بعد قراءة واعية ومتأنية للموضوع ومعه جميع الردود.أشير إلى كبير افتخاري بأهل لغة الضاد وأنوه بمجهوداتهم الجادة
الموثقة بالمرجعيات اللغوية والبلاغية بارككم الله أساتذتي الفضلاء . لقد أبليتم بلاء اللغويين مشكورين ولم تتركوا لي ما سأشارككم به إلا هذه الكلمات المتواضعة .كما أن ملتقى اللغة العربية مزدان بتواجدكم وبمشاركاتكم
الرصينة التي نحن في أمس الحاجة إليها من قبيل لغة الدارين الدنيا والأخرة ..
وبالمناسبة أود أن أضيف من مخزوني المتواضع ما له علاقة بتعريف علوم البلاغة ....انطلاقا من السؤال المطروح : هل صحيح أن الايجاز هو البلاغة ؟..أستاذتي بنت الشهباء أقول لك : إن الإيجاز جزء من مكون علوم البلاغة وليس هو البلاغة على شمولية إطلاقها .
والبلاغة في اللغة من البلوغ والإنتهاء أي بلوغ المعنى من القائل إلى ذهن المتلقي ودون توغل في التعقيد اللفظي والمعنوي أو صناعة مكشوفة من الكلام
من حيث التنميق والتزويق إلى غاية فقدان الكلام رصانته وجوهر معناه ..
وفي الاصطلاح : البلاغة هي علم قائم بذاته بجانب علم النحو والعروض ..إلخ ..
والبلاغة ثلاثة أبواب :
باب البيان ـ وباب المعاني ـ وباب البديع ..
والبليغ قد يختار للتعبير عما يخالجه من المعاني ثلاثة أنواع .
فهو قد يسهب أو يوجز أو يطنب أي يطيل ..وبالنسبة للإيجاز فهو جمع المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل مع الإفصاح والاظهار .وهو نوعان :
إيجاز قصر ويكون بتضمين العبارات القصيرة معاني قصيرة من غير حذف .
إيجاز حذف ويكون بحذف كلمة أوجملة أو أكثر مع قرينة تعين المحذوف ..
وبما أن الإيجازله غايات جمالية في اللغة العربية .وهو الاقتصار على مجمل
التعبيردون إطالة ..أقول : إن مجمع الاحكام والأمثال والعبر كان مصدرها هذا الإيجاز وعلى رأس ذلك كلامه سبحانه وتعالى الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه المحكم آياته .والذي لا يحسن تأويله إلا الراسخون في علوم اللغة ومنها البلاغة بكل أقسامها ...
ولي عودة إلى الموضوع من أجل مواصلة النقاش من حيث أهمية الإيجاز في اللغة العربية خاصة وأنه من أقسام علم المعاني ...
هل صحيحٌ أنَّ الإيجازَ هو البلاغة؟
تقليص
X
-
أحترمك وأجلك أخي الأستاذ زياد القيمري
على أسلوبك الراقي المهذب في الحوار والبحث والمعرفة والعرض, وأنت بحق علم
من أعلام الملتقى , لاأرقى الى منزلتك الشامخة بما تضيفه من موضوعات
وحوارات تنم عن أدبك وابداعك في كل مجال .
===
ولك ما طلبت عن (أنموذج) من البلاغة :( منقولا )
أولا : أخي الفاضل
وللكلام البليغ مراتب أعلاها ما يصل الى حد :(الاعجاز)
وهو متمثل في كلام ربنا سبحانه وتعالى في كتابه البليغ المعجز.
ومرتبة ما يقرب منه : في كلام من أوتي : جوامع الكلم : نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ودون ذلك مراتب كثيرة يتبارى فيها البلغاء من الأدباء والفصحاء والمبدعين
ومن الأمثلة ما أسوقه الآن منقولا :
1- قال تعالى :( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه , قال : من يحي العظام وهي رميم , قل : يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ,الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فاذا أنتم منه توقدون , أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم .؟ بلى وهو الخلاق العليم . انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون .) ولعلماء البلاغة أن يدخلوا ليوضحوا ما في هذا الكلام الالهي من الإعجاز البلاغي إن شاءوا .!!
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ............) وقوله : ( كفى بالسلامة داء) والمعنى :أن الرجل إذا طالت به الحياة وامتد به العمر ,كان طول حياته سببا في كبره وضعف صحته, وعجزه عن القيام بأموره من الطاعة والعيش ,ولقد يمتد به الأجل حتى يصير عاجزا عن القيام والقعود وتناول الطعام والشراب ,والاستمتاع بما يقع تحت بصره من دواعي السرور والفرح . أفليس هذا داءً لادواء له إلا أن يستريح الجسم الفاني من متاعب الحياة , ويعود إلى ربه .؟!! (بلاغة)
3- قال الشاعر (حميد بن ثور ) في معنى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :( كفي بالسلامة داء)
[poem=font="Arial,6,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,4,red" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
أرى بصري قد رابني بعد صحة = وحسبك داء أن تصح وتسلما[/poem]
4- دخل أعرابي على الخليفة المنصور فتكلم , فأعجب ببلاغته فقال :
( سل حاجتك )
فقال الأعرابي : يبقيك الله , وبزيد في سلطانك
فقال المنصور : سل حاجتك فليس في كل وقت تؤمر بذلك .
فقال : ولم يا أمير المؤمنين ؟ فوالله ما أستقصر عمرك ولا أخاف بخلك , ولا أغتنم مالك ,وإن سؤالك لشرف ,وإن عطاءك لزين , وما بامريء بذل وجهه إليك نقص ولا شين .)
