القسمة والنصيب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد المجيد برزاني
    مشرف في ملتقى الترجمة
    • 20-01-2011
    • 472

    القسمة والنصيب

    القسمة والنصيب

    ...نعْتصمُ أمام البرلمان، أمام الوزارة....أمام جهنم..نُضْربُ عن الطَّعام...ندق كل الأبواب، نركب كل الأهوال ..نموت...أدارت وجهها نحوي وابتسمت :
    - الموت معك حتما سيكون جميلا..كحلم، لاشيء أبشع عندي من فكرة فقدانك أو الابتعاد عنك.
    كنا نحث الخطى على القنطرة الطويلة تحت شمس أكتوبرية خجولة، في الأسفل يبدو البحر على هدنة مع اليابسة. الشاطئ خال إلا من بضع أطفال يطاردون كرة،، وبعض الصيادين. تذكرتُ الصباحات حيث كنا نعدل عن ركوب حافلة الجامعة ونفضل عبور القنطرة مشيا... نفس الكلام، نفس الأحلام، نفس الإصرار، نفس الغرور، نفس الحب المعلق على حبل المستقبل، نفس الحبل المتآكل. نفس الشك. نفس الخوف. نفس الرغبة في فك طلاسم الخيوط المتشابكة بين الحب والذات والعمر والرضا والصبر والجسد والآخر والأنا والشغل و.وو..وو....وو
    أزالت خصلة الشعر على عينيها وهي تتابع سرب نوارس في إقلاعها المذعور لاقتراب الأطفال من طعام كانت تتجاذبه. اتسعت بسمتها وهي تريني نورسا لم يخفه ركض الأطفال، أطبق على الطعام بشجاعة وحلق مبتعدا يتقاسمه مع وليف على الطرف الآخر من الشط. وقفنا، طوقت خصري بدراعها تفاعل الملح في دمي وسرت الكهرباء في جميع أوصالي. أطبقتُ على خصرها، وددتُ لو تبادلنا الدم وتبادلنا الملح وتبادلنا الكهرباء، وددت لو انصهرنا فينا. شفتان تضجان بالشهوانية. والعينان واسعتان كنافذتين ألفيتُني أغلقهما في قبلة سافرت بي عبر سحابة فوق الزمن وفوق البحر و فوق المدينة. تبادلنا أنفاسنا، تخففتُ عبرها من كل خوف السنين، كأني نفخت كل شقائي في جسدها النحيل. لأنفاسها طعم يستخف بالموت. لنظرتها، بعد القبلات، أثر النصل في الأوصال....
    - ..أنا خايفة..
    يعتق الدم ورد الخفر على وجنتيها
    وكانت خائفة....خائفة وتعلم جيدا مصدر خوفها...كان تعيينها في تلك القرية الجنوبية يحتم عليها مرافقة والديها، ويحتم عليها الغياب والسفر والضياع والنسيان والزواج و..وعالما يصر على دفني وراءها في هذه المدينة ..
    يومها وقفتُ على مشارف الدرب أقضم قدري و أنعي أمسا تولى من يدي..أتأمل جدارا انتصب بيني وبينك لمجرد ولوجك سوق العمل قبلي..
    أيقظتْني من غيبوبتي لحظتها طفلة بعينين جميلتين يتصنعان مشاركتي الأسى:
    - دالْ "زهلة" لحْلوا الصْباح**....


    على لسان الطفلة الصغيرة
    **دالْ "زهلة" لحْلوا الصْباح : دار "زهرة" رحلوا الصباح..
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    ما أحببت العنوان
    و لكن أحببت الكثير مما جاء هنا فى تلك القصة السريعة
    و الجميلة التي لم تنتهي كما بدأت بنفس القوة .. بل أصابها الوهن كثيرا
    و الاستسلام بل الاذعان دون بذل أي محاولة لتسير الأمور حسب ما يهوى

    شكرا لك على طرحك

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • عبد المجيد برزاني
      مشرف في ملتقى الترجمة
      • 20-01-2011
      • 472

