منحة الزمن الثمين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بريق روح
    عضو الملتقى
    • 07-01-2012
    • 13

    منحة الزمن الثمين










    ثمّة ضجيج بداخلي يدفعني إلى مجالستها ..





    تلك الورقة البيضاء الخالية من تراكيب الحروف وما بينها ؛





    أفكارٌ و أفكار





    تدفع القلم صوبها ليراودها عن نفسها فيكتملان ..





    تمرّ الساعات تلو الساعات وأنا أجالسها حتى تراءت لي ملامحها





    البيضاء مساحاتٌ بلورية عكست صورتي في مرحلة خريفية من العمر ..





    فجأة .. تخيلت ذاتي وقد بلغت عامها التسعين ..





    ترى لو كنت سأنصحني .. ماذا سأقول ؟؟





    تملكني القلق بعد أن قضيت النهار بطوله وأنا أفكر ، وأتأمل حياتي





    عن بعد عبر تلك المسافة بيني وبين نفسي ..





    ترى لو بلغتُ عامي التسعين ما هي النصائح والعظات





    التي سأمنحها لذاتي الصغرى الآن ؟؟





    حاولت أن أفرغ جمجمتي من كل أمر حولي ومن كل ما





    يجول بداخلي كمن يفرغ قبواً من محتوياته





    فقط لأصل لتلك المرحلة الحاسمة من العمر وانصت





    بعد مضي الوقت بدأت تهمسني قائمة من النصائح والحكم كلها دقيقة وصائبة تماماً ؛؛





    فتلك العجوز كانت عيناها تشعان بما هو كفيلٌ أن ينبهني إلى أمورٍ





    و سلوك من الأفضل تجنبها حتى أقبض على سعادتي أكثر ..





    كما أن ذلك يساعدني على امتلاك مفاتيح سعادتي بدقة متناهية والسعي





    نحوها بدأبٍ كبير ..





    غريبٌ أمرنا نحن البشر !!





    لماذا نترك أنفسنا للحياة تسيرنا وفق مشيئتها وَ





    وِفق أهواءنا الطائشة ورغباتنا المائلة





    فترفعنا تلك الأمواج أو تهبط بنا كما تشاء





    على الرغم من أن هناك مساحة واسعة من الإختيار والتي نكبح بها





    الهواجس الشيطانية ورغباتها المحثة إلى الهلاك ..





    إنها درب الإنسانية المشع والذي من السهل أن نمضي إليه وفيه





    فبإمكاننا أن نؤدي ما هو مطلوبٌ منّا بينما تبقى أعيننا على ما يدور حولنا وعلى ما يجب علينا التخلص منه ..





    وأن نمعن التفكير بوعيٍ أكبر على افساح مساحة لـِ ( مَا / مَنْ ) هو مهم بالنسبة لنا





    فلنمنح من نحب اهتماماً أكثر وَ وقتاً أكبر



    فلو أنهم موجودون اليوم قد يأتي الغد بدونهم فلا نجدهم ..



    ولا نجد سوى مساحة من الفقد والندم ربما ..





    فهلمّوا ..





    نتخيل أننا بلغنا مبالغ العمر المتقدم .. ترى ما





    هي النصيحة التي سنُسديها لذاتنا الصغرى وبأي الحكم سنضيئ البصيرة





    مع الأخذ بعين الاعتبار أنها هبات الزمن





    الثمين التي ستضع لنا مقاييس السعادة والتي بدورها تتوقف على مدى استيعابنا





    واستفادتنا وتأملنا لها ..





    لا ريب في أننا قد نخطئ وقد ننسى وقد تتلاشى من بين





    أصابعنا أوقات كان من الممكن أن تمضي بنا إلى أمورٍ أهم





    وإلى حيثيات باعثة على السعادة الحقيقية والفعلية والمستمرة معنا بشتّى السبل





    تعالوا ..





    نتوقف الآن في حيز يمضي بنا نحو حكم مصطفاة من ذاك الزمن الثمين





    فنقيّم ذاتنا ونعترف بأخطائنا .. نحدد اللحظات





    الضائعة .. نعدل المسار ونضيئ فتيل الإتجاه ونمضي ..





    فلو أنني بلغت التسعين ضوءاً من حياتي سأقول لنفسي الآن :





    تريثي ..