إلى غير ذلك من النماذج الرائعة المسجلة في كتب التراث الأدبي العربي .
تحيتي لك أخي زياد القيمري وكل رواد القسم اللغوي .
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركةبعيدا عن تعريفات علماء البلاغة والمعتزلة من أهل الكلام والايجاز والاطناب
أبسط الأمر من وجهة نظري كمعلم للغة العربية درس البلاغة للطلاب ثلاثين عاما :
أقول وبالله التوفيق والسداد :
من خلال ما درسته ومن خلال ما بحثت فيه من الكتب التي تتحدث عن البلاغة وأكثرها ذكره السادة المداخلون في المساهمة لصاحبة الموضوع الفاضلة: بنت الشهباء .
===
اذا عرض لك موضوع : فعرفت ما يقتضيه ويتطلبه المقام من القول أو المقال
وقلت فيه من الكلام ما يحسن أن يقال في مثله, واخترت المعاني من الألفاظ والجمل والأساليب . ما يتناسب وعقول القارئين والسامعين وشعورهم وذوقهم
فأنت بليغ . وتلك هي البلاغة .!!
فهي تحتاج كما رأينا في المقدمة الى :
1- علما بالموضوع الذي تريد الكلام فيه أو الكتابة عنه .
2- معرفة بعقلية المخاطبين وشعورهم وذوقهم .(بيئة وزمانا ومكانا)
3- أن تختار من بين المعاني ووسائل البيان ما يتفق وهذه العقلية والشعور والذوق .
4- أن تتخير للمعاني ما يليق بها من الألفاظ .
والعلم الذي يدلك على كل هذه الوسائل المطلوبة لتكون بليغا
ويشرح لك هذه الأمور كلها هو مانسميه :( علم البلاغة )
===
هذه رأيي والله أعلى وأعلم .
(وفوق كل ذي علم عليم )
محمد فهمي يوسف
لك المودة والتقدير
وبعد...
...أُستاذي في كل يوم يُضاف في سجل وجودي داخل رياحين وحدائق الملتقى ...يزداد اقتناعي أن عددا من النجوم المشعة ما زالت تُنير السبيل لنا نحو الوصول الى نبع الحياة، لنروي ظمأنا الذي ما زال يحرق ما بقي من أكبادنا ...وما سما من نشيج أرواحنا.....
وأنت يا أُستاذي المُفدى ...أول تلك النجوم ...وبوصلتهم...
لك احترامي ...ولرأيك التقدير
ملاحظة ...أوليس فيما ذكرتُ الآن نوعٌ من تطبيق مفهوم البلاغة التي تنشد...؟؟؟
ابن القدس- الاستاذ
زياد القيمري
اترك تعليق:
-
-
بعيدا عن تعريفات علماء البلاغة والمعتزلة من أهل الكلام والايجاز والاطناب
أبسط الأمر من وجهة نظري كمعلم للغة العربية درس البلاغة للطلاب ثلاثين عاما :
أقول وبالله التوفيق والسداد :
من خلال ما درسته ومن خلال ما بحثت فيه من الكتب التي تتحدث عن البلاغة وأكثرها ذكره السادة المداخلون في المساهمة لصاحبة الموضوع الفاضلة: بنت الشهباء .
===
اذا عرض لك موضوع : فعرفت ما يقتضيه ويتطلبه المقام من القول أو المقال
وقلت فيه من الكلام ما يحسن أن يقال في مثله, واخترت المعاني من الألفاظ والجمل والأساليب . ما يتناسب وعقول القارئين والسامعين وشعورهم وذوقهم
فأنت بليغ . وتلك هي البلاغة .!!
فهي تحتاج كما رأينا في المقدمة الى :
1- علما بالموضوع الذي تريد الكلام فيه أو الكتابة عنه .
2- معرفة بعقلية المخاطبين وشعورهم وذوقهم .(بيئة وزمانا ومكانا)
3- أن تختار من بين المعاني ووسائل البيان ما يتفق وهذه العقلية والشعور والذوق .
4- أن تتخير للمعاني ما يليق بها من الألفاظ .
والعلم الذي يدلك على كل هذه الوسائل المطلوبة لتكون بليغا
ويشرح لك هذه الأمور كلها هو مانسميه :( علم البلاغة )
===
هذه رأيي والله أعلى وأعلم .
(وفوق كل ذي علم عليم )
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة بنت الشهباء مشاهدة المشاركة[align=center]
أبداً هذا ليس بصحيح، إنا نستطيع أن ندعو تلك التصرفات " تكيفا " مع الموقف
أو " تلاؤما " مع الظرف، ونستطيع أن نطلق على أي اسم، أو صفة،
ولكن لا يمكن أن نسميها " بلاغة " .
والإيجاز كذلك .. إنه ما دام ينسرب في الكلام المحكّي أو المكتوب فقد يكون من البلاغة حيناً، ومن غير البلاغة حينا آخر .. وقد يكون الموجز مصيباً في موقف، وغيرَ مصيبٍ في موقفٍ آخرَ. ..
انظر إلى قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام إذ سأله : "
{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى. }
طه( 17-18)
أو ليس اللهُ – جلَّ جلالُه – هو الذي خلق موسى، وخلق عصاه، ويعرف السبب من أجله حمل موسى عصاه ؟ إذن فلماذا كان السؤال أولاً ؟ ولماذا كانت هذه الإجابة المسهبة المفصّلة ؟ ألم يكن أولى بالسائل ألاّ يسأل، وبالمجيب أن يختصر، ولا سيما أنه في حضرة ملك الملوك، ومن يعرف الظاهر والباطن، والسرَ وأخفى؟ ألم يكن بعيداً عن البلاغة – في رأي ابن المقفع، وابن المعتز، ومن عرّ ف البلاغة بالإيجاز ؟
مخطئون هؤلاء القوم حين قَصَروا البلاغة على الإيجاز، دون قيد أو شرط، لأنهم نسوا أن الإيجاز عيب حين يكون الحبيبُ مع الحبيب، وحين تحلو النجوى، ويلّذ الحديث، وتطيب المناجاة . وهل كان موسى – عليه السلام – إلّا محبّاً أو حبيباً في آن واحد ؟ وهل أحبّ إليه من هذا الموقف الرائع يسأله حبيبه الذي فضله بالرسالة، واصطفاه واجتباه ؟ ويجيبه موسى يفصل له، ويشرح ... وموسى إن لم يسهب في مثل هذا الموقف، فأين يحسن الإسهاب، ويُستحب الشرح والتفصيل ؟
عبثٌ إذن أن نقول : السكوت بلاغة، والاستماع بلاغة، والإيجاز بلاغة وأمثال هذه الأقوال، لأن للظروف أحكامها، وللمواقف متطلباتها .والبلاغة الحق، إضافة إلى كونها المكتوب أو المسموع، هي التي تقدر الظروف، والمواقف، وتعطي كل ذي حق حقه، سواء أكانت شعراً أم نثراً، مقالاً أم قصةً، مسرحيةً أم حكاية، مديحاً أم هجاءً، غَزَلاً أم استعطافاً ..."
[/size][/align]المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرحيم محمود مشاهدة المشاركةالسيدة بنت الشهباء
حان الوقت ليكون لنا رأي في عصر تطور الشعوب وتراكم الثقافات ، وتداخل الحضارات ، وتفاعل الناس بعضهم ببعض ، واقتراب الشعوب عبر وسائل الاتصال الحديثة المتسارعة التطور بعضهم من بعض ، والواقع أن الخليل بن أحمد الذي رفضت رأيه كما قلت :
ونخالفُ الخليلَ بنَ أحمدَ الفراهيدي الذي عرّف البلاغة بأنها ( ما قَرُب طرفاه، وبَعُد منتهاه. ).
السكوت بلاغة، والاستماع بلاغة، والإيجاز بلاغة...
فالخليل أوضح معنى البلاغة بأنها تمكن المتكلم من بلوغ درجة إقناع من يتكلم معه ، وهذا لا غبار عليه ، فهو لا يبلغ ذلك إلا إذا انتزع من من المخاطب إعجابا وموافقة وانتقالا من موقفه إلى موقف المتكلم فهذا هو البلاغة ، فهدف الحديث أن ينتزع المتكلم نفس المخاطب من نفسه لنفس المتكلم .
- أما قولك :
انظر إلى قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام إذ سأله : "
{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى. }
طه( 17-18)
أو ليس اللهُ – جلَّ جلالُه – هو الذي خلق موسى، وخلق عصاه، ويعرف السبب من أجله حمل موسى عصاه ؟ إذن فلماذا كان السؤال أولاً ؟ ولماذا كانت هذه الإجابة المسهبة المفصّلة ؟ ألم يكن أولى بالسائل ألاّ يسأل، وبالمجيب أن يختصر، ولا سيما أنه في حضرة ملك الملوك، ومن يعرف الظاهر والباطن، والسرَ وأخفى؟ ألم يكن بعيداً عن البلاغة – في رأي ابن المقفع، وابن المعتز، ومن عرّ ف البلاغة بالإيجاز ؟
مخطئون هؤلاء القوم حين قَصَروا البلاغة على الإيجاز، دون قيد أو شرط، لأنهم نسوا أن الإيجاز عيب حين يكون الحبيبُ مع الحبيب، وحين تحلو النجوى، ويلّذ الحديث، وتطيب المناجاة . وهل كان موسى – عليه السلام – إلّا محبّاً أو حبيباً في آن واحد ؟ وهل أحبّ إليه من هذا الموقف الرائع يسأله حبيبه الذي فضله بالرسالة، واصطفاه واجتباه ؟ ويجيبه موسى يفصل له، ويشرح ... وموسى إن لم يسهب في مثل هذا الموقف، فأين يحسن الإسهاب، ويُستحب الشرح والتفصيل ؟
فيفسر أهل الصوفية ذلك الموقف تفسيرا أراه جميلا أنقله بلا تعليق :
- يرى أهل الصوفية أن الله أراد أن يتخلى موسى عن قوته المفرطة التي كان يتمتع بها موسى عليه الصلاة والسلام لقوة ربه ، وأن يعرف أن العصا التي يدعي موسى بأنها له ، هي الواقع ليست له وأنها لو كانت مملوكة له لاستطاع أن يأمرها فتطيع ، ويعطيه تجربة عملية بأن يطلب له إلقاءها بعد سؤاله عنها ويجيب : هي عصاي ، وهنا ينقله الله للموقف الصحيح بأنها ليست عصاه ولا تأتمر بأمره ، وإنما تأتمر بأمر الله فقط ، وبهذا أخرجه من حوله ومن أن يكون مالكا لشي على وجه اليقين ، وإلا لو كانت ملكه لما خاف منها ، ولاستطاع تغيير حالتها من عصا لحية وبالعكس ، ولذا فهو بعد ذلك اعتمد على قوة ربه في العصا التي يملكها الله فضرب بها البحر والحجر .. الخ
وأما ترسل موسى وإطنابه في الحديث فهو استجلاب للبركة وإظهار للاستجابة في نقل كل ما يعلم عن العصا لمن يعرف أنه يعلم أكثر منه حبا في عدم إخفاء شيء واستجابته التامة خضوعا كاملا ، لإدراكه كمال علم الله بكل ما يعلم فأراد إظهار كمال الاستجابة لكمال علم الطالب .
فضلا عن سعادته بالكلام مع الله تعالى .
شكرا للجميع .المشاركة الأصلية بواسطة علي المتقي مشاهدة المشاركة[align=center]¨جاء في البيان و التبيين: سأل حفص بن سالم ، عمرو بن عبيد، :« ما البلاغة ؟
قال: ما بلغ بك الجنة، وعدَل بك عن النار، وما بصَّرَك مواقع
رُشدك وعواقِب غيِّك.
قال السائل: ليس هذا أريد.
قال :من لم يُحسن أن يسكُت لم يُحسن أن يستمع، ومن لم يُحسن
الاستماع لم يُحسن القول.
قال: ليس هذا أريد.
قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّا معشرَ الأنبياءُ بِكاء» أي قليلو الكلام (...).
قال السائل: ليس هذا أريد.
قال: كانوا يخافون من فتنة القول، ومن سقطات الكلام، ما لا يخافون من فتنة السكوت، ومن سقطات الصمت.
قال السائل: ليس هذا أريد.
قال عمرو: فكأنك إنما تريد تَخَيُّرَ اللفظ في حُسن الإفهام،
قال: نعم.
قال: إنك إن أُوتيتَ تقريرَ حجة الله في عقول المكلَّفين، وتخفيفَ
المؤونة على المستمعين وتزيينَ تلك المعاني في قلوب المريدين،
بالألفاظ المستحسَنة في الآذان، المقبولةِ عند الأذهان؛ رغبةً في
سرعة استجابتهم، ونفيِ الشواغل عن قلوبهم بالموعظة الحسنة، على
الكتاب والسنة؛ كنتَ قد أوتيتَ فصلَ الخطاب واستوجبتَ على الله
جزيل الثواب» .
يفهم من هذا القول أن العرب في تعريفهم للبلاغة لا يقصدون
الإحاطة بكل وجوهها، وإنما
ينظرون إلى وجه من الوجوه له علاقة بالمقام و السياق التداولي .
فابن المقفع حينما قال : [
COLOR="yellowgreen"]إن البلاغة هي الإيجاز [/
COLOR]لم يكن قصده اختزال هذه الكفاءة التي يهبها الله تعالى
لمن يشاء من عباده في هذا الأسلوب من أساليب الخطاب ، وإنما
يرى أن الإيجاز أسلوب تتحقق فيه البلاغة ويبرع فيه البليغ، دون
نفي تحققها في أساليب أخرى. وقد قيل أيضا : [
COLOR="yellowgreen"]البلاغة معرفة الفصل من
الوصل ، وهو باب من أبواب علم المعاني يحتاج
إلى كفاءة لضبطه و توظيفه التوظيف الصحيح ، ومن برع فيه
،وبلغ غايته فيه ، لا محالة سيبرع في أبواب أسهل منه.
وحين عرفها عمرو بن عبيد بقوله :
" ما بلغ بك الجنة، وعدَل بك عن النار، وما بصَّرَك مواقع رُشدك
وعواقِب غيِّك."لم يقصد بذلك اختزالها في العبادات ، وإنما في
القدرة على تدبر القرآن الكريم وفهم معانيه، وذلك يتطلب معرفة علم
المعاني وعلم البيان وكل ما يساعد على فهم كتاب الله ، وتجاوز ذلك
إلى العمل به .وهو قول يقترب من قول السيوطي الذي اعتبرها من
تمام الإيمان لأن بها يعرف إعجاز القرآن ، ومن قول السكاكي وهو
يتحدث عن علمي المعاني والبيان : الويل كل الويل لمن تعاطى
التفسير وهو فيهما راجل. " [/COLOR][/align]
للتوسع يرجى العودة إلى مقال الدكتور عباس ارحيلة انحراف البلاغة عن وظيفتها في الوجود في مدونته :على الرابط الآتي : http://rhilaabas.jeeran.com/rhila49/...11/733331.html الذي نقلت منه قول الجاحظ.
اترك تعليق:
-
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذنا الفاضل أبو صالح
ما جاء في مداخلتك بأن ما طرحه الدكتور بكري شيخ أمين عن ضوابط الفصل والوصل ، والأستاذ علي المتقي هو تجاوز وانحراف غير منطقي ولا موضوعي ، وأنه يدخل في علم الكلام كما تفضلت !!!؟؟......
ما أريد هنا يا أستاذنا الفاضل أن تبيّن لنا التجاوز فيما نقلته عن الدكتور بكري شيخ أمين ، وما جاء به الأستاذ علي المتقي ..
ولك منا جزيل الشكر والتقدير
اترك تعليق:
-
-
أظن ما نشرته بنت الشهباء مما انطلق منه د. بكري شيخ أمين و د. علي المتقي هو نفس ما أعلن عنه صراحة عبدالرحيم محمود بما يتعلّق بالقرآن الكريم من أنها تنطلق من أفكار صوفيّة، والتي هي من وجهة نظري لها علاقة بعلم الكلام وهو المسمّى الشيعي للفلسفة اليونانية
فما تم طرحه ليس له أي علاقة بالبلاغة من وجهة نظري، بل له علاقة بالتأويل والإبحار فيه من خلال علم الكلام حسب المسمّى الشيعي للفلسفة اليونانيّة
وهنا يقع كل منهم في اشكاليّة كبيرة من وجهة نظري، فأن كان القرآن الكريم يأتي شخص ويطرح تأويله كأنه بلاغة فكأنه يقول بأنه أكثر بلاغة من القرآن، وفي هذا تجاوز وانحراف غير منطقي ولا موضوعي يجب على الجميع الانتباه له
ما رأيكم دام فضلكم؟
اترك تعليق:
-
-
[align=center]أما عن ضوابط الوصل والفصل فيحدثنا الدكتور بكري شيخ أمين عنها فيقول :
[frame="7 98"]
[align=center](( أن هناك ضابطين اثنين بميزان الوصل والفصل :
الضابط الأول :
أن يعرف الكاتب ، أو الشاعر ، أو المتحدث ما يريد أن يقول ، وما يسعى للوصول إليه .
