مصطلح الاسلاموفوبيا __الاخوانفوبيا ترى ماذا تعني هذه المصطلحات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.نجلاء نصير
    رئيس تحرير صحيفة مواجهات
    • 16-07-2010
    • 4931

    مصطلح الاسلاموفوبيا __الاخوانفوبيا ترى ماذا تعني هذه المصطلحات




    الاسلامو فوبيا والاخوانوفوبيا ماذا تعني هذه المصطلحات ؟
    هل تريد معرفة ماهية تلك المصطلحات ننتظرك قي العاشرة مساء بتوقيت القاهرة
    لنتعرف سويا هل يوجد اسلامو فوبيا أم لا ؟؟


    sigpic
  • د.نجلاء نصير
    رئيس تحرير صحيفة مواجهات
    • 16-07-2010
    • 4931

    #2
    الصفحة الرئيسية : وجهات نظر






















    قراءة في الإخوانوفوبيا

    محسن صالح






    أخذت ظاهرة الخوف من "الإخوان المسلمين" أو التخويف منهم شكلاً أكثر بروزًا مع ربيع الثورات العربية. وتوافقت على ذلك شخصيات واتجاهات وأحزاب مختلفة معظمها ذو خلفيات يسارية أو ليبرالية أو مرتبط بجهات رسمية، بالإضافة إلى المخاوف المعتادة التي تصدر عن الإسرائيليين والأميركان ووسائل الإعلام الغربية.

    وهذه الظاهرة ازدادت مع تصدُّر الإخوان لقيادة التغيير في مصر وتونس واليمن والأردن، ودورهم القوي في ليبيا وسوريا. مع الإشارة إلى حجم الدور الذي يلعبه تيار الإخوان الفلسطينيين الممثل في حركة حماس.


    التخويف من الإخوان يكون عادة باعتبارهم عنوانًا للإرهاب والتطرف أو عنوانًا للانغلاق والرجعية والظلامية، أو عنوانًا لمعاداة الحريات وحقوق المرأة، أو عنوانًا للدولة الثيوقراطية وللديكتاتورية باسم الدين.

    ولا يخلو الأمر من اتهامات بالعمالة والانتهازية وعدم استيعاب الواقع، وعدم القدرة على تقديم برامج حقيقية لإدارة الدولة والمجتمع والعلاقات الخارجية.


    والملفت للنظر أن بعضًا من هذه الاتهامات، لو كان صحيحًا، يكفي وفق نظريات علم الاجتماع والسياسة لأن يندثر الإخوان أو يتحولوا إلى تنظيم هامشي صغير، لا يحفل به الآخرون.


    أما أن تتمتع هذه الجماعة بحيوية ودينامية هائلة تجعلها التيار الأول والأوسع جماهيرية في البلدان التي تتوق للتغيير والنهضة والتحرر والديمقراطية والازدهار، بالرغم من مرور أكثر من ثمانين عامًا على إنشائها، فإن هذا يضع الاتهامات وعمليات التخويف موضع نظر أو تشكك، إلا إذا أراد البعض أن يضع علوم الاجتماع والسياسة.. نفسها موضع نظر!!


    هناك أسباب عديدة خلف بروز ظاهرة "الإخوانوفوبيا"، أهمها الجهل بفكر وأدبيات الإخوان المسلمين، إذ إن الكثير من أصحاب الكتابات التي نقرؤها حول الإخوان والكثير من متصدري الحديث عنهم في الإعلام، ممن يصفون أنفسهم بالخبراء، لا يكلفون أنفسهم عناء قراءة كتب مؤسس الإخوان حسن البنا ولا الكتب المعتمدة من الجماعة.
    "
    الكثير من أصحاب الكتابات التي نقرؤها حول الإخوان، لا يكلفون أنفسهم عناء قراءة كتب مؤسس الإخوان حسن البنا ولا الكتب المعتمدة من الجماعة
    "

    وهؤلاء يخلطون، بحسن نية أو سوء نية، بين القراءات المجتزأة وبين ما ينسبه الآخرون من خصوم وأعداء للإخوان، وبين تصريحات أو سقطات أو فلتات لسان لأشخاص محسوبين على الجماعة، لكنهم لا يمثلون خطها الرسمي المعتمد.

    فتتشكل عن الإخوان صورة نمطية غير موضوعية، في الوقت الذي لا تتاح فيه للإخوان فرصة التعريف بأنفسهم بالدرجة نفسها التي تتاح للآخرين، بينما يكتفي الإنسان العادي بما يسمع ويشاهد.


    وكثيرًا ما يتم التركيز مثلاً على كتابات سيد قطب دون غيره من مفكري الإخوان، ويتم تقديمه باعتباره "أبًا" للفكر التكفيري، دونما اعتبار للظروف الموضوعية التي كتب فيها سيد كتاباته، مع نزع العديد من نصوصه عن سياقها.

    ولكن قراءة علمية متأنية لفكر سيد قطب تُظهر أنه وإن كان قد استخدم عبارات قوية وحادة في وصفه للأنظمة القائمة وضرورة تغييرها، فإنه لم يكفر الأفراد ولا المجتمع، وأنه شجع الاختلاط بالناس والتعامل معهم بروح العطف والاستيعاب والرحمة.

    ولم يكن يدعو أبدًا عندما دعا إلى "العزلة الشعورية" إلى الانعزال عن الناس وهجرتهم، وإنما قصد احتفاظ المسلم في بيئة غير ملتزمة بمشاعر الإسلام وبخلقه ودينه وسلوكه.

    وكان ينبغي قراءة سيد بمجمل كتاباته في "تفسير الظلال" و"أفراح الروح" و"العدالة الاجتماعية في الإسلام"، وليس من خلال قراءة انتقائية مجتزأة لبعض النصوص في كتاب "معالم في الطريق" أو غيره.

    ومع ذلك فإن كثيرًا من كتّاب الإخوان ومفكريهم قاموا بأدوار كبيرة في توضيح ما علق بأية أفكار متطرفة منسوبة إلى سيد، مؤكدين على الخط الوسطي المعروف لأهل السنة.

    ومن ناحية ثانية يبرز الاختلاف الأيديولوجي أحدَ أسباب الظاهرة، إذ إن الدولة الحديثة المعاصرة في العالم العربي والغربي تبنت أنظمة علمانية تفصل الدين عن الدولة، هذا إن لم تكن معادية للدين نفسه، واستندت إلى أيديولوجيات قومية واشتراكية وليبرالية ويسارية ووطنية.

    وفي الوقت الذي استطاعت فيه التيارات التي تقود الدولة الحديثة إخضاع واستيعاب تيارات التديّن التقليدي، فإنها وجدت نقيضًا وتحديًّا كبيرًا من تيارات الإسلام الحركي التي يتصدرها الإخوان والتي تقدم رؤى تغييرية وإصلاحية جادة تستند إلى المرجعية الإسلامية، وتملك الكثير من الرموز والكفاءات المستوعبة للواقع ومتطلبات العصر والمستوعبة أيضا لتطلعات شعوبها.

    وهي بغض النظر عن مدى قدرتها على تنفيذ برامجها، شكلت كابوسًا للآخرين، بسبب انتماء أو تعاطف قطاعات واسعة من المجتمع مع رؤيتها.


    ولأن عددًا من التيارات القومية واليسارية والليبرالية ربطت بين نفسها وبين الحداثة وتشكيلات الدولة العلمانية الحديثة التي نشأت في الغرب على هذه الأسس، فإنها وجدت في التيار الإسلامي الحركي نبتًا نشازًا يخالف العلمانية لجمعه بين الدين والدولة، وينتمي إلى ما تسميه عصور "الحكم الديني" وعهود "السلاطين والجواري"!! وربطت بينه وبين التخلف والرجعية والظلامية دون أن تدرك (أو دون أن ترغب في الإدراك) أن التيار الإسلامي الحركي يقدم قراءة نقدية واعية لعصور التخلف ولأشكال الحكم الوراثي والمتسلط التي ظهرت باسم الإسلام.

    كما أن هذا التيار يفرق بين الإسلام بحيويته ونضارته وصلاحيته لكل زمان ومكان وبين التطبيقات السيئة التي ظهرت باسمه في عصور التخلف.



    "
    قراءة علمية متأنية لفكر سيد قطب تظهر أنه وإن كان قد استخدم عبارات قوية وحادة في وصفه للأنظمة القائمة وضرورة تغييرها، فإنه لم يكفر الأفراد ولا المجتمع

    "

    أما السبب الثالث فيعود إلى حملات التشويه المبرمج والدعاية المعادية التي تعرض لها الإخوان سنوات طويلة في العديد من البلدان العربية، وخصوصًا في أثناء حكم عبد الناصر في مصر خلال الفترة 1954-1970، حيث تم اتهام الإخوان بالعمالة والرجعية ومعاداة المد القومي والوطني وما إلى ذلك.

    وفي الوقت الذي كانت حكومات عربية وأجنبية وأحزاب مختلفة ترعى "شيطنة" الإخوان في كافة وسائل الإعلام، كان الإخوان يعانون من المطاردات والملاحقات الأمنية ومحاولات الاجتثاث والتهميش، ولا يُسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم أو توضيح وجهات نظرهم.

    وهذا ينطبق فترات طويلة على بلدان كمصر والعراق وسورية وليبيا... وكان هناك بعض الاستثناءات في بعض البلدان لكنها كانت محدودة الإمكانات والتأثير.

    ومن جهة رابعة فإن القراءة الانتقائية المتعمدة لتاريخ الإخوان وتجربتهم أضفت مزيدًا من المخاوف تجاههم، كإنشائهم التنظيمات السرية والعسكرية، واغتيال رئيس وزراء مصر السابق النقراشي باشا، ومحاولة اغتيال عبد الناصر...

    وهذه القضايا كان لها ظروفها الموضوعية، وبعضها جرى تضخيمه ولم تثبت صحة بعضها الآخر، لكن كثرة ترداد هذه المقولات جعل تداولها يتم وكأنها حقائق مُسلَّمة.

    فمثلاً لا يذكر الكثيرون ممن يكررون هذه الاتهامات أن التنظيم الخاص الذي أنشأه الإخوان في مصر سنة 1940 كان هدفه طرد الاستعمار البريطاني من مصر ودعم الجهاد في فلسطين وغيره وهو ما قام بممارسته فعلاً أثناء حرب 1948، وفي أثناء المقاومة المصرية في قناة السويس 1951-1954. كما لا يتحدثون عن عشرات علامات الاستفهام التي شابت اتهامهم بمحاولة اغتيال عبد الناصر.

    ومن ناحية خامسة، فإن خوف القوى الغربية و"إسرائيل" من "الإسلام السياسي الحركي" بسبب الخلفيات الدينية والثقافية والتاريخية والسياسية الغربية والصهيونية، وبسبب الخشية من صعود هذا التيار المعادي بشكل جذري ومبدئي للمشروع الصهيوني في فلسطين، وهو تيار يحمل مشروعًا حضاريا إسلاميا لا يتوافق بالضرورة مع معايير الدولة العلمانية المعاصرة وفق الرؤية الغربية، ويرفض الهيمنة الغربية على المنطقة، كما يدعو إلى تغيير أو إصلاح الأنظمة العربية الفاسدة والمستبدة المتحالفة مع الغرب.
    "
    في الوقت الذي كانت فيه حكومات عربية وأجنبية وأحزاب مختلفة ترعى "شيطنة" الإخوان في كافة وسائل الإعلام، كان الإخوان يعانون من الملاحقات الأمنية ومحاولات الاجتثاث، ولا يُسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم أو توضيح وجهات نظرهم
    "

    كل ذلك جعل هذا التيار موضع "الفيتو" والعداء الغربي الذي لعب دورا كبيرا في تشويه صورة الإسلاميين على مدى العقود الماضية، كما تحالف مع الأنظمة القائمة لمنع وصولهم للسلطة، حتى باستخدام أدوات ترفضها المعايير والقيم الغربية كالديكتاتورية وقمع الحريات والتعذيب وتزوير الانتخابات.

    وأصبحت أحد "أوراق الاعتماد" التي يقدم بعض حكام العرب بها أنفسهم للغرب قدرتهم على مطاردة الإسلاميين وكبحهم وتهميشهم. كما أخذت العديد من الأجهزة الرسمية وأجهزة المخابرات تُعظم من قيمتها وأهمية دورها في عيون الغرب، من خلال التخويف من الإخوان ومخاطرهم المحتملة.

    أما الجانب السادس فهو متعلق بالإخوان أنفسهم فهم بشر لهم أخطاؤهم، ولهم ممارساتهم واجتهاداتهم التي قد ينجحون فيها أو يفشلون، وهناك من أعضائهم من لا يقدم الصورة الإيجابية المرجوة عنهم، وربما دفعت بعضهم المنافسات السياسية والخصومات الحزبية إلى نوع من استعداء الآخرين، وربما أدت الروح الحزبية والانتماءات التنظيمية إلى عدم القدرة على استيعاب الكفاءات والطاقات من خارج صفهم فضلاً عن استيعاب الناس العاديين أو خصومهم ومخالفيهم.

