في الليل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فؤاد محمود
    أديب وكاتب
    • 10-12-2011
    • 517

    في الليل



    في اللَّيل أسوقُ هوْدجَ البكاءِ ،،
    مفتونًا بناري ،
    وعويلي للقمرْ ..
    لم ينم طُرًّا
    سوى وعْد بزخَّاتِ المَطرْ ..

    في اللَّيل يمِيدُ الدُّجى ،
    وشْمًا برُوحي ،
    يهْوى الكرَى عَفْوًا
    غير أنِّي أظلُّ أنْتحبُ ..
    لساعات السَّحرْ ..
    تموت غَضارتي
    إِذْ يسيلُ بالقلبِ دمٌ
    وينتحرُ وترْ ..

    في اللَّيل مَعْمَعُان الظلِّ بروحي ،
    و شمُوعي هزَّ في الرِّيح أعطافَها
    شموخٌ تنَكَّبَ صمْتَ المَرايَا
    بوجْهي .. فانفجَرَ ..
    آيَ عشق لحرف
    صوتُهُ المشْرُوخُ صاعدٌ
    من رَمادِ العُمُرْ ..

    في اللَّيل يأْنسُ القصيدُ بصِنْوي
    فيرتجفُ دِثارًا أو خجَل ْ ..
    تمور النَّار على سدَّتي
    فأجْمعُ الضِّدَ من لغتي
    والخَبرْ ..

    في اللَّيل، و بين الضُّلوعِ
    تراب موتي
    إِذْ يورق سِرًّا .. فأنْهمِرْ ..
    علَّقْتُ فيه قافِيتي ،
    سامقت أحْلامًا
    من دماء أوردتي
    و أنضَجْتُ لها الثَّمرْ ..

    في اللَّيل ، و الهواء البارِدُ،
    يضْمرُ الشَّجَنْ ..
    تمتصُّه روحي بعشق
    فيُورق فِيَّ الشِّعرُ
    نغما أو صُورْ ..
    وألْفى بالبابِ فجْرًا
    يقطع من لحمِه نورًا
    لأجناسِ البشَرْ ...
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    #2
    الفكرة :

    يمكن القول أن النص يقوم على فكرة " الحنين والافتقاد " وهى الفكرة التى تمثل عصبا حساسا نابضا دوما فى التجربة الرومانسية التى تكنز مرارتها وتتجلى فيها عمق حالة العشق وتجذره فى الوجدان

    الفكرة هنا تتجسد لنا عبر اختيار ذكى للزمن وهو الزمن الذى تمثله علاقة شبه الجملة " فى الليل " بما تحمله الزمنية هنا من دلالة موحية مؤثرة تستدعى لدى المتلقى خبراته السابقة سواء كانت الحسية أو الذهنية ، فليس كالليل محفز على استدعاء الحنين واللوعة واندياح الذكرى الشجية

    لذا يمكن القول إن الفكرة تختار لتجليها زمنية باهرة فاعلة حين تختار زمنية الليل

    يمكن القول إن الحنين هنا الذى نتلقاه هو حالة غامضة من الحنين لكنه ليس ذلك الغموض الذى ينغلق بابه دون الولوج إلى دلالاته ، بل هو الغموض الفنى الذى يحفز على الاكتشاف ويدفع إلى تعدد القراءات ، إنه تلك الحالة من الحنين الرومانسى لعالم مثالى خفى يراود الأمنيات ويترك عاشقيه يكابدون مرارة تجلياته ورؤاه

    الوجدان :

    يمكن القول إننا نتلقى أكثر من ملمح دال على الوجدان النابض بالحنين والذى يكابد التوحد والعزلة حيث نتلقى سياق

    في اللَّيل أسوقُ هوْدجَ البكاءِ ،،
    مفتونًا بناري ،
    وعويلي للقمرْ ..


    وهو سياق دال على حالة من تصحر الأنس وافتقاد الحضور الإنسانى فى وجدان بطل النص ، فيبدو الليل براحا للعويل ورمالا ضائعة لا يضرب فى متاهتها إلا قافلة تائهة للحزن

    كما نتلقى هذا السياق

    في اللَّيل يمِيدُ الدُّجى ،
    وشْمًا برُوحي ،
    يهْوى الكرَى عَفْوًا
    غير أنِّي أظلُّ أنْتحبُ


    حيث نتلقى مشهدية دالة لنعاس يجىء سهوا بينما الحزن نابض لا يغمض له جفن ، كما نتلقى أيضا مشهدية الدجى الذى ينطبع على الروح وشما لا يزول ، بما يجعلنا أمام مشاعر لحزن ضارب بجذره العميق فى النفس الشجية التى تكابد الحنين