    تنفسي بعمق وأطيلي التأمل أكثر فالعجلة تحول بينك وبين التفاصيل





    الصغيرة التي يكمن بها جواهر الأمور والشخصيات





    فالسبيل التي نسلكها لا تقل أهمية عن الهدف المراد وتلك السبيل





    مليئة بمفاجآت القدر فإذا ما عارضتك سحبها الحبلى واجهي البلل





    واغتسلي بطهر الدروس وتعلمي جيداً من لغة المطر





    اشعلي قناديل الأمل والحذر وطوّري الطيبة بداخلك





    إلى منهج روحاني مضيئ ذو نظرة وبصيرة





    ابسطي بساط النقاء / البذل / والعطاء مهما اتسعت





    مساحة السواد في ذاك الفضاء





    فما هي في الأفق البعيد سوى نقطة سوداء ويبقى





    الفضاء مساحة تنصت لنا ونحن نختار من نكون





    اخرجي تلك الكتب من فوق الرف وابدأي بأولها





    اخرجي كراستك الصغيرة واطلقي العنان لقلم الرصاص ليجسد





    أحاسيسك التي ترقد في مهد العتمة تنتظر بزوغ الإكتمال بين يديك





    اهدئي





    اهدئي





    اهدئي





    هكذا ابصرتُ سطوري





    تزدحم بالكلمات على ورقتي البيضاء في ذاك السّن المكتمل ..





    دقات قلبي تتسارع .. أشعر بأن هناك الكثير أرغب بأن أخبرني به ؛





    سكون ..





    وتأمل لصوت الحياة في الخارج .. وكأنه يروي لي حكاية صراع الطبيعة ..





    فعباب البحر يصفع وجنة الشاطئ





    والعواصف تلطم السحب الحبلى لتلد الغرق الذي يسبب الإختناق





    والصحراء ماضية في التمدد والإخضرار ينكمش ، يتبدل ويتحول !!





    والسماء متقلبة طوعاً لمجريات الفصول ومحدثات الأفلاك





    والأرض لا تحتمل ذاك الضجيج فتتصدع وتتشقق ..ثمة بركان سيحدث وثمة دمار سيترتب





    أتأمل منظومة الأرض والماء والنور والهواء كيف





    تهبنا الحياة أحياناً وكيف تسلبها منّا أحياناً أخرى





    ومدى التصاق ذلك بنا وكأننا النسخة الأخرى





    فليس كل تغيير باعثٌ على الحياة وليس كل جمود يقود إلى الموت





    فالحكمة تقبع بينهما وتنتظر فقط من يجيد قراءتها ...





    كل هذا وتلك العجوز لم تتوقف عن المضي في نثر ضيائها :





    هناك إشارات توميء بها الأكوان تصدر بلغة العالم بأمرٍ من موجدها ومدبرها





    تنبهنا للسبيل التي يتحتم سلوكها ؛ فقط علينا أن





    نهتم بقراءة ما كتب لنا و أن نعي ذلك جيداً





    فقد نعيش حقبة من الزمن نخال فيها أن





    الأمور واضحة وكل الأشياء ممكنة





    وأن الحياة ما هي إلا حلم نفعل فيه كل ما نحب و أن





    تأويل ذلك الحلم على قيد التحقيق





    حتى تباغتنا الظروف الغامضة فتحول بيننا وبين ذاك التأويل





    ذاك الغموض ليس بخافي .. لكن نحن من اسدلنا عليه ستائر الغفلة





    لنخضع للخدعة الكبرى حيث القنوط ولا أمل





    غافلين عن الإرادة التي تهيئنا للعمل والمضي صوب الحقيقة أياً كانت





    فعندما نرغب في التحقيق فإن تلك الرغبة تولد من روح الإرادة





    وتلك الإرادة تنبثق من منابع الإيمان فينا ؛





    فحين نؤمن .. تُسرج عتمة الليل الكليم لتمضي بنا عبر مسالك النور





    صوب تحقيق مهامنا على الأرض .





    هكذا مضى الوقت وأنا أجالس ورقتي ؛؛





    انثر عليها بضعاً من كلماتي سطراً وراء سطر وكأنني أعود من الماضي واتقدم صوب المستقبل بآن .





    \





    /





    \





    لم تشأ أن تصمت تلك العجوز





    فلازال في جعبتها الكثير .. لكن .. هذا ما سمحت به الورقة : )





    _ شكراً من صميم قلبي لكل من قرأني _





    12 / 2 / 1433 هـ





    6 / 1 / 2012 م




  • منار يوسف
    مستشار الساخر
    همس الأمواج
    • 03-12-2010
    • 4240

    #2
    بريق الروح
    أنا أيضا أشكرك من صميم قلبي لهذا النص العميق
    و هذه الرؤية الخاصة في الحياة
    حاولت أن أتخيلني في التسعين من العمر
    و ماذا سأنصح نفسي وقتها
    ربما ستكون نصيحتي لنفسي أن لا أهدر الوقت فيما لا يفيد
    أن أتعلم من كل سقطة و أن أرى بعين البصيرة و أن أتريث عند الغضب
    لكن أظن أن الطبيعة البشرية ستتغلب علينا
    و سنمضي دون أن نستفيد من تلك الإختيارات و المساحة المتاحة لنا
    المهم أن تزيد مساحة الإيمان بداخلنا
    لندرك حكمة الحياة

