على ضفاف الذكريات وبرنامج مواجهات مع الاستاذ / نايف ذوابه في 10
تقليص
X
-
التواصل على الشبكة العنكبوتية .. ورقابة الضمير
غير مرة أكدت أن الشبكة العنكبوتية والفضاء الإلكتروني قد جعل العالم ليس قرية صغيرة وحسب وإنما قرية صغيرة بلا سقف وأحيانا بلا جدران؛ بمعنى أن الشبكة قد جعلت العلاقات الإنسانية عارية مكشوفة .. بقدر ما هي يسيرة وسهلة وممتعة.
فعلا إن الشبكة قد أحدثت تطورًا هائلا ليس في وسائل الاتصال وحسب، وإنما في العلاقات الاجتماعية على الشبكة؛ فالشبكة مفتوحة على مصراعيها لنسج علاقات بمختلف الأطياف والنكهات والأنواع مع الآخر حيثما كان في أقاصي الأرض أو حتى في العمارة الواحدة .. فقد غدا التواصل أسرع وأسهل وأيسر، ولكنه في آن أخطر ومحفوف بالمخاطر، وكأننا نمشي وسط حقل من الألغام .. مما يستدعي التسلح بالفطنة وحسن الظن وفي آن بالحذر وسوء الظن أحيانا فإن سوء الظن من حسن الفطن ..
عالم الشبكة الإلكترونية عالم افتراضي .. فعلا إنه عالم افتراضي .. فقد يكون محدثك أيها الرجل يتقمص شخصية رجل ويتحدث بلهجة رجل ثم تكتشف أنه أنثى، وقد يكون محدثكِ يتحدث بلهجة أنثى تسألك عن رأيك في قضايا إنسانية وعاطفية ثم تكتشفين أنه رجل .. وقد يتحدث رجل مع امرأة حديثا رومانسيا عاطفيا وتبادله على الخط الآخر امرأة حالمة تبحث عن الإرواء العاطفي وقد ينتقل الحديث إلى مواعدة ثم يكتشف الرجل أن المرأة هي زوجته وتكتشف المرأة أن من كان يبوح لها بوحا رقيقا عاطفيا لم تجده في أخص خصوصيات حياتهما الزوجية هو زوجها .. ضاق بهما الواقع واتسع الفضاء الألكتروني .. فيا له من فضاء خادع أحيانا .. وياله من فضاء عجيب أدخلنا نفقًا أكثر عجبا وغرابة وغموضا؛ مما يستدعي من الطرفين أن يراجع نفسه وأن يحاسبها في الهدف من التواصل وجدواه وحدوده، وهل هو هادف نافع أم أنه مجرد عبث مفسد للعواطف مدمر للعلاقات الإنسانية والعواطف النبيلة ومؤذن بخراب بيوت قد تكون قبله عامرة بالأنس والحب ..
لستُ ممن يدعو إلى قطع التواصل الإلكتروني بين الجنسين ولست ممن يدعو إلى عدم دخول المرأة فيه؛ لأن التواصل الإلكتروني صار أمرا واقعا وأصبح سمت حياتنا وجزءا لا يتجزأ من شخصية الإنسان بصفته إنسانا على وجه الأرض .. فاليوم أصبح هناك الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني، وطبعا وليس تجنيا أصبح هناك العلاقات الإنسانية الإلكترونية إيجابية كانت أم سلبية .. وقد نكون فعلا قد دخلنا في العلاقات العاطفية الإلكترونية التي تتصف بالغموض والعبث بالزمن والعواطف، والمراءاة أيضا في بعض الأحيان .. وطبعا لست أقصد الغض من إمكانية استخدامها لعلاقات إنسانية وقد تكون عاطفية صادقة تنتهي بالزواج وقد حصل مما حولي من أناس أعرفهم بزواجات ناجحة .. لكنه يبقى عالمًا افتراضيًّا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ويستدعي الحذر والتعرف على الآخر بشكل سليم وصادق فقد تنجم عن التواصل الإلكتروني علاقات اجتماعية وإنسانية فريدة وطيبة، فضلاً عن الفوائد التي قد يجنيها الطرفان من تواصل فكري أو إبداعي جاد، وبالتأكيد أيضًا تواصل إداري فعّال يجعل العملية الإدراية أكثر نجاحًا ودقة وسرعة ..
هل المرأة قادرة على الدخول في عالم الانترنت وبناء شخصية لها من خلال الشبكة دون أن يؤثر ذلك على كيانها العاطفي ودون أن يمس شخصيتها بسوء ..؟ بالتأكيد تستطيع، وهي مؤهلة لذلك ما دامت متسلحة بالوعي وبعد النظر وعدم غياب الهدف من التواجد، وليس فقط إثباتا للذات والكينونة .. أنا موجود.. وإنما بناء كيان إبداعي وفكري وثقافي .. ومن خلال خبرتي في التعامل مع الشبكة فإنني تعاملت مع سيدات فاضلات يستحققن أن يكن قدوة وأن يُنوّه بوعيهن في استخدام الشبكة لتعميق الرؤية حول قضايا الفكر والإبداع وبعض القضايا الإنسانية التي يثمر البحث فيها عن فوائد جمة تتحصل من هذا التواصل السهل الميسور المسؤول الواعي ..
ليس هناك ما يمنع أي جنس من التواصل الإلكتروني؛ لأن اعتزال الشبكة معناه أن يعيش من يقبل ذلك غربة فكرية وثقافية واجتماعية وإنسانية .. فالشبكة أصبحت سياجًا لحياتنا لا نستطيع أن نقوم بمختلف مهام حياتنا على أي صعيد بدونها .. إن اعتزالها تغريد خارج السرب وعيش خارج العصر ومحاولة للهروب من الواقع ..
