أسطورة الربيع العربي وجنة الخلد المفقود
الكثير من القراء والكتاب والمبدعين أصبحوا يرون أن الحديث عن الثورات
العربية بات من قبيل الاجترار للأحداث،وأن تناوله أصبح من باب التطرف أو
التزلف بحكم أن الأمر مفصول فيه ،وأن الحركية الاجتماعية حسمت خياراتها
باتجاه التغيير ومعانقة شجرة الحرية،وأن الأنظمة العربية زحفت باتجاه خيار
ملحمي .
غير أن الحدث التاريخي بكل هدا الثقل قد لا يقتنع بقراءات ولا تجلي حقائقه
وقفات، ل،ن الزمن يزاحم الفكر وينافس التصور حين يغزوا الأيام ويستبق الأقلام
إلى حقائق حجبت بفعل الزهد في تناول الحقيقة واعتبارها شمسا لا يحجبها غربال
،ولكن السحب والضباب قد تمنع أضواءها فنحتاج إلى مصابيح لنسترشد الطريق.
عندما تحدثنا في أكثر من مقال عن ثوار العار في ليبيا ونظام القذافي ،لصبح للقلم
اعتداء ،دلك أن حمى الثورة قد أعمت عن الحقيقة التي تركناها للزمن فكشف عن
عورتها ،ولاح بعفونتها في أنوفنا،والحمد لله أن أكثرنا يعاني الزكام.فما كان نداء
المتوددين الى السلطة والمندفعين حقدا على الشعب تجرهم عقد الحرمان والفشل في
ي الحياة،واضعين أيديهم الملطخة بالخطيئة إلى الناتو وطائراته لتدك قلاع
الدكتاتور الجبار وتسقط نظامه المتعفن، دون احتساب التكلفة الباهظة لمثل
هده الخطوة التي تتنافى والوطنية الحقة والدين الحنيف،فكم كانت جرائم
القذافي مقرفة وكم كانت قراراته مجحفة في حق الشعب وهو على سدة الحكم
،ولكن أين هي من جرائم ارتكبت في حق ذات الشعب من طرف ثوار
العار الذين قدموا القرابين البشرية للآلهة وأقاموا طقوس الإعدام الجماعي
وتفننوا في مطاردة العزل في القرى والمداشر على طرقة الهوتو والتوتسي؟ولا
أقل من جبن وبداوة وتخلف أن يصبح التمثيل بالموتى نوع من الاستبهام من
طرف من يسعون إلى الإمساك بسدة الحكم وبسط النعيم للشعب،وكيف
يتصور عاقل أن يكون الخائن المجرم والمستهيم بكل فساده وأمراضه حاكما عادلا؟
لقد أشاع المجرمون فكرة الربيع العربي ودعوا إلى الاعتقاد بها مخلصا،فوجدوا
الإيمان الذي غداة القهر حاضرا في النفوس المقهورة فجعلوها كبش
فداء.لينتهي الأمر بليبيا إلى ليبيا ولكنها أكثر عفنا وأقل أمنا وأعتم
مستقبلا.وقد لا نتمنى أن تكون كذلك،ولكن ليبيا كان يحكمها مجنونا
واحدا فأصبحت في حكم مجانين ،يتشكلون في عصابات تمارس النهب
والسلب والتقتيل والاغتصاب والاختطاف والضغط على السلطة.فهل تحقق للشعب حرية.
الوجه الآخر قديما ولكن التاريخ رغم أنه لا يكرر نفسه إلا أن له
القدرة على التشكل والعودة كلما توفرت الأسباب،وصدام حسين كان
ملحميا وأسطوريا بكل ما للمفهوم من دلالة ،فقد وقف في وجه الغزو
الغربي وقفة الصمود والتصدي وفوت على أمريكا ودول التحالف
الصليبي أن تتجاوز حصون بغداد دون ثمن،رغم انه كان بالإمكان أن
يخرج سليما معافى مواصلا حياة الترف التي يتهمه بها أعداءه
السياسيين وخصومه من الطائفيين ،وفضل المقاومة وكانت باسلة
،ولا تقل إن ثمنها كان مكلفا لان الشرف كلفته باهظة،كما هي كلفة
استتباب الأمن وبسط الاستقرار،والتي كان فيها صدام متهما كمجرم
في حق الإنسانية،حين يدافع عن وحدة العراق من التقسيمين
والطائفيين ،حين يدافع عن حياته ويتعقب القتلة بعد أن ترصدوا
موكبه ،حين يحارب المرضى المهوسين بالطائفية وحمى الانتقام.
