وزارة ضايعة
ما أن نشرت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة خبر تقديم وزير الخدمات الإنسانية إلى المحاكمة بتهم عدة، منها الفساد والتحرّش الجنسي، والاغتصاب، حتى سارع رجال سامي مهران ، رئيس اكبر مجلس بلدي في البلاد، سابقا، إلى زرع إشاعة توحي أن سامي مهران سيحلّ محلّ الوزير المُتّهم الذي سيحلّ "ضيفا" على السجن ، بعد أن تُهيُّأ له غرفة خاصة مُجهّزة بتلفزيون وتلفون ومكتبة ومكيّفٍ، وأوحت الإشاعة أن مسألة تولّي سامي مهران للوزارة مسألة أيام معدودة، وبعدها سيجلس على كرسي الوزارة، وسيركب سيارة وزير، ويتقاضى راتب وزير، ففرحت زوجته وأولاده وأقاربه، وأصدقاؤه، وأقاموا الاحتفالات احتفاء بالوزارة القادمة على طبق من سجن، وسارع الناس من أطراف البلاد لتهنئة سامي مهران، أفرادا وجماعات، يؤكّدون أن سامي مهران، بعد أن كثر ت الإشاعات عن التحرش الجنسي في الوزارات والدوائر العليا والمكاتب الرسمية، سيلقن أصحاب هذه المناصب العالية درسا في الفضيلة، وسيكون مثلا يُقْتدى به في بلاد يفترس الرجال فيها النساء في مكاتبهن وأثناء تأديتهن مهامهن، وانه الرجل الكفء والمناسب في المكان المناسب والشاغر، وسيجعل الناس تنظر للمرأة على أنها أمٌّ كما تهزّ السرير تهزّ العالم، وكما تربي أبناءها على الخير والفضيلة، تربي شعبا طيب العرق، متأصلا في التاريخ، شجاعا كما يتقن الحضارة يتقن القتال.سألته زوجته بعد أن عادت من جولة في صالونات والتجميل، مرتدية أجمل ثيابها بهجة بزوجها، وزير الغد القريب،
كيف ستتعامل مع المرأة التي تلهب خيال الرجل بجمالها وملابسها وأناقتها ...؟؟؟ أجاب:
"المرأة هدية الله للرجل، وكما نحفظ الهدايا بالخزائن والجوارير نحافظ على المرأة بعيوننا وقلوبنا".
وسألته ابنته العصرية التي تحب البساطة في الملبس:
هل تستعين بقدرات المرأة، وأنت تتولى وزارة تسقط بسبب المرأة ؟ فأجاب:
طبعا. لن انتقل من غرفة لأخرى إذا لم تكن فيها امرأة، ولن أركب سيارتي إذا لم تكن بجانبي امرأة، ولن أحل ضيفا في فندق بدون سكرتيرة أو مساعدة.
وسأله ابنه : من ستعين نائبا لك؟؟؟
سأعين نائبة وليس نائبا.لأن المرأة التي تحرك رؤوس الرجال يمينا ويسارا، وتفرض وجودها في اعلى مستويات الحكم، وتسيّر أذكى الرجال، بإمكانها أن تدير اكبر الوزارات وأخطرها.
وسأله أحد أصدقائه:
ماذا ستقول في خطبة توليك الوزارة؟؟ فأجاب:
"سأركّز كلامي على شتم الإرهابيين البدائيين، أعداء البلاد ممن لا يطيقون وجودنا، ، ثم سأتكلم عن النزاهة ومحاربة الفساد والمحسوبيات، واحترام المرأة والابتعاد عن تضارب المصالح ، مع بعض الاستثناءات التي لا مفرّ منها لضمان بقائي في الوزارة".
وبعد أقلّ من أسبوع أعلنت وسائل الإعلام تبرئة وزير الأمور الترفيهية، من كل التهم الموجهة إليه،وبقاء الوزير في منصبه، لأنه أكثر الشخصيات في البلاد كفاءة، واعتذرت النساء اللواتي اتهمنه بالتحرش والاغتصاب، بعد اتفاق مرافعة يعفيهن من أي تغريم أو تعويض،بعد أن كانت التّهم شبه مؤكدة وشبه ثابتة، وحكمت المحكمة بأن تقوم الدولة بتعويضه بمبالغ كبيرة كردّ اعتبار على تهم الفساد التي كادت أن تطيّر كرسي الوزارة من تحته، وتزجّ به في السجن ، فأقامت أسرته الأفراح والاحتفالات.
وكان سامي مهران أوّل المشاركين، مهنئا بالبراءة التي كانت واضحة وضوح الشمس ، ثابتة ثبوت البديهيات، معلنا انه منذ اليوم لانتشار خبر تقديم الوزير للمحاكمة، كان يؤمن ببراءة الوزير إيمانه بنفسه.
تعليق