إنه الجيل الرقمي والعصر الرقمي الذي اختصر زماننا وجعل حياتنا تعيش على إيقاع السرعة والعلاقات السريعة، في مختلف جوانب حياتنا، ومن العبث تجاهل ذلك؛ لأن تجاهل ذلك معناه غربة في الزمان والمكان .. ونكوص على الأعقاب عن قافلة التقدم والنهوض؛ فقد غدا العالم الرقمي والشبكة الإلكترونية من أهم مقومات النهوض والتقدم ومن العبث بل من الحمق تجاهل ذلك ..
أما الرقابة على الشبكة فإنها في مجملها رقابة ضمير(التقوى) ولذلك فإن الأمر محتاج إلى محاسبة النفس مما قد يعتري العلاقات على الشبكة من ريبة تضيق بها النفس أولا ثم لا تلبث أن تتقبلها إن لم تجد رادعًا ووازعًا قويًّا يردعها .. استفتِ قلبَك ولو أفتاك الناس .. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهْتَ أن يطّلع عليه الناس ..
من الطبيعي أن نتعرض لمواقف قد تحدث مودة بين الجنسين نتيجة التواصل؛ فهذه طبيعة التواصل الإنساني أن تشيع أجواء الألفة والمودة بين البشر، ولكن علينا أن نرشد ما يستدعي الترشيد من التواصل حتى لا يقع في منطقة الشبهة والريبة والخطاب للطرفين وليس لأحدهما .. وقد تكون المرأة بطبيعتها العاطفية أدعى للحذر؛ لأن إنسانيتها ورقتها ولطفها قد تجعلها تستوعب مواقف كثيرة من الرجال تستدعي الريبة حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض، وقد يكون التمادي في مراعاة مشاعر الرجال طريقًا للوصول إلى منطقة أو علاقة أكثر ريبة.. والخطاب أيضا للجنسين ..
فلا تخطعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ..
صدق الله العظيم ..
احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تقلْ خلوتُ ولكنْ قلْ عليّ رقيبُ
نايف ذوابه
اترك تعليق:
-
-
هل يستطيع صاحب القلم الحر على الانترنت أن يصمد أمام أصحاب الأقلام المسمومة ؟
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تدخل لهذا العالم الافتراضي ؟
اترك تعليق:
-
-
مكتشف الانترنت هو تيم بيرنرز الانجليزى المولود فى لندن عام 1955 والمتخرج من جامعة اكسفورد وقد اخترع شبكة المعلومات الدولية في اثناء عمله في معمل سيرن للفيزياء بجنيف في سويسرا وتم طرح الشبكة الدولية للجمهور في عام 1991. وقام بيرنرز لي باختراع النظم الخاصة بالتعامل مع شبكة الانترنت مثل المزود ومعرف المواقع ونظام نقل النصوص الى جانب لغة كتابة صفحات الانترنت كما انه يرجع الى بيرنرز الفضل في اختراع المتصفح وهو ما جعل من الشبكة الدولية ساحة لتبادل المعلومات عبر لغة مشتركة يعرفها الجميع.
__________________
اترك تعليق:
-
-
لقد شبهوا الانترنت بالنار في أثرها على المجتمع الإنساني حين اكتشفها الإنسان . .. وكم تركت النار من آثار على الحياة الإنسانية جعلت حياته أسهل وأجمل وأسعد بما اخترعه بوساطتها .. سكين ومنشار وباب حديدي و صندوق يحفظ به أشياءه .. النار التي يستدفئ بها ويصطلي بنارها أيضا .. نار ونور .. والانترنت نور يضيء علاقاتنا الإنسانية ويفتحها على آقاق أرحب ويعرفنا على أناس نسعد بصحبتهم .. ونتعرف على أفكارهم وثقافاتهم وحيواتهم .. ولكنها أيضا إذا لم نحسن استخدامها نار تحرق حياتنا وتحولها إلى شقاء وجحيم بما استحالت إليه من وحشة وفقر في العلاقات الأسرية .. كل على جهازه تتسمر عيناه في الشاشة فيما هو مفيد أو غير مفيد .. صحي وكريه .. .. إن لم نحطها بقوامة صحيحة وإدراة نافعة راشدة ..
لقد حرمت الشكبة العنكبوتية مرتاديها من الأجواء الأسرية التي تتحلق حول مائدة الطعام أو الحوار في شؤون العائلة.. هناك حالات يهتز لها الوجدان .. أحيانا لا يجتمع على المائدة أهل البيت وقد يجتمع بعضهم .. والبقية يتناول كل طعامه وحده في وقت يختاره حين ينتهي من نشاطه الافتراضي .. المحمود أو المذموم أحيانا .. ولا يخجل الأب أن يجيبك حين تسأله عن أحد أبنائه فيقول: هو أنا أراه أو أعرف ماذا يفعل ..؟ إنه مشغول على الشبكة .. أصبحت علاقة الابن بالأب افتراضية وهشة وحصدا الفقر العاطفي وعدم شعور كل منهما بالآخر .. فقر على فقر ووحشة على وحشة .. الجنى مر والحصاد حنظل ..
إن الشبكة العنكبوتية عالم افتراضي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .. علاقات افتراضية في عالم مفتوح لا حدود له نتعرض فيه أحيانا للخداع .. إن الشبكة العنكبوتية بحر له أهوال ومن يركب البحر عليه أن يحذر غدره فالشبكة غدارة بمن فيها وما فيها كالبحر الغدار ..
معكم وبانتظاركم ..
اترك تعليق:
-
-
الليلة .. إذن موعدنا مع برنامج مواجهات والأستاذة نجلاء نصير
على ضفاف الذكريات ...
مع أسئلة الأستاذة نجلاء .. العالم الافتراضي وأثره على العلاقات الإنسانية والاجتماعية والأسرية
اترك تعليق:
-
-
أستاذي القدير / نايف ذوابه
سنكون على موعد اليوم إن شاء الله تعالى في تمام العاشرة
لنكمل هذه الرحلة الرائعة
من برنامج مواجهات لنبحر في يم على ضفاف الذاكرة
لنتعلم من خبراتكم السابقة
وإليك الأسئلة
متى بدأت تدخل لعالم الانترنت؟
هل أخذ منك هذا العالم الكثير من وقتك ؟
ما أثر هذا العالم الافتراضي على العلاقات الأسرية ؟
هل بات الانترنت يضعف أواصر العلاقات الأسرية في البيت الواحد؟
هل خدم الانترنت من وجهة نظرك أصحاب الأقلام الحرة ؟
وهكذا تتوالى الأسئلة
كونوا معنا
اترك تعليق:
-
-
على أديمك أيها البحر
الزمن الجميل ..