وانتهت دولة صدام الدكتاتور الذي عذب شعبه وأباده بالكيماوي
!فهل اختفت الإبادة بعده ونحن والعالم يشهد تلك الحرب القدرة التي
تقودها الميلشيات الطائفية والحزبية الحاكمة تزرع الخوف وتصنع
الجريمة في أبشع صورها ،فهل كان صدام يملك ميلشيات إجرامية
موجهة ضد طائفة ؟هل كان صدام يمارس القتل من أجل أحقاد دينية
وأبعاد تقسيميه؟هل كان وزراء صدام بمثل فساد قاتله المجرم المالكي
؟هل كانت في عهده السيادة العراقية منتهكة؟،هل كان لإسرائيل
موطأ قدم في العراق ؟ هل كانت الأمية والرداءة الاجتماعية
على مستوى البنية التحتية بمثل هذا السوء؟لماذا لم يتغير حال
الشعب الذي أشفقوا عليه وتأمروا مع العدو لزحزحة النظام
الظالم؟ماذا فعلوا غير العبث بمقدرات الأمة وتقسيم الأوطان
ونشر الخراب ،والتأسيس للجريمة المنظمة والحكم الطائفي؟ألم
يصرح راضي حمزة الراضي بوجود فساد كبير داخل حكومة
المالكي وقد كلف الشعب العراقي18مليار دولار،وقتل أكثر من
40موظفا رافضا للفساد معطلا للنهب والاختلاس ؟"نحن
تعلمنا بأشق الطرق حقيقة أن الفساد لن يتوقف عند أي
شيء. إنهم فاسدون جدا إلى الحد الذي يجعلهم يهاجمون
متهميهم وعوائلهم بالبنادق وكلابات تعليق اللحوم، إضافة
إلى توجيه تهم ضد المعنيين بمكافحة الفساد"
وذكر راضي كيف أن واحدا من كوادره قُتل بالرصاص هو وزوجته الحامل في سبعة شهور، كذلك وجد والد كبير حراسه الأمنيين مقتولا ومعلقا بكلاب لحوم، وكيف أن جسد والد موظف آخر عنده تعرض إلى التثقيب بواسطة مثقب كهربائي.
وجاءت شهادة الراضي مدعومة بوثائق تم إصدارها من قبل لجنة النزاهة العامة، تبين كيف أن مكتب المالكي أعاق التحقيقات، لتقييمات مماثلة جاءت ضمن تقرير أصدره مكتب محاسبة الحكومة (الأميركي).،وربما بحثنا عن الربيع في العراق فوجدناه عهدا صداميا.
والسؤال المطروح .اذا كانت نتائج التغير والتغيير السياسي بمثل هذه الفظاعة ،فهل البقاء تحت نير الدكتاتوريات القديمة قدرا؟
إن الإشكال لا يرجع في الحقيقة إلى فكرة التغير في جوهرها الخير ولكن في وسائلها وأدوتها التي قد تعفن المضمون وتحوله إلى لعبة قذرة،أما البحث عن الحرية ودفع فتورتها فهو سبيل لامناص منه،فالتجربة التونسية والمصرية أكدت أن الربيع العربي يمكن أن يكون مزهرا وأن مطلب التحرر ممكن التحقيق بشرط أن لا يتلوث بعفن الاستغاثة بالغرب وأن لا يترك لهم أنف يحشرونه في قضية صراع الشعب العربي مع أنظمته المستبدة .ومتى كان ذلك جاز أن نقول إن نتائج الحركية التغيرية ستكون ناجحة شكلا ومضمونا،ولعل السوريين يعيشون مخاض الصراع في سبيل تحقيق ربيع آخر نتمناه أن يكون بلون مصري أو تونسي لا بوجه ليبي أو عراقي.لان الثانية قصة كاذبة ،وجنة خلد وهمية،بناها صناع الأساطير بالإشاعة وجسدها شعب فكان كبش فداء للرغبة باطلة هي رغبة التسلط والتي حتما ستكون تينا في يوم ما.