    كما نتلقى ملمحا جليا آخر يمكن أن نستضىء إليه بهذا السياق

    في اللَّيل يأْنسُ القصيدُ بصِنْوي
    فيرتجفُ دِثارًا أو خجَل


    حيث نحن أمام مشهدية الافتقاد والتمزق التى يتراءى فيها صنو بطل النص غائبا نائيا بينما يظهر الصنو ليأنس به القصيد والصنو شبيه الرجل أو شقيقه ، نحن هنا أمام الوجدان الذى ينشطر فيه بطل النص إلى اثنين ... آنس بالقصيد وما تحمله دلالة القصيد هنا من ثقة بالحرف والكلمة ، وآخر يتفرج المشهد مثلنا نحن المتلقين فيرى كيف يستحيل الأنس بالقصيد خجلا واستتارا

    المعالجة الفنية :

    البنية :

    نحن أمام قصيدة النثر التى تستعير من القصيدة التفعيلية بعض أدواتها فهى تستعير القافية حيث نتلقى قافية الراء الساكنة " عويلى للقمر ، بزخات المطر ، ساعات السحر ، وينتحر وتر " والحقيقة أننا أمام قافية تقوم على صوت الراء الساكنة وهو الصوت الذى لابد لنطقه من تكرار يخفق فيه الحرف حتى يتحقق نطقه ، ربما تماما كالوجدان الذى يخفق ذك الخفق الشجى حتى يتجلى لنا حنينه وافتقاده للسكينة والرمز

    - كما أننا أمام توظيف ذكى للسطر الشعرى واستفادة من طاقاته الجمالية وأدواته الفنية



    التخييل :

    يمكن القول إن التخييل الذى يقوم عليه النص يحتوى على لوحة العامة تتجلى لنا فيها عناصر التخييل الرومانسية من حضور للطبيعة ومشاهدها وانسراب الشعور والوجدان إلى معالم تلك الطبيعة حتى تستحيل قلبا نابضا بشعور بطل النص فكأنها تشاركه همومه ونجواه حيث نتلقى سياق

    في اللَّيل يمِيدُ الدُّجى ،
    وشْمًا برُوحي ،

    حيث نتلقى الاستعارة المكنية عبر علاقة الجملة الفعلية المضارعة والتى تجسد لنا كيف تنهار جبال الدجى وتميد منسربة إلى الروح وشما وهو تعبير يجلو لنا مجازاه مدى التناغم بين كيان بطل النص والحياة من حوله

    كما نتلقى سياق

    غير أنِّي أظلُّ أنْتحبُ ..
    لساعات السَّحرْ

    حيث النحيب هنا متجه لساعات السحر لا باعتبارها مجرد علاقة زمانية ولكن كاستعارة مكنية تستحيل فيها الساعات شخوصا تصغى فى صمت وسكينة لذلك الانتحاب بما يجعلنا أمام تعبير كنائى تتجلى لنا فيه الطبيعة حاضرة بصيرة شاعرة بوجدان بطل النص

    كما نتلقى سياق

    في اللَّيل مَعْمَعُان الظلِّ بروحي ،
    و شمُوعي هزَّ في الرِّيح أعطافَها
    سقرْ ..

    حيث نتلقى هنا ملمحا جديدا وهى قيام مشهدية أخرى للطبيعة فى وجدان بطل النص حيث يكون الظل معتركا ولا شمس طالعة تنشر الظل وتجلو حضوره حيث الزمنية هنا التى تحتوى المشهد تقوم على مفارقة الليل ومعترك الظل فى آن واحد بما يجعلنا أمام ملمح رومانسى أصيل للتخييل يقوم فيه الشاعر بصياغة عالمه الموازى وكونه الذى يصفو فيها لوحدته وتفرده

    كما نتلقى هذا السياق

    في اللَّيل ، و الهواء البارِدُ،
    يضْمرُ الشَّجَنْ ..
    تمتصُّه روحي بعشق

    حيث حالة التناغم العذبة بين الطبيعة بمظاهرها وبين وجدان بطل النص فالشجن والأسى يستحيل عشقا حين تتلقاه الروح من لفح الهواء البارد فكأننا عبر هذا التخييل الذى يقوم على الاستعارة المكنية أمام عاشقين أو صاحبين خليلين الحياة والشاعر فى وحته وانعزاله

    وختاما نحن أمام تجربة رومانسية جميلة تقوم على وجدان رهيف متوحد يكابد علزته بحزن نبيل شجى لكنه سعيد ، حالم لكنه قابض فى ذات الوقت على وجعه يصوغه كونا جميلا من أمنيات دانية وارفة

    تعليق

    • فؤاد محمود
      أديب وكاتب
      • 10-12-2011
      • 517

      #3
      بوركت أخي ملء الارض و السماء شكرا

      تعليق

      يعمل...
      X