أيامي في الكلية العلمية الإسلامية
لا أعدو الحقيقة إذا وصفت أيامي في الكلية العلمية الإسلامية بأنها الزمن الجميل في حياتي بل الأجمل .. الكلية لا تقبل أي معلم عابر سبيل .. فكل معلم فيها مميز وعلى أهلية عالية ..
تلك الأيام التي امتزجت فيها القدرة بالرغبة والكفاءة، والرسالة كانت سياجا أمينا وعين الرقيب على الأداء.. كانت حاضرة في كل حصة وهكذا يكون المعلم قدوة بحق وحقيقة، ويكون للتعليم مذاق وطعم ونكهة، وهكذا يدرك الطلاب أنهم أمام معلم مميز لم تنفصل رسالته عن معرفته ولم يغب ضميره وهو يؤدي رسالته عن أهداف حصته.. فالتعليم حين تمتزج أهدافه المعرفية والتحصيلية بمختلف درجاتها وأنواعها بالضمير(مخافة الله وتقواه) يكون أداء المعلم لافتا ومدهشا .. والطلاب يدركون ذلك ويميزونه وخاصة الأذكياء منهم.. ولقد فاجأني يوما ما أحد طلابي النجباء وهو الطالب عصام عيتاني قائلا: أنت أستاذ مختلف .. أنت ناجح والأستاذ خميس عايش مدرس اللغة العربية في القسم الثانوي أيضا معلم ناجح ولكنني أشعر أنك مختلف عنه أيضا .. وطبعا أنا أعرف نفسي وأدرك مغزى كلام الطالب تمام الإدراك .. ففي الوقت الذي كان زميلي الأستاذ خميس عايش يضع صورة جلالة الملك و صورة ولي عهده تحت اللوح الزجاجي الذي يعتلي طاولته .. وكأنه يتوسل بصورتي الملك وولي عهده في سياسة الطلاب المتنفذين، أبناء علية القوم من ضباط المؤسسة الأمنية والوزراء ووكلاء الوزارات وكبار ضباط الجيش وكبار موظفي الدولة .. بمعنى أنه يريد أن يقول لهم: ما في حدا أحسن من حدا .. أنا ملكي أكثر منكم .. !! كان العبد الفقير معروفًا بجلده على مقاومة نفوذ هؤلاء الطلاب المتنفذين ومعاملتهم كباقي الطلاب دون تمييز، فضلا عن لهجته حين يتحدث في القضايا العامة أو عند ربط أهداف المنهج بمصادرالثقافة الإسلامية .. لذلك كانت علاقتي حادة مع هؤلاء الطلاب، وكان من هؤلاء أبناء مدراء مخابرات و موظفين كبار في الدولة وفي المؤسسة الأمنية ..
ولا أنسى تلك المشادة التي حصلت بيني وبين طالب كان أبوه على رأس المؤسسة الأمنية. الباشا ..وكان معروفا بقسوته، ثم أصبح مستشارًا أمنيًا لجلالة الملك .. كان سؤالًا في مادة النصوص الأدبية أو تاريخ الأدب والمطلوب استخراج الفكرة والوقوف على أسلوب الكاتب .. وقد قيمت إجابة الطالب بعلامتين ونصف من ثلاث علامات .. فجاء يراجعني بخصوص العلامة لماذا لم أضع له علامة كاملة..
وأخبرني بأنه أطلع أباه على الإجابة فقال له: إنه يستحق علامة كاملة .. فقلت له: هذا "رأي أبوك لكن رأيي أنك لا تستحق" .. وطبعا لم يعجبه ردّي .. ومن الذي يجرؤ في مدارس الكلية العلمية الإسلامية على معاملة ابن الباشا بهذه الحدية والصراحة؟
حملها في نفسه، وكان يحاول التشويش عليّ داخل غرفة الفصل مباشرة وأحيانا بصورة غير مباشرة .. فقد ضبطته مرة يسرق دفتر العلامات من على الطاولة .. كنتُ يقظًا وأتوقع منه مثل هذه الحركات .. وفي إحدى المرات وقد عمت القسم الثانوي في النصف الأخير من العام الدراسي بعض الفوضى نتيجة تغيير في إدارة القسم، صدر في الفصل صوت دويّ انفجار .. فتاش من فتاشات الألعاب النارية.. ولم أكن أتهاون في مسألة كهذه مع أن بعض المعلمين كانت تصدر الفتاشات من غرف صفهم، ويستهبلون على زملائهم وعلى الإدارة فيطل الواحد منهم من غرفة فصله ويسأل: وين هذا الانفجار..؟! مع أن الانفجار يكون في فصله ..!! وقد أصررت على التحقيق، ولم أسمح بمرور الحادثة دون معرفة الفاعل .. وتولت الإدارة التحقيق مع متابعة مني .. وكانت النتيجة أن الذي أشعل فتيل الانفجار كان ابن موظف بسيط في الشؤون الذاتية، وهو من أعقل الطلاب وآدبهم وأكثرهم ااجتهادا .. وكان الأمر فعلاً مريبًا ولا يتقبله عقل .. ولمّا جرى تحرٍّ وتحقيق مع الطالب تبين أن من دفعه إلى ذلك هو ابن الباشا.. وهنا توقف التحقيق..!!