    بريق الروح
    كان نصك الفلسفي قمة في الروعة و العمق
    راق لي كثيرا
    لكن تمنيت لو تكبري الخط و تغمقي اللون و تقللي المسافات بين السطور

    شكرا عزيزتي
    لك التقدير على روحك الشفيفة و قلمك المتوهج بالصدق

    تعليق

    • غسان إخلاصي
      أديب وكاتب
      • 01-07-2009
      • 3456

      #3
      أختي الكريمة بريق روح المحترمة
      مسا ءالخير
      هلا وغلا بك على الدوام ، أنت أخت غالية في ملتقانا الغالي .
      كنت ماتعة ، شائقة ، مسهبة ، ذات رؤية عميقة .
      استطعت أن تطرقي كثيرا من مناحي الرؤى والأفكار بطريقة موحية .
      ننتظرك على الدوام .
      وأرجو أن تراجعي نصك لتصويب بعض الهنات فيه ،
      كانت ملاحظات الأخت منار في مكانها.
      نحن نريد لك الإبداع وسعي الجميع لقراءة كل ما تجودين به علينا .
      تحياتي ودي لك .
      (مِنْ أكبرِ مآسي الحياةِ أنْ يموتَ شيءٌ داخلَ الإنسانِِ وهو حَيّ )

      تعليق

      • بريق روح
        عضو الملتقى
        • 07-01-2012
        • 13

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة منار يوسف مشاهدة المشاركة
        بريق الروح

        أنا أيضا أشكرك من صميم قلبي لهذا النص العميق
        و هذه الرؤية الخاصة في الحياة
        حاولت أن أتخيلني في التسعين من العمر
        و ماذا سأنصح نفسي وقتها
        ربما ستكون نصيحتي لنفسي أن لا أهدر الوقت فيما لا يفيد
        أن أتعلم من كل سقطة و أن أرى بعين البصيرة و أن أتريث عند الغضب
        لكن أظن أن الطبيعة البشرية ستتغلب علينا
        و سنمضي دون أن نستفيد من تلك الإختيارات و المساحة المتاحة لنا
        المهم أن تزيد مساحة الإيمان بداخلنا
        لندرك حكمة الحياة

        بريق الروح
        كان نصك الفلسفي قمة في الروعة و العمق
        راق لي كثيرا
        لكن تمنيت لو تكبري الخط و تغمقي اللون و تقللي المسافات بين السطور

        شكرا عزيزتي

        لك التقدير على روحك الشفيفة و قلمك المتوهج بالصدق

        أهلاً بكِ فاضلتي .. وأهلاً بانتقاداتك
        فنحن البرعم وانتم لنا باحة غناء وتحت لوائكم ننمو
        ولمرورك الشكر يتكوثر حتى ترضي
        تحيتي وتقديري

        تعليق

        • بريق روح
          عضو الملتقى
          • 07-01-2012
          • 13

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة غسان إخلاصي مشاهدة المشاركة
          أختي الكريمة بريق روح المحترمة
          مسا ءالخير
          هلا وغلا بك على الدوام ، أنت أخت غالية في ملتقانا الغالي .
          كنت ماتعة ، شائقة ، مسهبة ، ذات رؤية عميقة .
          استطعت أن تطرقي كثيرا من مناحي الرؤى والأفكار بطريقة موحية .
          ننتظرك على الدوام .
          وأرجو أن تراجعي نصك لتصويب بعض الهنات فيه ،
          كانت ملاحظات الأخت منار في مكانها.
          نحن نريد لك الإبداع وسعي الجميع لقراءة كل ما تجودين به علينا .
          تحياتي ودي لك .

          حييت استاذي الفاضل
          تقديري لمرور وضاء ينير الدرب

          تعليق

          • غسان إخلاصي
            أديب وكاتب
            • 01-07-2009
            • 3456

            #6
            أختي الكريمة بريق روح المحترمة
            مساء الخير
            هلا وغلا وحياك الله .
            ننتظرك منذ زمن طويل ... عسى المانع خيرا .
            لقد انطبق المثل والأغنية في ( القدودالحلبية ) :
            (وصلتينا لنص البير وقطعت الحبلة فينا )
            لاتتأخري علينا أختاه .
            تحياتي وودي لك .
            (مِنْ أكبرِ مآسي الحياةِ أنْ يموتَ شيءٌ داخلَ الإنسانِِ وهو حَيّ )

            تعليق

            يعمل...
            X