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      ما أحببت العنوان
      و لكن أحببت الكثير مما جاء هنا فى تلك القصة السريعة
      و الجميلة التي لم تنتهي كما بدأت بنفس القوة .. بل أصابها الوهن كثيرا
      و الاستسلام بل الاذعان دون بذل أي محاولة لتسير الأمور حسب ما يهوى
      شكرا لك على طرحك
      محبتي
      مرحبا قديري: بدأت أعرف ما تحب وما لا تحب في القصص..وأظنني سأروي لك "حدوثة" تحبها في المرة القادمة، لن يستسلم ولن يرضخ وقد يقتل وزيرا لتسير الأمور حسب ما يهوى ..
      فقط، كريمي : لم تنته،،، أو : لم تنتهي.
      طرحك رائع.
      محبتي.

      تعليق

      • وسام دبليز
        همس الياسمين
        • 03-07-2010
        • 687

        #4

        القسمة والنصيب
        من يدري إن كان النصيب سيجمعهما من جديد
        تقبل مروري المتواضع

        تعليق

        • سمية البوغافرية
          أديب وكاتب
          • 26-12-2007
          • 652

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عبد المجيد برزاني مشاهدة المشاركة
          القسمة والنصيب



          ...نعْتصمُ أمام البرلمان، أمام الوزارة....أمام جهنم..نُضْربُ عن الطَّعام...ندق كل الأبواب، نركب كل الأهوال ..نموت...أدارت وجهها نحوي وابتسمت :
          - الموت معك حتما سيكون جميلا..كحلم، لاشيء أبشع عندي من فكرة فقدانك أو الابتعاد عنك.
          كنا نحث الخطى على القنطرة الطويلة تحت شمس أكتوبرية خجولة، في الأسفل يبدو البحر على هدنة مع اليابسة. الشاطئ خال إلا من بضع أطفال يطاردون كرة،، وبعض الصيادين. تذكرتُ الصباحات حيث كنا نعدل عن ركوب حافلة الجامعة ونفضل عبور القنطرة مشيا... نفس الكلام، نفس الأحلام، نفس الإصرار، نفس الغرور، نفس الحب المعلق على حبل المستقبل، نفس الحبل المتآكل. نفس الشك. نفس الخوف. نفس الرغبة في فك طلاسم الخيوط المتشابكة بين الحب والذات والعمر والرضا والصبر والجسد والآخر والأنا والشغل و.وو..وو....وو
          أزالت خصلة الشعر على عينيها وهي تتابع سرب نوارس في إقلاعها المذعور لاقتراب الأطفال من طعام كانت تتجاذبه. اتسعت بسمتها وهي تريني نورسا لم يخفه ركض الأطفال، أطبق على الطعام بشجاعة وحلق مبتعدا يتقاسمه مع وليف على الطرف الآخر من الشط. وقفنا، طوقت خصري بدراعها تفاعل الملح في دمي وسرت الكهرباء في جميع أوصالي. أطبقتُ على خصرها، وددتُ لو تبادلنا الدم وتبادلنا الملح وتبادلنا الكهرباء، وددت لو انصهرنا فينا. شفتان تضجان بالشهوانية. والعينان واسعتان كنافذتين ألفيتُني أغلقهما في قبلة سافرت بي عبر سحابة فوق الزمن وفوق البحر و فوق المدينة. تبادلنا أنفاسنا، تخففتُ عبرها من كل خوف السنين، كأني نفخت كل شقائي في جسدها النحيل. لأنفاسها طعم يستخف بالموت. لنظرتها، بعد القبلات، أثر النصل في الأوصال....
          - ..أنا خايفة..
          يعتق الدم ورد الخفر على وجنتيها
          وكانت خائفة....خائفة وتعلم جيدا مصدر خوفها...كان تعيينها في تلك القرية الجنوبية يحتم عليها مرافقة والديها، ويحتم عليها الغياب والسفر والضياع والنسيان والزواج و..وعالما يصر على دفني وراءها في هذه المدينة ..
          يومها وقفتُ على مشارف الدرب أقضم قدري و أنعي أمسا تولى من يدي..أتأمل جدارا انتصب بيني وبينك لمجرد ولوجك سوق العمل قبلي..
          أيقظتْني من غيبوبتي لحظتها طفلة بعينين جميلتين يتصنعان مشاركتي الأسى:
          - دالْ "زهلة" لحْلوا الصْباح**....

