عصفــور المطـــر (الوجوه الخاوية) -6-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د .أشرف محمد كمال
    قاص و شاعر
    • 03-01-2010
    • 1452

    عصفــور المطـــر (الوجوه الخاوية) -6-

    عصفــور المطـــر



    ..في ذات ليلةٍ من ليالي الشتاء , يقطع صمت الليل عواء , تتردد بعده أصداء ؛ كأنات ألوف البشر , و عذابات كل المعذبين . تتوالى داخل الحجرة دقاتٌ تحصي أيام السنين , و الضوء باهتٌ حزين . الأفكار تتداعى في وهنٍ , و القلم يعبث بالأوراق , يملؤها بخطوطٍ و نقاط سود , بصعودٍ و سقوطٍ و عثرات , بعقبات ٍ و صراعات لا تنتهي . السطور لا تلتقي أبداً , و الطريق لن ينحني , و العيون دامعة , و القلب عليلٌ سجين .
    لكن الوقت يمر , و العمر يمضي , و الصبح سينبلج , و الليل سيولى الأدبار , و يُولد بعده نهار .

    فجأة ينبعث من بين كل ذاك العبث ؛ عصفور ٌ يخفق بجناحيه , يحلق عبر سماءٍ بيضاء - لا تشوبها غيوماً أو مطر- يعلو .. و يعلو خارج حدود الصفحة , لكن أقدامه مكبلةً بخيطٍ من رصاص , يلهو به طفلٌ ملوثةٌ بالطين يداه . صار العصفور حبيس قفصٍ من عظام . جدران القفص تضيق حتى أصبح أضيق من الحجرة . الهواء يتضاءل لدرجة أني شعرت بالاختناق . لازال العصفور يرفرف بجناحيه , و المطر ينهمر على زجاج النافذة , و الليلة لم يولد لها قمر , و لم تؤنس وحشتها نجومٌ ؛ بسبب كل تلك الغيوم ..!!

    الحجرة ماضيةٌ في الانكماش حتى أصبحت الحركة فيها مؤلمة . الصدر يعلو , و يهبط في سرعةٍو مشقة . الورقة تهتز , و تتطاير , العصفور يتلوى , و الكلاب تعوي بصوتٍ كئيب , يبدد هيبة ذاك السكون , و يشتت الذهن في تلك اللحظات الحرجة , و يقطع شريط الذكريات المتداعي في ومضات .
    .. يعلو صوتٌ كالذئاب , ينبش زجاج النافذة في دقاتٍ متوالية , العصفور يضرب بجناحيه في قوة , يريد أن ينطلق حراً بلا قيود . قوايّ قد خارت , لم أعد أستطع التشبث به , و ذاك الصراخ يستفزني , و تلك الثوان تفتت عزمي , و تبدد صمودي .

    ..لابد أن أفعل شيئاً.. !! أن أضع حداً لتلك المهزلة , لن أقف هكذا مكتوف الأيدي , أخاف من المواجهة , أحتمي ببيت من زجاج , لن أهاب الموت . سأفتح النافذة , و أطرد تلك الأشباح . صرخت فيهم ؛ لكن صوتي جاء خافتاً , و ذهب ندائي أدراج الرياح , فاستجمعت قوتي , و طويت ورقتي , ثم ألقيتها في وجوههم . فإذا بها تختفي ,و العصفور يطير , و الفجر يبزغ , و الليل ينجلي , و الضباب ينقشع . و إذ بالعصفور يلتفت إليّ من بين السحاب , ينظر إلى جسدي دامعاً , تختلط دموعه بالمطر , و تتساقط على الأرض قطرات .
    التعديل الأخير تم بواسطة د .أشرف محمد كمال; الساعة 12-12-2011, 16:57.
    إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
    فتفضل(ي) هنا


    ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    د. أشرف كمال
    لم تتعجل نشر نصوصك زميلي
    لم لا تترك لما قبلها أن تأخذ حظها وحقها من القراءة
    هل تريد أن تنتهي منها وبسرعة
    على كل حال هذا رأيي ولك الأمر طبعا
    وبالرغم من رمزية النص إلا أني رأيته يحتاج لتلك الدهشة, فالسرد بدا لي نمطيا بعض الشيء لكني أحببت وصفك الذئاب وزجاج النافذة فقد جاء السرد هنا مؤثرا
    ربما عليك أن تكتب مرة بطريقة الفلاش باك والعودة أو تأتي من وسط الحدث وأهواجه لتعود للبداية ثم تختم
    المهم أن تجدد طريقتك كي تأخذ النصوص طابعا مشوقا
    أرجو أن لا أكون زائرة ثقيلة عليك
    ودي ومحبتي لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • د .أشرف محمد كمال
      قاص و شاعر
      • 03-01-2010
      • 1452

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      الزميل القدير
      د. أشرف كمال
      لم تتعجل نشر نصوصك زميلي
      لم لا تترك لما قبلها أن تأخذ حظها وحقها من القراءة
      هل تريد أن تنتهي منها وبسرعة
      على كل حال هذا رأيي ولك الأمر طبعا
      وبالرغم من رمزية النص إلا أني رأيته يحتاج لتلك الدهشة, فالسرد بدا لي نمطيا بعض الشيء لكني أحببت وصفك الذئاب وزجاج النافذة فقد جاء السرد هنا مؤثرا
      ربما عليك أن تكتب مرة بطريقة الفلاش باك والعودة أو تأتي من وسط الحدث وأهواجه لتعود للبداية ثم تختم
      المهم أن تجدد طريقتك كي تأخذ النصوص طابعا مشوقا
      أرجو أن لا أكون زائرة ثقيلة عليك
      ودي ومحبتي لك
      أختي الأديبة القديرة عائدة محمد نادر
      هل تتذكرين قصة جحا والحمار..؟!
      قد تستطيع أن تعجب بعض الناس لبعض الوقت لكنك لا تستطيع أن تعجب كل الناس كل الوقت
      أخي أحمد عيسى طلب مني ألا أنشر المجموعة دفعة واحدة فقررت نشرها على اجزاء إستاذي ربيع عقب الباب سألني لماذا لم تنشرها بعد أن نوهت أنها مجموعة قصصية فقررت أن أنشر قصة كل أسبوع ولو بحثت عن القصة الماضية لوجدتها كذلك .
      نعود إلى النص هنا .. هو يحمل طبيعة رمزيه كما تفضلت .. وهو نوع مختلف عن باق المجموعة ..أردت أن أجرب فيه هذا الاختلاف حتى لا تكون المجموعة كلها على وتيرة واحده فدأب الأدب التنوع..!!
      ملحوظتك عن الفلاش باك جميلة لكن لاتصلح في هذه القصة الرمزية لأنها كلها عبارة عن فلاش باك ..بل هي تحكي قصة الحياة..
      كنت أتمني تعمقك في النص لأجل سبر أغواره وفك طلاسمه ..ويبقى لك ودي خالصاً وعرفاني بفضل تواجدك الكبير
      مع خالص تقديري واحترامي لشخصكم النبيل
      التعديل الأخير تم بواسطة د .أشرف محمد كمال; الساعة 13-12-2011, 16:59.
      إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
      فتفضل(ي) هنا


      ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

      تعليق

      • فؤاد محمود
        أديب وكاتب
        • 10-12-2011
        • 517

        #4
        أعجبني النّص بما جمع من أسلوبي النثر و الشّعر
        فقد وجدته نثرا شعريا . فيه القلم يأكل من جسد
        القصة الحديثة . أدواته ولدت من رحم المأساة .
        مأساة الحياة في تجليها صمت ليل شتائي يمزقه العواء .
        هو رجع صدى عذابات البشر . فنجد في الوحدة بوح الشجن لمن
        أثقل عليه ليل الهموم بآهات البشر . تترجمها الدموع و سجن قلب عليل.
        هو قلب الكاتب ظل عصفورا حبيسا بين الأضلع . و الليل شجونه
        تختلط بالظلمة و انحباس المطر و لا قمر.
        ذاك القمرالذي يظل في رمزيته معبرا عن موقف ذهني
        تاملي فلسفي حينا و رومانطيقي عاطفي حينا آخر.
        و ان سعى القاصُّ هنا أن يجعل الموقف من القمر مثاليا على
        نمط قمر " محمود درويش " في قصيدته صلاة للقمر.
        و أيا يكن الموقف من القمر. فان ضياءه هو المطلوب
        هو الأمل و المرتجى لذا يصير الفجر البازغ حلما يتضخم حد
        "اليوطوبيا ." و لكنه يظل فجرا محكوما بالفاعلية ، فاعلية هذا الذي
        لا يهاب الموت ، يفتح النوافذ يصرخ في الأشباح كي ترحل
        فاذا بالمطر المطَّهر ينهمر طرا وعْدا بانبلاج فجر جديد
        يمسح الأدران عن قلب خلناه غيبه الثرى .

        رجاء أن تتقبلوا تطاولي على هذا النَّص المخاتل الذي أعيانا قراءة
        و دمتم بود.. أخوكم فؤاد محمود
        التعديل الأخير تم بواسطة فؤاد محمود; الساعة 13-12-2011, 16:57.

        تعليق

        • د .أشرف محمد كمال
          قاص و شاعر
          • 03-01-2010
          • 1452

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة فؤاد محمود مشاهدة المشاركة
          أعجبني النّص بما جمع من أسلوبي النثر و الشّعر

          فقد وجدته نثرا شعريا . فيه القلم يأكل من جسد
          القصة الحديثة . أدواته ولدت من رحم المأساة .
          مأساة الحياة في تجليها صمت ليل شتائي يمزقه العواء .
          هو رجع صدى عذابات البشر . فنجد في الوحدة بوح الشجن لمن
          أثقل عليه ليل الهموم بآهات البشر . تترجمها الدموع و سجن قلب عليل.
          هو قلب الكاتب ظل عصفورا حبيسا بين الأضلع . و الليل شجونه
          تختلط بالظلمة و انحباس المطر و لا قمر.
          ذاك القمرالذي يظل في رمزيته معبرا عن موقف ذهني
          تاملي فلسفي حينا و رومانطيقي عاطفي حينا آخر.
          و ان سعى القاصُّ هنا أن يجعل الموقف من القمر مثاليا على
          نمط قمر " محمود درويش " في قصيدته صلاة للقمر.
          و أيا يكن الموقف من القمر. فان ضياءه هو المطلوب
          هو الأمل و المرتجى لذا يصير الفجر البازغ حلما يتضخم حد
          "اليوطوبيا ." و لكنه يظل فجرا محكوما بالفاعلية ، فاعلية هذا الذي
          لا يهاب الموت ، يفتح النوافذ يصرخ في الأشباح كي ترحل
          فاذا بالمطر المطَّهر ينهمر طرا وعْدا بانبلاج فجر جديد
          يمسح الأدران عن قلب خلناه غيبه الثرى .

          رجاء أن تتقبلوا تطاولي على هذا النَّص المخاتل الذي أعيانا قراءة

          و دمتم بود.. أخوكم فؤاد محمود
          أستاذي الجليل فؤاد محمود
          أنحنى لك أعجاباً بقراءتك المستنيرة المتأنية العميقة لنصي المتواضع
          فهكذا عنيت وزيادة..لكن كثير من الفلك تمضي على السطح
          وتنسى أن اللؤلؤ يكمن بجوف المحار في عميق البحار
          دمت بود أخي ودام تواصلنا
          شكراً لك ولمرورك البهي
          إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
          فتفضل(ي) هنا


          ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

          تعليق

          يعمل...
          X