    بل إن كثيرين من أعضائهم كانوا يستنكفون عن العمل خصوصًا بعد المرحلة الجامعية لأسباب مختلفة مرتبطة بالإحباط وعدم قدرة الجماعة على تلبية تطلعاتهم أو استيعاب طاقاتهم أو قديم رؤية مقنعة للتعامل مع التحديات التي يواجهونها.

    وفي أحيان أخرى، ربما كان سقف الشعارات التي يرفعها الإخوان أعلى بكثير من إمكاناتهم ومن قدراتهم على تنزيلها إلى برامج عمل جادة. ثم إن توسع جماعة الإخوان في كلّ البلدان العربية وعشرات البلدان الإسلامية والعالمية أنشأ أجواء مختلفة من العمل والاجتهاد فيما بين الإخوان أنفسهم، وأظهر قدرات مختلفة في التعامل مع الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية وفي طريقة تعاملهم مع الأنظمة وتعامل الأنظمة معهم.

    وظهرت مسلكيات إخوانية تتراوح بين الاعتدال والتشدد، وبين المهادنة والمواجهة، وبين البطء والاستعجال، وبين القدرة على استيعاب الجماهير وقيادتها والفشل في فهم ديناميكيات العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

    وربما ضاعفت الإمكانات التنظيمية والقدرة التعبوية الواسعة للإخوان من خشية قوى سياسية وشخصيات مستقلة من استحواذ الإخوان على ساحات العمل، وحرمان الآخرين من فرص عادلة في المشاركة وتحمل المسؤولية.
    "
    ومن الملفت للنظر أن معظم أولئك الذين يقومون بالتخويف من الإخوان سواء أكانوا ليبراليين أو قوميين أو يساريين أو غيرهم، جاءت تياراتهم إلى الحكم على ظهور الدبابات في عالمنا العربي، ولم يصل أي من أصحاب هذه التيارات بانتخابات حرة نزيهة مباشرة
    "

    وبالإضافة إلى ما سبق أضفى لجوء الإخوان للعمل السري ومحاولاتهم أحيانًا اختراق القوات العسكرية في بلدانهم نوعًا من الغموض والمخاوف حول حقيقة برنامجهم وأهدافهم النهائية.

    النماذج التي تم تقديمها للحكم الإسلامي في أفغانستان وإيران والسودان -والتي انشغل الإعلام الغربي والعربي في تقديمها على أنها نماذج فاشلة، والتخويف من قدوم الإخوان على أساسها- هي نماذج لا ننكر الحق في نقدها واستجلائها وعدم الدفاع عن أي من أخطائها.

    ولكننا ننبه أيضا إلى أن هذه الأنظمة لم تلق فرصًا عادلة في الدفاع عن نفسها في وسائل الإعلام.

    ثم إن الإخوان المسلمين يقدمون رؤية مختلفة لعملية الإصلاح وبناء الدولة عن تلك التي يقدمها "النموذج الطالباني" في أفغانستان، وعن النموذج الإيراني ذي المرجعية الشيعية.

    وتبقى التجربة في السودان ذات خلفية إخوانية، ينبغي الوقوف عندها ومراجعتها، وإن كان الخط الحاكم في السودان قد انفصل عن التنظيم الدولي للإخوان منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، ولم يعد يمثل خطهم الرسمي المعتمد، غير أنه يعد امتدادًا لفكرهم وتيارهم بشكل أو بآخر.

    وعلى أي حال، فإذا كان خصوم الإخوان يرفضون اتهام النماذج اليسارية والليبرالية والقومية التي يتبنونها، بحجة أنهم لا يتحملون مسؤولية التطبيقات السيئة لها، فمن باب أولى أن يقبلوا عدم تحمل الإخوان وباقي الإسلاميين مسؤولية أية تطبيقات سلبية للنموذج الإسلامي قام بها آخرون. وهذا يعني ألا يُعفى الإخوان من مسؤولية أية تطبيقات خاطئة قاموا هم بها.


    ومن الملفت للنظر أن معظم أولئك الذين يقومون بالتخويف من الإخوان سواء كانوا ليبراليين أو قوميين أو يساريين أو غيرهم، جاءت تياراتهم إلى الحكم على ظهور الدبابات في عالمنا العربي، ولم يصل أي من أصحاب هذه التيارات بانتخابات حرة نزيهة مباشرة.

    وينطبق ذلك على الاتجاه الناصري القومي الاشتراكي في مصر، وعلى نظامي البعث القوميين الاشتراكيين في العراق وسورية، وعلى الأنظمة التي رفعت شعارات يسارية واشتراكية كما في نظام اليمن الجنوبي ونظام النميري في السودان ونظام هواري بومدين في الجزائر، ونظام القذافي في ليبيا. كما ينطبق ذلك على نظام ولد الطايع في موريتانيا، ونظام علي عبد الله صالح في اليمن.

    كذلك الحال بالنسبة للأنظمة نفسها -التي استمرت في استبدادها- حتى بعد أن أخذت تغيّر جلدها باتجاه الليبرالية وباتجاه الدخول في بيت الطاعة الأميركي. وبالرغم من أن القدوم على ظهور الدبابات قد لا ينطبق على بورقيبة عند استقلال تونس، فإنه ينطبق عليه وعلى خلفه بن علي عندما حكما في السنوات التالية باسم الجميع وغصبًا عنهم.
    "
    تظهر أي مقارنة علمية موضوعية أن الإخوان -وإن كانت لديهم مشاكلهم الداخلية- متقدمون بفارق شاسع عن غيرهم من الأحزاب في السلوك "الديمقراطي" الشوري الداخلي
    "

    أما الأنظمة الوراثية فهي تحكم بنفسها ضمن خطوط معروفة بليبراليتها، وباستبعادها للخط الإسلامي الحركي وخصوصًا الإخوان. وقد تسمح للإخوان بممارسة العمل كما في الأردن والكويت ولكن ضمن سقف لا يمكن تجاوزه.

    إن على الذين يقومون بالتخويف من الإخوان، من رافعي الشعارات الليبرالية والقومية واليسارية، أن يخبرونا في تجربة الستين سنة الماضية، عن أي نظام عربي حمل فكرهم، واحترم الحريات وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة!!