الكثير من القراء والكتاب والمبدعين أصبحوا يرون أن الحديث عن الثورات
العربية بات من قبيل الاجترار للأحداث،وأن تناوله أصبح من باب التطرف أو
التزلف بحكم أن الأمر مفصول فيه ،وأن الحركية الاجتماعية حسمت خياراتها
باتجاه التغيير ومعانقة شجرة الحرية،وأن الأنظمة العربية زحفت باتجاه خيار
ملحمي .
غير أن الحدث التاريخي بكل هدا الثقل قد لا يقتنع بقراءات ولا تجلي حقائقه
وقفات، ل،ن الزمن يزاحم الفكر وينافس التصور حين يغزوا الأيام ويستبق الأقلام
إلى حقائق حجبت بفعل الزهد في تناول الحقيقة واعتبارها شمسا لا يحجبها غربال
،ولكن السحب والضباب قد تمنع أضواءها فنحتاج إلى مصابيح لنسترشد الطريق.
عندما تحدثنا في أكثر من مقال عن ثوار العار في ليبيا ونظام القذافي ،لصبح للقلم
اعتداء ،دلك أن حمى الثورة قد أعمت عن الحقيقة التي تركناها للزمن فكشف عن
عورتها ،ولاح بعفونتها في أنوفنا،والحمد لله أن أكثرنا يعاني الزكام.فما كان نداء
المتوددين الى السلطة والمندفعين حقدا على الشعب تجرهم عقد الحرمان والفشل في
ي الحياة،واضعين أيديهم الملطخة بالخطيئة إلى الناتو وطائراته لتدك قلاع
الدكتاتور الجبار وتسقط نظامه المتعفن، دون احتساب التكلفة الباهظة لمثل
هده الخطوة التي تتنافى والوطنية الحقة والدين الحنيف،فكم كانت جرائم
القذافي مقرفة وكم كانت قراراته مجحفة في حق الشعب وهو على سدة الحكم
،ولكن أين هي من جرائم ارتكبت في حق ذات الشعب من طرف ثوار
العار الذين قدموا القرابين البشرية للآلهة وأقاموا طقوس الإعدام الجماعي
وتفننوا في مطاردة العزل في القرى والمداشر على طرقة الهوتو والتوتسي؟ولا
أقل من جبن وبداوة وتخلف أن يصبح التمثيل بالموتى نوع من الاستبهام من
طرف من يسعون إلى الإمساك بسدة الحكم وبسط النعيم للشعب،وكيف
يتصور عاقل أن يكون الخائن المجرم والمستهيم بكل فساده وأمراضه حاكما عادلا؟
لقد أشاع المجرمون فكرة الربيع العربي ودعوا إلى الاعتقاد بها مخلصا،فوجدوا
الإيمان الذي غداة القهر حاضرا في النفوس المقهورة فجعلوها كبش
فداء.لينتهي الأمر بليبيا إلى ليبيا ولكنها أكثر عفنا وأقل أمنا وأعتم
مستقبلا.وقد لا نتمنى أن تكون كذلك،ولكن ليبيا كان يحكمها مجنونا
واحدا فأصبحت في حكم مجانين ،يتشكلون في عصابات تمارس النهب
والسلب والتقتيل والاغتصاب والاختطاف والضغط على السلطة.فهل تحقق للشعب حرية.
الوجه الآخر قديما ولكن التاريخ رغم أنه لا يكرر نفسه إلا أن له
القدرة على التشكل والعودة كلما توفرت الأسباب،وصدام حسين كان
ملحميا وأسطوريا بكل ما للمفهوم من دلالة ،فقد وقف في وجه الغزو
الغربي وقفة الصمود والتصدي وفوت على أمريكا ودول التحالف
الصليبي أن تتجاوز حصون بغداد دون ثمن،رغم انه كان بالإمكان أن
يخرج سليما معافى مواصلا حياة الترف التي يتهمه بها أعداءه
السياسيين وخصومه من الطائفيين ،وفضل المقاومة وكانت باسلة
،ولا تقل إن ثمنها كان مكلفا لان الشرف كلفته باهظة،كما هي كلفة
استتباب الأمن وبسط الاستقرار،والتي كان فيها صدام متهما كمجرم
في حق الإنسانية،حين يدافع عن وحدة العراق من التقسيمين
والطائفيين ،حين يدافع عن حياته ويتعقب القتلة بعد أن ترصدوا
موكبه ،حين يحارب المرضى المهوسين بالطائفية وحمى الانتقام.
وانتهت دولة صدام الدكتاتور الذي عذب شعبه وأباده بالكيماوي
!فهل اختفت الإبادة بعده ونحن والعالم يشهد تلك الحرب القدرة التي
تقودها الميلشيات الطائفية والحزبية الحاكمة تزرع الخوف وتصنع
الجريمة في أبشع صورها ،فهل كان صدام يملك ميلشيات إجرامية
موجهة ضد طائفة ؟هل كان صدام يمارس القتل من أجل أحقاد دينية
وأبعاد تقسيميه؟هل كان وزراء صدام بمثل فساد قاتله المجرم المالكي
؟هل كانت في عهده السيادة العراقية منتهكة؟،هل كان لإسرائيل
موطأ قدم في العراق ؟ هل كانت الأمية والرداءة الاجتماعية
على مستوى البنية التحتية بمثل هذا السوء؟لماذا لم يتغير حال
الشعب الذي أشفقوا عليه وتأمروا مع العدو لزحزحة النظام
الظالم؟ماذا فعلوا غير العبث بمقدرات الأمة وتقسيم الأوطان
ونشر الخراب ،والتأسيس للجريمة المنظمة والحكم الطائفي؟ألم
يصرح راضي حمزة الراضي بوجود فساد كبير داخل حكومة
المالكي وقد كلف الشعب العراقي18مليار دولار،وقتل أكثر من
40موظفا رافضا للفساد معطلا للنهب والاختلاس ؟"نحن
تعلمنا بأشق الطرق حقيقة أن الفساد لن يتوقف عند أي
شيء. إنهم فاسدون جدا إلى الحد الذي يجعلهم يهاجمون
متهميهم وعوائلهم بالبنادق وكلابات تعليق اللحوم، إضافة
إلى توجيه تهم ضد المعنيين بمكافحة الفساد"
وذكر راضي كيف أن واحدا من كوادره قُتل بالرصاص هو وزوجته الحامل في سبعة شهور، كذلك وجد والد كبير حراسه الأمنيين مقتولا ومعلقا بكلاب لحوم، وكيف أن جسد والد موظف آخر عنده تعرض إلى التثقيب بواسطة مثقب كهربائي.
وجاءت شهادة الراضي مدعومة بوثائق تم إصدارها من قبل لجنة النزاهة العامة، تبين كيف أن مكتب المالكي أعاق التحقيقات، لتقييمات مماثلة جاءت ضمن تقرير أصدره مكتب محاسبة الحكومة (الأميركي).،وربما بحثنا عن الربيع في العراق فوجدناه عهدا صداميا.
والسؤال المطروح .اذا كانت نتائج التغير والتغيير السياسي بمثل هذه الفظاعة ،فهل البقاء تحت نير الدكتاتوريات القديمة قدرا؟
إن الإشكال لا يرجع في الحقيقة إلى فكرة التغير في جوهرها الخير ولكن في وسائلها وأدوتها التي قد تعفن المضمون وتحوله إلى لعبة قذرة،أما البحث عن الحرية ودفع فتورتها فهو سبيل لامناص منه،فالتجربة التونسية والمصرية أكدت أن الربيع العربي يمكن أن يكون مزهرا وأن مطلب التحرر ممكن التحقيق بشرط أن لا يتلوث بعفن الاستغاثة بالغرب وأن لا يترك لهم أنف يحشرونه في قضية صراع الشعب العربي مع أنظمته المستبدة .ومتى كان ذلك جاز أن نقول إن نتائج الحركية التغيرية ستكون ناجحة شكلا ومضمونا،ولعل السوريين يعيشون مخاض الصراع في سبيل تحقيق ربيع آخر نتمناه أن يكون بلون مصري أو تونسي لا بوجه ليبي أو عراقي.لان الثانية قصة كاذبة ،وجنة خلد وهمية،بناها صناع الأساطير بالإشاعة وجسدها شعب فكان كبش فداء للرغبة باطلة هي رغبة التسلط والتي حتما ستكون تينا في يوم ما.
تعليق