الأسرع من سرعة الضوء نص رقم 3 من فوزي بيترو معروض للنقد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    الأسرع من سرعة الضوء نص رقم 3 من فوزي بيترو معروض للنقد

    1. الأسرع من سرعة الضوء
    عذرا لاقتباسي العنوان من رائعة جواو ماكيويجو " أسرع من سرعة الضوء "




    خرجت الكلمات من فمه تتدحرج وكأنها كومة حجارة تتساقط من على قمة
    جبل إلى وادٍ سحيق .
    ــ انظري مَنْ بالباب يا أم جعفر .
    وفيما كانت أم جعفر منهمكة في إعادة ترتيب السرير الذي يرقد عليه زوجها. استقامت مذهولة , فهذه أول مرّة يتكلم بها أبو جعفر منذ أن سقط طريحا بالفراش قبل حوالي السنة . فَقَدَ خلالها حرية حركة أطرافه وحاسة السمع والقدرة على النطق .
    ربما يكون الطارق إنسانا عزيزا على قلب" أبو جعفر" , ويرغب بشدة في لقائه .
    أو ربما تكون أم جعفر تتوق شفاء زوجها فتوهمت الحدث حتى تجسَّد وأصبح حقيقة .
    عادت الكلمات تنهمر من فم" أبو جعفر" كمطر طال انحباسه .
    ــ ما بالك يا امرأة ؟ هناك ضيف بالباب , أدخليه , لقد اشتقت للصحبة وللأصحاب .




    قبل أن يسقط الدكتور عادل مريضا , كان بيته, صالونا يجمع الأصدقاء , الحميمين منهم والفاترة صلاتهم . كانت روحه ملاذ التائهين الباحثين عن السكينة . وكانت عظاته دربا للاهثين وراء الحقيقة . في حين كان الحديث في السياسة وفي الأدب والشعر وفي الفنون يستحوذ جُلَّ الوقت . لم تخل جلسات الصالون من سمر ونكات فاضحة ولعب الشدة والطاولة .
    ولم تبخل أم جعفر زوجة الدكتور عادل يوما في إعداد الطعام والشراب لهم , حتى باتت تتقن إدراك مذاق كل ضيف فتصنع له أكلته المفضلة . فبدت كالشريك الواجب حضوره في كل جلسة , وبالرغم أنها تملك درجة عالية من الثقافة , لا تقل عن زوجها أو عن احد من الحاضرين , إلاّ أنها لم تتطفل يوما وتقحم نفسها في آتون حواراتهم . ولكن , ذات يوم لم تستطع كبح جماح لهفتها في الإنصات لجدل طافت سخونته على السطح . وكاد لجم رؤاها في ثوابت تجزم هي بصوابها . كان الحديث عن الروح ومفارقتها للجسد بعد الموت .
    بعضهم أسهب بالشرح موضحا أن الروح ما هي سوى نتاج عمليات فيزيائية وكيميائية معقدة , محصلتها دب الحيوية والحياة لهذا الجسد كائنا من يكون , إنسانا أو حيوانا أو حتى نبات . أو نزع هذه الحياة عنه فيتحول إلى جماد . وبالتالي ليس هناك روح كي تنفصل عن الجسد . بالمقابل , وفي الطرف الآخر كانت هناك أم جعفر ويقينها أن الروح هي هبة الخالق لآدم حين جُبِلَ من طين ووُهِبَ الحياة . ولحظة الموت تصعد الروح لواهبها . وفيما تبادلت أم جعفر النظرات مع زوجها الدكتور عادل ومع الدكتور عيسى كأنما تستغيث بهما لنجدتها , وقف الدكتور عيسى مؤيدا يقينها , لا بل أضاف أن للديانات السماوية جميعها نفس اليقين . واستطرد قائلا , أن الروح بعد الموت تبقى تحوم في المكان الذي مات به وفي الأماكن التي كان يحبها إلى أن يأتي القِس ويصلي لراحة الميت , فتنصرف الروح صاعدة إلى السماء .

    فتحت أم جعفر الباب , رأت أمامها الدكتور عيسى . لم تتبين ملامحه جلية بسبب وهج نور الشمس الساطع البادي كهالة تحيط برأسه . استدارت وهي ترحب به قائلة :
    ــ أهلا بك . أبو جعفر بانتظارك . من مدة لم تحضر لعل المانع خيرا ؟ أنا وأبو جعفر نُجزم بأنك لست كباقي السُمّار الذين انفضّوا عن السامر حين سقط . وهذه هي الحقيقة المؤلمة , كألم الضرس الآتي قبل النوم . فلا جفن لك يغمض قبل شروق الشمس .



    جلس الدكتور عيسى قبالة" أبو جعفر" مبتسما كعادته ثم قال :
    ــ لا تهن ولا تحزن . بإذنه تعالى إيمانك سوف يبريك من مرضك وتعود كما كنت وأحسن . سوف أغادر الآن , هناك من ينتظرني في البيت .




    دخلت أم جعفر الغرفة وبيدها صينية القهوة . رأت زوجها" أبو جعفر" واقفا بالنافذة وكأنه يودع صديقا . ترنَّحت وكادت أن تسقط على ارض الغرفة من هول المفاجئة ، فمرضه لا يسمح له بالوقوف . استدار أبو جعفر نحو زوجته ثم قال لها :
    ــ من فضلك يا أم جعفر , هاتفي زوجة الدكتور عيسى واطمئني على وصوله للبيت .


    أجابته وهي لم تزل تحت تأثير الصدمة والمفاجئة :
    ــ لقد غادر الدكتور عيسى قبل ثوانٍ.هل أصبحنا في هذا الزمن نتحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء يا" أبو جعفر" ؟ أمرك يا سيدي .
    عبر صوت زوجة الدكتور عيسى سماعة الهاتف حزينا وهي تقول :
    ــ لقد مات زوجي الدكتور عيسى قبل ثلاثة أيام . وها هو الخوري هنا في البيت ، يصلي من أجل راحة نفسه
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    #2
    عذرا لرفعي المتصفح
    فقد مرَّ عليه أكثر من شهرين ولم أحظى بأي مشاركة
    نقديه عليه .
    أقدّر أن هناك كمّا هائلا من النصوص في هذا المنتدى
    رفيع القيمة .
    لكن هناك نصوص أخرى لي أرغب في إدراجها
    هنا . وأجد حرجا من إدراج جديد قبل أن يتم النظر في
    القديم . وللجميع محبتي
    فوزي بيترو

    تعليق

    يعمل...
    X