    الأنظمة العربية بتياراتها وخلفياتها وشعاراتها المختلفة، التي كانت تخيف الآخرين من الإخوان ومن الإسلاميين، هي التي مارست قمع الحريات وزوّرت الانتخابات وأنشأت أنظمة مخابراتية وأقامت نماذج للظلم والفساد في بلدانها. وكان يجمعها حالة العداء للإخوان وللإسلاميين، فضلاً عن استعدائها لشعوبها، وعدم ثقتها بقدرتها على الصمود في أول اختبار حقيقي أمام صناديق الاقتراع.


    لقد مارست الأنظمة قمع الحريات بحجة الخوف على الحرية، وقامت بسرقة السلطة بحجة الخوف على السلطة من الإسلاميين، وقامت بإنشاء أنظمة فاسدة ومستبدة بحجة الخوف من احتمال الوقوع تحت "ظلم" الإسلاميين.

    وبحجة الخوف من "الضحية" كان الجلاد يقوم بالإمعان في إيذائها وتعذيبها. كان ذلك أمرًا خياليا ولكننا رأينا بأعيننا كيف كان ذلك يحدث في تونس ومصر وليبيا. وكيف كان يجد هذا الطرح منظّرين ممن يُسمّون مفكرين ورجال إعلام وأساتذة جامعات.


    وتجدر الإشارة إلى أن معظم التيارات والأحزاب العلمانية اليسارية والليبرالية والقومية مارست زعاماتها سلوكا ديكتاتوريًّا على أعضائها، وشكلت لنفسها زعامات تاريخية هرمت، وهرمت تنظيماتها معها.

    واستخدمت هذه القيادات أساليب الفصل والإقصاء وسرقة إرادة قواعدها الحزبية وتعطيل الانتخابات الداخلية.

    وتظهر أي مقارنة علمية موضوعية أن الإخوان -وإن كانت لديهم مشاكلهم الداخلية- متقدمون بفارق شاسع عن غيرهم من الأحزاب في السلوك "الديمقراطي" الشوري الداخلي وفي العملية الانتخابية الداخلية والتصعيد القيادي الذي يسير بشكل منتظم كل ثلاث أو أربع سنوات في معظم أقطارهم. وهو من الأسباب التي مكنتهم من الحفاظ على تماسكهم واستيعابهم للمتغيرات والحضور الشبابي في أوساطهم.


    "
    كان يجري خلطٌ متعمد يحاول أن يربط الأيديولوجيات العلمانية الليبرالية والاشتراكية والقومية بالحريات وحقوق الإنسان، ويحاول أن يربط الطرح الإسلامي للدولة والمجتمع بمعاداة الديمقراطية والحريات وحقوق المرأة
    "

    حاولت الأنظمة الرسمية والتيارات المعادية للإسلاميين أن تثير فزع الناس من الإخوان باعتبارهم أعداء الحريات، وأنهم يستخدمون الديمقراطية لمرة واحدة كأداة ينقضّون بها على بنيان الدولة، ليقهروا بعد ذلك الناس باسم الدين.

    وبالطبع فمن حقّ الناس على الإخوان وعلى الإسلاميين أن يوضحوا لهم فهمهم لهذه المسائل، ولكن الذي كان يحدث أن تكمم أفواه الإخوان ويُمنعون من التعبير بينما كانت تتوالى الاتهامات عليهم.


    وكان يجري خلطٌ متعمد يحاول أن يربط الأيديولوجيات العلمانية الليبرالية والاشتراكية والقومية بالحريات وحقوق الإنسان، ويحاول أن يربط الطرح الإسلامي للدولة والمجتمع بمعاداة الديمقراطية والحريات وحقوق المرأة.

    والإخوان (الإسلاميون بشكل عام) كانوا يرفضون هذا الخلط، إذ إنهم يرون في طرحهم الإسلامي استجابة حقيقية لإرادة الأمة التي اختارت أغلبيتها الساحقة الإسلام، وأنه يتوافق مع تراث هذه الأمة وثقافتها وتركيبتها النفسية والحضارية، وأنه بحسب رأيهم الأقدر على تعبئة الجماهير وطاقاتها في عملية البناء والتقدم، وفي معركة تحرير الأرض والإنسان.


    وصحيح أن رؤية الإسلاميين لممارسة الحكم لا تتوافق تمامًا مع شكل الأنظمة الديمقراطية السائدة لأنهم ينطلقون من منظومة عقائدية وفكرية وحضارية مختلفة، ومن رؤية ناقدة لعورات النظام الغربي، تتمثل حسب رأيهم ببشاعة أنظمته الشيوعية، وجشع أنظمته الرأسمالية، وانحطاط أخلاقه في التعامل مع المرأة والأسرة والمجتمع، وانحرافه عن المنهج القويم الذي اختطه الله لعباده في الأرض.

    كما يرون أن الأنظمة الديمقراطية العلمانية نفسها تختلف في تطبيقاتها للديمقراطية، وفي أنظمتها الملكية والرئاسية والبرلمانية، وفي انتخاباتها النسبية ودوائرها الفردية والجماعية، وفي مرجعياتها الثقافية والأيديولوجية.

    وفي الوقت نفسه تخضع العديد من الديمقراطيات الغربية لنفوذ رجال الأعمال والشركات الكبرى ولوبيات الضغط الصهيوني والمسيحي المحافظ وأصحاب الشبكات الإعلامية، بحيث تصبح أقلية صغيرة هي المتحكِّمة في صناعة القرار في نهاية الأمر.
    "
    المنطق يقول إن الإسلام الصحيح غير مسؤول عن كافة التيارات التي خرجت باسمه من خوارج وجهمية ومعتزلة وقرامطة... والمسيحية الحقة غير مسؤولة عن التطرف الصليبي والإكراه الديني ومحاكم التفتيش
    "

    ولكن الإسلاميين في مجملهم يؤيدون الانتخابات الحرة النزيهة والتداول السلمي للسلطة، ويؤمنون بالتدرج وعدم الإكراه في الدين. أما إذا اختار الشعب برنامجهم ورؤيتهم فمن حقهم تطبيق هذا البرنامج، ومن حقهم على غيرهم أن يحترم الجميع إرادة الأمة.

    ومن جهة أخرى، يتم التخويف من الإخوان من خلال الربط "غير البريء" بينهم وبين حركات التطرف والتكفير في عالمنا الإسلامي.

    ويُتّهم الإخوان بتبني هذه الحركات أو بأن هذه الحركات خرجت من تحت عباءتهم. وبالرغم من أن للإخوان كتبهم وأدبياتهم التي تُعبِّر بشكل واضح عن مخالفتهم للأفكار المتطرفة والفكر التكفيري واستباحة الدماء، كما في كتابات حسن البنا وعبد القادر عودة ومصطفى السباعي وعبد الكريم زيدان والقرضاوي والغنوشي وفتحي يكن وفيصل مولوي... وغيرهم، فإن هناك إصرارًا غريبًا لدى خصوم الإخوان على تحميلهم مسؤولية الآراء الغريبة والشاذة.

    وبالرغم من أن الإخوان وقفوا في وجه فكر "جماعة التكفير والهجرة" في مصر منذ ستينيات القرن العشرين، كما خالفوا فكر "القاعدة" وكانوا في العراق بالذات أحد أكبر ضحايا اغتيالاتها وعملياتها التفجيرية، فإن مخالفيهم ظلوا يتهمونهم بالتطرف والإرهاب وغيره.

    إن المنطق يقول إن الإسلام الصحيح غير مسؤول عن كافة التيارات التي خرجت باسمه من خوارج وجهمية ومعتزلة وقرامطة... والمسيحية الحقة غير مسؤولة عن التطرف الصليبي والإكراه الديني ومحاكم التفتيش.

    كما أن أفكار الثورة الفرنسية ليست مسؤولة بالضرورة عن قادتها الذين ذبحوا بعضهم بعضًا باسم الحرية والإخاء والمساواة، ومفكري الديمقراطيات الغربية في فرنسا وأميركا وبريطانيا غير مسؤولين عن السلوك الاستعماري البغيض لقادتهم السياسيين والعسكريين، وكارل ماركس ليس مسؤولا بالضرورة عن ممارسات لينين وستالين وماو تسي تونغ...

    وهكذا، فالإخوان مسؤولون عن أنفسهم، ولا ينبغي أن يتحملوا مسلكيات أناس خرجوا عنهم، وخاصموهم وخالفوهم في الفكر والممارسة، بل ربما عادوهم وحاربوهم.
    "
    التيار الساحق الأعم في الوسط الإخواني ووسط الإسلاميين استمر يمثل تيار الوسطية والاعتدال، حتى وهم يعانون ظروفا قاسية من الظلم والتعذيب في السجون والمطاردات وأعواد المشانق
    "

    إشكالية التطرف التي تتهم الأنظمة بها الإخوان تتحمل الأنظمة نفسها جزءًا كبيرًا من مسؤوليتها. فعندما تُقام أنظمة ظالمة متحالفة مع الغرب ومتهادنة مع الاحتلال الإسرائيلي، ومحاربة لشعوبها، وتغلق أبوابها في وجه أي إصلاح حقيقي أو تداول سلمي للسلطة، فإنها تدفع الناس إلى درجات مختلفة من الإحباط والانفعال، وهو ما قد يؤدي ببعضهم إلى ردود فعل عنيفة وغير متزنة.

    ولو أن هذه الأنظمة أوجدت أجواء صحية وبيئات حرية مناسبة لربما نزعت مبررات التطرف بأشكاله المختلفة. ثم إن التيار الساحق الأعم في الوسط الإخواني ووسط الإسلاميين استمر يمثل تيار الوسطية والاعتدال، حتى وهم يعانون ظروف قاسية من الظلم والتعذيب في السجون والمطاردات وأعواد المشانق.

    ولعل كتاب "دعاة لا قضاة" الذي كتبه حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين الذي خلف حسن البنا، وهو في أصعب الظروف في السجن، يشير إلى الرؤية الوسطية المعتدلة للإخوان، التي اعتمدتها قيادتهم وربّت عليها قواعدها حتى في ظروف القهر الاستثنائية.

    ومن الجوانب التي يتم تخويف الناس من الإخوان بسببها افتقادهم للبرنامج الحقيقي لإدارة الدولة، وعدم تقديمهم للحلول لمشاكل المجتمع.

    وبالطبع فمن حق الناس أن تطمئن إلى قدرة الإخوان على تقديم رؤى وتصورات وبرامج جادة وحقيقية.

    ولكن من الملاحظ أن هذه التهمة "موضة قديمة" تنقد أداء الإخوان ربما قبل أكثر من ثلاثين عاما. والذي يتصفح بشكل جاد البرامج الانتخابية للإخوان في العديد من الأقطار يلاحظ أنها تتميز بالشمول وتعالج معظم هموم الدولة والمجتمع بغض النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف معها.

    وقد استفاد الإخوان طوال السنوات الماضية من وجودهم القوي في الجامعات والنقابات المهنية وتقديم الآلاف من كوادرهم في شتى المجالات بالإضافة إلى آلاف آخرين انضموا إليهم من خريجي الجامعات الأجنبية.

    وربما مثل قطاع التكنوقراط من الإخوان ومؤيديهم أحد أكبر القطاعات مقارنة بغيره من التيارات والأحزاب، وإن كان لم يحظ بفرص عادلة من العمل في مؤسسات الدولة بسبب "الحرب" التي تشنها مؤسسات الدولة عليهم في العديد من الأقطار العربية.

    من ناحية أخرى، وبعد أكثر من خمسين عاما كان الإخوان فيها في معظم الأحيان ضحايا الأنظمة العربية، المتحالفة مع أميركا، يأتي البعض ليخوف بالإخوان على أساس أنهم حلفاء أميركا الجدد. لقد فرضت الثورات وفرض رجالها أنفسهم فرضًا في عملية التغيير، وهم الذين أسقطوا الأنظمة المتحالفة مع أميركا، وهم الذين جاؤوا رغمًا عن أميركا وحلفائها.
    "
    الإخوان المسلمون مطالبون بتوضيح مواقفهم وكشف ما علق بهم من شبهات واتهامات، وممارسة النقد الذاتي لتجاربهم، وتحمل المسؤولية تجاه أخطائهم، وأن يؤكدوا للجميع أنهم ليسوا ملائكة
    "

    صحيح أن الإخوان يقدمون الإسلام بشكله المعتدل ويؤمنون بالتدرج في الخطوات، وبعدم الاستعجال في استعداء الآخرين، وبالتركيز على الإصلاح الداخلي في المراحل الأولى، ولكنهم دفعوا طوال نصف قرن أو يزيد ثمن عدائهم للسياسة الأميركية.

