[GASIDA="type=justify color=#000000 width="100%" border="4px groove #FF6600" font="bold x-large 'Mudir MT'" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit6/backgrounds/245.gif""]مستشفى و عيون تبكي تجسدت في أنفاس جريح جديد ..
دم و أصوات تستجمع أرواحا صعدت في زغاريد و صيحات الله أكبر ..
دخان يسد الشوارع المهشمة..
طفلة تبحث في براءة عن دميتها
سيارة إسعاف تدخل ..
سيارة إسعاف تغادر ..
الصباح خضب الندى بالألم .. المساء سواد و كثير من الثكالى .. زمن الولادة قيصرية برغم نداءاتي المبحوحة .. فُتح بضم الفاء بطني الفلسطيني بمقص الغصة القديمة .. غيبوبة و ذاكرتي عادت بالخطى إلى الوراء .. ترجلت من شهر إلى آخر .. من مدينة إلى أخرى .. من شارع إلى آخر .. من عمارة إلى أخرى .. من منزل إلى آخر .. من سرير المستشفى إلى سريري الفضي المرصع بصور الحيرة و المسجد الأقصى .
كنت قد اشتريته هدية لزوجتي .. قطن فراشه لم يكن مستوردا .. هكذا أخبرني بائع المحل .. تفاجأ مما كتب على بطاقة هويتي " مواطن درجة ثانية " .. تعودت على هذه الأعين المذهولة كلما قدمت أوراقي الخاصة .
في عملي مع أحد الخواص .. في الميترو .. في المستشفيات.. على شرفات البحر أرقب مدينتي .. في الحلم .. في أخبار الساعات المتأخرة من الليل .. في ساحات اللعب .. في المقاهي التي تقبل النيل في احتشام – عفوا هل أنت مواطن من الدرجة الثانية ؟ -
سؤال بالعسل الأسود نقع .. إجابتي كانت بريئة " و أين تكمن المشكلة ؟ "
الغربة خدرت خطواتي بين نعومة الفراش ..حلمي بالعودة سال مع اجتياح العاصفة .. لكنني أنسى و أتناسى .
طفل حمل جهاز جواله صعقني بآخر كلامه قائلا :
" متى ستلبس وطنا بعلم الأم ؟ .. متى ستترك لنا حبات الأكسجين نتنفسها من غير زحام ؟" ..
شربت بداية الكلمات .. سمعي لم تحطمه شدة الحروف .. كان ملقنا منذ أن حرم من سماع صوت " البيارة " و خرير المياه في الجداول .
لساني تلعثم .. التف حول عروقه .. حيرة الجواب أفزعته .. منذ أن أُبعدت من وطني لم أتلق رسالة جارحة .. لم أدن بتهمة الغربة الإجبارية.
كان الجميع يحتضنوني بورق الأخوة .. ربما يقول رجل أتعبه البحث عن عمل " أف .. حاصرونا حتى في لقمة العيش " .. حدثني رجل توسد الأرض و التحف السماء، عن أطفاله الذين تشتتوا في الأمصار بحثا عن لقمة العيش ، قلت " ربما أكون تسببت في غربتهم " .. أنا هنا و هم هناك .. غربتي هنا .. و غربتهم هناك .. أتنفس هواء وطنهم .. و يتنفس هواء وطني مغتصب ليس له عنوان .. ليس له وطن .. ليس له تاريخ .. ليس له بداية .
جواز سفري اليابس كغصن الزيتون ظهر من بين الأوراق .. شهادة ميلاد منطوية .. تصريح بالاغتراب .. صورة أحمد يسين .. سألت زوجتي الأجنبية عن وطني ، وهل بإمكاني اختراق الحدود ؟ أجابت بنفي الأمل ..سقطت سلسلتها الذهبية على بلاط الأرض .. صورة القدس المتشبثة بحلقها لفت حول نفسها .. دارت لتستقر في ركن البيت الأيمن .. غريب أن تستقر في الركن الأيمن .
حاولت أن أخرج إلى الشوارع المكتظة .. تسارعت خطواتي بين الخطوات الراكضة .. دخنت كل السجائر الغريبة .. نظرت إلى النهر المتسرب بين الحلم و الحقيقة .. مقاهي و أصوات تضحك .. شعور لامس الخطيئة.. تعرى ليكشف جسدي الطيب .. لا أمل .. لا مفر .
صحيفة الصباح كان لي عبر طياتها خبر و عنوان .. لا مفر من اشتعال الذاكرة في ألم .. بلسم من جراح تعفنت بمرور الدقائق و الساعات .
