لقاءٌ .. ليلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    لقاءٌ .. ليلي

    لقاءٌ ... ليلي


    قالت لي :

    يا لهؤلاء الرجال ..
    هل تشعرون بالأنثى ؟
    غربتها وضياعها والغرق الناجم عن فقدان البوصلة واللهاث عبر الأماكن المنسية عن المادة وحسب
    فكتبت لها :
    لقاءٌ ليلي
    وأهديته لها
    والى كل أنثى ...
    الى العزيزة : مها


    نعم .. أنا على الموعد
    مساءً ، حين يعلن القمر الفضي عن بلوغه منتهاه ، سأكون أنا وأنتَ ، نتمرن على رقصتنا الأولى منذ تركتك ، أم تركتني أنتَ ؟ لا فرق ، فالدهشة من افتراقنا كانت وحدها كفيلة بازاحة التساؤلات كلها لصالحها وحدها – الدهشة وحسب .
    هذا الحب الذي أضحى رهين المدن المنسية ، يحتمي اليوم خلف أشياء لم تزل في قلبي ، لم تمت ولم تضعف رغم الغربة التي عايشتها وقضت على بعض احساسي .
    عندما يعود زوجي كل ليلة منهكاً ، أتعذر به ، وأهرب منه اليه ، تكبلني حواجز تبدأ من كياناتي الصغيرة ، التي تتشبث بي في قوة كأنهم يخافون سقوطي أو اقلاعي بعيداً ، ولا تنتهي الا بهم .
    هؤلاء الأطفال الثلاثة ، كم أحبهم ، وتزهر روحي بوجودهم ، ما أجمل البكاء حين يكون مقترناً بهكذا حب ! لكن البهجة ستختلف ، حين يكون الحب حائراً ، لأنه يكبلك ..
    لماذا يسعدني البكاء ؟ ويصبح خير سفير لي ؟ عندما أجد الطرق كلها مقفلة ، والموانئ كلها فارغة لأن كل سفينة تحمل قلبي غادرتني ، وكل موجةٍ تحفظني عادت دوني ، يا لهذا المساء الذي لا يريد أن يأتي ..
    أمام كل هذا الوجع ، مجبرةٌ أنا على تذكر التفاصيل ، وحدها تجعل الأيام تختلف ، أم تراني أهذي ، أخدع نفسي وحسب ..
    بالأمس عاد زوجي قبل موعده بدقيقتين ، وهو لعمري أمر نادر الحدوث ..
    كنت أنتظره ، فلم أنجح كعادتي في الوصول الى باب المنزل لاستقباله ، لأنهم مرة أخرى .. كبلوني .. طلب الأول أن أحمله ، والثانية أن أصنع لها وجبة ساخنة ، وتعثر الثالث أمامي ، ليصنع من جسده الصغير حاجزاً يمنعني من بلوغ هدفي ..
    التفاصيل وحدها ، تجعل مني أختلف .. لهذا غيرت تسريحة شعري مراراً ، دون أن يراها أحد ، او يبدي اعجابه بها أحد ، حتى أني كنت أصنعها وأنساها ، فلا تسعفني المرآة في تذكرها ، أو تذكر نفسي ..
    لكنها تستفزني .. هذه المرآة ، وصورتي التي تبدو مموجة فيها ، تروق لي كل التفاصيل الا هي ، نعم أعشق كل شيء على حدة ، أحب شوارع هذه المدينة المتحضرة ، أحب زوجي الطيب ، وأدمن أولادي وشقاوتهم ، لكن الصورة مركبة تبدو غريبة علي ، هل هذه أنا حقاً ؟
    أمد يدي لألمسها – هذه المرآة – آملاً أن أنجح في اختراقها ، ، لأجد نفسي هناك ، حيث أردت أن أكون ..
    هل يمكن لجدار المادة أن يضع حاجزاً أمام القلوب العاشقة ؟ أن يعطل مشاعرنا فتصبح باردةً غريبةً ، تشبه كل شيء نلمسه هنا .. ؟
    وحدك أنت تختلف ، في لقائنا معانٍ أخرى كنت قد نسيتها ، ورحلات مجنونة أكون أنا بطلتها ، وحدك تعرف كيف تقودني وأقودك ، تشتعل مع رغباتي ، وتنتفض مع غزواتي ، وتصير فارسي الأوحد ، أقودك عبر دروب كنت أحفظها ، فلا أخشى أن أتوه ، لأنك وحدك تستطيع اخراجي ، والعودة بي ، لا تهمك الغربة ، ولا تقف أمامك الحواجز وجوازات السفر ، وحدك تتخطى الأزمنة والأمكنة ، وتجعل المستحيل ممكناً .
    لموعدنا هذا كانت تلزمنا جرأة وقدرة على التمرد ، ومساحة عميقة من التجرد ، بعيداً عن التفاصيل والذاكرة ، فلماذا نلتقي اليوم خائفين تطاردنا ارتعاشة اللحظة الأولى .. كأني بك لا تعرفني ، وكأني بي لا أعرفك ، وأنا التي حفظتك وخاضت معك دروباً تبدأ هناك ، حين كان اللقاء الأول ، ولا تنتهي أبداً ، لأن الخيال لا يحده المكان .
    اليوم أعانقك ، حين أجهز اللقاء الذي طال انتظاره ، أضع أحبتي الصغار في أسرتهم ،
    أرسم قبلة صغيرة على ثغر زوجي المتعب ، أتسلل الى مكتبه ، أبحث عنك بين أدراجه ،
    تختلج مشاعري وأنا أحتضنك مرة أخرى ، لتعانق أوراقي من جديد ،
    فتسافر بي رغم القيود ...
    الى الوطن .
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    #2
    أستاذ أحمد عيسى القدير
    ها أنت تبدع مجددا
    بطلتنا هنا متعثرة بتفاصيل حياتها .. تهرب من زوجها "إليه" ..
    وأقسى مافي الأمر أنها تنظر إلى نفسها من مرآة المجتمع!
    في اللاوعي شيء يقول لها :أنتِ خائنة .. فتهرع لتعامل زوجها "بحب"
    كتعويض عن خيانتها له ...
    ومن ناحية أخرى.. تشعر أنها أسيرة حياة زوجية فقط ..وليس الحب ..
    تجد ما يغذي وقتها وجسدها وصورتها أمام الناس ..لكن قلبها عطش
    إلى شعور مضى ... ولم يمضِ !
    لهذا أعطت عمرها وجسدها واهتمامها لزوجها والأسرة
    وأعطت قلبها ..لحبيبها السريّ !
    هو صراع قوي ..يبقى في الأعماق لأنه إن واجه النور ..واجه الموت والعقاب !
    أشفقت عليها كثيرا ...
    وستجد هنا من سيعتبرها خائنة أو مظلومة خائنة .. لأن الخيانة ليس بالجسد فقط!
    الأمر معقد في مجتمع شرقيّ يعالج مشاكله وحزنه بالسيف ..ويعالج أمراضه وصراعته النفسية
    برصاصة ..لا تمت برصاصة الرحمة بصلة !

