كل التقدير للقديرتين نجلاء ورشا على هذا الحوار القيّم والمهم،
واسمحوا لي أن أبدي رأيي بنقاط أعتقد أنها مهمّة ، وخصوصا عن المقولة التي أشارت لها القديرة رشا نقلا عن أدونيس، - وهو مجرد رأي -
لا أفترض هنا أن أدونيس يقصد التكثيف عندما يتحدث على الابتذال ، بل هو يقصد عكس ذلك أي التشبّث بالبيان اللغوي والقوالب الشكلية الوزنيّة ذات الغنائيّة العالية على حساب عمق المعنى
يرى أدونيس - في الثابت والمتحول ج3 (صدمة الحداثة ) - أن أحد الصفات الأهم للحداثة الشعرية هي :
((نقل الاهتمام الشعري من عالم الفصاحة البيانية إلى عالم تجربة رمزية تقوم على علاقة جدلية بين المرئي واللامرئي، وعلى تماثل بين الإنسان والكون ، وعلى أن العالم حركة والشعر تركيب مجازي لهذه الحركة .))
وهذا يدلل وبوضوح على ضرورة الكثافة والبناء الرؤيوي داخل النص الحديث ، كما يرى أدونيس
و نستدل على ذلك بوضوح أكبر من تعريف أدونيس لقصيدة النثر فيقول:
((هي كلمات عادية مشحونة بطاقة غامضة ـ شكل يجري فيه الشعر كتيار كهربائي عبر جمل وتراكيب لا وزن لها ظاهريا، ولا عروض ـ عالم متشابك كثيف مجهول غير واضح المعالم ))
والمعلوم أن هذه الطاقة الغامضة التي يتحدث عنها أدونيس لا تأتي إلا عبر التكثيف والترابط للبناء الرؤيوي
وهذا ذاته ما سمّاه أنسي الحاج (أحد أهم رواد قصيدة النثر ) ونقلا عن سوزان برناد بالتوهج والذي يعتبر أهم ركائز قصيدة النثر والذي تأكيدا لا يتحقق سواء هو أو الإيجاز إلا بتحقق الكثافة والبنائية الرؤيوية
والجدير ذكره هنا ، أنّ هذه الكثافة والبنائية الرؤيوية لا تشترط الوضوح أو الغموض وإنما تحتملهما ، بمعنى ليس بالضروة كل غموض هو كثافة رؤيوية ، وأيضا ليس بالضرورة كل واضح هو سطحي
تقديري الكبير
هيثم الريماوي
تعليق