قررنا فتح المعابر للمرور - كان تصريح مسؤول لرجل غير معترف به مثلي .. لم يعترف بي لأنني من غصن المواجع بترت .. المواجع ليس لها مكان في وطن الرقص و الغناء .. كرة القدم و لعبة الهوكي .. تنس المضرب و "القولف ".
قررت العودة .. كسر جليد الخوف .. تحطيم صنم العيش كمواطن من الدرجة الثانية .. صعب أن تهزم سريرك المذهب .. سيارتك من ماركة " تيوتا " .. عملك و مشاريعك المستقبلية .
بعت كل شيء أملك و اشتريت وطني .. حريتي من استعمار أحلام اليقظة .. حبي للعيش دقيقة واحدة تحت سماء وطني .. ألاحق فراشات بساتين الزيتون .. أمرغ وجهي في ماء السواقي .. أقبل قبر أمي و أبي و جدي .
نحو الحدود توجهت ، تاركا زوجتي في حمى الله .. الله كان معي .. الطريق كان طويلا .. كتبت على صفحات العيون عبارة " لن أعود " .. الشوارع الجميلة لم تعد تبهرني .. الهدوء الخانق تحول في لحظة تحرر إلى ابتسامة .. إلى فرح ..
الركام اليابس في حلقي تسلل تحت الأتربة .. حفرت خندقا بمسافات القمر و الشمس .. توقفت بين الهواء و الهواء .. ماء و غرق بالأقدام سال في احتشام .. الجنود من خلفك و من أمامك ، فبأي مشنقة للموت ستكون ؟ .. دود الأرض أضاء وحشتي .. فتحة من الخلف و من الأمام .. قنبلة انتظرت جسدي في استشهاد ..
الغراب من الغربة تكلم مع الجثث المتناثرة .. بقايا رصاص و قنابل .. صخور باللهيب انصهرت .. موطن للألم و آخر للبكاء .. غزة لامست كفي الذي سالت منه الدماء .. غزة استقبلتني بحب وجهها الجميل .. ببقايا من حطام المنازل .. بقنبلة و أشلاء طفل متطايرة .. بصمت العالم و فرح الشهداء .
المذيع ينشر الخبر مع انسكاب فنجان القهوة ..
تم تدمير المعبر الأرضي الأخير .. كنت هناك .. كنت هنا .. بين حبات التراب أقبل الأرض و عشق السماء .
قطعة الخبز سقطت .. الحليب أضحى باردا .
[/GASIDA]
دم و أصوات تستجمع أرواحا صعدت في زغاريد و صيحات الله أكبر ..
دخان يسد الشوارع المهشمة..
طفلة تبحث في براءة عن دميتها
سيارة إسعاف تدخل ..
سيارة إسعاف تغادر ..
الصباح خضب الندى بالألم .. المساء سواد و كثير من الثكالى .. زمن الولادة قيصرية برغم نداءاتي المبحوحة .. فُتح بضم الفاء بطني الفلسطيني بمقص الغصة القديمة .. غيبوبة و ذاكرتي عادت بالخطى إلى الوراء .. ترجلت من شهر إلى آخر .. من مدينة إلى أخرى .. من شارع إلى آخر .. من عمارة إلى أخرى .. من منزل إلى آخر .. من سرير المستشفى إلى سريري الفضي المرصع بصور الحيرة و المسجد الأقصى .
كنت قد اشتريته هدية لزوجتي .. قطن فراشه لم يكن مستوردا .. هكذا أخبرني بائع المحل .. تفاجأ مما كتب على بطاقة هويتي " مواطن درجة ثانية " .. تعودت على هذه الأعين المذهولة كلما قدمت أوراقي الخاصة .
في عملي مع أحد الخواص .. في الميترو .. في المستشفيات.. على شرفات البحر أرقب مدينتي .. في الحلم .. في أخبار الساعات المتأخرة من الليل .. في ساحات اللعب .. في المقاهي التي تقبل النيل في احتشام – عفوا هل أنت مواطن من الدرجة الثانية ؟ -
سؤال بالعسل الأسود نقع .. إجابتي كانت بريئة " و أين تكمن المشكلة ؟ "
الغربة خدرت خطواتي بين نعومة الفراش ..حلمي بالعودة سال مع اجتياح العاصفة .. لكنني أنسى و أتناسى .
طفل حمل جهاز جواله صعقني بآخر كلامه قائلا :
" متى ستلبس وطنا بعلم الأم ؟ .. متى ستترك لنا حبات الأكسجين نتنفسها من غير زحام ؟" ..
شربت بداية الكلمات .. سمعي لم تحطمه شدة الحروف .. كان ملقنا منذ أن حرم من سماع صوت " البيارة " و خرير المياه في الجداول .
لساني تلعثم .. التف حول عروقه .. حيرة الجواب أفزعته .. منذ أن أُبعدت من وطني لم أتلق رسالة جارحة .. لم أدن بتهمة الغربة الإجبارية.
كان الجميع يحتضنوني بورق الأخوة .. ربما يقول رجل أتعبه البحث عن عمل " أف .. حاصرونا حتى في لقمة العيش " .. حدثني رجل توسد الأرض و التحف السماء، عن أطفاله الذين تشتتوا في الأمصار بحثا عن لقمة العيش ، قلت " ربما أكون تسببت في غربتهم " .. أنا هنا و هم هناك .. غربتي هنا .. و غربتهم هناك .. أتنفس هواء وطنهم .. و يتنفس هواء وطني مغتصب ليس له عنوان .. ليس له وطن .. ليس له تاريخ .. ليس له بداية .
جواز سفري اليابس كغصن الزيتون ظهر من بين الأوراق .. شهادة ميلاد منطوية .. تصريح بالاغتراب .. صورة أحمد يسين .. سألت زوجتي الأجنبية عن وطني ، وهل بإمكاني اختراق الحدود ؟ أجابت بنفي الأمل ..سقطت سلسلتها الذهبية على بلاط الأرض .. صورة القدس المتشبثة بحلقها لفت حول نفسها .. دارت لتستقر في ركن البيت الأيمن .. غريب أن تستقر في الركن الأيمن .
حاولت أن أخرج إلى الشوارع المكتظة .. تسارعت خطواتي بين الخطوات الراكضة .. دخنت كل السجائر الغريبة .. نظرت إلى النهر المتسرب بين الحلم و الحقيقة .. مقاهي و أصوات تضحك .. شعور لامس الخطيئة.. تعرى ليكشف جسدي الطيب .. لا أمل .. لا مفر .
صحيفة الصباح كان لي عبر طياتها خبر و عنوان .. لا مفر من اشتعال الذاكرة في ألم .. بلسم من جراح تعفنت بمرور الدقائق و الساعات .
قررنا فتح المعابر للمرور - كان تصريح مسؤول لرجل غير معترف به مثلي .. لم يعترف بي لأنني من غصن المواجع بترت .. المواجع ليس لها مكان في وطن الرقص و الغناء .. كرة القدم و لعبة الهوكي .. تنس المضرب و "القولف ".
قررت العودة .. كسر جليد الخوف .. تحطيم صنم العيش كمواطن من الدرجة الثانية .. صعب أن تهزم سريرك المذهب .. سيارتك من ماركة " تيوتا " .. عملك و مشاريعك المستقبلية .
بعت كل شيء أملك و اشتريت وطني .. حريتي من استعمار أحلام اليقظة .. حبي للعيش دقيقة واحدة تحت سماء وطني .. ألاحق فراشات بساتين الزيتون .. أمرغ وجهي في ماء السواقي .. أقبل قبر أمي و أبي و جدي .
نحو الحدود توجهت ، تاركا زوجتي في حمى الله .. الله كان معي .. الطريق كان طويلا .. كتبت على صفحات العيون عبارة " لن أعود " .. الشوارع الجميلة لم تعد تبهرني .. الهدوء الخانق تحول في لحظة تحرر إلى ابتسامة .. إلى فرح ..
الركام اليابس في حلقي تسلل تحت الأتربة .. حفرت خندقا بمسافات القمر و الشمس .. توقفت بين الهواء و الهواء .. ماء و غرق بالأقدام سال في احتشام .. الجنود من خلفك و من أمامك ، فبأي مشنقة للموت ستكون ؟ .. دود الأرض أضاء وحشتي .. فتحة من الخلف و من الأمام .. قنبلة انتظرت جسدي في استشهاد ..
الغراب من الغربة تكلم مع الجثث المتناثرة .. بقايا رصاص و قنابل .. صخور باللهيب انصهرت .. موطن للألم و آخر للبكاء .. غزة لامست كفي الذي سالت منه الدماء .. غزة استقبلتني بحب وجهها الجميل .. ببقايا من حطام المنازل .. بقنبلة و أشلاء طفل متطايرة .. بصمت العالم و فرح الشهداء .
المذيع ينشر الخبر مع انسكاب فنجان القهوة ..
تم تدمير المعبر الأرضي الأخير .. كنت هناك .. كنت هنا .. بين حبات التراب أقبل الأرض و عشق السماء .
قطعة الخبز سقطت .. الحليب أضحى باردا .
[/GASIDA]
تعليق