    من زاوية أخرى بعيدة عن هذه النقطة .. أحببت هذه المرأة لأنها لم تفقد الإحساس
    والشعور بنفسها ..ولا بأمومتها أيضا ..!

    أمنية أخيرة أتمنى للجميع كما أتمناها لي ..أن نرى أنفسنا دائما بعين ثالثة !

    شكرا لك سيدي
    أحببت العمل قالبا ومضمونا
    لأنه بحر متلألئ عميق .. حمل في جوفه سفن غرقت
    وأغرقت أصحابها .. وأغلقت الأمواج دفتيّها على مدينة ذاكرة جديدة
    دمت مبدعا
    في انتظار ..هدية من السماء!!

    تعليق

    • الشيخ احمد محمد
      أديب وكاتب
      • 16-10-2011
      • 228

      #3
      عمل فني رائع حقيقة ، أحسنت وأبدعت كثيرا في هذه القصة الجميلة ، كل التقدير.

      تعليق

      • صالح صلاح سلمي
        أديب وكاتب
        • 12-03-2011
        • 563

        #4
        الاستاذ الفاضل .. أحمد عيسى
        اعجابي بما قرأت
        أنا ظننت ان حبيبها السري
        هو الوطن
        هكذا رأيتها
        شكرا لك

        تعليق

        • فاطمة يوسف عبد الرحيم
          أديب وكاتب
          • 03-02-2011
          • 413

          #5
          الأستاذ أحمد
          كالعادة في قصصك شيء خفي تريد من القارئ أن يتوه في سراديب السرد يقيني الزوجة ليست خائنة ، لكنها تحلم بحبيب وهمي قد يكون الوطن أو هواية تمارسها مثل الكتابة ، في الرد أرجو أن أجد إجابة
          ودمت بخير

          تعليق

          • آسيا رحاحليه
            أديب وكاتب
            • 08-09-2009
            • 7182

            #6
            هل يمكن لجدار المادة أن يضع حاجزاً أمام القلوب العاشقة ؟ أن يعطل مشاعرنا فتصبح باردةً غريبةً ، تشبه كل شيء نلمسه هنا .. ؟

            امرأة تعيش انفصاما في المشاعر و تحس بغربة الروح و تحن لحضن الوطن - الحب - الحلم...
            أعجبني النص رغم الغموض الذي أقلقني ، فأنا لازلت لا أستسيغ أن تتحوّل القصة إلى" فزّورة "...
            رغم أني قرأت أنّ ذلك أحد خصائص الحداثة .
            أحب القراءة لك أخي أحمد .
            تحية و تقدير.