يقولون: إن عنترة قد بنى مجده وفروسيته على جثث الضعفاء غير المنجبين في فروسيتهم .. فكان إذا بدأت المعركة مال إلى فارس من عوام الفرسان فضربه ضربة تفلق رأسه أو جسده فيدبّ الرعب في قلوب أشجع الفرسان .. لم تكن هذه الفلسفة تروقني ولم تكن مروءتي لتقبلها .. لذلك كثر اصطدامي مع أبناء الذوات ممثلي السلطة.. فطالت معاناتي معهم وحربي الضروس مع هذه الرؤوس ..!!
وقد استدعاني يومًا الأستاذ المرحوم أنور الحناوي مدير الإدارة المدرسية إلى مكتبه بوساطة مدير القسم الثانوي المباشر الأستاذ سمير الحلاق.. قال لي الأستاذ سمير الحلاق: أستاذ نايف، الأستاذ أنور عايزك ..!! عنده الباشا يريد أن يسألك عن ابنه..!! فقلت حسنًا.. حانت الفرصة .. الباشا موجود وأنا جاهز ..
ذهبت إلى مكتب الأستاذ أنور الحناوي في مبنى الرئاسة في مدارس الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان .. والجدير بالذكر أن مكتب الأستاذ أنور -رحمه الله- مكتب متواضع .. فهو يقع في ركن الطابق الأرضي السفلي حين تدخل المبنى في غرفة صغيرة، ليس فيها سوى طاولة وبضعة كراسٍ متواضعه جدا .. لا كنب و لا خزائن وبلا أثاث فخم.. كان أنور رحمه الله شخصية مهيبة، ولم يكن بحاجة إلى بهرج أو زخارف لتضفي على مكانته وشخصيته مهابة ..
دخلت الغرفة وسلمت.. فقال الأستاذ أنور رحمه الله: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. أهلا أستاذ نايف .. يا أستاذ، الباشا يريد أن يسألك عن ابنه.. كيف ابنه عندك؟ فقلت له: طالب ذكيّ ومميّز وهو فعلا كذلك .. ومستواه ممتاز .. لكن يا أستاذ أنور أريد أن أحدثك عن حادثة حصلت بيني وبينه أواخر العام الماضي .. فقال أنور رحمه الله: احكي احكي يا أستاذ .. وبدت عليه علامات الانفعال.. فقلت له: يا أستاذ الصحيح أنني أواخر العام الماضي بينما كنت أشرح في حصة تاريخ الأدب عن سقوط القدس واحتلالها من يهود .. وكنت أربط بين سقوط القدس وسقوط الأندلس .. وردّدت بيت أبي البقاء الرّندي:
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إيمان وإسلام
فانبرى الطالب يقول: مخابرات مخابرات ..!! فاقتربت منه وقلت له: مالهاالمخابرات؟ فقال: لا ولا إشي ..!! واستمررت في حصتي ..
فقال الأستاذ أنور رحمه الله: يا أستاذ هو قال هيك ..!! يا أستاذ ليش ماخبّرتني..!! .. يا أستاذ إن كان فصلتو .. يا أستاذ إن كان نقلتو .. وكان أنور يتحدث بحرارة الرجال .. ولقد كانت ردة فعل الباشا غريبة وضعيفة، إلى درجة أنه أخذ يدافع عن ابنه: ابني لا علاقة له بالمخابرات .. ابني مش مخابرات ..!! في حالة من الانفعال والعصبية ..
هذا موقف لن أنساه لأنور الحناوي -رحمه الله- رحمة واسعة؛ فقد كان رجلا ملء السمع والبصر.. لقد شعرت أنه هو الباشا .. لقد كان رجلاً عظيمًا مهيبًا، وكنًا نشعر معه بنفس الشعور .. وهكذا الرجل العظيم يُشعِر كلَّ من حوله بأنهم عظام .. لذلك كنّا نشعر بأننا قادة حقيقيون في المجتمع التربوي والمجتمع بشكل عام، ولم يكن يستطيع أي رأس في البلد أن ينال من كرامتنا تحت قيادة أنور رحمه الله .. وإن أذكر فإنني أذكر أنني علّمت طالبًا من آل أبو قورة وهم أصحاب مدارس الكلية العلمية الإسلامية.. فهي جمعية ثقافة إسلامية تشرف على المدارس ويرأسها المهندس عبد الغني أبو قورة .. وقد جاء ولي أمر هذا الطالب وعنّفني ببعض كلمات؛ لأنني لامست بالعصا عضد يد ابنه مسًا رفيقًا .. وجاء مهدّدًا متوعدًا مدّعيًا أن في المكان شريانًا سبق أن انفجر أو انقطع .. وفعلا أنا لم أوذ الطالب ولم أضربه بل مرّرت العصا برفق على عضد يده... وقلت له: انصرف.. وكان ذلك في يوم مناوبتي الأسبوعية .. وقد أخبرت الأستاذ أنور رحمه الله بذلك .. فقال طيب يا أستاذ .. خلاص .. عُلم .. ولم يمض أسبوع على الحادثة حتى تمّ نقل الطالب من المدرسة كلها مع أنه من آل أبو قورة أصحاب المدارس ..!!
ظلت العلاقة مع الطالب ابن الباشا علاقة متوترة؛ ولقد كان يحرض الطلاب الضعفاء والمشاغبين على التشويش في الحصة، وكنت له بالمرصاد وفي كامل اليقظة، ولم أهادنه أو أتسامح معه، وكانت أيامًا صعبة وحالة طوارئ قصوى؛ لأنني أصبحت في حالة مواجهة معه، ويبدو أنه بصفته ابن مدير المؤسسة الأمنية(سابقًا) والمستشار الأمني لجلالة الملك.. كان هناك من يحرضه من الجهات الأمنية لتطفيشي من الكلية؛ لأنهم لايستطيعون أن يملوا على الكلية إنهاء عقدي وفصلي مباشرة، لذلك كان هذا هو الأسلوب .. ولما احتدمت المواجهة أصبحت أمام أحد ثلاثة خيارات: إما التسبب بإيذائه والنيل منه منالاً قد يكون خطيرًا، وتحمّل تبعات ذلك أمام المؤسسة الأمنية ونفوذ أبيه فيها، وإما القبول بالدنيّة واسترضائه وخطب ودّه، أو الرحيل والاستقالة .. وهكذا كان فاستقلت ..
