بيضات التزويق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عيسى بن محمود
    أديب وكاتب
    • 06-12-2011
    • 39

    بيضات التزويق

    شفْناهْ ورِيناهْ و عْرَفْنا واشْ نواهْ

    بحتِ الحناجر و الهاجرة تزيد وهجا من عرق الكادحين.
    -شفناه و ريناه
    تأخرَ عن إتمام تراتيله لما أن سَبق بأسرة ذهبية هذا الإناء الذي اقتحم ما فُتح من الباب:
    -اشفع لي بدعوة يا طالب
    تأخر الرفقة و تقدمَ ، يداه على الإناء لامست أو أوشكت أو يخالها لحقت بأصابع رهيفة انسحبت من حول الإناء بنعومة.
    لامست الشفاه العطشى طرف الإناء و ارتفع البصر العطش نحو شق الباب ، جرعة ثم الصوت يأتي من الخلف جماعيا:
    -شفناه و ريناه
    حملق ، حدق،دقق ، لم يتبين
    الصوت الجماعي يواصل :
    -و عرفنا واش نواه
    الأصابع تنثني على دفة الباب ، و دوره في مواصلة الكورس الجماعي ينطقه:
    -بيضة ، بيضة يرحم والديكم
    -ادع لي يا طالب
    -سقيتنا عذبا فراتا سقاك الله شربة هنيئة يوم القيامة
    سلم الإناء للرفقة ، شربوا و بإشارة لمواصلة المشوار كان الزقاق يردد:
    -شفناه و ريناه و عرفنا واش نواه
    -هاك الإناء ، ارتوينا
    -ادع لي يا طالب
    -آه ، سأدعو يا…
    صامتِ اللغة و أحجِر عن المعنى ، بماذا تراه يخاطبها ؟ يابنت ؟ نعم قد تفي هاته بالغرض
    -بعد التجلي يا بنت ..بعد التجلي
    اختلطت عليه تراتيل جمع البيض مع حكاية ذياب الهلالي و هاته الجازية ، و تذكر أنه بدل تحفيظهم : خط العيد خططناه ، في الألواح زوقناه ، صب جام صوته في ما ردده ذياب و تناقلته الأجيال .
    أطلت لما أن أحست منه تباطؤا خيل إليه ، أو تكون قد أرادت التجلي،
    -عرفتني؟
    -من ……؟
    كم تمادينا في اللعب و كم جنبا الى جنب نتسابق في القشير ، نملأ الروابي شغبا ، أكثر مما تحدثه خرافنا و هي تثغوا بمرح فطري ،تنكزني بكتفها كلما جمعنا أعواد الصّمار لصناعة صناجة الجبن،
    -لن يجمد
    أضيف للحليب ما تناثر من زهر الخرشف و اتحداها ،
    -سيجمد يا بنت ، سيجمد
    أعادته إلى اللحظة:
    -تفاجأتَ؟
    حملقَ ، حدّق، دقق ثانية ، لم يك بياضها ما اتضح له بدءا، شحوبٌ ألبسها صفرة باهتة ، امتص حمرة خديها و سمرة ساعديها و بريق عينيها الحاد ، قيل أنها مرضت و كفى ، و قيل أن جِنًا ركبها ، و قالت نسوة في الحي أن الشيخ لما جاء لإخراج الجان ركبهُ فركبها بدوره ، و سترًا تم تزويج المارد الجديد بها في غفلة من ألسنة القرية .
    هل كانت تلك الزغاريد التي سمعها تصدر متقطعة محتشمة تُنبيء عن الخطب العظيم؟
    -شيخنا زوجناه ، جبنالو حورية من حوريات الجنة
    عاد الكورس الجماعي و قد استدركوا تراتيل بيضات التزويق
    -عرفتني الآن يا عامر ؟ ألا تزال تذكرني مثلما أذكرك أنا بتفاصيلك ؟ أتذَكر ما يضحكك ، و ما يحزنك ، متى تهفو إلى شيء ، أحفظ حتى موضع الشامات من جسمك ،أتذْكر حينما ضربتك مرة لما دفعت بي إلى ماء الغدير ؟ كنتُ تبللت تماما لما أن اختفيتُ وراء الدفلى ، كسرتُ منها عودا لينا ، لحقتَ بي و لم تك تعلم أين أختفيتُ تحديدا ، ضربتك على كتفيك ، تألمتَ فرحتُ أنزع عنك ثوبك لمعاينة مكان الألم ، كانت الشامات تتوزع كتفك الأيمن ، عضضت احداهن بلطف ، تأوهتَ بتخابث فأكتفيت بتقبيل موضع الضرب ، أما زلت تذكر؟ أما تزال الشامات مكانها؟
    -بيضة بيضة يرحم والديكم
    أشار إليهم بالتوجه إلى زقاق آخر و منهم من يسترق السمع و منهم من يسترق البصر
    -خط العيد خططناه..
    صوت نشاز:
    -و الشيخ رَاهُو جَايْ
    ابتعد عنها خطوة ، مسكه من ساعده:
    -من أين ؟
    أشار الى الدرب الذي جاؤوا منه
    أطلق سراح ساعده و مد فمدت و تلاقت الأصابع منفرجة عن بعضها تاركة مساحة للأصابع التي ولجت بينها بحنو،
    إلى اليمين ذهبوا
    إلى اليسار التفتا
    هل من مسلك ثالث؟
    لم تفقس بيضات التزويق تلك السنة ، لكنها أنتشت نباتا يشبه الصبار ما لبث ينمو بسرعة كبيرة حتى غطى على القرية ، لم تعد أشعة الشمس تخترقه ، و وصل القرى المجاورة.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    عيسى بن محمود
    نص مبهر وفيه تأويل جميل
    رأيت لو أنك تأنيت بالنشر كي تأخذ التي قبلها حظها من القراءة والمداخلات والرؤى
    قصص الأزقة والحواري والكادحين تغرقنا بهذه الحميمية وانتشار الأخبار كما النار في الهشيم
    أوجعتني صورتها والحب الذي تفتت وتلك الذكريات التي أصبحت مرة بحلاوتها
    حقيقة زميلي تمسك بزمام النص ولا تفلته أبدا
    لك بصمة
    لك حضور
    ولك قدرة رائعة على السرد
    أتمنى عليك أن تشارك الزميلات والزملاء نصوصهم كي يستفيدوا وتستفيد أيضا
    ودي ومحبتي لك أيها الشفاف