            يظن الناس بي خيرا و إنّي
            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

            تعليق

            • لميس الامام
              أديب وكاتب
              • 20-05-2007
              • 630

              #7
              حسب تصوري ، يطرح هذا النص عدة منافذ، يتطلب الحسم فيها الى عدة مرات لقراءته . ذلك أن الحوار فيه ثنائيا ، تمحور حول الرد على تساؤل يجبر الاجابة عليه وتشابه تأثيرات الفقد القصري لغربة الكاتب، مما خلّف لي كماً من التصورات، بعضها متباين، والبعض الآخر متناسق إلى حدود التكامل. تمكنت من خلاله وعلى ضوء تأثير النص المبطن - بمفرداته المختارة للحوار المدمج في النص- ، استكناه العلاقات الرابطة بين الاستسلام لفراق (المرأة التي تعطي رمز الوطن والى والوطن الذي يعطي رمز المرأة بخصوبتها ومنحها كل العطاء حتى لو ضحت بأحد أفراد اسرتها لتساند جذوره (اطفالها) بالتمسك بالارض الذي ترمز الي الديار ) وبين الاستسلام للغربة طوعا لانقطاع كل سبل العودة الى ديار ربما رفضته وربما هو من رفض واقعه المشوش داخلها . رأيت الكاتب في هذا النص المتداخل يدمج كلا المقصدين بإفراد متميز بكل التفاصيل. وهذا تميز يعطي الكاتب سمة أدبية مختلفة، من دمج تفاصيل التغريبة وتداعياتها وضبط الصلات التي تجمعهما معا (والجامع هو المرآة التي تكشف حيرة ولبس عند الطرفين لتبرير أثر الفراق الحسمي).
              إن اسلوب الدمج في هذا الوضع، كما استنتجت يستمد مهمته من الوفاء بحاجات جمالية وروحية وفكرية واجتماعية عامة حددها الكاتب بهذا السرد المؤثر لتلك القضية مما حقق بمثالية مختلفة جمالية الفكرة الاساسية للنص، وعلاقة الإنسان فيه بعالمه الطبيعي والاجتماعي. إن هذا النص الأدبي جاء استجابة لمتطلبات مرحلة عاطفية واجتماعية معينة،في لحظات مستمرة لمغترب هده الشوق الى الديار والأحبة، وتعبيرا في الوقت نفسه عن مواقف وتطلعات الى غد افضل بوعد محتم بالعودة.
              هذا النص يصنف على انه من أدب الرسائل) وهو من الفروع الأدبية التي تتواصل عناصرها مع أدب التغريبة والتي تعددت أشكال معالجاتها التعبيرية عن تداعيات الغربة الإلزامية من رسائل الى رويات الى قصائد والى غير ذلك من صنوف التعبير الأدب.

              اشكر الكاتب على هذا التفرد التعبيري..

              تعليق

              • منيره الفهري
                مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                • 21-12-2010
                • 9870

                #8
                السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

                أخي الاستاذ أحمد عيسى

                نص رائع كنصوصك دائما يقول الكثير بين سطوره

                المهم أن هذه المرأة عادت للوطن أولا و أخيرا

                و هو الحب الاكبر الذي تقودها رجلاها كل ليلة

                إلى المكتب لتكتبه بحروف من ذهب

                تقديري الكبير أستاذي المبدع
                التعديل الأخير تم بواسطة منيره الفهري; الساعة 11-01-2012, 10:24.

