نائب البرلمان
أجلس في أحدى زوايا ديوانية السيد راشد ..وهي تزدحم بكثير من أهل القرية، وبعض أصدقائه من أحياء المدينة حيث تمت دعوتنا من قبله لتناول وجبة العشاء، وقد اشتهر راشدٌ، أو كما أصبح معروفا الشيخ راشد..بالبذخ ،والعطاء، وتقديم الهدايا، ومساعدة المحتاجين !
وفي وسط دخان السكائر، وأصوات ملاعق الشاي، وطقطقة فناجين القهوة، والنقاشات ،وأصوات الضحكات التي تتعالى من المدعوين ..على اختلاف مكوناتهم ..مثقفين,محامين,شيوخ عشائر,عمال ,فلاحين..الخ
تناولت تفاحة ورحت أقضمها تذكرت أيام الابتدائيةِ ونحن في الصف الثاني عندما كنا ندرس معاً أنا وراشد صاحب الشعر المجعد الذي لم يمر المشط عليه سوى وقت الحلاقة الدورية عند الحلاق، وذلك الأنف الذي اشتهر به حيث علّق جميع المعلمين على ضرورة تنظيفه، ولكن دون جدوى، فنشقات راشد يسمعها كل من في الفصل ،ورقبته التي يظهر عليها خيوطُ سوداء تبرهن للناظر بأنها لم ترَ الماء منذ آخر عيد !.
بعد تناولنا وجبة العشاء، والفواكه، والحلويات .. بدأ الشيخ الحديث عن نيته في خوض الانتخابات البرلمانيةِ القادمة ..والعمل على إنصاف أبناء قريته ومدينته وذلك بالحصول على حقوقهم التي لم يحصلوا عليها سابقا..ارتفعت أصوات الحضور بالتأييد ومباركة هذه الخطوة ..وأنه خير من يمثلهم في البرلمان ،وبدؤوا على الفور بالتهيئة، والإعداد للدعاية الانتخابية ..
أكملت‘ دراستي الإعداديةِ، ودخلت إحدى الكليات لإكمال دراستي..في الوقت الذي اختار فيه زميلي راشد... التجارة الحرة بعد ان ترك الدراسة لعدم تمكنه من إكمالها ..مارس كل أنواع التجارة المشروعة، وغير المشروعة، ووجد الأخيرة مربحة أكثر.. بداية بتجارة حبوب الهلوسةِ صعوداً الى تجارةِ السلاحِ وتهريبهِ وانتهاء بالمخدرات وغيرها !.
تكثر المؤتمرات والتجمعات الانتخابية فأسال صديقي المحامي ماجد: هل تعتقد أن صاحبنا له نصيب بالفوز ؟!
يجيبني: طبعا لا.. أنت تعلم أن الناس أصبحوا أكثر وعياً وفهماً بأمور السياسةِ، ولن يختاروا إلا الشريف ،النزيه، الوطني ذا التأريخ الناصع ..
أكملت كليتي، وتعينت في إحدى الدوائر الحكومية، ومرتبي قلما يكفيني، وعائلتي..ومع ذلك، زوجتي طالما شجعتني بقولها.. العيش بكرامة، ونزاهة، وأمانة، تلك هي مفاتيح النجاح؛...
ازدهرت تجارته، ومعها لمعت شخصيته، وبدأ نجمها يبزغ؛ فالنقود قادرة على فعل أشياء كثيرة .. حيث أصبح ينادى ( بالشيخ راشد) !! .
نلتقي في دار الصحفي عماد، وتدور أغلب نقاشاتنا حو ل الانتخابات، والمرشحين، وأساله السؤال الذي يؤرقني ويقلقني:
هل ترى أن هناك فرصة لفوز صاحبنا؟! ..
وكانت إجابته: إنني من خلال كثرة لقاءاتي بالمواطنين وجدت الغالبية العظمى منهم ترفضه وتمقته ،وتصفه بأسوأ الصفات! ..
بنى زميلي داراً كبيرة، ومعها مضيف (ديوانية) طويلة واسعة ،وكثر أصحابه، ومعارفه من كل القرى، والمدن ..يحضرون الولائم، والحفلات، ويشربون الخمور؛ وعلى اختلاف شخصياتهم ، ولا أستغرب عندما أرى أناساً من شاكلته..لكن أشد ما كان يزعجني هو رؤيتي لشخصيات محترمة يلبون دعوته، ويحضرون حفلاته، والعجب العجاب كان قسما منهم رجال دين، أو ممن يحسبون على رجال الدين !!.
الحمد لله الذي جعل الناس يدركون، ويعرفون حقوقهم، ومن هو الأحق بأصواتهم، وتمثيلهم.. بدأت أنام مرتاحاً، ومطمئناً أن أصواتنا لن تذهب لمن لا يستحقها ..خاصة بعد سماعي أحد خطباء مساجدنا يوصي المصلين بضرورة اختيار الشخص الذي يخاف الله ،ويعرف حدود ه، ولا يأكل الحرام ،ويحرص على أبناء هذا البلد، ويعمل على تحقيق العيش الكريم لهم..
بدأت الانتخابات وقمت وعائلتي بالتصويت لشخصية كنت مقتنعا بها لتمثلنا في البرلمان ..رأيت العديد من المواطنين يزدحمون على أبواب المراكز الانتخابية للإدلاء بأصواتهم ..
أخيرا تحقق حلمنا بالديمقراطية ونستطيع ولأول مرة ان نختار من نريد !! نختار من يحمل حب الوطن بين أضلاعه، ومعاناة الشعب على كاهله ..
اجتمعنا كعادتنا عند عماد، وبدأت التوقعات بمن سيفوز؟ وبدا الجميع راضياً لأنهم تمكنوا من التصويت بحريةٍ ! واختاروا الأجدر، والأحق بأصواتهم ..
أعلنت النتائج بعد ان تم فرز الأصوات ..وفاز صاحبنا (الشيخ ) بأعلى الأصوات !! وقام بنحر الذبائح بهذه المناسبة، واستقبال المهنئين ..
وجدت قدماي تقودني دون شعور.. الى مضيفه، وهو يستقبل المهنئين، صافحته ،وبدون وعي مني وجدت لساني ينطق بهذه الكلمات ..
مبروك لكم سيادة النائب, والله أنت أهل لها !!
سلمان الجاسم 12/1/2012
أجلس في أحدى زوايا ديوانية السيد راشد ..وهي تزدحم بكثير من أهل القرية، وبعض أصدقائه من أحياء المدينة حيث تمت دعوتنا من قبله لتناول وجبة العشاء، وقد اشتهر راشدٌ، أو كما أصبح معروفا الشيخ راشد..بالبذخ ،والعطاء، وتقديم الهدايا، ومساعدة المحتاجين !
وفي وسط دخان السكائر، وأصوات ملاعق الشاي، وطقطقة فناجين القهوة، والنقاشات ،وأصوات الضحكات التي تتعالى من المدعوين ..على اختلاف مكوناتهم ..مثقفين,محامين,شيوخ عشائر,عمال ,فلاحين..الخ
تناولت تفاحة ورحت أقضمها تذكرت أيام الابتدائيةِ ونحن في الصف الثاني عندما كنا ندرس معاً أنا وراشد صاحب الشعر المجعد الذي لم يمر المشط عليه سوى وقت الحلاقة الدورية عند الحلاق، وذلك الأنف الذي اشتهر به حيث علّق جميع المعلمين على ضرورة تنظيفه، ولكن دون جدوى، فنشقات راشد يسمعها كل من في الفصل ،ورقبته التي يظهر عليها خيوطُ سوداء تبرهن للناظر بأنها لم ترَ الماء منذ آخر عيد !.
بعد تناولنا وجبة العشاء، والفواكه، والحلويات .. بدأ الشيخ الحديث عن نيته في خوض الانتخابات البرلمانيةِ القادمة ..والعمل على إنصاف أبناء قريته ومدينته وذلك بالحصول على حقوقهم التي لم يحصلوا عليها سابقا..ارتفعت أصوات الحضور بالتأييد ومباركة هذه الخطوة ..وأنه خير من يمثلهم في البرلمان ،وبدؤوا على الفور بالتهيئة، والإعداد للدعاية الانتخابية ..
أكملت‘ دراستي الإعداديةِ، ودخلت إحدى الكليات لإكمال دراستي..في الوقت الذي اختار فيه زميلي راشد... التجارة الحرة بعد ان ترك الدراسة لعدم تمكنه من إكمالها ..مارس كل أنواع التجارة المشروعة، وغير المشروعة، ووجد الأخيرة مربحة أكثر.. بداية بتجارة حبوب الهلوسةِ صعوداً الى تجارةِ السلاحِ وتهريبهِ وانتهاء بالمخدرات وغيرها !.
تكثر المؤتمرات والتجمعات الانتخابية فأسال صديقي المحامي ماجد: هل تعتقد أن صاحبنا له نصيب بالفوز ؟!
يجيبني: طبعا لا.. أنت تعلم أن الناس أصبحوا أكثر وعياً وفهماً بأمور السياسةِ، ولن يختاروا إلا الشريف ،النزيه، الوطني ذا التأريخ الناصع ..
أكملت كليتي، وتعينت في إحدى الدوائر الحكومية، ومرتبي قلما يكفيني، وعائلتي..ومع ذلك، زوجتي طالما شجعتني بقولها.. العيش بكرامة، ونزاهة، وأمانة، تلك هي مفاتيح النجاح؛...
ازدهرت تجارته، ومعها لمعت شخصيته، وبدأ نجمها يبزغ؛ فالنقود قادرة على فعل أشياء كثيرة .. حيث أصبح ينادى ( بالشيخ راشد) !! .
نلتقي في دار الصحفي عماد، وتدور أغلب نقاشاتنا حو ل الانتخابات، والمرشحين، وأساله السؤال الذي يؤرقني ويقلقني:
هل ترى أن هناك فرصة لفوز صاحبنا؟! ..
وكانت إجابته: إنني من خلال كثرة لقاءاتي بالمواطنين وجدت الغالبية العظمى منهم ترفضه وتمقته ،وتصفه بأسوأ الصفات! ..
بنى زميلي داراً كبيرة، ومعها مضيف (ديوانية) طويلة واسعة ،وكثر أصحابه، ومعارفه من كل القرى، والمدن ..يحضرون الولائم، والحفلات، ويشربون الخمور؛ وعلى اختلاف شخصياتهم ، ولا أستغرب عندما أرى أناساً من شاكلته..لكن أشد ما كان يزعجني هو رؤيتي لشخصيات محترمة يلبون دعوته، ويحضرون حفلاته، والعجب العجاب كان قسما منهم رجال دين، أو ممن يحسبون على رجال الدين !!.
الحمد لله الذي جعل الناس يدركون، ويعرفون حقوقهم، ومن هو الأحق بأصواتهم، وتمثيلهم.. بدأت أنام مرتاحاً، ومطمئناً أن أصواتنا لن تذهب لمن لا يستحقها ..خاصة بعد سماعي أحد خطباء مساجدنا يوصي المصلين بضرورة اختيار الشخص الذي يخاف الله ،ويعرف حدود ه، ولا يأكل الحرام ،ويحرص على أبناء هذا البلد، ويعمل على تحقيق العيش الكريم لهم..
بدأت الانتخابات وقمت وعائلتي بالتصويت لشخصية كنت مقتنعا بها لتمثلنا في البرلمان ..رأيت العديد من المواطنين يزدحمون على أبواب المراكز الانتخابية للإدلاء بأصواتهم ..
أخيرا تحقق حلمنا بالديمقراطية ونستطيع ولأول مرة ان نختار من نريد !! نختار من يحمل حب الوطن بين أضلاعه، ومعاناة الشعب على كاهله ..
اجتمعنا كعادتنا عند عماد، وبدأت التوقعات بمن سيفوز؟ وبدا الجميع راضياً لأنهم تمكنوا من التصويت بحريةٍ ! واختاروا الأجدر، والأحق بأصواتهم ..
أعلنت النتائج بعد ان تم فرز الأصوات ..وفاز صاحبنا (الشيخ ) بأعلى الأصوات !! وقام بنحر الذبائح بهذه المناسبة، واستقبال المهنئين ..
وجدت قدماي تقودني دون شعور.. الى مضيفه، وهو يستقبل المهنئين، صافحته ،وبدون وعي مني وجدت لساني ينطق بهذه الكلمات ..
مبروك لكم سيادة النائب, والله أنت أهل لها !!
سلمان الجاسم 12/1/2012
تعليق