تعتبر الرواية كنزا ومهرب النفوس الى فضاء ينتشلها من الضياع الفكري ومن زحمة الدنيا، فيعكف عليها القارئ لينهل منها ويستريح..لكن ..
إن الحديث عن النقد قد يأخذ أبعادا كثيرة لها أطراف وزوايا لا تنحصر في قاعدة ما، وتصب معظمها في مختصر القول أو في نقاط تثار حولها شكوك أو تعقيبات أو تدارك للأخطاء.
إن الملفت في نظري وعلى حسب اعتقادي وهذا رأي يخصني كقارئ في ما ورد من رواية نسيان.كوم للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي أن هناك بعض النقاط التي يجب التوقف عندها بغية إعطاءها حقها من النقد وإبرازها للقارئ الشغوف الذي ينتظر إصدارات كاتب كبير ذو ثقل كصاحبة الرواية، والتمتع بما جادت به قريحتها وخبرتها لأنه بحسب اعتقاده نور يستدل به وحكيم لا يستهان بأقواله وحكمه، حتى انه ينسى نفسه حين يهم بالقراءة فيجعل جل تفكيره في التهام الأحرف والأسطر، ولا يعطي لبعض النقاط أهمية حتى ولو كانت هينة وحقيرة، وربما أن بادرت يوما بذكر النقائص أو الهفوات والكبوات يعيب عليك فعلتك، لأنك تجرأت وشككت في مصداقية كاتبه وما جاء به من غيث نافع ودرر مكنونة لا يجب أن تلمسها أياد عابثة أمثالنا.
لكن نحن لسنا في منبر قدح أو كشف العورات والزلات، بل حينما اصطدمنا ببعض الأشياء الملفتة للنظر حاولنا أن نلم بها ونعطيها حقها من القراءة السليمة، ونفهمها أكثر من السابق بتوجيه كاتبها وإعطاءنا فرصة طرح ما نراه مخالف أو يحتاج إلى تعديل. فهو ليس بقرآن كريم منزه عن الخطأ محفوظ بل هو كلام يحتمل الصواب، والخطأ والواقع والخيال.
أولا أريد توضيح عن الجملة.
*-* ( يحضر بيع هذا الكتاب للرجال)..
هل هي محاولة من الكاتب مغازلة عقول النساء على وتر حساس ألا وهو الرجل أو الشقيق، ومحاولة ولوج عالم مغير وأسلوب مبتدع جديد يستفز عقل القارئ المسكين أو المسكينة بصورة جمالية مذهلة ، وإعطاءها سلطة كبيرة وكيان وحيز لا يدخله الرجل حين تبدأ في طقوس القراءة، فتجد نفسها ذات سمعة عالية ومرتبة مرموقة أكثر من قبل أعطتها إياها الكاتبة من مجرد جملة بسيطة، لكن فتحت بتلك الجملة أبوابا مختلفة ودهاليزا قد لا تعرف مخارجها.
إذا من هو هذا الرجل الذي يحضر عنه بيع الكتاب؟ أهو كائن مغاير؟ أم نبتة صحراوية شائكة؟ أليس هو شقيق المرأة ونصفها والمكمل لحلقة حياتها، وهي أيضا ينطبق عليها القول. أليس هو الذي بدونه لا معنى لامرأة تقرأ كتابا كهذا؟ لتتسلح به كما يقول الكاتب في محتوى الرواية. إذا إن كان لا يعجب او ليس له دور أو انه خطر على كيانها. لماذا يحاول الكاتب استمالت واستلطاف عاطفة المرأة كي تفوز بقلب الرجل ويصبح شريكا لها مطيعا، وقلبها النابض. أم هي الجملة رقص على الذات فقط وتقزيم لهذا الرجل ولشخصه وعدم جدوى حياته ودوره، لأنه سبب مشاكل المرأة والعدو الذي تحترس منه مخافة الإيذاء، أم الجملة وضعت أساسا لغرض تسويقي بخت، لأنه وكما اعتقد كل ممنوع مرغوب فيه، ومن منطلق الحضر يتهافت القراء ومن يشتري هذا الكتاب وربما ليس من اجل الرواية، بل من اجل فك لغز هذا الحضر الذي يراه شيئا كبيرا يستدعي منه الانتباه وشغف الاطلاع والقراءة كما كان الحال معي وثلة من هذا المجتمع.
*-* ( إنسيه كما ينسى الرجال..)