                تعليق

                • مها راجح
                  حرف عميق من فم الصمت
                  • 22-10-2008
                  • 10970

                  #9
                  أعجبني قرارها بأن تصارع التوتر ب "التفاصيل" فتزيلها لتستبقي احساسها بذاك الحب وهي تنفلت منهم
                  أحيانا ننتزع ذاتنا من جب عميق لنستعيد الوسيلة الوحيدة التي تنقذنا دوما وتحتضننا في حنو ..وهل هناك أحن من الكتابة للوطن !!
                  استاذ أحمد ..
                  نص يبتدع هويتك ويقرؤك
                  هنيئا لوطنك بك ..وارجو العلي القدير ان يكلل جهودك بالنجاح
                  شكرا للدعوة أخي الكريم أحمد
                  تحيتي واحترامي
                  رحمك الله يا أمي الغالية

                  تعليق

                  • د .أشرف محمد كمال
                    قاص و شاعر
                    • 03-01-2010
                    • 1452

                    #10
                    القلـــم..
                    إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                    فتفضل(ي) هنا


                    ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                    تعليق

                    • مباركة بشير أحمد
                      أديبة وكاتبة
                      • 17-03-2011
                      • 2034

                      #11
                      ياااه يأستاذ أحمد عيسى ،لقد ذكرتني وأنا المفرطة في النسيان بقصة لي بعنوان "امرأة غير عادية"
                      ولا أخالك تتحدث إلا عن ذاك الحبيب الذي إن لامسته الأنامل بعد هجر طويل ،شعر الكاتب بقشعريرة ،
                      وطافت ذاكرته في مدن الروعة والأمان ....رغم القيود.
                      أبدعت أستاذنا الفاضل ،وتناثرت كلماتك الوردية في رياض المخيَلة ،كما فراشات الربيع الملونة،الجذَابة.
                      فلك منا ألف تحية وسلام.

                      تعليق

                      • دينا نبيل
                        أديبة وناقدة
                        • 03-07-2011
                        • 732

                        #12
                        الأستاذ القدير أحمد عيسى ...

                        " إلى العزيزة مها " .. لا أدري لمَ تبادر إلى ذهني " مها " بطلة " عيون المها " لأديبتنا الكبيرة إيمان الدرع !

                        شعرت أنك قد سلطت الكاميرا لتلتقط إحدى محاولات " المها " لاستعادة ما فقد منها .. محاولة منها قبل ثورة عارمة تهدم فيها هذا البناء !

                        روعة هذا النص سيدي تكمن في انفتاحه للتأويلات ، فأنا على يقين أن كل من سيطالع النص قد يعطي تأويلا لهذه المرأة وهذا الذي تبحث عنه .. هل يمكن أن يكون ما تبحث عنه هو زوجها الذي كانت تحلم به وهي بعد فتاة ؟! .. أم أنه الحب الذي لا يفتر يتواثب من حين لآخر أمام عينيها إذا ما فقدته في الحقيقة ؟!

                        " من أنا ؟!" .. سؤال مرهق ، خاصة أمام المرآة .. لماذا كلما ينظر المرء إلى نفسه في المرآة يرى نفسه بصورة مختلفة ؟! .. إنه لأمر مرهق أن يصل بالإنسان الحد أن ينسى تفاصيله ، ويطالب من ناحية أخرى بتذكر تفاصيل الآخرين ..

                        " الوطن " .. كم من أناس يعيشون في أوطانهم بلا وطن .. بلا هوية .. قد فقدوا ذواتهم فاستحالوا إلى غرباء ، أول من تنكرهم هي ذواتهم ! ..

                        نص متميز في لغته .. بديع سيدي كالعادة .. لكن هذا النص ليس كالعادة .. كثيرا ما ذكر كلام عن الأدب النسوي الذي يتناول المرأة ، خاصة لما تكتبه امرأة .. رغم الاختلاف على المصطلح .. فإن أروع الموضوعية ، لما يتناول قلم " الآخر " هذه .. المرأة !

                        تحياتي

                        تعليق

                        • ربيع عقب الباب
                          مستشار أدبي
                          طائر النورس
                          • 29-07-2008
                          • 25792

                          #13
                          أعجبتني كثيرا
                          و راقني البناء السردي
                          ربما اللغة كانت هنا أقل من حيث التضفير و الصور
                          لكن الرسالة كانت واضحة و قريبة من الوجدان

                          بوركت صديقي
                          sigpic

                          تعليق

                          • محمود الحمد
                            • 02-01-2012
                            • 2

                            #14
                            انه القلم ,وما أدراك ما القلم ؟!!
                            ( ن والقلم وما يسطرون )
                            قصة جميلة بحق....

                            تعليق

                            • ريما ريماوي
                              عضو الملتقى
                              • 07-05-2011
                              • 8501

                              #15
                              المهم أنها وجدت ما تحبه,
                              دون أن تقع في شر الخيانة ..

                              الأستاذ أحمد عيسى, شكرا لك.

                              تحيتي وتقديري.


                              أنين ناي
                              يبث الحنين لأصله
                              غصن مورّق صغير.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X