    الممسوس

    الممسوس! أي ريح صرصر عصفت اليوم الشمس مبتورة الخيوط، وشبح القادم ينسل خفية يغطي وجهه غروب أصهب. لم أكد أعرفه لولا وشم أنزله على كفه في ليلة دهماء غاب عنها القمر، أريق فيها الكثير من دمه وحبر صبه فوق الجرح، يدمغ يده فيه ويئن مبتلعا وجعه. لم تك ملامحه تشبه ذاك الشاب الجسور الذي ملأ حيطان الشارع برسومه، وأنا صبي ألاحقه مثل ظله/
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • عبد الحميد عبد البصير أحمد
      أديب وكاتب
      • 09-04-2011
      • 768

      #3
      نص هايل ومثير للقراءة
      سأعود إليه ثانية
      شكراً لك
      الحمد لله كما ينبغي








      تعليق

      • عيسى بن محمود
        أديب وكاتب
        • 06-12-2011
        • 39

        #4
        أستاذة عائده محمد نادر;لك المساءات الجميلة و العشيات الحبلى بالأماني الطيبة للسنة الجديدة
        حضورك ازدان له النص بجميل المرور
        خارج التأويل عمدت الى اثقال النص بحكي عن عادات خرجت او اوشكت من الذاكرة الجماعية و هي تلك التراتيل الهلالية و طقوس طلبة الزوايا في جمع ما يسمى ب بيضات التزويق
        خالص ودي و جليل محبتي و عظيم تقديري .


        الممسوس

        http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...

        تعليق

        • عيسى بن محمود
          أديب وكاتب
          • 06-12-2011
          • 39

          #5
          أستاذ احمد فريد
          شكرا على المرور ، على أمل العودة ثانية تقبل خالص تقديري و احترامي.

          تعليق

          يعمل...
          X