من منا لا ينسى والله سبحانه وتعالى جعل النسيان نعمة في بعض الأحيان ولولا النسيان ما دفن أخ أخاه ولا زوج زوجه، ولتكدر العيش واسودت الدنيا أمامنا وذهبت حلاوة الفرح التي تطمسها الأحزان،
كما يعتبر النسيان على حد قول الناس مرضا لا يخلو من دس الشيطان وهمزه ، يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { وقال للذي ظن انه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين (42) } سورة " يوسف " . وقال الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { قال ارئيت اذ أوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه إلا الشيطان أن اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) } سورة " الكهف "
والنسيان هو عدم تذكر المعلومات والمهارات والخبرات التي مر بها الفرد, والنسيان ظاهره طبيعية تحدث لجميع البشر ولكنه قد يكون مرضي عند الإصابة ببعض الأمراض مثل الزهايمر أو عقب إصابة دماغية أو التعرض لصدمة انفعالية ومن الممكن تصنيف النسيان إلى عدة أنواع منها :
1- نسيان المعلومات السابقة Retrograde Amnesia.
2- نسيان الحاضر Anterograde Amnesia ،
3- النسيان الشامل Global Amnesia
4- نسيان الأحداث التي سجلتها احدى الحواس الخمس Modality Amnesia
5- النسيان العابر Transient Amnesia.
6- النسيان الشامل العابر Transient Global Amnesia
7- النسيان النفسى Factitious Amnesia
ويمكن تصنيف أسباب النسيان عموما الى أسباب صحية ، وأسباب نفسية.
لكن المراد هنا توضيح من الكاتب، فأي نسيان يقصد للتتضح لنا المعالم، ولماذا الرجل دون المرأة، فذكره لوحده يضعه في خانة الشبهة وتسوده هالة قاتمة، إذا كان الرجل ينسى ونسبت اليه هذه الصفة فالمرأة إذا كائنا نورانيا منزه عن الخطأ والنسيان، أي أن هناك عنصر موجب وعنصر سالب بطبيعة الحال والتأويل .. ربما هذا إنقاص في حق الرجل ووصف لا يجب ان يلتصق به، فالله سبحانه وتعالى كرمه كالمرأة وزاده اشياءا لا تتوفر في المرأة وهذا خير دليل في شهادة الرجل والمرأة : *الْمَقْصُودَ بِالشَّهَادَةِ أَنْ يُعْلَمَ بِهَا ثُبُوتَ الْمَشْهُودِ بِهِ , وَأَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ , فَإِنَّهَا خَبَرٌ عَنْهُ .. وأما كون شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل فقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حِكْمَةَ تَعَدُّدِ الاثْنتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ , وَهِيَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَنْسَى الشَّهَادَةَ وَتَضِلُّ عَنْهَا فَتُذَكِّرُهَا الأُخْرَى , قال الله تعالى : { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى } البقرة . ( ومعنى قوله { أن تضل إحداهما } قال ابن كثير : " يعني : المرأتين إذا نسيت الشهادة ، { فتذكر إحداهما الأُخرى } أي يحصل لها ذكرى بما وقع به الإشهاد . " تفسير ابن كثير ج1 ص724 .* (منقول)
وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِإِشْهَادِ امْرَأَتَيْنِ لِتَوْكِيدِ الْحِفْظِ ; لأنَّ عَقْلَ الْمَرْأَتَيْنِ وَحِفْظَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ عَقْلِ رَجُلٍ وَحِفْظِهِ . انظر إعلام الموقعين ج1 ص75
وليس معنى هذا أن المرأة لا تفهم أو لا تستطيع أن تحفظ ، ولكنها أضعف من الرجل في هذا الجانب - غالباً - وقد أثبتت الدراسات العملية والتخصصية أن عقول الرجال أكمل من عقول النساء والواقع والحس والتجربة يشهد بذلك ، وكتب العلم خير شاهدٍ على ذلك فالعلم الذي نقله الرجال والأحاديث التي حفظوها أكثر من تلك التي جاءت عن طريق النساء .
وفي الميراث أيضا نجد الرجل اكبر حظ من المرأة وغيره من الأمور الشرعية..
اذا لماذا كل هذا الإنكار في حقه ووصفه بصفة يتشاطر والمرأة فيها، لو أتت بشيء ينفرد به لهان الأمر. لكن من باب الاستحسان الترفع عن هكذا وصف والذي يتخذه ضعاف القلوب والتفكير سبيلا للاستفزاز ونظرية يُتعامل بها بين أواسط محدودي النظرة.
*-* ( الإهداء إلى قراصنة كتبي...)
كل واحد في هذه المعمورة يحب ما يكتب ان كان كاتب ويعتز بقدراته ويتعاظم أحيانا لديه مكتسبه، لكن أن يتعدى هذا إلى الإفصاح فهو في رأيي مجرد الولوج في عالم الأنا والتفاخر ويؤدي الى الغرور لا محال، على ما أظن هنا فتح الكاتب الباب على مصراعيه فصار يتخيل ان العالم او المتلقي ينتظر إطلالة منتوجه الفكري كي يسرع الى نسخه والتلاعب بمحتواه وقرصنته، وقد وفق في هذا الطرح فهذا الشيء موجود ولا جدل من تجاهله، لكن ان يتفوه به ويخصص له جملة او كلاما على الكتاب وخاصة الإهداء الذي يكون دائما الى اعز الناس والأخيار والمساعدين، لا لقناصي الفرص والانتهازيين.
فهو في نظري لفت للانتباه والتعاظم الذي يراد به كشف القراصنة والطفيليين.
*-* (الحب لا شرع له ولا مذهب..)
مقولة تحتمل الصواب والخطأ، لكن لو قالها احد من عامة الناس في أي لحظة كانت لربما لم يعرها احد الاهتمام، لكن ان تصدر من كاتب في هذا الحجم لها دلالات مغايرة يحق لنا ان نفهم القصد منها، لأنها وجدت في كتاب يحث على الحب والعبر وطرق السير الحسن لتفادي تكسير القلوب وتحطيمها والاستكانة والعيش المرير الذي يسببه اللاحب. وأيضا الإخلاص ونبذ الخيانة، والنسيان الذي لا يجوز للرجل ان يتحلى به.. اذا كان هذا الحب لا مذهب له ولا شرع فكيف يتغنى به الكاتب ويدعوا إليه ويحاول إعطاء نصائح من اجل حياة سعيدة ملؤها الحب بين الرجل والمرأة، إن كان هذا الحب كما قال الكاتب فما قيمته وما قيمة اللهث وراءه والسعي لنيله، هل هذا معنى اخر ومدلول مغاير للحب ام ماذا؟ ام هناك تناقض في القول على حسب اعتقادي. وان أسقطنا الشرع والشرعية والمذهبية عن هذا الشيء فسوف نجرده من كل جمالياته ويصبح حاله حال أي جماد أو كلمة عابرة لا تؤرخ ولا تترك بصماتها ولنزعناها من كل القواميس والكتب.
*-*
فإنا لم نقف على الحديث المسئول عنه بالرواية التي وردت، ولكنا وجدنا عدة روايات لا تخالفها في المضمون، وكلها ضعيفة. منها: ما أورده الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، وهو: إن لله عبادًا اختصهم لقضاء حوائج الناس، آلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار. وقال فيه: ضعيف جدًّا.
ومنها: ما جاء في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله عبادًا خلقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون من عذاب الله.
ومثلها في مسند الشهاب عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا.
ومنها: ما رواه أبو الشيخ ، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله عبادًا يفزع الناس إليهم في حوائجهم، هم الآمنون يوم القيامة. ورد في كنزل العمال، وفي كشف الخفاء ومزيل الإلباس.
ولم نجد في هذه الروايات ما هو صحيح أو حسن.
والله أعلم (منقول).
إذا هل يعقل أن يكتب الإنسان أي شيء وينزله للقارئ الشغوف دون الإلمام بضوابطه، وأحكامه ومسنده وصحته من علته؟ ولا يلتفت إلى ما يسفر عنه ساعة خروجه من نقد وربما تطاول على ذاته وتصغير من قيمته، لأنه يشجع على قراءة أشياء مغلوطة وضعيفة الإسناد خاصة من الجانب الشرعي الذي لا يذكر الواحد منا إلا إن كان واثقا من كلامه ودليله صحيح، فهذا الحديث لم يذكر لا في الصحيح ولا في الحسن اي هو ضعيف أو ضعيف جدا، والمشكل في المتلقي الذي ربما لا يزن الأمور ولا يستدركها جيدا او لا يريد تحرك وعائها، وتتخذ هذه الأحاديث ويزداد انتشارها ومستعمليها، ففي رأيهم ربما أنها جاءت من طرف شخص مرموق المكانة ولا يجوز له ان ينزل في كتبه أي شيء ينتقد من اجله.
بلقاسم عفيصه
إن الحديث عن النقد قد يأخذ أبعادا كثيرة لها أطراف وزوايا لا تنحصر في قاعدة ما، وتصب معظمها في مختصر القول أو في نقاط تثار حولها شكوك أو تعقيبات أو تدارك للأخطاء.
إن الملفت في نظري وعلى حسب اعتقادي وهذا رأي يخصني كقارئ في ما ورد من رواية نسيان.كوم للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي أن هناك بعض النقاط التي يجب التوقف عندها بغية إعطاءها حقها من النقد وإبرازها للقارئ الشغوف الذي ينتظر إصدارات كاتب كبير ذو ثقل كصاحبة الرواية، والتمتع بما جادت به قريحتها وخبرتها لأنه بحسب اعتقاده نور يستدل به وحكيم لا يستهان بأقواله وحكمه، حتى انه ينسى نفسه حين يهم بالقراءة فيجعل جل تفكيره في التهام الأحرف والأسطر، ولا يعطي لبعض النقاط أهمية حتى ولو كانت هينة وحقيرة، وربما أن بادرت يوما بذكر النقائص أو الهفوات والكبوات يعيب عليك فعلتك، لأنك تجرأت وشككت في مصداقية كاتبه وما جاء به من غيث نافع ودرر مكنونة لا يجب أن تلمسها أياد عابثة أمثالنا.
لكن نحن لسنا في منبر قدح أو كشف العورات والزلات، بل حينما اصطدمنا ببعض الأشياء الملفتة للنظر حاولنا أن نلم بها ونعطيها حقها من القراءة السليمة، ونفهمها أكثر من السابق بتوجيه كاتبها وإعطاءنا فرصة طرح ما نراه مخالف أو يحتاج إلى تعديل. فهو ليس بقرآن كريم منزه عن الخطأ محفوظ بل هو كلام يحتمل الصواب، والخطأ والواقع والخيال.
أولا أريد توضيح عن الجملة.
*-* ( يحضر بيع هذا الكتاب للرجال)..
هل هي محاولة من الكاتب مغازلة عقول النساء على وتر حساس ألا وهو الرجل أو الشقيق، ومحاولة ولوج عالم مغير وأسلوب مبتدع جديد يستفز عقل القارئ المسكين أو المسكينة بصورة جمالية مذهلة ، وإعطاءها سلطة كبيرة وكيان وحيز لا يدخله الرجل حين تبدأ في طقوس القراءة، فتجد نفسها ذات سمعة عالية ومرتبة مرموقة أكثر من قبل أعطتها إياها الكاتبة من مجرد جملة بسيطة، لكن فتحت بتلك الجملة أبوابا مختلفة ودهاليزا قد لا تعرف مخارجها.
إذا من هو هذا الرجل الذي يحضر عنه بيع الكتاب؟ أهو كائن مغاير؟ أم نبتة صحراوية شائكة؟ أليس هو شقيق المرأة ونصفها والمكمل لحلقة حياتها، وهي أيضا ينطبق عليها القول. أليس هو الذي بدونه لا معنى لامرأة تقرأ كتابا كهذا؟ لتتسلح به كما يقول الكاتب في محتوى الرواية. إذا إن كان لا يعجب او ليس له دور أو انه خطر على كيانها. لماذا يحاول الكاتب استمالت واستلطاف عاطفة المرأة كي تفوز بقلب الرجل ويصبح شريكا لها مطيعا، وقلبها النابض. أم هي الجملة رقص على الذات فقط وتقزيم لهذا الرجل ولشخصه وعدم جدوى حياته ودوره، لأنه سبب مشاكل المرأة والعدو الذي تحترس منه مخافة الإيذاء، أم الجملة وضعت أساسا لغرض تسويقي بخت، لأنه وكما اعتقد كل ممنوع مرغوب فيه، ومن منطلق الحضر يتهافت القراء ومن يشتري هذا الكتاب وربما ليس من اجل الرواية، بل من اجل فك لغز هذا الحضر الذي يراه شيئا كبيرا يستدعي منه الانتباه وشغف الاطلاع والقراءة كما كان الحال معي وثلة من هذا المجتمع.
*-* ( إنسيه كما ينسى الرجال..)
من منا لا ينسى والله سبحانه وتعالى جعل النسيان نعمة في بعض الأحيان ولولا النسيان ما دفن أخ أخاه ولا زوج زوجه، ولتكدر العيش واسودت الدنيا أمامنا وذهبت حلاوة الفرح التي تطمسها الأحزان،
كما يعتبر النسيان على حد قول الناس مرضا لا يخلو من دس الشيطان وهمزه ، يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { وقال للذي ظن انه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين (42) } سورة " يوسف " . وقال الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { قال ارئيت اذ أوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه إلا الشيطان أن اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) } سورة " الكهف "
والنسيان هو عدم تذكر المعلومات والمهارات والخبرات التي مر بها الفرد, والنسيان ظاهره طبيعية تحدث لجميع البشر ولكنه قد يكون مرضي عند الإصابة ببعض الأمراض مثل الزهايمر أو عقب إصابة دماغية أو التعرض لصدمة انفعالية ومن الممكن تصنيف النسيان إلى عدة أنواع منها :
1- نسيان المعلومات السابقة Retrograde Amnesia.
2- نسيان الحاضر Anterograde Amnesia ،
3- النسيان الشامل Global Amnesia
4- نسيان الأحداث التي سجلتها احدى الحواس الخمس Modality Amnesia
5- النسيان العابر Transient Amnesia.
6- النسيان الشامل العابر Transient Global Amnesia
7- النسيان النفسى Factitious Amnesia
ويمكن تصنيف أسباب النسيان عموما الى أسباب صحية ، وأسباب نفسية.
لكن المراد هنا توضيح من الكاتب، فأي نسيان يقصد للتتضح لنا المعالم، ولماذا الرجل دون المرأة، فذكره لوحده يضعه في خانة الشبهة وتسوده هالة قاتمة، إذا كان الرجل ينسى ونسبت اليه هذه الصفة فالمرأة إذا كائنا نورانيا منزه عن الخطأ والنسيان، أي أن هناك عنصر موجب وعنصر سالب بطبيعة الحال والتأويل .. ربما هذا إنقاص في حق الرجل ووصف لا يجب ان يلتصق به، فالله سبحانه وتعالى كرمه كالمرأة وزاده اشياءا لا تتوفر في المرأة وهذا خير دليل في شهادة الرجل والمرأة : *الْمَقْصُودَ بِالشَّهَادَةِ أَنْ يُعْلَمَ بِهَا ثُبُوتَ الْمَشْهُودِ بِهِ , وَأَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ , فَإِنَّهَا خَبَرٌ عَنْهُ .. وأما كون شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل فقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حِكْمَةَ تَعَدُّدِ الاثْنتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ , وَهِيَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَنْسَى الشَّهَادَةَ وَتَضِلُّ عَنْهَا فَتُذَكِّرُهَا الأُخْرَى , قال الله تعالى : { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى } البقرة . ( ومعنى قوله { أن تضل إحداهما } قال ابن كثير : " يعني : المرأتين إذا نسيت الشهادة ، { فتذكر إحداهما الأُخرى } أي يحصل لها ذكرى بما وقع به الإشهاد . " تفسير ابن كثير ج1 ص724 .* (منقول)
وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِإِشْهَادِ امْرَأَتَيْنِ لِتَوْكِيدِ الْحِفْظِ ; لأنَّ عَقْلَ الْمَرْأَتَيْنِ وَحِفْظَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ عَقْلِ رَجُلٍ وَحِفْظِهِ . انظر إعلام الموقعين ج1 ص75
وليس معنى هذا أن المرأة لا تفهم أو لا تستطيع أن تحفظ ، ولكنها أضعف من الرجل في هذا الجانب - غالباً - وقد أثبتت الدراسات العملية والتخصصية أن عقول الرجال أكمل من عقول النساء والواقع والحس والتجربة يشهد بذلك ، وكتب العلم خير شاهدٍ على ذلك فالعلم الذي نقله الرجال والأحاديث التي حفظوها أكثر من تلك التي جاءت عن طريق النساء .
وفي الميراث أيضا نجد الرجل اكبر حظ من المرأة وغيره من الأمور الشرعية..
اذا لماذا كل هذا الإنكار في حقه ووصفه بصفة يتشاطر والمرأة فيها، لو أتت بشيء ينفرد به لهان الأمر. لكن من باب الاستحسان الترفع عن هكذا وصف والذي يتخذه ضعاف القلوب والتفكير سبيلا للاستفزاز ونظرية يُتعامل بها بين أواسط محدودي النظرة.
