نزوة أمير - قصة نزار ب. الزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزار ب. الزين
    أديب وكاتب
    • 14-10-2007
    • 641

    نزوة أمير - قصة نزار ب. الزين

    نزوة أمير
    قصة قصيرة : نزار ب. الزين *
    *****
    كانت تبكي بحرقة بينما كانت تخاطب ( أم نائل ) بصوتٍ متقطعٍ كسيرٍ حزين :
    - لم أفعل ما يسيئه ...
    لقد أحببته بكل جوارحي ....
    و لم يكتم عني حبه ....
    أيامي معه – حتى الأمس – كانت كلها عسل ...
    أمس بالذات : كان يناديني ( يا حلوتي )
    فكيف تريدنني أن أصدقك يا أم نائل ؟
    لعلك تمازحينني يا أم نائل ؟!
    *****
    بدأت القصة قبل شهر تقريبا ..
    دخلت أم نائل حياتهما فجأة ...
    كانتا قد ودعتا الأب و الزوج الراحل ..
    و استمترا تجتران أحزانهما إلى أن قرعت أم نائل الباب ، فحولت أحزانهما إلى أفراح..
    " سمع الأمير بجمال ابنتك " قالت للوالدة بهدوء المتمرس !
    و لكن المفاجأة صعقتهما .
    - "الأمير يطلب يد ابنتي ، أنا ؟!!! "
    سألتها مشدوهة ، ثم أضافت و هي في أقصى حالات الإنفعال :
    " و من نحن حتى يناسبنا الأمير ؟ "
    " أخشى أنك قرعت الباب الخطأ يا سيدة ! "
    و لكن أم نائل أكدت لهما ، أن الأمر حقيقة و ليس وهما و لا حلماً..
    و بدأت على الفور في بحث ترتيبات الزواج ، قبل أن تتلقى إجابتهما ...
    و تنجرُّ الأم في حديث الترتيبات و كأنها مُنَوَّمة !
    و يرقص قلب الفتاة فرحا !
    فلطالما فتنتها قصة ساندريلا ..
    و هاهي تصبح ساندريلا حقيقية ، بلا مؤامرات أو دسائس أو ساحرات !
    *****
    و في ضاحية بعيدة
    و في دارة* أحاط بها رجال الأمن ...
    يستقبلهن ضابط كبير ، و ينحني لهن احتراما ، عندما يتأكد من هويتهن ...
    كن ثلاثا ، العروس و أمها و السيدة أم نائل !
    يدخلن الدارة ..
    يبهرهما - العروس و أمها - زخارفها و أثاثها ...
    يستقبلهما طباخ و خادمتان شرقيو الملامح ...
    يدخل بعد دقائق مُلاّ ( رجل دين ) مهيب الطلعة ..
    يتبعه بعد دقائق أخرى ، رجلان يحملان طرفي عباءتيهما المطرزتين بخيوط الذهب ..
    يحييان الشيخ الوقور بحك الأنوف .
    *****
    تشعران بحركة غير عادية خارج الدارة..
    ثم حركة غير عادية داخلها ..
    ثم يقف الجميع إجلالاَ !
    إنه الأمير !!!!
    *****
    ينادي المُلا * والدة العروس :
    - أنت وكيلة العروس ؟
    و دون إنتظار إجابتها استمر يقول :
    - في بعض الظروف يمكن للوالدة أن تكون وكيلة ابنتها ، رددي معي ( يا حرمة ) .....
    ثم أخذت تردد ما يقوله المُلا كالببغاء ..
    و قام الآخران بالتوقيع كشاهدين و كأنهما رجلان آليّان ..
    " مبروك .. مبروك ..يا طويل العمر "
    ثم انصرف المُلا ...
    و انصرف الشاهدان ...
    ثم انصرفت أم نائل و هي تجرُّ أم العروس ، جرّاً .
    *****
    أضافت أم نائل بعد أن هدأ نحيب الفتاة ...
    " لا تحزني يا بنية ، فأميرنا لن يغبنك حقوقك ، إنه أمير عادل و من عشاق العدالة ااا المطلقة "..
    ثم أكملت و كأنها تسرد من كتاب حفظت فصوله جيدا :
    " قبل كل شيء عليك أن تلتزمي بالعدة "
    " إن تبين أثناءها أنك حامل ، فستكون لطفلك نفقة حتى آخر العمر ، كأي من أفراد العائلة الأميرية "
    " و إن لم يتبين ذلك ، فلك الحق بالبقاء في هذه الدارة مدة العدة كلها (!) "
    " ثم سيمنحك الأمير مبلغا من المال يكفيك للعيش الكريم مدى الحياة ."
    "و انتبهي جيدا للتالي : إذا أنجبت له ، لا يحق لك الزواج ثانية على الإطلاق ؛ أما إذا لم تنجبي فلك الحق بالزواج و لكن بعد سنتين .."
    و لكن الفتاة أجابتها و هي تشرق بدموعها :
    - " و لكنني لم أفعل ما يكدره "
    " لقد أحببته بكل جوارحي "
    " و لم يكتم عني حبه "
    " و حتى الأمس كان يناديني ( يا حلوتي ) "
    " لم أفكر قط بالمال "
    " لم افكر إلا بحبه و كيف أرضيه !!! "
    " فكيف أهون عليه ؟ .. "
    - يا بنية ، أنتِ لم تستوعبي الأمر بعد !
    أجابتها أم نائل بلطف متناهٍ ؛ ثم أكملت و هي تربت على كتفها مهدئة :
    - " تلك هي مستلزمات الإمارة يا بنية "
    " المسؤوليات الهائلة الملقاة على كاهل الأمير تجعله بحاجة دائمة للترفيه "
    " فكل أسبوع له زواج جديد "
    " و كل يوم يتلقى من وجهاء البلد و شيوخ العشائر – الذين يدركون جيدا إحتياجاته – يتلقى منهم عرائض يرجونه فيها أن يشرفهم بقبول بناتهم زوجات
    له ! "
    " إنها طبيعة الأمراء في كل زمان و مكان "
    " ألم تسمعي بحريم و جواري هارون الرشيد و غيره من الخلفاء ؟ "
    " ألم تقرئي روايات ألف ليلة و ليلة قط ؟ "
    " أجساد الأمراء - يا بنيّة - بحاجة لحب متجدد تقدمه العذارى"
    ----------------------
    * المُلاّ : رجل دين
    *الدارة : الفيلا
    -----------------------------------
    سوري مغترب
    عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    الموقع : www.FreeArabi.com
  • حورالعربي
    أديب وكاتب
    • 22-08-2011
    • 536

    #2
    أهلا بالأستاذ الكريم نزارب. الزين
    هذه هي حال الأمراء العرب على مر الزمن كل يوم زوجة جديدة وبدلة جديدة في ظل حياة سعيدة
    بعيدا عن فوضى الرعية، همهم الوحيد إرضاء نفوسهم ومن بعدهم يأتي الطوفان.

    شكرا على هذا السرد الجميل على طريقة الحكايا القديمة والقصص الأسطورية.
    تحيتي وتقديري

    تعليق

    • ريما ريماوي
      عضو الملتقى
      • 07-05-2011
      • 8501

      #3
      نعم وهذا حال امرائنا للاسف
      شكرا لك استاذ نزار على القصة
      القوية في صياغتها ومعناها...

      مودتي وتقديري.

      تحيااتي.


      أنين ناي
      يبث الحنين لأصله
      غصن مورّق صغير.

      تعليق

      • نزار ب. الزين
        أديب وكاتب
        • 14-10-2007
        • 641

        #4
        نزوة أمير

        المشاركة الأصلية بواسطة حورالعربي مشاهدة المشاركة
        أهلا بالأستاذ الكريم نزارب. الزين
        هذه هي حال الأمراء العرب على مر الزمن كل يوم زوجة جديدة وبدلة جديدة في ظل حياة سعيدة
        بعيدا عن فوضى الرعية، همهم الوحيد إرضاء نفوسهم ومن بعدهم يأتي الطوفان.

        شكرا على هذا السرد الجميل على طريقة الحكايا القديمة والقصص الأسطورية.
        تحيتي وتقديري
        ================
        أخي الأكرم حور
        صدقت ، ذلك هو استغلال المال العام
        و النفوذ غير المحدود و السلطة المطلقة
        ***
        شكرا لاهتمامك و مشاركتك القيِّمة
        أما ثناؤك فهو وسام زين نصي و صدري
        مع ود بلا حد
        نزار

        تعليق

        يعمل...
        X