وحاول معي أنور -رحمه الله- أن يثنيني عن الاستقالة، وعرض علي خيارات أخرى غير تعليم صفوف الثالث الثانوي التي فيها الطالب ابن الباشا .. لكني رفضت وأبيت .. وأمام إصراري قبل أنور -رحمه الله- استقالتي وكانت ذلك في 15/3/1989 ولم يتبق للعام الدراسي سوى شهرين، وكان حسب نظام الكلية أنه في نهاية السنة الثامنة يُضاف ضعفي التوفير إلى توفير المعلم .. فتنازلت عن كل ذلك ورحلت عن الكلية .. وقد قابلني أحد المعلمين في ساحة المدرسة، وقد تسرّب خبر استقالتي للمعلمين ..
فقال: يا أستاذ، صحيح استقلت .. ؟!
فقلت له: نعم، استقلت!!
فقال: يا أستاذ نايف، في حدا بيستقيل من الكلية..؟!
فقلت له: أنا ..!!
و قد زوى حاجبيه من الدهشة ..
</i>
اترك تعليق:
-
-
العمل في الكلية العلمية الإسلامية محطة هامة في سجل حياتي تمنيت لو عدت إليها مرة ثالثة لكن يبدو أن هناك من كان لي بالمرصاد وحال دون عودتي إلى أعز مكان أمضيت فيه أجمل سني عمري وأبلغها .
كان لي أخ صديق متعثر في الحياة رحمه الله رحمة واسعة هو الأستاذ عادل الشروف .. وقد تزوج امرأة صالحة وداعية هي السيدة نجاح السباتين ولها كتابات على الشبكة وقد عوضه الله بها خيرا .. كان عتبه على الأيام كبيرا .. فكان يقول: حظي في كل شي أسود إلا في البطيخ أبيض..!!
أنور الحناوي رجل التربية والإداري الأشهر من نار على علم
على الرغم من جديته وما يبدو عليه من جهامة لكنها جهامة يتخللها دفء وحنو وثقة وخاصة مع من يثق بهم وبكفاءتهم وإخلاصهم ..
إن القيادي العظيم هو من يشعر كل من حوله بأنهم عظماء .. وهكذا كان أنور الحناوي.
أنا المعلم الوحيد الذي عاد إلى مدارس الكلية بعد أن استقال من تلقاء نفسه.. وقد عدت بطلب مباشر من إدارتها وهذه حالة فريدة في تاريخ الكلية..جعلت معلمي ومعلمات الكلية يفغرون أفواههم من الدهشة غير مصدقين، حينما رأوني في الكلية بعد غياب ثلاث سنوات عملت فيها في مدارس العروبة.
السنة الأخيرة التي عملت فيها في الكلية كان نصابي من الحصص في المرحلة الثانوية 28 حصة وهو أكبر نصاب لمعلم فيها وعلى الرغم من ذلك كنت سعيدا ومرتاحا لأن التقدير الذي كنت أتلقاه في الكلية كان يشعرني بأنني ركن من أركانها و ليس مجرد معلم عابر سبيل ..
في أحد الأيام دخلت الفنانة سلوى زوجة جميل العاص القسم الإعدادي لتسأل عن ابنها طارق، وهو أحد تلاميذي الذي علمتهم في المرحلة الثانوية، ولما رأت استقبال الأستاذ موسى شقبوعة الفاتر لها وهي الفنانة التي تلاقى بالحفاوة والتكريم في المكان الذي تدخله قالت للأستاذ موسى شقبوعة: كأنك لا تعرفني..؟! فقال لها أبو محمد رحمه الله: لا عارفك.. سلوى ما غيرها.. !! فبجمت وأدركت أنها في مكان جاد محترم لا يحتفي بالفن وإنما يهتم بصناعة القادة..!!
ألح عليّ مدرس التربية الموسيقية لماذا لم تزر الأستاذ أنور الحناوي في المستشفى وقد مكث مدة طويلة؟ (ويبدو أنهم استعرضوا معلمي وموظفي الكلية في جبل عمان وكلهم زار الأستاذ أنور إلا الأستاذ نايف ذوابه) .. فقلت له: إن أنور الحناوي لم يزرني حينما دخلت المستشفى قبل نحو عام ولم يتصل بي مهنئا بسلامتي .. فكيف أزوره ..؟! حتى لو كان مدير الأدارة المدرسية ... شو يعني ..لا لن أزوره ..!! وبعد خروجه من المستشفى وتماثله للشفاء ذهبت إلى مبنى الرئاسة للمراجعة بخصوص شأن من الشؤون المالية أو الإدارية، و حيث غرفة أنور في أحد زوايا الدور الأول من مبنى الرئاسة .. وكانت المفاجأة أن أنور كان أمام غرفته مع الأستاذة مريم العطار مديرة مدرسة البنات.. وكانت مواجهة مثيرة ساخنة.. سلمت وصافحت الأستاذ أنور مبتسما وهنأته بالسلامة، لكنه بادل ابتسامتي بابتسامة عريضة تحولت إلى ضحكة من أعماق قلبه ..وكان دافئا حانيا وأظن أنه أصبح بعدها أكثر دفئا واحتراما لي على الرغم من الفارق العمري بيني وبينه..!!
اترك تعليق:
-
-
في أحد أيام آذار الدافئة المشمسة عام 1981 كان للصدفة والصدفة وحدها موعد أخذني بتلابيب جسمي وألقى بي في مكتب الأستاذ المرحوم موسى شقبوعة مدير القسم الإعدادي في مدارس الكلية العلمية الإسلامية بعد أن أخبرني الأخ الأستاذ يوسف الشلبي المعلم في القسم الثانوي في الكلية بأن هناك شاغرا لمعلم لغة عربية تعاقد مع قطر فتعال وقابل فلربما تأخذ مكانه.
