يمكن القول أننا فى هذا النص الثرى الجميل أمام فكرة الثورة والاحتفاء بها ، وهى فكرة شعرية نبيلة طيبة يحتويها النص ويشتغل عليها فنيا عبر وجدان شغوف مبتهج بهذى الفكرة يكنزها ويجلوها لنا فى فرح جلى وسعادة روح تأمل فيها الخير والبشرى

- ويمكن القول أن التجربة الشعرية هنا تقوم على معالجة فنية لها سماتها التى يجب أن نقف أمامها ونتمعن فى أدواتها التى استخدمتها ولنتأمل من حيث المعالجة الفنية البنية اللغوية التى نتلقاها بنية ثرية اشتغلت على قاموس شعرى يدل على خصوبة ومكابدة حيث نحن من حيث اللفظ أمام الحقل الدلالى الذى يخدم الفكرة ويجلو الوجدان ولنتأمل ألفاظا كالعنوان ( عناق المدى ) والذى يستحيل تعبيرا كنائيا عن حالة النشوة والفرح والأمل والرغبة فى احتواء الكون فى عناق وجدانى دافىء ثم ولنتأمل المعجم العام للنص حيث نتلقى ( انتمى – الملايين – شقشقت – النوار – انفلاقة الضحى – شعبنا شدا – راقصون بالحياة ) وهكذا نحن أمام معجم لغوى حافل يضج بالنشوة والفرح بفكرة الثورة وقدرتها على أن تغير

- ربما هنا فحسب يجب أن ننتبه إلى أن المعالجة الفنية من حيث اللفظ دخلت عبر بعض الأسيقة فى درب عسر على التلقى لا يخدم سلاسة ولا بساطة الرسالة الشعرية كما يجب أن تكون لتحقق التواصل المطلوب حيث نتلقى مثل هذا السياق

- هَذَا المُهَجِرُ فاعْلَمِيْ

حيث نتلقى صيغة صرفية تحتاج من المتلقى تأويلا وتمعنا طويلا لفهم المراد منها لغرابتها وربما أيضا من جهى أخرىى لوجود ما هو أسلس للاستخدام بدلا من لفظة " مصمتا " التى لا أراها تخدم سلاسة التلقى

- غَابَةُ الزّيتُونِ سَرّجّتْ

حيث إن لفظة سرجت بمعنى زينت لفظة معجمية ليس من السهل على المتلقى أن يصل لها بسلاسة ، رغم ذكاء الصورة الشعرية التى تقوم على اليأس الذى وصل له الإنسان العربى وهو اليأس الذى ينسرب إلى الحياة ذاتها فتنطق به فها هى غابة الزيتون تعجز عن أن تكون صوتا صادحا بهيا وتعجز عن أن تكون ملاذا يرد إلى أهلها الأمن والكرامة فلا يكون من سبيل سوى الانتماء والتجذر فى دفء الحالمين والاعتصام بحضورهم الإنسانى الفاعل ، ولكن رغم هذا الجمال والتخخيل تظل لفظة سرجت حجر عثرة أمام سلاسة الصورة وانسيابها بما يظلم هذى اللوحة الجميلة الذكية التخييل

- سَوفَ يَغْدُو مُصْمَتًا فِيْ الهُدَىْ

حيث تبدو علاقة الحال هنا فى سياقها غير جلية ولا مفهومة ، أى أن اللفظ مصمتا من حيث الدلالة لا ينتج علاقة ذهنية ولاجمالية جلية حين اتصاله بعلاقة شبه الجملة " فى الهدى "

- مَا هَزّهَا قَصِيْدُ شِعْرٍ فِي العِدَاْ

حيث إن العدا تكتب هكذا " العدى " وهو ما يحدث ربما لبسا لدى المتلقى

وختاما نحن أمام نص ثرى من حيث الفكرة ، وربما يحتاج تخييله لقراءة متأنية تليق بما يحويه من فنية عالية ورسالة نبيلة تجعلنا أمام تجربة شعرية متميزة دالة على شاعر شاعر

شكرا لك أستاذي الجميل على اهتمامك بقراءة ما أكتب ، وأشكرك على ملاحظاتك القيمة التي لاشك تقدم لي يدا للطريق الصحيح نحو قصيدة ناضجة متميزة.
وفي انتظار كل كتاباتك وملاحظاتك ، فلك كل الشكر.

و احب أن أضيف ملاحظة على (هَذَا المُهَجِرُ فاعْلَمِيْ) ففيها خطأكتابي وصحيحها (هذا المهاجر فاعلمي)
ولك شكري وتقديري وامتناني