الخيال
يتعلّمُ الخيالُ منَ السنابلِ شكلَ الامتلاء
يهذي كثيرا :
الأرضُ أصغرُ منْ أسطورةِ البداية
الأرضُ أضعفُ منْ هجومِ العدم
حبةُ القمحٍ أكبرُ منَ الوطن
وأنا الوحيدُ ، أعلّقُ السرابَ ، على مسمار الزمن.
تقتلُ الأممُ من أجل طينها ، لو غابَ
تُملّح القرابينَ للإلهِ ، لو حضر
يهادنُ التوهجَ ، والدمعَ المُقَدّد
يعصرُ البحارَ المخمليةَ في كأسهِ
يشربُ ، في صحّةِ لا أحد
ويهمسُ منْ بينِ الطلاسمِ:
يا سيدي (يوسف)
ما أوضحَ الأحلامَ ، لو صحونا قليلا
لو نفضنا غبارَ الإسمنتِ عن المرايا أو وصايا المسيح
عن قلوبنا ، شوكنا ، وزهورنا
عن أزقةٍ منسية ، لا تعصرُ الخمرَ ولا تطعمُ العصافير
عن طير الأبابيل
وجرارِ الماءِ العذبِ على خصر التاريخ المبلّل
عرّجْ يا سيدي على بئركَ الحجريِّ ، ولا تحزن
ليس فينا جمالك ، ولنا إخوةٌ وآبارٌ كثيرة
الخيالُ تغريهِ التقنيات ، فيغفو قليلا
لا يتقنُ لعبةَ الأرقامِ ، ولا الخضرةَ المحوسبة
يمشي متثاقلا ، برفقةِ الضجرِ المشاع
يطلّ خائفا ، خائفا
على الناسِ في الشوارعِ والمقاهي
على الضبابِ ، على الغناء
حين يجفّ من الكلامِ ، من الضحكاتِ والبكاء
يموتُ الخيالُ ، لو يعلمُ المذنبون
من رُهابِ الحضارةِ ، والبقايا الموحلة
والطبيعةُ أنفاسُهُ ، لو تكلمنا قليلا :
الياسمين طيّبٌ جداً ، يُهدي عطره للهواء
الجبالُ أعلى من تخمةِ الغرورِ، والنسرُ الوحيدُ يهبط كلًّ يومٍ إلى موائد الأرض
يطعِمُ فراخهُ ، يأكلُ ، ويندبًُ حظّهُ وحظَّ إخوتهِ الكثر:
- كانت ستكفي ليمونةٌ للبقاء ، لو كان حظّ الهنود الحُمر أجمل
- هو الأجمل وحده ، لو كان الشرقُ يتقن البقاء ، قربَ خِرافهِ ، وأحلامهِ الكبيرة
- لو كانَ لي أن أحلّقَ أعلى في السماء ، لكانتِ القبورٌ الكثيرةُ أصغر
يتفيأ الخيالُ في ظلال الروحٍ ، وما قُدّّ من ياقوت
ينسج -كما القصائدَ- ثوبها المزركش
(( إنَّ اللهَ جَمِيلٌ ، يُحِبُّ الجَمَال))
والحقيقةُ في خدرها البكرِ تعزف لحنَ عرائسَ البحر
وهمَ الرياضيينَ والمناطقةِ ، وحرفةُ السؤال
ملامحُ الوجودِ أكبرُ من تجاعيدِ مرورنا بين نقطتين
وأصغرُ من خرمِ إبرةٍ ، تنسجُ القصيدة
يرقصُ الخيالُ ، على وقعٍ الهدوءِ بينَ الضجيج :
علّق المرايا ، ترى وجهك
حطّم المرايا ، ترى قلبك
كن المرايا ، تكن قلبك
كن القلبَ فيك وارقص ، على وقع الهدوء بين الضجيج.
نتنفّس الروح بنكهاتنا الخاصّة
أي هواءٍ بطعمِ الروح ،كي نصرخَ : نحنُ ، نحنُ
ونكسرَ ضجّة الهدوء؟
في حضرةِ الخيالِ أنزع خفّيَ وهواجسي
وأصحو على السّكرِِ الشديد
موطئُ القدمين أرضي المقدسة
والفضاءُ البعيدُ ، عباءةُ الروحٍ ،أدورُ حيثما يدور
متثاقلا على وقعِ الصمتِ أرقصُ
أنا / الكونُ ، و الكونُ / أنا
لو تجادلنا ، سأكتب القصيدة .
هيثم الريماوي
تعليق