ولأني لم أكن قد هيأت نفسي لمثل هذه الوظيفة ولا حتى الاستقرار في الأردن فإن الخبر قد جعلني قلقا ومترددا: هل أسافر إلى عنبتا حيث ينتظرني الأهل بعد أن انقطعت عنهم أربع سنين متواليات بسبب ظروف قاهرة أم أغتنم الفرصة التي لاحت لي ولا سيما في الكلية العلمية الإسلامية ..
استقبلني المرحوم الأستاذ موسى شقبوعة بهدوئه وشيء من المرارة التي تسكن نفسه تلك التي لا يستشعرها إلا القريبون منه العارفون بسرائر دخيلته .. وأحالني إلى المرحوم الأستاذ المدير الإداري زهير كحالة رحمه الله..... الذي لم أمكث عنده طويلا حتى حولني إلى المدير الفني مدير الإدارة المدرسية في مدراس الكلية العلمية الإسلامية الأستاذ أنور الحناوي(رحمه الله) .. والحقيقة أن الكلية هي جمعية ثقافة إسلامية يشرف عليها مجلس الجمعية وهم من أعيان الأردن ووجهاؤه وخاصة من الشوام القدماء في الأردن ويرأس الجمعية المهندس عبد الغني أبو قورة، والكلية كما قال لي الأستاذ فهمي ربيحات المدير الإدراي في مدارس العروبة والذي عملت معه هناك: لو لم يكن للكلية الإسلامية فضيلة إلا الوقوف في وجه المد التبشيري للمدارس النصرانية كدي لا سال والفرير والأرثوذكسية لكفاها .. فالكلية كانت تنافس هذه المدارس في استقطاب أبناء العائلات العريقة الذين يستلمون المناصب الرفيعة في البلد والرتب الكبيرة في الجيش والأجهزة الأمنية، والمدارس المسيحية كانت مدارس مختلطة وتقوم بعلمنة التعليم وتعميم النزعة الغربية فيه، وتؤدي مهام مشبوهة بدعم من السفارات الغربية
دخلت غرفة الأستاذ أنور الحناوي الذي كان يبدو سبعينيا؛ والجدير بالذكر أن الأستاذ أنور قد منح الكلية حياته ولم يتزوج إلا بعد أن دخل الستين في منتصفها أو على أطرافها؛فإن الكلية كانت حياته ومستقبله إلى درجة أنه كان يسكن فيها، ولذا لم أستغرب أن جنازته قد حملها المريدون والأوفياء من مبنى الأولية المختلطة وداروا بها حول مدارس الكلية في جبل عمان بناء على وصيته، ومن عمل مع أنور رحمه الله يعرف أي شغف كان يحمل الرجل وأي إخلاص للكلية التي شهد ميلادها وقام على رعايتها طفلا وليداً إلى أن أصبحت صرحا شامخا من صروح التربية في الأردن ووجها ثقافيا حضاريا لا ينكره خبير ولا تخطئه عين مبصرة ..
كان أنور يقتعد كرسيا عاديا قوائمه من حديد وتتناثر في الغرفة التي لا تتجاوز مساحتها التسعة أو العشرة أمتار بضعة كراسي من نفس النوع.. دخلت الغرفة وسلمت وصافحت وقلما قام أنور لأحد حد علمي .. فهو شخصية مهيبة وتحترم نفسها وتثق باسمها الذي ارتبط بهذه المؤسسة العملاقة وهو يقودها شهادة منصف محب بكفاءة واقتدار وكان يحيط نفسه بمجموعة من الإداريين المخلصين الأكفاء الذي يثق بهم ويمنحهم صلاحيات يقودون بها أقسامهم ولا يحيلون إليه إلا المشاكل العويصة التي تتعلق غالبا بمشاكل أبناء الذوات الذين يتجاوزون حدودهم فكان أنور يستدعيهم ويستدعي أولياء أمورهم مهما كان آباؤهم نافذين في البلد حتى إنه استدعى مرة الباشا حابس المجالي بخصوص مشكلة من مشاكل أبنائه وجاء حابس بنفسه وشحمه ولحمه إلى الأستاذ أنور بناء على استدعاء شخصي لولي أمر طالب وكان حينئذ رئيسا لأركان الجيش الأردني أو في رتبة عسكرية رفيعة.. وقد أصبح فيما بعد قائدا للجيش.
جلست على الكرسي والأستاذ أنور ينظر في وجهي ويتفرس في ملامحي!! يا أستاذ حابب تشتغل في الكلية معنا..؟! عن طريق مين جيت .. مين قالك إن هناك فرصة في المدرسة؟ وطبعا أجبت والجدير بالذكر أنه كانت هناك خصومة بين الأستاذ أنور والأستاذ يوسف الشلبي الذي جئت عن طريقه وبمعرفته .. لكن أنور والحق يقال كان يحرص على مصلحة الكلية ولو كان يراعي هواه لردني وقال: ما في فرصة في المدرسة .. اللي قالك غلطان..!! كما يحصل في كثير من الدوائر حين تأتي الفرصة عن طريق شخص لا يحبه المدير ..
وقدمت للأستاذ أنور بعضا من كتاباتي التي نشرتها الصحف وخاصة ذلك المقال بعنوان: محاولات لتبرئة المتهم طه حسين الذي كتبته تعقيبا على الندوة التي جرت على مدرج سمير الرفاعي بين الدكتور نصرت عبد الرحمن والدكتور عبد المجيد المحتسب وحين قرأه أستاذي الدكتور نصرت عبد الرحمن في الصحيفة والمقال فيه تعنيف له وتهجم عليه لأنه دافع عن طه حسين لكنه قابلني في مبنى قسم اللغة العربية بابتسامة عريضة وشكرني وشجعني ..
وقرأ أنور المقال وابتسم وأدرك أنه أمام خريج ليس كأي خريج .. فاستدركت عليه وقلت له: لكن يا أستاذ أنا الآن لا أملك أوراقا ثبوتية وشهاداتي الرسمية لما تخرج إلى النور .. فقال: مش مهم لما تجهز بتحضرها ..!! مستعد تداوم يا أستاذ وتباشر عملك؟ فقلت له مستعد.. وكان ما كان وأصبحت معلما من معلمي الكلية العلمية الإسلامية.
في الكلية العلمية تتقدم بكفاءتك وإخلاصك؛ فالعمل فيها مؤسسي والصلاحيات لا تتداخل بين المدراء والمسؤولين.. والجدير بالذكر أن الكلية العلمية الإسلامية كان يرأسها معالي الأستاذ بشير الصباغ الذين كان يوما وزيرا للتربية ووزيرا للأوقاف.. وهو شخصية تربوية قديرة كان مسماه الوظيفي الرئيس ..!! وقد التقيته مرة واحدة لقاء مباشرا ودافئا حين أحالني الأستاذ أنور الحناوي إليه حين كلفت بتدريس الثالث الثانوي مادة اللغة العربية وكان لقاء دافئا سلسا لا كلفة فيه..
اترك تعليق:
-
-
صباح الخير يا مصر ..
ما يجري على الساحةالمصرية، تفخيح للوضع السياسي وإضعاف لمصر
الفوضى الخلاّقة والتدمير الخلاق يبدو أنهما يأخذان طريقهما إلى المجتمع المصري والساحة السياسية المصرية بتخطيط محكم من القوى العدوة للثورة وحلفائها .. في مصر، وقد يكون هناك قوى غير مصرية استخبارية عربية تعمل معها أيضا .. فالمنطقة أصبحت وحدة استخبارية تقودها إسرائيل أولا ومعها القوى الغربية وما يسمى بالقوى العربية المعتدلة التي تقوم بخدمة إسرائيل والغرب والتي ضلعت معها فيما سمي بالحرب على الإرهاب .. ومن السذاجة بمكان أن نتصور أن إسرائيل التي فقدت ذخرا استرتيجيا بسقوط مبارك أنها غير ضالعة بالأحداث على الساحة المصرية لتفخيخ المجتمع المصري وإشغال المصريين بأنفسهم في معركة يقصد بها إضعاف مصر وإرباك الإسلاميين خاصة؛ بصفتهم الذين وصلوا عن طريق صناديق الاقتراع ليكونوا في سدة الحكم والسلطة ..
إسرائيل وحلفاؤها في مصر وهم فلول النظام السابق من الحزب الوطني ثم جهاز مباحث الأمن الدولة فضلا عمن أسقطتهم أجهزة الموساد الإسرائيلي وتجندهم في معركتها لتحويل مصر إلى منطقة رخوة سهلة الاختراق حتى تصبح في حالة استسلام، تنتهي بالتوجيه بالريموت كونترول من بعد إيهان عزيمتها وإضعافها اقتصاديا بتدمير مقومات الاقتصاد المصري وإضعاف البورصة التي تنهار في مثل هكذا ظروف فضلا عن عدم تعاون دول الخليج العربي معها بشكل مشرف لمساعدتها والأخذ بيدها في مثل هذه الظروف الحالكة .. وكل ذلك بإيعاز من القوى الدولية التي تقف خلف دول الخليج وبالطبع أمريكا سيدتهم والآمر الناهي عليهم..
إسرائيل في قلب الحدث ومن الجهل والغفلة أن نشكك في ذلك؛ فالمعركة بين إسرائيل والمنطقة والقوى السياسية الناهضة في المنطقة هي معركة ناعمة أدواتها العمل الاستخباري وتجنيد أناس لإشاعة الفوضى في مصر، وقد يكون هؤلاء من المخلصين لكن الحماس غير المعقلن والواعي يقودهم لخدمة أهداف إسرائيل، وهذا واضح من خلال حالة الانفعال والهيجان العاطفي السياسي التي تجتاح الساحة السياسية المصرية ونجاح القوى الاستخبارية العدوة في دس إسفين عداوة بين الجيش وبين الشعب ثم بين القوى السياسية نفسها كما يحصل بين الإخوان وشباب الثورة في ميدان التحرير ..
إن ما جرى في بور سعيد يذكرنا بعبارة مبارك التي هدد بها المصريين قبل نحو عام في مطلع شباط من العام الماضي وهو قوله: إما أنا أو الفوضى والذي طرحه مبارك في مثل تلك الساعة، وفي مثل ذاك اليوم، قبل عامٍ (1 فبراير 2011) أمام الشعب المصري، حين قال متحدثًا عن الفوضى: "لا يعلم أحد مداها وتداعياتها على حاضر الوطن ومستقبله.. إن إسرائيل تقوم بإشاعة الفوضى تأكيدا على مقولة مبارك وهذا لا يعني أن مبارك قادم فهذا أبعد من الخيال ولكن زمانه قد يكون قادما من خلال حكم العسكر واستبدادهم بالسلطة .. متذرعين بالفوضى التي عمت الشارع المصري والتناحر بين القوى السياسية، وشهادة اللاعب المصري أبو تريكة تفضح دور الجيش في بور سعيد حيث ترك الناس يقتتلون ويموتون وهم يتفرجون عليهم كأن الأمر لا يعنيهم وكأن ما يحصل ليس بين أبناء شعبهم ..
قال أبو تريكة صارخًا: "قوات الأمن تركتنا، ولم تقم بحمايتنا. توفي أحد المشجعين أمامي الآن في حجرة الملابس..
إن تحليلي للأوضاع لا ينبغي أن يعفي القوى السياسية من تحمّل مسؤوليتها في هذا الظرف الدقيق من حياة مصر التي ألهمت بثورتها وقبلها تونس المنطقة وشعوبها وشجعتها على الثورة على أنظمتها المستبدة .. هذا الظرف الدقيق يضعهم على المحك ويضع قدراتهم السياسية في احتواء ما يجري أمام امتحان صعب ..
عليهم أن يبثوا الوعي في الشارع ويستمروا في قيادته وعليهم أن يتجنبوا المواجهة مع الثوار وأقصد بذلك التيار الإسلامي وفي مقدمته الإخوان المسلمون .. عليهم أن يكونوا بمستوى الأحداث وأن يضبطوا إيقاعها من خلال خلية أزمة يشكلونها من مختلف القوى السياسية لتجنيب مصر محنة السقوط فيما تريده إسرائيل حتى لا يحنّ الناس إلى زمن استبداد مبارك في هذه الأجواء الحالكة .. وحتى لا تتحول انتصاراتهم إلى ندم في وجدان الشعب المصري ..
دقت ساعة العمل والكل أمام امتحان كبير ..
صباح الخير يا مصر .. مصر أقوى من المحنة وأقوى مما يُحاك لها وقد أثبت المصريون في ثورتهم أنهم ما زالوا يتمتعون بحس القائد والآن عليهم أن يثبتوا أنهم يقظون وأن الأحداث لن تكون أقوى منهم وأن زمام المبادرة ما زال بأيديهم ..
نايف ذوابه/عمان
اترك تعليق:
-
-
موعدنا غدا مساء الساعة العاشرة بتوقيت القاهرة مع ضفاف الذكريات وبرنامج مواجهة مع الأستاذة الكريمة نجلاء نصير
اترك تعليق:
-
-
أهلا بالأخت الغالية الحنون.. أهلا بالأخت الوفية .. أهلا بالجرح النازف لظى على أمة اشتاقت لها عين الشمس
ماذا بوسعي أن أقول أمام كلماتك التي تلهب الوجدان وتستدني المروءة التي اغتالتها يد الهوان في شرقنا العظيم
ستشرق شمسُنا يا أخيّة وأسأل الله أن يمتّع عينيك وعيوننا بعزة الإسلام وظهوره وعلوّ شأنه وتمكينه في الأرض
حان زمن الاستخلاف والخلافة يا فاكية .. بإذن الله ستكونين كما تمنيْتُ لأختي الغالية
أعزك الله وحفظك لأمتك وأسرتك ولنا نحن إخوتك يا شقيقة الرجال
اترك تعليق:
-
-
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وتمضي السنوات تبعثر بين مساءاتها حبات الذكرى ..
كما يزرع الفلاح المناضل حبات القمح بجوف أرض أرهقتها
النائبات لتسقيها قطرات من عرق جبين ما انحنى ولن ينحني إلا لله تعالى ..
قد تورق حبات الذكرى قصصا وحكايا تعطر القلوب والأمكنة بحرارة صدقها
ونغماتها الحبلى بصدى الحياة كما تورق حبات القمح بجوف الأرض لتجود
بسنابل عصية على كل المناجل وإن غامت السماء
أستاذي الكريم ..وأخي الفاضل نايف ذوابة
ليس من السهل أن يورق الحرف بمثل هذا الجمال بين كل الأنامل
فوحده الصدق من يجعل الحروف بلون الضياء ،ويبعثرالذكريات بطعم
الملاحم التي وقعتها هام الرجال على جبين الدهر..
وبعثرتها خطى المدلجين -على كل تل ورابية- أوراقا تفوح بعبير الجهاد والنضال
ووحده القلب النابض بالإيمان والنقاء من يرسم مثل هذه اللوحات التي
ستخلد بقلب القارىء خلود قضايا أمتنا الغائرة بصدور كم أضناها الإنتظار
لفجر حر أبي يجمع شتاتنا من المحيط إلى الخليج..
ويوحد خطانا على كلمة واحدة لا تجزئها مُدية الخيانة ولا يحنيها سيف الطغاة
لا أحب أن أخدش الجمال إذا تماهى عبيرا على حد شقائق البوح ..
لكنني سأبيح لنفسي بأن أطل من هذه النافذة المورقة حنينا لرياحين
الماضي وعبق الطفولة الأولى وسنى خطواتها على مدارج الكفاح الذي
أورقت شتلاته بين رحم الأرض ورحم كل أم أخرجت جنينها حرا طليقا
لهذه الحياة ووهبته قربانا للوطن قبل أن يدرج
أستاذي الكريم ..أشكر لك كل حرف بعثرته نديا بطعم الزيتون ، ونبض
الحنين لشوارع عنبتا ..وحاراتها ،وأزقتها التي ضمت خطى أبناء ما
أنساهم طول الغياب ألق صباحاتها وعبق مساءاتها وهي تضمهم بليلها
الصاخب كما تضم الأم الرؤوم بنيها بليلة شتاء باردة
أدام الله عليك نعمة النضال ..ومسؤولية حرف نازف تنفثه حرا
أبيا ليسكن قلوبنا ،ويستقر بين النبضة والنبضة نبضة أخرى ستبقى
فانوسا لعبير الأوفياء، الأتقياء الذين أعطوا فأجزلوا العطاء وما ناء
كاهلهم بجودهم،وسخائهم
أنار الله دروبك ..وأبقاك هامة شماء بصحراء الكفاح التي
ما ألفت لهيبها سوى خطى الأوفياء للأرض والتراب
تقبل مني مفردات التقدير والاحترام
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركةطفولة فيها ما فيها من عذاب واستعمار وقهر ...المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركةالأستاذ نايف المبدع والطفل النجيب.. أسعدني التعرف عليك أكثر.
احترامي وتقديري
الابنة النجيبة البارة ريما
ما أجمل مرورك وتعقيبك
شكرا لك .. مرورك أسعدني
هذه الطفولة المعذبة هي التي قوت عارضة الكفاح فينا وهي التي جعلتنا نواجه الحياة بأعاصيرها وكأنها نزهة سهلة
لكل شيء ثمنه ..
ومن أجل مبادئنا وأوطاننا التي نعشقها كل شيء يهون
ألف شكر
اترك تعليق:
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 161716. الأعضاء 3 والزوار 161713.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 551,206, 15-05-2025 الساعة 03:23.
اترك تعليق: