عنك يا رسول الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الله راتب نفاخ
    أديب
    • 23-07-2010
    • 1173

    عنك يا رسول الله

    عنك يا رسول الله

    إذا ما سئلت عمن أراه قد طأطأ رخ العظمة رأسه و خنع بجناحيه لتحيته من بني البشر ، فما أحسب إجابتي ستكون سوى : ذلكم رسول الله محمد صلى الله عليه و على آله و سلم .
    و ما أصدر في هذا عن تعصب أو هوى ديني ، بل عن قناعة و تقدير لما قرأته و ما زلت أقرؤه ، و عرفته و ما زلت أعرفه ، من جوانب عظمة ذلك الإنسان الذي تضع الإنسانية أجنحتها السماوية له تقديراً و إجلالاً .
    جليبيب ... اسم له قصة في سيرة النبي الكريم ، يعرفها كثيرون ، و يجهلها كثيرون .
    وقعت عليها كاملة في تفسير ابن كثير ، ذلك السفر الذي يكاد لا يفسر القرآن إلا بمثله أو بكلام سيد الخلق أو بعض صحابته .
    جليبيب .. واحد من صحابة محمد صلى الله عليه و سلم ، خامل الذكر ، وضيع الشأن بين الناس ، لكنه ليس كذلك لدى سيد الإنسانية رسول رب العالمين .
    قصته في أغلب المراجع تبدأ مذ خطب رسول الله إلى قوم لهم شأن و غنى ، فقبلوا دون أن يستأنوا لظنهم أن الخطبة للخاطب نفسه ، لكنه يصعقهم حين ينبئهم أنها ليست له ، بل لجليبيب .
    و تأخذ سورة الغيظ بالأم فتردد : ( أجليبيب ابنه ؟ أجليبيب ابنه ؟ ) ثم تعطف : ( لا لعمر الله لا نزوجه )
    و يجد الأب نفسه عاجزاً أمام خيبة أمله ، و انفعال زوجه ، فيقوم ليرد الخطبة على رسول الله صلى الله عليه و سلم .
    عندئذ تخرج إليه ابنته صاحبة الشأن لائمة مقرِّعة : أتردون خطبة رسول الله ؟ أنستأمنه على خبر السماء ثم لا نستأمنه على زيجة ؟ أتحسبونه يضيعنا ؟
    و تؤوب الذكرى إلى الوالدين المؤمنين ، فيسترجعان بعد غفلة ، و إن يكن تبقى في الصدر شيء من غضاضة ، لكنه التسليم لأمر الله و أمر رسوله .
    و تنزل الآية الكريمة حسب قول بعض العلماء ( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )
    و يتم الزواج ..
    و بعد أمد ليس بالبعيد تدق طبول الحرب ، و يفزع أهل المدينة ، و يقوم منادي الجهاد في الناس .
    و ينهض القوم و فيهم جليبيب .
    ثم ينقشع غبار المعركة عن مقتلة عظيمة ، و تضع الحرب أوزارها .
    و يجلس المسلمون بين يدي رسول الله يحصون ما كان لهم ، و ما كان عليهم .
    و يسأل عليه الصلاة و السلام و قد خامر فؤاده شيء من قلق ، لُمِح في عينيه أثر منه : هل تفقدون من أحد ؟
    و يأخذ الصحابة في النظر يميناً و شمالاً ، فيذكرون فلاناً و فلاناً و فلاناً ، ممن لهم بهم قرابة أو معرفة .
    و يعيد عليه السلام السؤال نفسه و قد ظهرت في صوته رنة أسى اخترق سهمها فؤاده الكريم : هل تفقدون من أحد ؟
    قد ذكروا من يهمهم و يشغل بالهم أمرهم ، و ما عاد في الذهن اسم أحد ، فقالوا : لا .
    عندها قال عليه الصلاة و السلام يعمر صوتَه حب و حنان أبويان : لكنني أفقد جليبيباً .
    و يتابع و قد غسلت دموع القلب صوته الملكي : فاطلبوه في القتلى .
    فيطلبونه بين تلال الجثث و سيول الدماء ليلقوه بين سبعة جندلهم بسيفه ثم تمكنوا منه .
    و يقوم رسول الله على جثمان صحابيِّه المنسي بين الناس ، المذكور عند الله ، ليقول و دمعتان تهملان على وجنتيه بصوت خاشع فيه تهدج أنين : قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني و أنا منه ، قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني و أنا منه .
    ثم يعمد إلى جثمانه فيحمله بين راحتيه الطاهرتين بكل حنان وحب و حزن ، و يقف على حيث سيدفن .
    و يعمل الحافرون على خرق الأرض ليخلد إليها جليبيب ، و جثمانه لا سرير له إلا أحضان النبي الكريم حتى يفرغوا .
    و ينزله رسول الله بيديه في مثواه ، و يهال عليه التراب و عينا رسول الله ترمقانه مودعتين .
    رسولَ الله ..
    عبراتي انسكبت و أنا أخط ساعة من حياتك ، تلك الحياة التي جددت البشرية لأنها جددت قلوب أبنائها ، و غسلتها بمطر الحياة .
    ساعة من ساعات الأب الذي تجلى لؤلؤةَ حقو حب و حنان ما تزال تنبع في صدورنا لتصب في أرواحنا بعد كل تلك القرون التي تفصل زماننا عن زمانك .
    رسولَ الله ..
    كلما مررت بسيرتك ما وجدت كلاماً يفي حقك سوى ..
    صلى رب العزة عليك و على آلك و سلم .
    الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ

    [align=left]إمام الأدب العربي
    مصطفى صادق الرافعي[/align]
  • شيماءعبدالله
    أديب وكاتب
    • 06-08-2010
    • 7583

    #2
    سلمت يمناك فاضلنا عبد الله
    ونحن نحب من أحبه رسول الله صل الله عليه وسلم
    نسأل الله ان يجمعنا بالحبيب المصطفى ويسقنا من حوضه
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كبيرا .
    خير سيرة وخير الكلام
    سلمت وسلم مدادك الثري وأدام الله يراعك للخير
    مع كل التحية والتقدير

    تعليق

    • رشا السيد احمد
      فنانة تشكيلية
      مشرف
      • 28-09-2010
      • 3917

      #3

      اللهم صل على حبيبنا محمد خير البشر والبرية وعلى آله وصحبه وسلم
      مسك السير ما أوردته يا عزيزي
      لو لم يكن قلب الحبيب محمد أنقى قلوب الناس لم كان حبيب الرحمن
      اللهم أجعلنا صحبة معه على حوضه
      قبل كل شئ الرائع في سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين
      إنسانيته الرائعة و إحاطته بكل ما صغر وكبر ورحابة صدره وخلقه الكريم إنك لتجد رسول الله كله خير في خير
      و أضف لذلك نظرته الثاقبة وحبه في الله للصحابة والمسلمين أجمعين وقلبه الأنقى من بين قلوب البشر
      قبل أن ندخل فيما قدم للبشرية

      سلم اليراع فيما نقل من السيرة العطرة
      اللهم ثبتنا على دين الإسلام جميعا ً
      كنت رائعا ً فيما أوردت .
      https://www.facebook.com/mjed.alhadad

      للوطن
      لقنديل الروح ...
      ستظلُ صوفية فرشاتي
      ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
      بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

      تعليق

      • محمد خالد النبالي
        أديب وكاتب
        • 03-06-2011
        • 2423

        #4
        الاخ عبد الله نفاخ

        اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

        صديقي نص جميل روحاني راقي جدا

        كنت رائعا بروحانيتك

        دمت بود
        https://www4.0zz0.com/2023/08/17/16/629628058.png

        تعليق

        • أمل ابراهيم
          أديبة
          • 12-12-2009
          • 867

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عبد الله راتب نفاخ مشاهدة المشاركة
          عنك يا رسول الله

          إذا ما سئلت عمن أراه قد طأطأ رخ العظمة رأسه و خنع بجناحيه لتحيته من بني البشر ، فما أحسب إجابتي ستكون سوى : ذلكم رسول الله محمد صلى الله عليه و على آله و سلم .
          و ما أصدر في هذا عن تعصب أو هوى ديني ، بل عن قناعة و تقدير لما قرأته و ما زلت أقرؤه ، و عرفته و ما زلت أعرفه ، من جوانب عظمة ذلك الإنسان الذي تضع الإنسانية أجنحتها السماوية له تقديراً و إجلالاً .
          جليبيب ... اسم له قصة في سيرة النبي الكريم ، يعرفها كثيرون ، و يجهلها كثيرون .
          وقعت عليها كاملة في تفسير ابن كثير ، ذلك السفر الذي يكاد لا يفسر القرآن إلا بمثله أو بكلام سيد الخلق أو بعض صحابته .
          جليبيب .. واحد من صحابة محمد صلى الله عليه و سلم ، خامل الذكر ، وضيع الشأن بين الناس ، لكنه ليس كذلك لدى سيد الإنسانية رسول رب العالمين .
          قصته في أغلب المراجع تبدأ مذ خطب رسول الله إلى قوم لهم شأن و غنى ، فقبلوا دون أن يستأنوا لظنهم أن الخطبة للخاطب نفسه ، لكنه يصعقهم حين ينبئهم أنها ليست له ، بل لجليبيب .
          و تأخذ سورة الغيظ بالأم فتردد : ( أجليبيب ابنه ؟ أجليبيب ابنه ؟ ) ثم تعطف : ( لا لعمر الله لا نزوجه )
          و يجد الأب نفسه عاجزاً أمام خيبة أمله ، و انفعال زوجه ، فيقوم ليرد الخطبة على رسول الله صلى الله عليه و سلم .
          عندئذ تخرج إليه ابنته صاحبة الشأن لائمة مقرِّعة : أتردون خطبة رسول الله ؟ أنستأمنه على خبر السماء ثم لا نستأمنه على زيجة ؟ أتحسبونه يضيعنا ؟
          و تؤوب الذكرى إلى الوالدين المؤمنين ، فيسترجعان بعد غفلة ، و إن يكن تبقى في الصدر شيء من غضاضة ، لكنه التسليم لأمر الله و أمر رسوله .
          و تنزل الآية الكريمة حسب قول بعض العلماء ( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )
          و يتم الزواج ..
          و بعد أمد ليس بالبعيد تدق طبول الحرب ، و يفزع أهل المدينة ، و يقوم منادي الجهاد في الناس .
          و ينهض القوم و فيهم جليبيب .
          ثم ينقشع غبار المعركة عن مقتلة عظيمة ، و تضع الحرب أوزارها .
          و يجلس المسلمون بين يدي رسول الله يحصون ما كان لهم ، و ما كان عليهم .
          و يسأل عليه الصلاة و السلام و قد خامر فؤاده شيء من قلق ، لُمِح في عينيه أثر منه : هل تفقدون من أحد ؟
          و يأخذ الصحابة في النظر يميناً و شمالاً ، فيذكرون فلاناً و فلاناً و فلاناً ، ممن لهم بهم قرابة أو معرفة .
          و يعيد عليه السلام السؤال نفسه و قد ظهرت في صوته رنة أسى اخترق سهمها فؤاده الكريم : هل تفقدون من أحد ؟
          قد ذكروا من يهمهم و يشغل بالهم أمرهم ، و ما عاد في الذهن اسم أحد ، فقالوا : لا .
          عندها قال عليه الصلاة و السلام يعمر صوتَه حب و حنان أبويان : لكنني أفقد جليبيباً .
          و يتابع و قد غسلت دموع القلب صوته الملكي : فاطلبوه في القتلى .
          فيطلبونه بين تلال الجثث و سيول الدماء ليلقوه بين سبعة جندلهم بسيفه ثم تمكنوا منه .
          و يقوم رسول الله على جثمان صحابيِّه المنسي بين الناس ، المذكور عند الله ، ليقول و دمعتان تهملان على وجنتيه بصوت خاشع فيه تهدج أنين : قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني و أنا منه ، قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني و أنا منه .
          ثم يعمد إلى جثمانه فيحمله بين راحتيه الطاهرتين بكل حنان وحب و حزن ، و يقف على حيث سيدفن .
          و يعمل الحافرون على خرق الأرض ليخلد إليها جليبيب ، و جثمانه لا سرير له إلا أحضان النبي الكريم حتى يفرغوا .
          و ينزله رسول الله بيديه في مثواه ، و يهال عليه التراب و عينا رسول الله ترمقانه مودعتين .
          رسولَ الله ..
          عبراتي انسكبت و أنا أخط ساعة من حياتك ، تلك الحياة التي جددت البشرية لأنها جددت قلوب أبنائها ، و غسلتها بمطر الحياة .
          ساعة من ساعات الأب الذي تجلى لؤلؤةَ حقو حب و حنان ما تزال تنبع في صدورنا لتصب في أرواحنا بعد كل تلك القرون التي تفصل زماننا عن زمانك .
          رسولَ الله ..
          كلما مررت بسيرتك ما وجدت كلاماً يفي حقك سوى ..
          صلى رب العزة عليك و على آلك و سلم .
          الزميل القدير والرائع عبد الله نفاخ
          مساء الخير والعافيه
          بارك الله فيك وجعلنا من يضع يديه بيد شفيعه
          صلوا على كامل النور احمد محمد شفيعنا يوم الختام
          تحياتي وودي
          درت حول العالم كله.. فلم أجد أحلى من تراب وطني

          تعليق

          • ريما منير عبد الله
            رشــفـة عـطـر
            مدير عام
            • 07-01-2010
            • 2680

            #6
            صدق الله العظيم إذ قال (وإنك لعلى خلق عظيم)
            صلى الله عليك وسلم يا حبيبنا محمد
            ..
            جزاك الله خير الجزاء أستاذ عبدالله وسلمت يداك

            تعليق

            • مها منصور
              أديبة
              • 30-10-2011
              • 1212

              #7
              عليه أفضل الصلاة والسلام ..

              وهل هناك مثل محمد ..

              ديناً وخُلقاً ..

              وماعسانا نقول غير

              شكراً لهذا النص الجميل

              تقديري ...

              تعليق

              يعمل...
              X