    إن السياسة الأميركية ستسعى لاستيعاب الواقع الجديد وإعادة ترتيبه لصالحها، وستحاول "تدجين" الإخوان، ولكنها قد تصطدم عاجلاً أو آجلاً بالمشروع الحضاري النهضوي الذي يقدمه الإخوان.

    وهذا سيعتمد بالتأكيد على قدرة الإخوان على الاستمرار في الالتزام بمشروعهم، وعدم وقوعهم في حبائل السلطة ومغرياتها، كما سيعتمد على مدى إصرار أميركا على محاولة فرض سياساتها وإرادتها على المنطقة.

    "الإخوان المسلمون قادمون"!! قد يصح فيلمًا هنديًّا!! ولكنه لم يعد صالحًا للتسويق في عهد الثورات العربية، ولم يعد التخويف بالإخوان يحمل قيمة حقيقية، فليتم احترام الشعوب وإراداتها، وليوضع الإخوان على المحك وتحت اختبار التجربة، فإن نجحوا فقد خدموا دينهم وبلادهم وشعوبهم، وإن فشلوا فستنتهي مظلمتهم ويزول هاجسهم.

    وأخيرًا، ومهما يكن من أمر فالإخوان المسلمون مطالبون بتوضيح مواقفهم وكشف ما علق بهم من شبهات واتهامات، وممارسة النقد الذاتي لتجاربهم، وتحمل المسؤولية تجاه أخطائهم، وأن يؤكدوا للجميع أنهم ليسوا ملائكة وأنهم لا يحتكرون الحق، وأنهم يحترمون الاختلاف والتعددية، ويقدمون مصالح الأمة على المصالح الشخصية والحزبية والفئوية، وأنهم يقدمون رؤية نهضوية متكاملة يخرجون بها من إطار الشعارات إلى البرامج التفصيلية الجادة.



    المصدر
    http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2...oogleStatID=30
    sigpic

    تعليق

    • د.نجلاء نصير
      رئيس تحرير صحيفة مواجهات
      • 16-07-2010
      • 4931

      #3
      الاسلاموفوبيا
      http://www.youtube.com/watch?v=7OEn88pN8Z4
      sigpic

      تعليق

      • د.نجلاء نصير
        رئيس تحرير صحيفة مواجهات
        • 16-07-2010
        • 4931

        #4
        كلمة "إسلاموفوبيا" المنقولة عن اللغات الأجنبية هكذا بلفظها اللاتيني مكتوبًا بحروف عربية، تنطوي على معنى أنها ظاهرة مرضية، فهو خوف مرضي من الإسلام، لا يوجد ما يسوّغه منطقيًّا، ولا يقتصر على حالات انفرادية، بل يعمّ وينتشر، فهو أشبه بالوباء، مع فارقٍ أساسي أنّ الوباء ينتشر "رغمًا" عن الإنسان الذي يسعى لمكافحته، فإن لم يتراجع يضاعف الإنسان السوي جهوده ويبتكر المزيد من وسائل المكافحة.


        أما الخوف المرضي من الإسلام، فلم يعد مجرّد خوف تلقائي لأسباب ما، بل أصبح في هذه الأثناء يُصنع صنعًا، أي أصبح ناتجَ عمليةِ تخويف؛ ليُستخدم أداة من أجل تحقيق أغراض محددة. وهنا تجد هذه "الأداة" من يركّز عليها استغلالاً لها لتحقيق أغراضه، فإن رصد ضعفًا ذاتيًّا في مفعول الظاهرة، بذل الجهد بنفسه لزيادة مفعولها، أي لمضاعفة حدّة الجانب المرضي فيها، وهو يزعم أنه يشكو منها ويريد مكافحتها.
        وللأسف نجد هذا الأمر في أوربا اليوم من خلال ما يطلقونه من مصطلحات تسبب النفور والقلاقل بين الناس، لا سيّما مصطلح "الإسلاموفوبيا" الذي يُعرّف الإسلام على أنه دين إرهابي دموي، فهو الخطر الأخضر القادم -كما يزعم بعضهم-!!



        هنا لا مفر من طرح هذا التساؤل: لماذا ينظر الغرب هذه النظرة للإسلام؟
        وعلى ضوء الإجابة عن هذا السؤال يمكننا التفكير في سُبُل إيجابية وفعَّالة لعلاج ناجع لهذه الظاهرة المتنامية. ولقد وجدنا بعد بحث متعمق أن هذه النظرة الغربية المتوجسة من الإسلام تعود إلى العديد من النقاط التي يمكننا حصر أهمها فيما يلي[1]:


        أولاً: مسألة عقدية.. خاصة مع الصحوة الدينية

        إذ كما يجب على المسلم بحكم عقيدته أن يذب عن دينه ويدفع عنه أي خطر محتمل، كذلك المسيحي يرصد بعين القلق الصحوة الإسلامية العارمة التي تجتاح العالم الإسلامي، ويخشى أن يأتي اليوم الذي تتهدده هذه الصحوة، وقد حذّر السير ألفريد شيرمان -المستشار السابق لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر- في تصريح لجريدة الهيرالد تريبيون إنترناشيونال، في 9 فبراير 1993م، من التهديد الإسلامي للغرب، في مقالة بعنوان "الزحف الإسلامي الجديد على أوربا" قائلاً:



        "يوجد تهديد إسلامي حيال أوربا المسيحية، هذا التهديد يتطور ببطء وما زال قابلاً للمراقبة، لكن سياسات البلدان الغربية هي المسئولة عن تصاعده نتيجة الشروط الملائمة التي توفرها وتساعده على اتساعه، فالاستعمار المتدرج لأوربا الوسطى والغربية من جانب المسلمين ناتج عن الحيرة الاجتماعية والروحية السائدة في أوربا، وانهيار القيم المسيحية والغربية".


        ثانيًا: انهيار الاتحاد السوفيتي:

        إن انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991م، الذي يعد بمنزلة الإعلان عن الفوز الساحق لمعسكر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، جعل الغرب يبحث عن بديل جديد يعاديه؛ وقد تواترت التصريحات الغربية عن اختيار الإسلام كعدو جديد بديل عن الخطر الشيوعي الذي طالما حشدوا طاقاتهم لمواجهته، ونذكر على سبيل المثال تصريح ويلي كلايس -الأمين العام السابق للحلف الأطلسي- لصحيفة الإندبندنت البريطانية:



        "إن الخطر الذي يشكله الإسلاميون هو أهم التحديات التي تواجه الغرب بعد تفكك الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية وزوال خطر الشيوعية".


        ثالثًا: أصحاب المصالح:

        كما أن بعض الكيانات العسكرية -بما يخصص لها من اعتمادات مالية فلكية- لن تجد مبررًا لوجودها إلا في وجود قوة معادية، ومن هذه الكيانات حلف شمال الأطلسي، وكذلك الجيش الأمريكي وترسانته العملاقة، التي تستقطع مئات المليارات من الدولارات كل عام من الخزانة الأمريكية؛ فقد بلغت مخصصات وزارة الدفاع الأمريكية في ميزانية عام 2010م، 663.8 مليار دولار[2]!!


        رابعًا: التفاوت الكبير في المستوى الاقتصادي:

        تكفي مجرد نظرة على التقارير السنوية التي ترصد حالة الاقتصاد في العالم لاكتشاف ذلك التباين الرهيب والتفاوت الواضح في القدرات الاقتصادية بين الدول الأوربية والغربية وبين دول العالم الإسلامي بشكل عام.



        ومن واقع البيانات الواردة في تقرير التنمية البشرية في العالم عام 2009م وجدنا ما يلي:



        نصيب الفرد من الناتج الإجمالي في النرويج بلغ 82.5 ألف دولار، وفي أيرلندا بلغ 59 ألف دولار، وفي الدنمارك 57 ألف دولار، وفي السويد 50 ألف دولار، وفي هولندا 47 ألف دولار، وفي فرنسا 42 ألف دولار، وفي الولايات المتحدة الأمريكية بلغ 45 ألف دولار، وفي كندا 40 ألف دولار، وفي إسبانيا بلغ 32 ألف دولار.



        بينما في اليمن بلغ ألف دولار، وفي السودان 1.1 ألف دولار، وفي مصر 1.7 ألف دولار، وفي نيجيريا 1.8 ألف دولار، وفي أوزبكستان 830 دولار، وفي بنجلاديش 431 دولار، وفي جيبوتي 997 دولار، وفي توجو 380 دولار، وفي النيجر 294 دولار فقط!!


        خامسًا: الأنظمة الديكتاتورية في العالم الإسلامي:

        حيث تأتي دول العالم الإسلامي في ذيل دول العالم من حيث تطبيق المبادئ الديمقراطية واحترام الحريات العامة؛ إذ تحكم الغالب الأعم من دول العالم الإسلامي النظم الديكتاتورية، وتخضع لحكم الفرد، بما يجعل هذه الدول وكامل مقدّراتها ملك يمين الحاكم يوجهها كيف يشاء.



        فإذا أراد السلام فهو السلام، وإذا أراد الحرب تكن الحرب؛ إذ إن المجموعات المعاونة له يتم اختيارها بعناية لتكون أدوات لتنفيذ رغباته ونزواته.



        وهذا مبعث لخوف الغرب المتقدم بشكل عام من إمكانية تولّي السلطة في هذه البلاد أحد الحكام الجانحين، أو الراغبين في الزعامة، فيعلن الحرب على جيرانه لأي سبب تافه، بما يهدد السلام في العالم كله.


        سادسًا: ظهور النزعات المتطرفة:

        حيث ظهرت في العقود الأخيرة كرد فعل للعديد من المظالم التي ارتكبها الاستعمار، ونال نصيب الأسد منها العالم الإسلامي بعض الدعوات الاستئصالية المتطرفة التي تنادي بتدمير العالم الغربي حفاظًا على الإسلام، فنجدها تجهر بالدعاء عليه بالهلاك، هكذا دون التفرقة بين المحاربين والمدنيين، وبين المنتفعين والمتربحين من نهب ثروات الدول الضعيفة في العالم، وآخرين مغيبين تحت وطأة إعلام يصم الآذان ويقلب الحقائق ويصف أبناء العالم الإسلامي بأشنع الصفات ويصورهم كمجموعة بدائية من الهمج الأشرار.



        وبالطبع نجد أصحاب المصالح يتلقفون هذه الدعوات المتطرفة -حتى وإن كانت صادرة عن فرد واحد أو مجموعة هزيلة- ويعملون على تضخيمها ويبرزونها إعلاميًّا.



        فنجد تصريحات متواترة هذه من مسئول التنظيم في بلاد الشام، وتلك منسوبة لزعيم تنظيم آخر في بلاد المغرب العربي، وأخرى على لسان "أمير" الجماعة في شرق أوربا. وهكذا باستمرار حتى يتسرب الفزع إلى قلوب كل أسرة غربية من الخطر القادم من العالم الإسلامي لسحقهم، فيسارعوا بالارتماء في أحضان حكوماتهم ليفوضوها بالتصدي لهذا الخطر الداهم!


        سابعًا: ارتفاع معدلات الهجرة إلى الغرب:

        كذلك أصبح ارتفاع معدلات الهجرة إلى دول العالم الغربي -خاصة من الدول الإسلامية- يشكل هاجسًا لدى العديد من مؤسسات صنع القرار في الغرب، وتعددت الدراسات التي ترصد هذه الظاهرة وتنبه من "خطورتها" على التركيبة السكانية خاصة في أوربا.



        فقد ذكرت دراسة أجرتها صحيفة الصانداي تليجراف البريطانية أن المسلمين شكلوا في عام 2008م نسبة 5 % من سكان دول الاتحاد الأوربي الـ 27، وأضافت الدراسة أن ارتفاع معدلات المهاجرين من الدول الإسلامية وتدنى معدلات المواليد بين الأوربيين سيجعل هذه النسبة تقفز إلى 20% مع حلول عام 2050م.



        كما رصد مركز "بيو" الأمريكي المتخصص في أبحاث الدين والسكان في العالم أن الإسلام هو الدين الأسرع نموًّا في أوربا؛ حيث تضاعف عدد المسلمين في القارة الأوربية ثلاث مرات خلال السنوات الـ 30 الماضية، وأرجع المركز ذلك إلى ارتفاع معدلات الهجرة، إضافة إلى زيادة أعداد المواليد في الأسر المسلمة المهاجرة[3].


        ثامنًا: النمو السكاني في العالم الإسلامي:

        فقد بلغ عدد المسلمين في العالم 1.57 مليار نسمة في عام 2009م، بما يقارب ربع سكان العالم.



        وتفيد الدراسات المتكررة أن الإسلام هو الدين الذي يحقق أكبر نمو سكاني في العالم مقارنة بأي من الأديان أو التيارات العقائدية الكبرى، وذلك بعد أن كان الإسلام يحتل المرتبة الأخيرة على العالم من حيث عدد الأتباع بين الديانات والعقائد الأخرى في عام 1980م.


        تاسعًا: تاريخ العداء القديم بين الغرب والإسلام:

        فالغرب لا يستطيع أن ينسى تاريخه الدامي مع المسلمين، وكذلك لا يمكننا أن نعتب على المسلمين مشاعر التوجس والارتياب من أي تحرك أوربي تجاه العالم الإسلامي.



        ويمكننا أن نستشف هذا العداء التاريخي للمسلمين من خلال أقوال الساسة وصناع القرار في الغرب؛ حيث يتبنى معظمهم فكرة الصدام المرتقب مع العالم الإسلامي، هذه الفكرة التي أصبحت إحدى النقاط المركزية في استقراء تحولات ما بعد الحرب الباردة.



        ومن أمثلة هذه التصريحات الكاشفة مقولة ريتشارد نيكسون -وزير الخارجية الأمريكي السابق-:



        "إن بعض المراقبين ينبهون إلى أن عالم الإسلام سوف يتحول إلى قوة جيو سياسية موحدة ومتعصبة، وأنه بعدد سكانه المتزايد وقوته المالية الكبيرة سوف يشكل تحديًّا كبيرًا، وأن الغرب سوف يضطر إلى عقد تحالف جديد مع موسكو لمواجهة عالم إسلامي خصم عدواني"[4].


        عاشرًا: اعتماد الحضارة الغربية على موارد العالم الإسلامي:

        ونختم تحليلنا لأسباب ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام بنقطة غاية في الأهمية وهي الكميات الهائلة من الكنوز والثروات -لا سيما البترول- التي يمتلكها العالم الإسلامي، والتي تُعَدُّ من أهم مصادر الطاقة والمواد الخام التي تقوم عليها الطفرة الصناعية في العالم الغربي.



        ونذكر هنا واقعة التهديد العربي بوقف تصدير النفط إلى الدول المؤيدة للكيان الصهيوني في حرب 1973م، بما شكَّل تهديدًا استراتيجيًّا حقيقيًّا لمصالح الغرب، ونتج عنها إحساس معادٍ للمسلمين من الدول الغربية؛ حيث نظرت للأمر كنوع من الابتزاز والتهديد، ولم تبحث كثيرًا وراء الأسباب الحقيقية والمشروعة التي دفعت العرب والمسلمين لاتخاذ هذا الموقف كمحاولة للدفاع عن أنفسهم.



        وإذا ظل -وتزايد- الاحتياج الغربي للموارد الإسلامية كعنصر أساسي لاستمرار النهضة الأوربية والغربية، سيظل هاجس تأمين هذه الموارد واحتكارها وضمان تدفقها هاجسًا ملحًّا في عقل الشعوب الغربية.



        والآن.. وبعد أن حاولنا التعرّف على الأسباب الحقيقية وراء هذا الشعور الغربي "المتنامي" بالعداء لكل ما هو إسلامي، ماذا وجب علينا أن نفعل لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت تعرف بالإسلاموفوبيا؟



        حقيقةً وبعد التفكير بعمق في هذه الأسباب وجدنا أنها جميعًا تعود في جوهرها إلى حالة الضعف والهوان التي تعيشها الأمة الإسلامية على كل المستويات. ودعونا نتخيل الوضع في حالة أن الأمة الإسلامية تعيش في عصر نهضتها..



        فمن ذا الذي يستطيع أن يُنكر عليها تمسّكها بدينها؟ أليس من أبسط حقوقها أن تمارس شعائر دينها وتطبق أحكامه وفق ما توجبه عقيدتها؟



        كذلك في حال امتلاك الأمة الإسلامية للقوة العسكرية الكافية لردع أعدائها، لما وجدنا من يطمح أو حتى يُفكر في السيطرة على مقدراتها واستغلال ثرواتها.



        الحل -إذن- ينبع من داخلنا نحن.. من داخل العالم الإسلامي، حينما يقرر أبناؤه وداع هذه المرحلة المظلمة من تاريخه، والقيام والنهوض من جديد لبناء خير أمة.



        أيضًا ستنتهي الإسلاموفوبيا حين يستطيع العالم الإسلامي انتزاع حقوقه المسلوبة وتحرير أراضيه المغتصبة. ومن ثَم يعترف به العالم الغربي كقوة موجودة وكأمر واقع، ويصبح جُل اهتمامه التفكير في كيفيه التعايش مع هذه الأمة، وليس في كيفية استنزافها واضطهاد أبنائها.



        كذلك ستنتهي هذه المشاعر السلبية تجاه المسلمين عندما يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بركب التقدم العلمي والاقتصادي، فيفتح مجالات للعمل أمام أبنائه، ويستطيع الاستفادة من طاقاتهم المهدرة عن طريق هجرتهم إلى خارج العالم الإسلامي.



        وأخيرًا سيساهم الإصلاح السياسي في عالمنا الإسلامي في علاج هذه الظاهرة، وذلك عندما يستطيع أن يضرب المثل والنموذج في تطبيق ما أمر به الإسلام من نظام سياسي يقوم على الشورى والعدل والمساواة والتكافل... وغير ذلك من التعاليم الإسلامية الراقية التي يحتاجها الغرب، ولكنه -للأسف- لا يراها بسبب حالة التأخر التي يعاني منها العالم الإسلامي.



        فلنجعلها -إذن- دعوة للعمل والجد والاجتهاد لكل مسلم، ويومًا بعد يوم سننجح -بإذن الله- في إثبات مكانتنا بين دول عالمنا المعاصر، كما نجح آباؤنا في انتزاع الاحترام والتقدير -فضلاً عن الحقوق- في الماضي.


        روابط مفيدة

        الجزيرة - برنامج حوار مفتوح - حلقة: واقع الجاليات العربية في أوروبا

        [1] راغب السرجاني: المشترك الإنساني، مؤسسة اقرأ، القاهرة، الطبعة الأولى 2010م، ص116-126.

        [2] ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2010م، الموقع الرئيسي للبيت الأبيض الأمريكي على شبكة الإنترنت.

        [3] مركز بيو لأبحاث الدين والسكان بواشنطن.

        [4] ريتشارد نيكسون: أمريكا والفرصة التاريخية، ترجمة محمد زكريا إسماعيل، دار بيسان، بيروت، 1992م، ص187.
        http://www.islamstory.com/الاسلاموفوبيا-خوف-الغرب-من-الاسلام
        sigpic

        تعليق

        يعمل...
        X