الضحيــة
في يوم من الأيام طق في دماغي - لا مؤخذه - أدبح خروفين في العيد . كان أحدهم وفاءً لندر , و الآخر أضحية . لكني أحضرت جزاراً لئيماً جداً , أخذ كل شئ , و لم يترك لنا سوى كومة من العظام ..!!
بعد أن قام بعملية الذبح - بحمد الله - بدأ في تشغيل العبد لله عنده كصبي جزار:
- أمسك هنا.. أنفخ هنا.. أرفع معايا .. شد الحبل كويس..!!
و لم يسلم الأمر من شخطتين فيّ بصوته الجهوري حتى ارتعد شعر رأسي, ثم .. و بعد أن انتهيت و سقطْت على الأرض من التعب , و أصبح عرقي مرقي , و تخضبت ملابسي كلها بالدماء ؛ نظر لي بعين مغلقة و أخرى نصف مفتوحة و سألني:
- أنت دابح خروفين ليه..؟
فأخبرته بما انتويت . فابتسم لي ابتسامة صفراء , و فرك يديه قائلاً:
- لا يابيه الندر مالكش فيه ..!! لازم كله يطلع لله..
أجبته صاغراً:
- و نعم بالله..خلاص كلامك ماشي..!!
نظر للذبيحتين بعينين فاحصتين . ثم قال:
- وكمان الأحسن.. إنك تخلي الدبيحه السمينه دي.. هي الندر .. عشان ثوابه يبقى أكبر..!!
قلت له باستسلام :
- و ماله .. ماهو كله عند الله..!!
ثم نظر بإزدراء إلى الفراء , و قال لي:
- طبعاً سيادتك .. ملكّش في الفرو .. و الراس .. و السَقَطْ بتاع الخرفان..!!
سألته متعجباً:
- يعني إيه السَقَطْ..؟!
أجابني أجابه العالم ببواطن الأمور:
- السقط يابيه .. هو كل إللي يقع من الخروف.. بعد اللحمه..!!
نظرت إليه ثانية في بلاهة , فأوضح بنفاذ صبر:
- يعني الكرشة ..و الفشّه.. و القلب ..و الكلاوي ..و المصران..!!
فأجبته متأففاً:
- لأ ..خد كل الكلام ده..!! أنا مش عاوز إلا اللحمة ..و الكبده بس..
فنظر لي في جشع..قائلاً:
- توكلنا على الله نقسم اللحمه .. و نكيّسها في أكياس..
و بدأ في تقطيع الخروف السمين أولاً , و أنا اتحسّر على اللحم الوفير المشفي الذي خرج منه؛ لكنني أؤنب نفسي قائلاً:
- ماعند الله باق..!!
ثم بدأ في تقطيع خروفنا المسلول ؛ هنالك استدار لي قائلاً:
- إحنا هنقسمه تلت أتلات ..تلت ليك .. و تلت تهاديه لحبايبك .. و تلت لله..!!
قلت له :
- عليك نور .. اتكل على الله.. هاتلي بقى التلت بتاعي.. عشان هنعمل منه الكبده على الفطار.. و الباقي نعمل عزومه على الغدا..!!
فأستوقفني قائلاً:
- خلي بالك .. أنت لو خدت من الكبده .. يبقى لازم تاخد من الليّه.. عشان يبقي عدل..
قلت له في أسى :
- ماشي كلامك .. المساواه في الظلم عدل..!!
سألني بحماس :
- أنت عاوز .. من أنهي حته.. في الخروف..؟!
فأجبته في حيرة:
- و الله .. أنا معنديش خبره في الموضوع ده.. نقيلي أنت على ذوقك..!!
حك رأسه بالساطور الذي في يده , و قال لي :
- إنت أحسن حاجه تأخد الريّش.. عشان تشويها على الفحم .. و تعملها كباب..!!
أجبته فرحاً:
- الله ينوّر عليك.. أهو دا الكلام..!!
فبدأ في تقطيع الريّش , و أعطاني ثلث الليّه قائلاً :
- دي هتعمل ريحه حلوه للحمه..
ثم أعطاني قطعه صغيره من الكبده , و قال لي فجأة:
- كده يبقى حقك ..بالكمال .. و التمام..
فنظرت إلي كومة العظام التي أعطانيها , و قلت في حسرة:
- الحمد لله على كل حال..!!
ثم شرع في تقطيع أنصبة الهدايا. فقلت له محرجاً:
- طبعاً طباخ السم لازم يدوقه..؟! أنت لازم تختارلك جزء من اللحمه.. من نصيب الهدايا ليك.. عشان خاطر ولادك .. وكل سنة و إنت طيب..!!
فشرع يقلب في اللحم من فوق لتحت بعين فاحصة ماحصة ثم وجدته يختار قطعه الفخد الخلفي كاملة , و ابتسم لي ابتسامة لزجة قائلاً:
- أبقى أقطعها في البيت.. على راحتي..!!
فلم أستطع أن أقول له شيئاً ..؟! بعدما تآكل ثلث الهدايا مرة واحدة ؛ حتي أنني اضطررت أن آخذ من عظامي لأوزعها على الأقارب..!!
و بعد أن انتهينا من التقسيم قرابة العصر سألني:
- إنت هتوزع الأكياس دي إزاي..؟!
فأجبته بسلامة نيه:
- كل ما الباب يخبط .. هأوزع كيلو لحمه..
فأجابني في سرعة:
- ودا كلام يابيه ..!! يبقي كده في ناس هتأخد أكتر من مره .. و ناس مش هتشوف ريحة اللحمه..؟! الناس اللي بيدورو على البيوت دول فى العيد ..حراميه .. و نصابين.. و بيخطفوا العيال الصغيرين.. أنا أعرف ناس غلابه كتير..حالتهم تصعب على الكافر..!!
فقلت منزعجاً :
- لا حول الله.. خلاص مادام تعرف ناس غلابه.. يبقم هما أولى..!!
فأخرج كشفاً من جيبه , به قرابة المائة أسم .ثم قال لي :
- عندك مثلاً أم الشحات بتجري على أيتام .. و عبده الأكتع بدراع واحد ..و مبيشتغلش ..و زينب العرجه عندها شلل.. و أم الشفلح.. بنتها محروقه.. و فلانه .. و علان..
و عدد لي الأسماء حتي انتهت كل الأكياس..!! و بعدما تقاضى حسابه بالكامل ؛ أخذ الفراء , و الرأسين , والسَقَطْ , و أكياس اللحم كلها معه . ثم طلب مني أجرة المواصلات ؛ لأنه سيقوم بتحميل كل هذه الأشياء , و توزيعها.. لوجه الله..!!
بعد أن قام بعملية الذبح - بحمد الله - بدأ في تشغيل العبد لله عنده كصبي جزار:
- أمسك هنا.. أنفخ هنا.. أرفع معايا .. شد الحبل كويس..!!
و لم يسلم الأمر من شخطتين فيّ بصوته الجهوري حتى ارتعد شعر رأسي, ثم .. و بعد أن انتهيت و سقطْت على الأرض من التعب , و أصبح عرقي مرقي , و تخضبت ملابسي كلها بالدماء ؛ نظر لي بعين مغلقة و أخرى نصف مفتوحة و سألني:
- أنت دابح خروفين ليه..؟
فأخبرته بما انتويت . فابتسم لي ابتسامة صفراء , و فرك يديه قائلاً:
- لا يابيه الندر مالكش فيه ..!! لازم كله يطلع لله..
أجبته صاغراً:
- و نعم بالله..خلاص كلامك ماشي..!!
نظر للذبيحتين بعينين فاحصتين . ثم قال:
- وكمان الأحسن.. إنك تخلي الدبيحه السمينه دي.. هي الندر .. عشان ثوابه يبقى أكبر..!!
قلت له باستسلام :
- و ماله .. ماهو كله عند الله..!!
ثم نظر بإزدراء إلى الفراء , و قال لي:
- طبعاً سيادتك .. ملكّش في الفرو .. و الراس .. و السَقَطْ بتاع الخرفان..!!
سألته متعجباً:
- يعني إيه السَقَطْ..؟!
أجابني أجابه العالم ببواطن الأمور:
- السقط يابيه .. هو كل إللي يقع من الخروف.. بعد اللحمه..!!
نظرت إليه ثانية في بلاهة , فأوضح بنفاذ صبر:
- يعني الكرشة ..و الفشّه.. و القلب ..و الكلاوي ..و المصران..!!
فأجبته متأففاً:
- لأ ..خد كل الكلام ده..!! أنا مش عاوز إلا اللحمة ..و الكبده بس..
فنظر لي في جشع..قائلاً:
- توكلنا على الله نقسم اللحمه .. و نكيّسها في أكياس..
و بدأ في تقطيع الخروف السمين أولاً , و أنا اتحسّر على اللحم الوفير المشفي الذي خرج منه؛ لكنني أؤنب نفسي قائلاً:
- ماعند الله باق..!!
ثم بدأ في تقطيع خروفنا المسلول ؛ هنالك استدار لي قائلاً:
- إحنا هنقسمه تلت أتلات ..تلت ليك .. و تلت تهاديه لحبايبك .. و تلت لله..!!
قلت له :
- عليك نور .. اتكل على الله.. هاتلي بقى التلت بتاعي.. عشان هنعمل منه الكبده على الفطار.. و الباقي نعمل عزومه على الغدا..!!
فأستوقفني قائلاً:
- خلي بالك .. أنت لو خدت من الكبده .. يبقى لازم تاخد من الليّه.. عشان يبقي عدل..
قلت له في أسى :
- ماشي كلامك .. المساواه في الظلم عدل..!!
سألني بحماس :
- أنت عاوز .. من أنهي حته.. في الخروف..؟!
فأجبته في حيرة:
- و الله .. أنا معنديش خبره في الموضوع ده.. نقيلي أنت على ذوقك..!!
حك رأسه بالساطور الذي في يده , و قال لي :
- إنت أحسن حاجه تأخد الريّش.. عشان تشويها على الفحم .. و تعملها كباب..!!
أجبته فرحاً:
- الله ينوّر عليك.. أهو دا الكلام..!!
فبدأ في تقطيع الريّش , و أعطاني ثلث الليّه قائلاً :
- دي هتعمل ريحه حلوه للحمه..
ثم أعطاني قطعه صغيره من الكبده , و قال لي فجأة:
- كده يبقى حقك ..بالكمال .. و التمام..
فنظرت إلي كومة العظام التي أعطانيها , و قلت في حسرة:
- الحمد لله على كل حال..!!
ثم شرع في تقطيع أنصبة الهدايا. فقلت له محرجاً:
- طبعاً طباخ السم لازم يدوقه..؟! أنت لازم تختارلك جزء من اللحمه.. من نصيب الهدايا ليك.. عشان خاطر ولادك .. وكل سنة و إنت طيب..!!
فشرع يقلب في اللحم من فوق لتحت بعين فاحصة ماحصة ثم وجدته يختار قطعه الفخد الخلفي كاملة , و ابتسم لي ابتسامة لزجة قائلاً:
- أبقى أقطعها في البيت.. على راحتي..!!
فلم أستطع أن أقول له شيئاً ..؟! بعدما تآكل ثلث الهدايا مرة واحدة ؛ حتي أنني اضطررت أن آخذ من عظامي لأوزعها على الأقارب..!!
و بعد أن انتهينا من التقسيم قرابة العصر سألني:
- إنت هتوزع الأكياس دي إزاي..؟!
فأجبته بسلامة نيه:
- كل ما الباب يخبط .. هأوزع كيلو لحمه..
فأجابني في سرعة:
- ودا كلام يابيه ..!! يبقي كده في ناس هتأخد أكتر من مره .. و ناس مش هتشوف ريحة اللحمه..؟! الناس اللي بيدورو على البيوت دول فى العيد ..حراميه .. و نصابين.. و بيخطفوا العيال الصغيرين.. أنا أعرف ناس غلابه كتير..حالتهم تصعب على الكافر..!!
فقلت منزعجاً :
- لا حول الله.. خلاص مادام تعرف ناس غلابه.. يبقم هما أولى..!!
فأخرج كشفاً من جيبه , به قرابة المائة أسم .ثم قال لي :
- عندك مثلاً أم الشحات بتجري على أيتام .. و عبده الأكتع بدراع واحد ..و مبيشتغلش ..و زينب العرجه عندها شلل.. و أم الشفلح.. بنتها محروقه.. و فلانه .. و علان..
و عدد لي الأسماء حتي انتهت كل الأكياس..!! و بعدما تقاضى حسابه بالكامل ؛ أخذ الفراء , و الرأسين , والسَقَطْ , و أكياس اللحم كلها معه . ثم طلب مني أجرة المواصلات ؛ لأنه سيقوم بتحميل كل هذه الأشياء , و توزيعها.. لوجه الله..!!
تعليق