هذه المعرفة هي الأساس ... ومتى أخطأها الإنسان ذهب كلامه أدراج الرياح ..
الضابط الثاني :
يعتمد على العلم أولا وأخيرا .. ونقصد علم النحو أولاً ، والبلاغة ثانياً.
ينبغي أن يعلم من خلال علم النحو معاني الحروف ، وكيفية استخدامها في التعبير .. فالواو تؤدي معنىً يختلف عن الفاء ، أو ثم ، أو بل ..من معاني العطف ..
كذلك ينبغي أن يعلم أن الجملة الخبرية لها معنى وصياغة تختلف عن معنى الجملة الإنشائية وأسلوب صياغتها ..
إنه من ملك الذوق الفني أولا ، وأصول العلوم الأساسية ثانيا عرف بداهة متى يصل كلامه ، بعضه ببعض ، ومتى يقطعه ، بعضه عن بعض ..
مواطن الفصل
-1 إذا كان بين الجملتين اتحاد تام .. وذلك بأن تكون الثانية توكيداً للأولى ، أو بدلاً منها ، أو بياناً لها . وهو : كمال الاتصال .
فالتوكيد نحو:
[poem=font=",6,,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/2.gif" border="none,6," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
يهوى الثناء مبرّزٌ ومقصّرٌ = حبّ الثناء طبيعة الإنسان[/poem]
والبدل نحو:
يسومونكم سوء العذاب ، يذّبحون أبناءكم
والبيان نحو :
[poem=font=",6,,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/2.gif" border="none,6," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
الناسُ للناسِ من بدو وحاضرةٍ = بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدَمُ[/poem]
2-إذا كان بين الجملتين تباين تام ، وذلك بأن تختلفا خبراً وإنشاء ؛ أو بألا تكون بينهما مناسبة ما . وهذا هو كمال الانقطاع .
فالإنشاء مع الخبر :
[poem=font=",6,,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/2.gif" border="none,6,darkblue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
لستُ مستمطِراً لقبرك غيثاً = كيف يظْما وقد تضمّن بحراً ؟[/poem]
وعدم وجود مناسبة نحو :
كفى بالشيب واعظاً . صلاحُ الإنسان في حفظ الوداد
3- إذا كانت الثانية جواباً لسؤال مذكور أو مقدّر في الجملة الأولى .
وهذا شبه كمال الاتصال
[poem=font=",6,,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/2.gif" border="none,6," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
قال لي : كيف أنت؟قلتُ عليلُ.= سهرٌ دائمٌ ، وحزنٌ طويل[/poem]
والسؤال المقدر نحو:
[poem=font=",6,,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,6," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
يقولون :إني أحمل الضّيم عندهم = أعوذ بربّي أن يُضَام نظيري[/poem]
فالجملة الثانية جواب عن سؤال مقدّر في الجملة الأولى .. فكأن الشاعر بعد أن أتى بالشطر الأول من البيت أحسّ أن سائلاً يسأل : أصحيح ما يزعمون من أنك تقبل الذلّ والضيم ؟. فأجاب بالشطر الثاني عن هذا السؤال المتخيّل أو المقدّر .
مواطن الوصل
يقرر علماء النحو معاني حروف العطف ، ويفصلون القول فيها تفصيلاً يدعو إلى الإعجاب والافتخار ..
والذي يعيننا من هذه الحروف كلها العطف بالواو وحدها ، لأنها على حدّ تعبيرهم : لمجرد العطف ، ولا تحمل أيّ معنى إضافي ، على خلاف الحروف العاطفة الأخرى .
يلتفت علماء البلاغة إلى الجمل الموصولة بالواو وحدها .. ويضعون قواعد ضابطة للوصل فيقولون :
1- إذا اتفقت الجملتان خبراً أو إنشاء ، وكانت بينهما صلة جامعة في المعنى ؛ نحو: إن الأبرار لفي نعيم ، وإنّ الفجار لفي جحيم .
2- إذا اختلفت الجملتان خبراً أو إنشاء ، وأوهم الفصل خلاف المقصود .
قد تسأل صديقك عن صحة والده؛ فتقول له : هل شُفِيَ والدك ؟. فإذا قال لك : لا . عافاه الله ... فهو مصيب من جهة القاعدة البلاغية الموجبة للفصل بين الجملتين إذا اختلفتا خبراً وإنشاءً (( لأن )) (( لا )) تقوم مقام جملة خبرية ، و (( عافاه الله )) جملة إنشائية للدعاء . وهو مخطئ في التعبير بل في الذوق كذلك .. لأنه قد يُفهم من جوابه الدعاء على والده بعدم المعافاة ، وطبيعي أنه لا يقصد هذا .. لذا وجب الوصل في هذا الموطن ، والقول : لا وعافاه الله .
ويسألك أخ لك : ألكَ حاجة فأقضيها ؟ فتقول له : لا وحفظك الله .
الخلاصة ، لئن كان بحث الوصل والفصل كثير الأهمية عند الأقدمين إنه ليزداد أهمية لدى الأدباء المعاصرين ، إذا يعرّفهم متى يفصلون كلامهم بعضه عن بعض ، ومتى يصلونه ، بعضه ببعض .. على أن يكون الذوق أولا ومعرفة المراد عنوانيْ كلامهم وتعبيرهم .)) (1)[/align][/frame]
(1)البلاغة العربية في ثوبها الجديد
علم المعاني
المؤلف : الدكتور بكري شيخ أمين [/align]
اترك تعليق:
-
-
[align=center]أستاذ الفاضل الدكتور أحمد الليثي
وأستاذنا الكريم منذر أبو هواش
جزيل الشكر لمروركما وإضافتكما الطيبة ..
أستاذنا الفاضل
علي المتقي
اسمح لي أن أضيف إلى ما نثرته لنا بخصوص البلاغة وتعريفها الذي يقول :
البلاغة هي معرفة الفصل من الوصل [/align]
[frame="7 98"]
[align=center](( قيل للفارسي: ما البلاغة؟ فقال: معرفة الفصل من الوصل.
وقال المأمون لبعضهم: من أبلغ الناس؟ فقال: من قرَّب الأمرَ البعيد المتناول، والصّعب الدرك بالألفاظ اليسيرة،
قال: ما عدل سهمك عن الغرض. ولكن البليغ من كان كلامه في مقدار حاجته، ولا يجيل الفكرة في اختلاس ما صعب عليه من الألفاظ، ولا يكره المعاني على إنزالها في غير منازلها، ولا يتعمَّد الغريب الوحشيّ، ولا الساقط السوقيّ، فإن البلاغة إذا اعتزلتها المعرفة بمواضع الفصل والوصل كانت كاللآلئ بلا نظام.
وقال أبو العباس لكاتبه: قف عند مقاطع الكلام وحدوده، وإيّاك أن تخلط المرعىّ بالهمل. ومن حلية البلاغة المعرفة بمواضع الفصل والوصل.
وقال الأحنف بن قيس: ما رأيتُ رجلاً تكلّم فأحسن الوقوف عند مقاطع الكلام، ولا عرف حدوده إلا عمرو بن العاص رضى الله عنه، كان إذا تكلم تفقد مقاطع الكلام، وأعطى حقّ المقام، وغاص في استخراج المعنى بألطف مخرج، حتى كان يقف عند المقطع وقوفاً يحول بينه وبين تبيعته من الألفاظ، وكان كثيراً ما ينشد:
[poem=font=",6,,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/2.gif" border="none,6," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
إذا ما بدا فوق المنابر قائلا = أصاب بما يومي إليه المقاتلا[/poem]
ولا أعرف فصلا في كلام منثور أحسن مما أخبرنا به أبو أحمد، قال: حدثنا الصّولي، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثني العتبي عن أبيه، قال: كان شبيب ابن شبّة يوماً قاعداً بباب المهدي، فأقبل عبد الصمد بن الفضل الرّقاشيّ، فلما رآه قال: أتاكم والله كليمُ الناس. فلما جلس قال شبيب: تكلم يا أبا العباس، فقال: أمعك يا أبا معمر وأنت خطيبنا وسيدنا؟ قال: نعم، فوالله ما رأيت قلباً أقرب من لسان، من قلبك من لسانك، قال: في أي شيء تحب أن أتكلم؟ قال: وإذا شيخ معه عصاً يتوكأ عليها، فقال: صف لنا هذه العصا، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، ثم ذكر السماء، فقال: رفعها الله بغير عمد، وجعل فيها نجوم رجمٍ ونجوم اقتداء، وأدار فيها سراجاً وقمراً منيراً، لتعلموا عدد السنين والحساب، وأنزل منها ماء مباركاً، أحيا به الزرع والضّرع وأدرّ به الأقوات، وحفظ به الأرواح، وأنبت به أنواعا مختلفة، يصرّفها من حالٍ إلى حال، تكون حبّة، ثم يجعلها عرقا، ثم يقيمها على ساق، فبينا تراها خضراء ترف إذ صارت يابسة تتقصّف، لينتفع بها العباد، ويعمر بها البلاد، وجعل من يبسها هذه العصا. ثم أقبل على الشيخ، فقال: وكان هذا نطفة في صلب أبيه، ثم صار علقة حين خرج منه، ثم مضغة ثم لحما وعظما، فصار جنينا أوجده الله بعد عدم، وأنشأه مريدا، ووفقه مكتهلا، ونقصه شيخاً، حتى صار إلى هذه الحال، من الكبر، فاحتاج في آخر حالاته إلى هذه العصا، فتبارك المدبّر للعباد ...
وقال المأمون: ما أعجب بكلام أحد كإعجابي بكتاب القاسم بن عيسى، فإنه يوجز في غير عجز، ويصيب مفاصل الكلام ولا تدعوه المقدرة إلى الإطناب، ولا تميل به الغزارة إلى الإسهاب، يجلى عن مراده في كتبه، ويصيب المغزى في ألفاظه.)) (1)
(( وقيل لبعضهم: ما البلاغة؟ فقال: إبلاغ المتكلم حاجته بحسن إفهام السامع، ولذلك سميت بلاغة.
وقال آخر: البلاغة أن تفهم المخاطب بقدر فهمه، من غير تعب عليك.
وقال آخر: البلاغة معرفة الفصل من الوصل.
وقيل: البلاغة حسن العبارة، مع صحة الدلالة.
وقيل: البلاغة أن يكون أول كلامك يدل على آخره، وآخره يرتبط بأوله.
وقيل: البلاغة القوة على البيان، مع حسن النظام.))(2)[/align] [/frame]
[align=center]المصادر
(1)كتاب الصناعتين
المؤلف : أبو هلال العسكري
(2)العمدة في محاسن الشعر وآدابه
المؤلف : ابن رشيق القيرواني[/align]
اترك تعليق:
-
-
الايجاز من غير عجز، والاطناب في غير خَطَل.
القرآن الكريم بليغ كله،
وفيه ايجاز، وفيه اطناب،
سئل ابن المقفع: ما البلاغة؟ فقال:
الايجاز من غير عجز،
والاطناب في غير خَطَل.
اترك تعليق:
-
-
البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
تحنن عليَّ هداك المليك
فإن لكل مقـام مقـالا
اترك تعليق:
-
-
[align=center]¨جاء في البيان و التبيين: سأل حفص بن سالم ، عمرو بن عبيد، :« ما البلاغة ؟
قال: ما بلغ بك الجنة، وعدَل بك عن النار، وما بصَّرَك مواقع
رُشدك وعواقِب غيِّك.
قال السائل: ليس هذا أريد.
قال :من لم يُحسن أن يسكُت لم يُحسن أن يستمع، ومن لم يُحسن
الاستماع لم يُحسن القول.
قال: ليس هذا أريد.
قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّا معشرَ الأنبياءُ بِكاء» أي قليلو الكلام (...).
قال السائل: ليس هذا أريد.
قال: كانوا يخافون من فتنة القول، ومن سقطات الكلام، ما لا يخافون من فتنة السكوت، ومن سقطات الصمت.
قال السائل: ليس هذا أريد.
قال عمرو: فكأنك إنما تريد تَخَيُّرَ اللفظ في حُسن الإفهام،
قال: نعم.
قال: إنك إن أُوتيتَ تقريرَ حجة الله في عقول المكلَّفين، وتخفيفَ
المؤونة على المستمعين وتزيينَ تلك المعاني في قلوب المريدين،
بالألفاظ المستحسَنة في الآذان، المقبولةِ عند الأذهان؛ رغبةً في
سرعة استجابتهم، ونفيِ الشواغل عن قلوبهم بالموعظة الحسنة، على
الكتاب والسنة؛ كنتَ قد أوتيتَ فصلَ الخطاب واستوجبتَ على الله
جزيل الثواب» .
يفهم من هذا القول أن العرب في تعريفهم للبلاغة لا يقصدون
الإحاطة بكل وجوهها، وإنما
ينظرون إلى وجه من الوجوه له علاقة بالمقام و السياق التداولي .
فابن المقفع حينما قال : [
COLOR="yellowgreen"]إن البلاغة هي الإيجاز [/
COLOR]لم يكن قصده اختزال هذه الكفاءة التي يهبها الله تعالى
لمن يشاء من عباده في هذا الأسلوب من أساليب الخطاب ، وإنما
يرى أن الإيجاز أسلوب تتحقق فيه البلاغة ويبرع فيه البليغ، دون
نفي تحققها في أساليب أخرى. وقد قيل أيضا : [
COLOR="yellowgreen"]البلاغة معرفة الفصل من
الوصل ، وهو باب من أبواب علم المعاني يحتاج
إلى كفاءة لضبطه و توظيفه التوظيف الصحيح ، ومن برع فيه
،وبلغ غايته فيه ، لا محالة سيبرع في أبواب أسهل منه.
وحين عرفها عمرو بن عبيد بقوله :
" ما بلغ بك الجنة، وعدَل بك عن النار، وما بصَّرَك مواقع رُشدك
وعواقِب غيِّك."لم يقصد بذلك اختزالها في العبادات ، وإنما في
القدرة على تدبر القرآن الكريم وفهم معانيه، وذلك يتطلب معرفة علم
المعاني وعلم البيان وكل ما يساعد على فهم كتاب الله ، وتجاوز ذلك
إلى العمل به .وهو قول يقترب من قول السيوطي الذي اعتبرها من
تمام الإيمان لأن بها يعرف إعجاز القرآن ، ومن قول السكاكي وهو
يتحدث عن علمي المعاني والبيان : الويل كل الويل لمن تعاطى
التفسير وهو فيهما راجل. " [/COLOR][/align]
للتوسع يرجى العودة إلى مقال الدكتور عباس ارحيلة انحراف البلاغة عن وظيفتها في الوجود في مدونته :على الرابط الآتي : http://rhilaabas.jeeran.com/rhila49/...11/733331.html الذي نقلت منه قول الجاحظ.التعديل الأخير تم بواسطة علي المتقي; الساعة 26-03-2009, 21:06.
اترك تعليق:
-
-
أخي الكريم
حامد أبو طلعة
لست أنا من المختصين بعلم البلاغة ، ولكن متذوقة لها
وأنا هنا أحترم وجهة نظرك ، وأقول لكل واحد منا وجهة نظر مختلفة عن الآخر ويبقى علينا أن نحترم الرأي الآخر ...
الأستاذ الفاضل
عبد الرحيم محمود
لقد أعجبني ما أوردته هنا عن تفسير أهل الصوفية لموقف نبي الله موسى عليه السلام وأن العصا ليست عصاه ، وإنما هي العصا التي كانت تأتمر بأمر ربه يوجهها حيث يشاء بقدرته ....
فجزيل الشكر لمروركما الكريم
اترك تعليق:
-
-
السيدة بنت الشهباء
حان الوقت ليكون لنا رأي في عصر تطور الشعوب وتراكم الثقافات ، وتداخل الحضارات ، وتفاعل الناس بعضهم ببعض ، واقتراب الشعوب عبر وسائل الاتصال الحديثة المتسارعة التطور بعضهم من بعض ، والواقع أن الخليل بن أحمد الذي رفضت رأيه كما قلت :
ونخالفُ الخليلَ بنَ أحمدَ الفراهيدي الذي عرّف البلاغة بأنها ( ما قَرُب طرفاه، وبَعُد منتهاه. ).
السكوت بلاغة، والاستماع بلاغة، والإيجاز بلاغة...
فالخليل أوضح معنى البلاغة بأنها تمكن المتكلم من بلوغ درجة إقناع من يتكلم معه ، وهذا لا غبار عليه ، فهو لا يبلغ ذلك إلا إذا انتزع من من المخاطب إعجابا وموافقة وانتقالا من موقفه إلى موقف المتكلم فهذا هو البلاغة ، فهدف الحديث أن ينتزع المتكلم نفس المخاطب من نفسه لنفس المتكلم .
- أما قولك :
انظر إلى قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام إذ سأله : "
{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى. }
طه( 17-18)
أو ليس اللهُ – جلَّ جلالُه – هو الذي خلق موسى، وخلق عصاه، ويعرف السبب من أجله حمل موسى عصاه ؟ إذن فلماذا كان السؤال أولاً ؟ ولماذا كانت هذه الإجابة المسهبة المفصّلة ؟ ألم يكن أولى بالسائل ألاّ يسأل، وبالمجيب أن يختصر، ولا سيما أنه في حضرة ملك الملوك، ومن يعرف الظاهر والباطن، والسرَ وأخفى؟ ألم يكن بعيداً عن البلاغة – في رأي ابن المقفع، وابن المعتز، ومن عرّ ف البلاغة بالإيجاز ؟
مخطئون هؤلاء القوم حين قَصَروا البلاغة على الإيجاز، دون قيد أو شرط، لأنهم نسوا أن الإيجاز عيب حين يكون الحبيبُ مع الحبيب، وحين تحلو النجوى، ويلّذ الحديث، وتطيب المناجاة . وهل كان موسى – عليه السلام – إلّا محبّاً أو حبيباً في آن واحد ؟ وهل أحبّ إليه من هذا الموقف الرائع يسأله حبيبه الذي فضله بالرسالة، واصطفاه واجتباه ؟ ويجيبه موسى يفصل له، ويشرح ... وموسى إن لم يسهب في مثل هذا الموقف، فأين يحسن الإسهاب، ويُستحب الشرح والتفصيل ؟
فيفسر أهل الصوفية ذلك الموقف تفسيرا أراه جميلا أنقله بلا تعليق :
- يرى أهل الصوفية أن الله أراد أن يتخلى موسى عن قوته المفرطة التي كان يتمتع بها موسى عليه الصلاة والسلام لقوة ربه ، وأن يعرف أن العصا التي يدعي موسى بأنها له ، هي الواقع ليست له وأنها لو كانت مملوكة له لاستطاع أن يأمرها فتطيع ، ويعطيه تجربة عملية بأن يطلب له إلقاءها بعد سؤاله عنها ويجيب : هي عصاي ، وهنا ينقله الله للموقف الصحيح بأنها ليست عصاه ولا تأتمر بأمره ، وإنما تأتمر بأمر الله فقط ، وبهذا أخرجه من حوله ومن أن يكون مالكا لشي على وجه اليقين ، وإلا لو كانت ملكه لما خاف منها ، ولاستطاع تغيير حالتها من عصا لحية وبالعكس ، ولذا فهو بعد ذلك اعتمد على قوة ربه في العصا التي يملكها الله فضرب بها البحر والحجر .. الخ
وأما ترسل موسى وإطنابه في الحديث فهو استجلاب للبركة وإظهار للاستجابة في نقل كل ما يعلم عن العصا لمن يعرف أنه يعلم أكثر منه حبا في عدم إخفاء شيء واستجابته التامة خضوعا كاملا ، لإدراكه كمال علم الله بكل ما يعلم فأراد إظهار كمال الاستجابة لكمال علم الطالب .
فضلا عن سعادته بالكلام مع الله تعالى .
شكرا للجميع .
اترك تعليق:
-
-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على النبي الكريم ، محمد بن عبدالله وعلى آل وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم
الأستاذة / بنت الشهباء
أشكر لك هذا الطرح الجميل حول مفهوم البلاغة وماهيتها
والذي يظهر لي - استاذة أمينة - أن الدكتور بكري أمين أخفق في إيضاحاته الى حد كبير
فحديثه عن البلاغة في هذا الكتاب لم يكن سوى وجهة نظر شخصية أحترمها ويحترمها كل قاريء ، لكنها ليست بالضرورة نتيجة حتمية لكشف النقاب عن هوية البلاغة
هذا فضلا عن أنه لم يوفق في توظيف الأدلة والشواهد القرآنية والأحاديث النبوية وغيرها مما استشهد به
فمن الواضح - من خلال ما أورد د . بكري أمين - مراعاة المتكلم مقتضى الحال وأخذ ظروف الزمان والمكان والمتلقي في الإعتبار وهذا صحيح لكنه يندرج تحت ( فن الكلام ) ولا يمت للبلاغة بصلة
أستاذة / أمينة
أختلف مع الدكتور بكري أمين فيما وصل إليه
والله أسأل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
مجددا ، شكرا لك
اترك تعليق:
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 108518. الأعضاء 7 والزوار 108511.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 551,206, 15-05-2025 الساعة 03:23.
اترك تعليق: