
ثورتنا المصرية دخلت( البرطمان )؟!
محمد سليم:
كل شيء بمصر المحروسة..عجيب..عجيب يفوق حد العجب العُجاب,,
مصر؟,,
أم الدنيا ومنبع الحضارة ومنبت الفراعين,,بـ لا أدني شك,,يمتلك أهل مصر خفة دم لا يمكن وزنها بأي مقياس يكون..ويمتلك من ثِقل السخرية ما يمكنه من الغوص بالفقر والحرمان والبطش ولا يُبالي,,لا ريب,,له معدة تهضم الزلط طعامه عدس وفول صباحاً مساءً ولا يهتم و..يتفنن في تجهيزه أشكالا وألوانا ولا يتذمر,,شيّد قبورا لفراعينه العظام أذهلت العالم حتى اليوم بغريب هندستها وعجيب بنيانها ولم تُفك أسرارها بعد,,شعب يعظّم ويقدّس الفرعون الإله و..الأولاد من نسل الآلهة يرثون كرسي الحُكم ولا ينتفض,,
عجيبة مصر غريب أهلها..دساتيرهم مدوّنة ككتب الموتى بالمتاحف..و,,
ما زالت آثارهم خالدة أثر بعد عين.................
تلك الأرض الطيّبة والشعب الأطيب انتفضت,,ثارت,,لأول مرة منذ فجر التاريخ,,
فـ كانت 25 يناير الأنموذج في الزمان والمكان العالمّيين,,
رفعوا شعارا أكثر دهشة وغرابة لم يرفعه أحد من العالمين من قبل(: الشعب يريد إسقاط النظام)..ولا تدر..أيريدون هدم النظام الحالي للحُكم برمته بعد خلع الفرعون أم لهدم نظام الدواوين الحكومية منذ وجدت مصر كدولة لخدمة الفراعين العظام؟!..لن تجد إجابة بالمرّة!.,,غير أن الشعب يريد إسقاط النظام ليبدأ في بناء اهرامات فرعونية جديدة مرة أخرى..,,والعجيب في ثورتهم أنها لم تلد بعد حمل تسعة أشهر طبيعياً..ملّ أهل المحروسة وفاض بهم الكيل وهم بحيرة من أمرهم على جنوسة المولود الجديد.. بل تعاركوا تحاربوا فيما بينهم للقبض على الثورة البَكر ووضعها بالقفص" تحت ذريعة فضوها سيرة بقه",,وكأن ثورتهم لم تكن غير هبّة شعبية طارئة ويجب إخماد نيرانها بسرعة البرق,,أو وكأنها عورة مُحرمة يجب سترها فوراً فما كان لها أن تظهر للعيان..أو فتاة بِكر يجب تزويجها سترةً خوفا من فضائح ما هو آت,,.. المهم عند أهل مصر..إكرام الميت دفنه والجلوس في سُرادقات لعزاء وذِكر محاسن الموتى..و..والموتى تحت قِباب ذاهبون في رحلة صعود سرمدية للروح لا دخل لعالم الأحياء بها ,,والأغرب أنهم كفّنوا ثورتهم بدون غُسل وتحت قُبّة البرلمان ستبدأ حتماً فيما بعد مراسم التشييع والتحنيط ليقتصر العزاء على علية القوم..
شعب عجيب غريب..
سارت الجماهير يد واحدة في إشعال نيران ثورتهم فجأة و تكاتفوا في إطفاء نيرانها معاً..,,شعب غريب عجيب حد العجب العُجاب..في الحزن يبكى بحرقة وفي الفرح يبكى بنحيب أكثر..
ويعيش في الحاضر بلباس وفكر وعقيدة زمن الفراعنة ولم يخرج من ذات الثوب بعد!..جلباب مزركش بجينات فرعونية فريدة................
وفي انتخابات برطمانية لاختيار أعضاء برلمانهم الثوري اختاروا من ؟..
من سجنهم ونفاهم وحاربهم الرئيس المخلوع وزبانيته فهل اختاروا للبرلمان( الجماعات الدينية المحظورة والتيارات السلفية المصاحبة لها) نكاية في المخلوع ونظامه وفلوله انتقاما منه و بأثر رجعي؟..أم تكريما لتلك الجماعات عن نضالات مرحلة سابقةولّت بغير رجعة ؟..وربما لطبيعة المصري المتديّنة والعودة لدولة دينية( كهنة وفرعون ) ..,,و
اختاروا أيضا بعض رجالات الأحزاب الدنكشوتية التي ولدت وتربت وترعرعت في ظل النظام السابق (أحزاب مدجنة)..,,
عجيب غريب هذا الشعب يختار الشيء وضده معا!.. ,,
حتى يكون برطمانهم القادم ليس برطمانا واحدا ولا اثنان بل ثلاث برطمانات..و لتتحوّل الحياة السياسية تحت القُبّة البرلمانية إلى ما يشبه خُطب يوم الجمعة وقداسات يوم الأحد..ولتظل الانتهازية السياسية والصفقات السرية تلعب بكراسي البرلمان في مهاترات كلامية لا تسمن ولا تغنى ..تنتهي بمناشدات الجماهير بضرورة الصبر ثم الصبر على البلوى ومثواكم الجنة أيها الشعب الطيب وأرضكم الطيّبة وقراءة الفاتحة على روح الثورة المباركة...................
ولا غرابة والأمر كذلك,,
أن نفهم أن الثورة كانت ثورة عاقر لم/ لن تبيض ولم / لن تلد غير مخاض من سفسطة سياسية في دولة بُنيت منذ الأزل لخدمة الفراعين..و
ليظل الثوار ومن ساندهم في بيات شتوي بأنتظارة ثورة جديدة لتلقيحها بوثيقة شرعية حقيقية تؤسس لدولة غير فرعونية........
والبركة الآن في البرطمان البرطمان..والثوار برّه البرطمان........
01/12/2011
مقال ساخر
تعليق