*-* ( الإهداء إلى قراصنة كتبي...)
كل واحد في هذه المعمورة يحب ما يكتب ان كان كاتب ويعتز بقدراته ويتعاظم أحيانا لديه مكتسبه، لكن أن يتعدى هذا إلى الإفصاح فهو في رأيي مجرد الولوج في عالم الأنا والتفاخر ويؤدي الى الغرور لا محال، على ما أظن هنا فتح الكاتب الباب على مصراعيه فصار يتخيل ان العالم او المتلقي ينتظر إطلالة منتوجه الفكري كي يسرع الى نسخه والتلاعب بمحتواه وقرصنته، وقد وفق في هذا الطرح فهذا الشيء موجود ولا جدل من تجاهله، لكن ان يتفوه به ويخصص له جملة او كلاما على الكتاب وخاصة الإهداء الذي يكون دائما الى اعز الناس والأخيار والمساعدين، لا لقناصي الفرص والانتهازيين.
فهو في نظري لفت للانتباه والتعاظم الذي يراد به كشف القراصنة والطفيليين.
*-* (الحب لا شرع له ولا مذهب..)
مقولة تحتمل الصواب والخطأ، لكن لو قالها احد من عامة الناس في أي لحظة كانت لربما لم يعرها احد الاهتمام، لكن ان تصدر من كاتب في هذا الحجم لها دلالات مغايرة يحق لنا ان نفهم القصد منها، لأنها وجدت في كتاب يحث على الحب والعبر وطرق السير الحسن لتفادي تكسير القلوب وتحطيمها والاستكانة والعيش المرير الذي يسببه اللاحب. وأيضا الإخلاص ونبذ الخيانة، والنسيان الذي لا يجوز للرجل ان يتحلى به.. اذا كان هذا الحب لا مذهب له ولا شرع فكيف يتغنى به الكاتب ويدعوا إليه ويحاول إعطاء نصائح من اجل حياة سعيدة ملؤها الحب بين الرجل والمرأة، إن كان هذا الحب كما قال الكاتب فما قيمته وما قيمة اللهث وراءه والسعي لنيله، هل هذا معنى اخر ومدلول مغاير للحب ام ماذا؟ ام هناك تناقض في القول على حسب اعتقادي. وان أسقطنا الشرع والشرعية والمذهبية عن هذا الشيء فسوف نجرده من كل جمالياته ويصبح حاله حال أي جماد أو كلمة عابرة لا تؤرخ ولا تترك بصماتها ولنزعناها من كل القواميس والكتب.
*-*
فإنا لم نقف على الحديث المسئول عنه بالرواية التي وردت، ولكنا وجدنا عدة روايات لا تخالفها في المضمون، وكلها ضعيفة. منها: ما أورده الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، وهو: إن لله عبادًا اختصهم لقضاء حوائج الناس، آلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار. وقال فيه: ضعيف جدًّا.
ومنها: ما جاء في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله عبادًا خلقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون من عذاب الله.
ومثلها في مسند الشهاب عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا.
ومنها: ما رواه أبو الشيخ ، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله عبادًا يفزع الناس إليهم في حوائجهم، هم الآمنون يوم القيامة. ورد في كنزل العمال، وفي كشف الخفاء ومزيل الإلباس.
ولم نجد في هذه الروايات ما هو صحيح أو حسن.
والله أعلم (منقول).
إذا هل يعقل أن يكتب الإنسان أي شيء وينزله للقارئ الشغوف دون الإلمام بضوابطه، وأحكامه ومسنده وصحته من علته؟ ولا يلتفت إلى ما يسفر عنه ساعة خروجه من نقد وربما تطاول على ذاته وتصغير من قيمته، لأنه يشجع على قراءة أشياء مغلوطة وضعيفة الإسناد خاصة من الجانب الشرعي الذي لا يذكر الواحد منا إلا إن كان واثقا من كلامه ودليله صحيح، فهذا الحديث لم يذكر لا في الصحيح ولا في الحسن اي هو ضعيف أو ضعيف جدا، والمشكل في المتلقي الذي ربما لا يزن الأمور ولا يستدركها جيدا او لا يريد تحرك وعائها، وتتخذ هذه الأحاديث ويزداد انتشارها ومستعمليها، ففي رأيهم ربما أنها جاءت من طرف شخص مرموق المكانة ولا يجوز له ان ينزل في كتبه أي شيء ينتقد من اجله.
بلقاسم عفيصه
تعليق