          على لسان الطفلة الصغيرة

          **دالْ "زهلة" لحْلوا الصْباح : دار "زهرة" رحلوا الصباح..
          كانت البداية قوية وبلغة جميلة
          وأعجبتي القصة حد قولك" أنا خائفة جدا...."
          لو كانت النهاية في مستوى البداية لكنا بالفعل أمام نص قصصي من مقام آخر الأخ عبد المجيد..
          سؤال: لماذا أهدرت صورة النورس الشجاع؟؟..
          ما رأيك لو تصوغ لنا نهاية يتقمص فيها البطل دور ذلك النورس الشجاع ويخطف
          حبيبته ويطير بها بعيد عن شط المشاكل والعراقيل؟؟
          أسئلة حتمتها علي قصتك التي أحببتها بالفعل
          أتوسم في قلمك كثيرا من الجمال والإبهار
          فمزيدا من الإبداع
          تحياتي

          تعليق

          • عبد المجيد برزاني
            مشرف في ملتقى الترجمة
            • 20-01-2011
            • 472

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة وسام دبليز مشاهدة المشاركة
            القسمة والنصيب
            من يدري إن كان النصيب سيجمعهما من جديد
            تقبل مروري المتواضع
            من يدري ؟؟ أنا أيضا وسام أتمنى ذلك،،
            سرني مرورك وسعدت به.
            كل المودة.

            تعليق

            • آسيا رحاحليه
              أديب وكاتب
              • 08-09-2009
              • 7182

              #7
              هذا ثاني نص أقراه لك ..
              أسجّل إعجابي .
              و أنا على يقين أنّ ما سوف تكتبه سيكون أجمل .
              تملك أسلوبا جميلا و اللغة أيضا ..و تتقن البداية ..
              لكني لا أدري سر هذا الإقتضاب في الطرح..
              و ددت لو طالت القصة ..لأني أحببت قلمك .
              القسمة و النصيب يصلح عنوانا لمقال
              أو خبر في جريدة و ليس لقصة جميلة كهذه .. في رأيي.
              تحيّتي و تقديري.
              يظن الناس بي خيرا و إنّي
              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

              تعليق

              • مالكة حبرشيد
                رئيس ملتقى فرعي
                • 28-03-2011
                • 4544

                #8
                هي فعلا قصة جميلة
                والاجمل اسلوب الكتابة الذي يشد العابر بقوة
                وجدت نفسي هنا بين المعتصمين امام البرلمان
                والمارين فوق القنطرة ...حتى اني رايت النواريس
                المتجمعة حول غذائها ....وسرحت حد التوهان مع خصلة الشعر
                وما بعده من احتراق .....
                كان التصوير رائعا جدا
                لكن القفلة كما قال الاساتذة
                جاءت على حين غفلة فقضمت شيئا من الجمال

                تعليق

                • عبد المجيد برزاني
                  مشرف في ملتقى الترجمة
                  • 20-01-2011
                  • 472

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
                  هذا ثاني نص أقراه لك ..
                  أسجّل إعجابي .
                  و أنا على يقين أنّ ما سوف تكتبه سيكون أجمل .
                  تملك أسلوبا جميلا و اللغة أيضا ..و تتقن البداية ..
                  لكني لا أدري سر هذا الإقتضاب في الطرح..
                  و ددت لو طالت القصة ..لأني أحببت قلمك .
                  القسمة و النصيب يصلح عنوانا لمقال
                  أو خبر في جريدة و ليس لقصة جميلة كهذه .. في رأيي.
                  تحيّتي و تقديري.
                  ليس ثاني نص، بيننا معرفة أقدم على ما أظن هههه
                  للا آسيا هو الواقع عندما تحتمه الظروف، لا نملك إلا الرضوخ والرضى بالقسمة والنصيب..أنا أحب نقل ذلك الواقع كما هو، بألمه وغصته وكما هو متداول في المجتمع...أحب أن أكون العين الفاحصة للحدث والناقلة له كما هو.
                  يسرني جدا تواجدك وتسعدني قراءاتك ومقارباتك.
                  كل المودة.

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    الزميل القدير
                    عبد المجيد برزاني
                    القسمة والنصيب والرضى بهما
                    وكأنك حكمت منذ البداية على النص وسددت الطرق بوجه القراء
                    معذرة منك فأنا أناقشك وهذا طبعي حين أجد أن النص يستحق
                    العنوان وشى بالنهاية زميلي وهذا ما لايريده أي كاتب لنصوصه
                    وجاءت ومضة النهاية لتقضي علي لأنها فعلا متهاونة جدا
                    نص جميل وفيه أنفاس دافئة ليتك تعود له سيدي الكريم
                    ودي ومحبتي لك

                    أرجوحة

                    القاصة عائدة محمد نادر أرجوحة أحس بحركة خلفه, حين تبين له أن القادم ابنه, أطفأ شاشة التلفاز مسح مقلتيه, يخفي آثار أمطار عصفت همس بحزن, يتصنع ابتسامة: - هل حان موعد ذهابك وأقرانك لأراجيح العيد , بني!؟ أجاب الابن جازما: - لا, لم يحن أبتي, سأنتظر حتى أكبر, فالكبار فقط من يمتطون أراجيح العيد!..
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    • ريما ريماوي
                      عضو الملتقى
                      • 07-05-2011
                      • 8501

                      #11
                      احسست بغصتك ولهذا جاءت النهاية هكذا
                      كأنك منعت الدمعة أن تطفر لو أكملت,
                      وهذه القسمة والنصيب,
                      أحببتها طبعا, تحيااتي.


                      أنين ناي
                      يبث الحنين لأصله
                      غصن مورّق صغير.

                      تعليق

                      • عبد المجيد برزاني
                        مشرف في ملتقى الترجمة
                        • 20-01-2011
                        • 472

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة سمية البوغافرية مشاهدة المشاركة
                        كانت البداية قوية وبلغة جميلة

                        وأعجبتي القصة حد قولك" أنا خائفة جدا...."
                        لو كانت النهاية في مستوى البداية لكنا بالفعل أمام نص قصصي من مقام آخر الأخ عبد المجيد..
                        سؤال: لماذا أهدرت صورة النورس الشجاع؟؟..
                        ما رأيك لو تصوغ لنا نهاية يتقمص فيها البطل دور ذلك النورس الشجاع ويخطف
                        حبيبته ويطير بها بعيد عن شط المشاكل والعراقيل؟؟
                        أسئلة حتمتها علي قصتك التي أحببتها بالفعل
                        أتوسم في قلمك كثيرا من الجمال والإبهار
                        فمزيدا من الإبداع

                        تحياتي
                        أشكر لك ذا الاهتمام أختي سمية :
                        لو كنت أروم تسلية القارئ أو إيهامه بوردية الواقع وبالرومنسية المجانية التي نضحك بها عن أنفسنا وعن الآخر، أقول لو كنت أروم ذلك لقدمت ما أشرتٍ له،،،لكني أوظف قلمي آلة تصوير لواقع يصطدم كل بضعة أمتار بأعتى الحواجز المحطمة للأحلام والقلوب، واقع يتنتج المآسي أكثر بكثير من تفاؤلي وتفاؤلك،،فبالله أختي كيف تقترحين علي توظيف شجاعة النورس لبطل منكسر لا حيلة له أمام واقع صنعه آل السياسة وسوء التدبير ولا يد له فيه...صورة ذلك النورس يتحسر عليها البطل ويرى أن ما تقدمه له الطبيعة مجانا من وليفة وطعام ودعة، محروم هو منه ولو بعد دراسة وكد وتعب...محروم حتى من الحلم..رحلت وأخذت معها كل أحلامه...فمن أين آتيكم بالفرح؟؟
                        الأدب في رأيي لا ينمق ويلمع كي يُعجب...الأدب مرآآآآآآآة..
                        سررت بهذا النقاش الذي أود دوامه.
                        كل مودتي وكل التقدير.

                        تعليق

                        يعمل...
                        X