماذا تعني .. ألا تريد البيع ..
    التاجر: لقد بعتك وهو لك بلا ثمن
    الحاج أحمد : ماذا تقول..
    التاجر : هو هبة لله، وهو لك بلا مقابل .
    الحاج أحمد : اسمع أنا رجل غني ومالي كثير ولله الحمد، وأنا في غنى عن هذه الهبة ..
    التاجر: لقد وهبته لك أنت ، ولا يصلح إلا لك وحدك دون الناس جميعا
    الحاج أحمد : لكن لماذا ..
    التاجر : اسمع القصة .. وحكى له حكايته مع العواصف والمطار ودعاءه ..
    الحاج أحمد : سبحان الله .. إذن عليك أن تسمع حكايتي أنا الآخر ..
    التاجر مشدوها : سبحان الله .. إنه والله فضلك والله أراد أن يكافئك على صنيعك .. وما عملته أنا لا يساوي بعضا مما صنعت ..
    الحاج أحمد: صدق رسول الله حين قال : " ما نقص مال من صدقة "
    الحمدلله .. الحمدلله ..
    *
    16/11/2011
    [/frame]
    التعديل الأخير تم بواسطة بهائي راغب شراب; الساعة 30-10-2022, 06:10.
    أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

    لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

    تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل والأخ والصديق العزيز
    بهائي راغب شراب
    الله والله اقشعر جلدي
    وهذا ما كنت أبحث عنه
    نريد هذا النقاء
    نريد هذا الحب
    الخير
    أهله
    لهذا قلت لك نحتاجك فعلا, لأننا نعيش زمن صعب, نحتاجك
    ويا أخي العزيز
    أسعدت قلبي بكل هذا الخير وذاك العطاء
    عبرة وموعظة كبيرة
    لم لا يقرأ الأغنياء مثل تلك النصوص
    وهل لا تحدث مثل هذه الأحداث
    بل تحدث وكثيرا
    اسمع هذه مني
    مرة ذهبت أعود ابن صديقة لي في المشفى, كانت ترقد بجانب سرير ابن صديقتي طفلة سمراء شاحبة, ترافقها أمها, الشاحبة أيضا
    سألت مابها
    أجابت أمها, تحتاج لدم
    استغربت
    انقلوا لها الدم
    قالت( من أين وأنا نفسي أحتاج لدم وفقر الدم يأكل جسمي)
    وعدتها أني سآتي صباحا وأهبها من دمي
    في الصباح ذهبت ( لمصرف الدم ) وتبرعت ودفعت حتى أجور الحفظ.
    ثم سافرت إلى البصرة بصحبة سائق من معارفنا لأن سيارتي تنتظرني هناك
    وفي طريق العودة
    كنت أسير بسرعة عالية ( كعادتي ) وإذا بي أمام ( سيارة كبيرة مقلوبة مليئة بالحصى ) فصارت سيارتي على سرعتها مثل ريشه, فانقلبت, وسارت في الإتجاه المعاكس للسير
    لم أشعر بعدها بشيء لحين وصولنا ( الكوت )
    أسعفوني باللازم السريع
    لأكتشف أني لم أفقد ( قطرة دم واحدة )
    يشهد الله على كل كلمة كتبتها هنا
    بقيت بعدها أسأل صديقتي عن تلك الفتاة التي تبرعت لها فعرفت أنها بعد ثلاثة أيام خرجت معافاة ( ومرحة ) هاهاهاها
    طبعا لأنها أخذت خفة الدم مني ( أمزح معك طبعا )
    ودي ومحبتي لك أيها الأخ العزيز على قلبي

    أكره ربيع

    http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • وسام دبليز
      همس الياسمين
      • 03-07-2010
      • 687

      #3
      حقيقة أني خجلة من نفسي كنت قد حملت القصة على جهازي كي أقرأها لكن العنوان لم يحثني لذلك أما وقد قرأتها فأنا أخرج منها بكنز جميل فعلا قصة أقرب ما تكون للقصص الدينية فرب العالمين لا ينسى أحدا فمن عمل مثقال ذرة خير يرى فكيف بذلك الخير كله حين تنازل عن عجل حين سلبته ضحكات الأطفال ما كان ينويه
      في حين نرى بعض الأغنياء يطبقون أيديهم حتى على أقرب الناس
      اتنمى أن أقرأ قصصا أخرى لك
      مودتي

      تعليق

      • رزيقة حزير
        عضو الملتقى
        • 24-07-2009
        • 225

        #4
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        سيدي...
        في الجزائر هناك مثل شعبي يقول :" دير الخير وانساه" ، أي افعل الخير وانسى امره ، ولا تنتظر المقابل، فالله وحده من يسخر لك من يجازيك ويرد لك الجميل.
        تقبل مودتي واحترامي
        [COLOR=#8b0000][SIZE=3][B][COLOR=darkorchid][FONT=Arial][align=center]
        [COLOR=#8b0000][SIZE=3][B][COLOR=darkorchid][FONT=Arial]ليس حسن الجوار كف الأذى ... [/FONT][/COLOR][/B][B][FONT=Arial][COLOR=darkorchid]بل الصبر على الأذى[/COLOR][/FONT][/B][/SIZE]
        [B][COLOR=darkorchid] [FONT=Arial][SIZE=3]علي بن أبي طالب [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
        [/COLOR][/align][/FONT][/COLOR][/B][/SIZE]
        [/COLOR]

        تعليق

        • بهائي راغب شراب
          أديب وكاتب
          • 19-10-2008
          • 1368

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          الزميل والأخ والصديق العزيز
          بهائي راغب شراب
          الله والله اقشعر جلدي
          وهذا ما كنت أبحث عنه
          نريد هذا النقاء
          نريد هذا الحب
          الخير
          أهله
          لهذا قلت لك نحتاجك فعلا, لأننا نعيش زمن صعب, نحتاجك
          ويا أخي العزيز
          أسعدت قلبي بكل هذا الخير وذاك العطاء
          عبرة وموعظة كبيرة
          لم لا يقرأ الأغنياء مثل تلك النصوص
          وهل لا تحدث مثل هذه الأحداث
          بل تحدث وكثيرا
          اسمع هذه مني
          مرة ذهبت أعود ابن صديقة لي في المشفى, كانت ترقد بجانب سرير ابن صديقتي طفلة سمراء شاحبة, ترافقها أمها, الشاحبة أيضا
          سألت مابها
          أجابت أمها, تحتاج لدم
          استغربت
          انقلوا لها الدم
          قالت( من أين وأنا نفسي أحتاج لدم وفقر الدم يأكل جسمي)
          وعدتها أني سآتي صباحا وأهبها من دمي
          في الصباح ذهبت ( لمصرف الدم ) وتبرعت ودفعت حتى أجور الحفظ.
          ثم سافرت إلى البصرة بصحبة سائق من معارفنا لأن سيارتي تنتظرني هناك
          وفي طريق العودة
          كنت أسير بسرعة عالية ( كعادتي ) وإذا بي أمام ( سيارة كبيرة مقلوبة مليئة بالحصى ) فصارت سيارتي على سرعتها مثل ريشه, فانقلبت, وسارت في الإتجاه المعاكس للسير
          لم أشعر بعدها بشيء لحين وصولنا ( الكوت )
          أسعفوني باللازم السريع
          لأكتشف أني لم أفقد ( قطرة دم واحدة )
          يشهد الله على كل كلمة كتبتها هنا
          بقيت بعدها أسأل صديقتي عن تلك الفتاة التي تبرعت لها فعرفت أنها بعد ثلاثة أيام خرجت معافاة ( ومرحة ) هاهاهاها
          طبعا لأنها أخذت خفة الدم مني ( أمزح معك طبعا )
          ودي ومحبتي لك أيها الأخ العزيز على قلبي

          أكره ربيع

          http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...
          أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

          لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

          تعليق

          • هادي زاهر
            أديب وكاتب
            • 30-08-2008
            • 824

            #6
            أخي بهائي شراب
            قصة سهلة وجميلة، العبرة فيها واضحة
            محبتي
            هادي زاهر
            " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

            تعليق

            يعمل...
            X