سيزيف الآخر..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محسن الفقي
    مترجم وأديب
    • 04-10-2009
    • 102

    سيزيف الآخر..

    سيزيف الآخَرْ





    أنهضْ فأقعْ

    لا تنهضْ، قيل لي ..

    حياتك رخوة هشّة فلا تنهضْ..

    و أنهضْ..

    متّكئي عصا خلتها خيزُرانة

    و أقعْ..

    فهل أنهضْ ؟

    و أنهض..فهل سأقعْ؟

    كالقابض على الجمر أترنّحْ..

    ألثم خدّ الرّيح..يلفحني ..يلطمني..يزفني الى عُقر الارض

    و أقعْ..

    فهل أنهضْ ؟

    بين دفّة و دفّة أراودُ نوْرسا لا يأتي..

    يُبلّلُ أجنحته بِريقِ النّدى ..ينثرها قطرات تفوح دما..

    هو الدّمُ حين ينهال على الرقبة و لا ينْثني ..

    و أنهضْ..

    وعدك " داليدا* " يهبني روحا سقيمة بالتمام ..

    ألتصقُ بهدْبها المتعثّر الحلْو

    و أنهضْ..

    ثمّ أقعْ..

    فهل أنهضْ ؟




    *اشارة الى " داليدا " في : Je suis malade..complètement malade
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    #2
    يمكن القول إننا فى هذا النص أمام استدعاء لميثولوجيا تحمل بعدا إنسانيا عميقا عمق الحياة الإنسانية ذاتها ، إنها تحمل إسطورة سيزيف ذلك القابض على لاشىء ، الكادُّ على لاشى ء ، الحامل الصخرة ثم لا شىء ، إنها الأسطورة التى تحمل شعورا إنسانيا بعدم الجدوى وفقدان الأمل بعد مكابدة واصطبار


    - ونحن منذ العنوان نتلقى إيحاءً فنيا يحيلنا على معالجة نابعة من تلك الأسطورة حيث نتلقى العنوان " سيزيف الآخر " أى أن الفكرة التى يقوم عليها النص هى فكرة نابعة من استدعاء الأسطورة وإسقاطها فنيا كرسالة يكنزها النص ويبثها لمتلقيه

    - لكن إذا كان النص يقوم على استدعاء الأسطورة وبالتالى يقوم على الفكرة التى تحويها تلك الأسطورة وهى بالطبع ليست فكرة واحدة فهناك الكثير والكثير من القراءات والتأويلات لأسطورة سيزيف ،فهناك أكثر من فكرة نفسية ورمزية واجتماعية ، لكن الذى يعنينا هنا هو الفكرة التى تخص النص الفكرة التى تخص ذلك ال " سيزيف الآخر " الذى هو بطل وكيف يتمايز بفكرته عن سيزيف القديم

    - الحقيقة أنى كمتلق عندما أتأمل المعالجة التى يقوم عليها هذا النص لا أستشعر أننى أمام سيزيف آخر ، لا أستشعر أنى أمام معالجة فنية من حيث تجسيد الفكرة تضاف إلى قراءات سيزيف القديم ، لا يكفى أن يكون سيزيف هنا متكئا على خيزرانة ليكون سيزيفا آخر ، هذا الاتكاء يجب أن كون تفصيلة فى مشهد يحمل معالجة مختلفة والتقاطا لزاوية جديدة فى الأسطورة ، اما هذى المعالجة التى بين أيدينا فهى تعمل فى رأيى مع الأسطورة عبر تكرارها دون أن تكون قادرة على إنتاج قراءة جديدة للأسطورة القديمة ، نحن مازلنا عبر التجربة التى بين أيدينا أمام فكرة الكد بلا أمل وأمام سيطرة المطلق على قدر هذا المعذب وهو ما نتلقاه فى مفتتح النص حيث نتلقى

    أنهضْ فأقعْ

    لا تنهضْ، قيل لي ..

    حياتك رخوة هشّة فلا تنهضْ..

    و أنهضْ..

    متّكئي عصا خلتها خيزُرانة

    و أقعْ..

    فهل أنهضْ ؟

    و أنهض

    - نحن هنا أمام سيزيف الذى رأيناه مسبقا ، ذلك الذى ينهض فيقع ، وذلك الذى يحاصر ويجبر أن يكون هشا غير قادر على أن يهزم قدره الذى يحط على أكتافه حجرا ثقيلا ، لسنا أمام سيزيف الذى يفاجئنا بما لا نعرفه عنه ، لسنا أمام سيزيف الذى يضىء لنا لوحة وجدانه لنسمع همس أفكاره وبصيرته لما يكابده وانعكاس عذاباته ، لسنا أمام سيزيف الذى يحمل ملامح عصرنا لنستشعر حقا أنه سيزيف الآخر ، حتى وهو تلفحه الريح فى المعالجة التى بين أيدينا فنحن أمام مشهدية عامة فهو فى وجداننا معذب متألم يكابد

    -والحقيقة إن تكرار النص لذات الفكرة وذات القراءة التى تتمثل فى الكيان الإنسانى الكاد بلا أمل والمجبر على الإقعاء فى قدره ، هو الذى يظلم مثل هذا السياق الذى يحاول أن يكون مغايرا لسياق النص اللغوى والدلالى والتخييلى حيث نتلقى سياق

    فهل أنهضْ ؟

    بين دفّة و دفّة أراودُ نوْرسا لا يأتي..

    يُبلّلُ أجنحته بِريقِ النّدى ..ينثرها قطرات تفوح دما..

    هو الدّمُ حين ينهال على الرقبة و لا ينْثني ..

    و أنهضْ..


    - إن المعالجة الفنية للسياق السابق ترسم لنا مشهدا بعيدا عن فكرة سيزيف القديم أو تحاول أن تفعل ذلك حيث تقدم لنا مشهدا بحريا ، نرى فيه بداية لمعالجة فنية أخرى لسيزيف ولسيطرة المشهد القديم على السياق العام
    - لكن المشكلة تتمثل فى أننا ننتهى إلى ذات الختام الذىينتهى إليه سيزيف أى الوقوع ثم النهوض إلى ما لا نهاية

    - إن السياق السابق الذى يجىء بلغته المختلفة المتميزة كان له أن يكون مفتتحا فى رأيى للنص ، كما أنه كان بحاجة إلى ان يحمل فكرته الخاصة التى تحمل معالجة الأسطورة وليس تكرار معالجاتها السابقة

    - حيث إن المتلقى ينتظر أن يرى حضورا للواقع فى الأسطورة ، على أن يكون هذا الحضور بكرا نابضا بالحس الإنسانى الذى يستنير بالأسطورة كقنديل يسرج له طريقه الخاص ودربه الذى يقوده إلى الوجدان


    - هناك ملاحظة أخرى خاصة بالاستدعاء كمعالجة فنية حيث يحيل النص إلى شخصية داليدا فى نص آخر وهو ما يجعل المتلقى أمام نصين وأمام الحاجة إلى الاطلاع على النص الثانى حتى تكتمل دائرة التلقى ، والحقيقة أن مثل هذا يجعلنا أمام أكثر من استدعاء أولا استدعاء أسطورة سيزيف وهو استدعاء ليس قادرا فى رأيى على أن يقدم جديدا محفزا ، ثم استدعاء شخصية داليدا التى لا يعرفها المتلقى ويجب عليه أن يعرفها حتى يتلقى النص ، وهذا ربما يجعلنا أمام تلق غير مكتمل فالقارىء ليس مطالبا بأن يقرأ رواية أخرى او عملا آخر ليتلقى النص ، نعم هذا من حق الكاتب أن يحيل فنيا على استدعاء أو تناص ، لكن يجب أن يعى أن هذا إنما يتوجه به إلى متلق خاص ، بينما المتلقون بشكل عام لن تكون لهم الدافعية ولا الاستثارة الفنية التى تدفعهم لقراءة الاستدعاء أو التناص خاصة مع عدم وجود جديد محفز فى معالجة الاستدعاء الرئيس لأسطورة سيزيف

    ربما من حيث البنية اللغوية لى هذى الملاحظات

    - متكىء عصا خلتها خيزرانة - الحقيقة أن السياق يعانى ارتباكا نحويا حيث لا تبدو علاقة " متكىء " هل هى علاقة حال أم لا وإذا كانت فلماذا ليست منصوبة ؟ ثم اتصال علاقة " متكى ء " مع علاقة " عصا " وهى العلاقة التى تحتاج إلى حرف جر مثل " على "
    - هناك تسكين للأفعال مثل " انهض ، أقع " وهو تسكين غير صحيح لغويا خاصة أننا لسنا أمام ضرورة شعرية ، نحن أمام نص نثرى أقرب إلى قصيدة النثر ، لذا لا يبدو مفهوما علة هذا التسكين

    -وختاما نحن أمام نص نثرى يمكن بدرجة أعتباره قصيدة نثر أو خاطرة أدبية ، وإن كان النص يميل أكثر لأن يكون قصيدة نثر مع حاجته للاهتمام أكثر بأدوات الترقيم والموسيقى الداخلية ، كما أن النص يحاول أن يتكىء على أسطورة سيزيف من حيث الفكرة لكنه اتكاء يظل بحاجة إلى أن يكون أكثر عمقا ومغايرة للأسطورة القديمة

    تعليق

    • محسن الفقي
      مترجم وأديب
      • 04-10-2009
      • 102

      #3
      أستاذي محمّد الصّاوي..
      قراءتُك لنصّي بمثْل تلْك الكثافة تعزيز لهُ سيّدي و الاستدعاء للأسْطورة الذي نوّهْتَ به جاء فعلا على عجل فكان خجُولا غير مُكتمل و لعلّ عُذري في ذلك أنّ ال"حالة"التي صدر عنها النّصّ غلبتني فجنحَ الاستحضارُ الى الابهام و غدا التّضايف المزعوم بين الواقع و الاسْطورة أقرب الى الانقطاع في الخطاب و الانْحسار في التّجانس.
      أشكُرُ لك سيدي الكريم جميل فضلك و أَشْهدُ أن النّصّ معك و على عواهنه بات حريّا باعادة الاكتشاف..

      تعليق

      • سميرة رعبوب
        أديب وكاتب
        • 08-08-2012
        • 2749

        #4
        ...

        يارفيق الألم والأمل
        كل الدروب التي تحتضن خطانا شائكة
        والليالي التي حملتْ أحلامنا تبكي الذكريات ..
        ونظل نبتسم رغم الصعاب ..
        ننهض بعد كل عثرة لنخطو نحو آلاف العثرات ..
        حتى أحلامنا البريئة لوثتها سنين الحياة ..
        في كل يوم ..
        نغدو على جرح ؛ ونصحو على آلاف الجرااح
        كنا نستند على بعضنا البعض ونمضي لا نبالي
        نخط من شعاع الشمس أملا جديدا
        أما اليوم ..
        كُسفتْ شمس آمالنا وتكورت غارقة في بحر لجي من الهموم والآلام
        فما عاد للكون سطوة ولا جمال بعد رحيل أرواحكم ..


        كلماتك البلورية جعلتني أستحضر خاطرتي ، تقبل هذيان حرفي
        كل الاحترام والتقدير لك أستاذنا الفاضل محسن الفقي ~
        رَّبِّ
        ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا




        تعليق

        • موسى مليح
          أديب وكاتب
          • 15-05-2012
          • 408

          #5
          أن يلجأ الشاعر إلى الأسطورة "سيزيف "، يؤكد أمرين :
          1/ أنه عاجز عن تفسير متغيرات الواقع.
          2/ وان رؤيته للمستقبل يكتنفها الغموض .
          تأسيسا على ذلك بنت القصيدة إيقاعها الداخلي على تكرار فعل نهض( 10 مرات ) في أزمنته الثلاث( ماض ،مضارع ، أمر ) وفي صيغتي الإثبات والنفي .إن هذا التكرار ليس بريئا .ذلك لأن الفعل دلاليا لايحمل الحمولة الدلاليةلفعل وقف المشترك بين الإنسان والحيوان ؛إنه يتجاوز الحركة الفضائية لفعل وقف ،أي المرتبطة بالمكان ليعبر عن دلالة أعمق .
          إن فعل نهض الحركي ومشتقاته الفعلية والاسمية من الأفعال التي وظفت بغزارة قل نظيرها في القاموس العربي السياسي الحديث أي منذ طلقات مدافع نابوليون بونابرت على شواطئ الاسكندرية 1798 م إلى اليوم ،ولازال سيطرح بطرق مختلفة ..إن النهوض هنا ليس معاناة رومانسية مرتبطة بذات حالمة ،إنه مرتبط بالجماعة /شعب لهذا فالقصيدة ساءلت عبر سيزيف واقعها المعتم .وأعادت بصور شعرية صوغ إشكالية النهضة ، لكن هذه المرة لاتنطلق من المفهوم الاستعماري علاقة المركز بالمحيط والتي اختزلت وكرست في :"لماذا تقدم الغرب وتخلف العرب ؟ "بل انطلقت من الداخل : هل الإنسان العربي مؤهل للنهوض ؟ هل نعتبر هذه الحركات الربيعية بداية حقيقية للنهضة ؟أم سيناريو تحكمه خيوطا أخرى ؟وهو ما اختزلته قفلة القصيدة في السؤال الإشكالي : "هل أنهض ؟ "
          صيغ كل ذلك في قالب درامي وأسلوب اعتمد المونولوج الداخلي الدال عل التمزق النفسي وضبابية الرؤية المستقبلية وتوكأ على الرمز الثوري كالريح والنورس الدامي مع نشاز هجين عند الإشارة إلى أغنية داليدا السوداوية ؛لأنك لم تعد تحلم وأن زمن الخوف انتهى وأنك ليست وحيدا مع اليأس فأنت لاتمسك كأعنية دليدا بخطيئة بل تؤسس حقيقة الوجود وسيعود لشرابك مذاقه المفقود وتعود لتغني بفرح : حلوة يابلدي .
          إن هذا النص يشبه واقعه المحموم " القابض على الجمر " لذلك لايمكن الوقوف على شعرية القول من موقف شبم .
          ستموت إن كتبت،
          وستموت إن لم تكتب ...
          فاكتب ومت .....

          تعليق

          • محمد بيحي
            • 19-08-2012
            • 8

            #6
            تحية طيبة اخي محسن
            وددت لو قدمت ملاحظات غير ان الاخ موسى سبقني. الاِنْبِعَاثُ ، الاِرْتِفَاعُ ، التَّجَدُّدُ ، التَّقَدُّمُ بَعْدَ التَّأَخُّرِ وَالاِنْحِطَاطِ كيف السبيل الى تحقيق ذلك؟

            تعليق

            يعمل...
            X