رحلة البحث عن الأنا // بين القمة والقاع \\

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصطفى شرقاوي
    أديب وكاتب
    • 09-05-2009
    • 2499

    رحلة البحث عن الأنا // بين القمة والقاع \\

    وددت أن أكون كما أنا فظللت أبحث عني ولكني حين وجدتني وجدت أنني ابتعد كثيراً عني أنا , ورسالتي بمدادٍ واثقٍ لمن أراد السير في رحلة البحث عن الأنا أن يكفي آنيته على وجهها بأن يستمد من نهر الخلود حراكه كي لا يعيش كما أنا ..... العيش المنفرد في ظل الوحشةِ المعزولة لا تكتفي بإراقة المواد القابلة للإشتعال على المحل القابل لذلك ! بل تسعى هذه الوحشة ناظرةً في أن تستشري وتتراكم كمحيطٍ فاضَ على زرعٍ أوله خلاء وآخره جدار حاجز فاحتبست المياه مصطدمة في ذاك الجدار ولازال المحيط يمدها ماءً على ماءٍ حتى ينبت الزرع وتطفو الثمار على وجه الماء , ومن أراد أن يظفر بالثمار فسيكونُ أحد أمرين :
    إما أن يكون سباحاً ماهراً قادراً على الغوص في الأعماق ومع هذا الغوص لابد من الصعود إلى العلياء ليأخذ الثمار .
    وإما أن يلتقطها من أعلى معلقاً في طائرٍ غير ساكن فهو بين الماء والهواء .
    أما الأول : إذا كان ماهراً فلابد وأن تتوافر معه أدواته التي تعينه على العيش بداخل الماء تلك المدة المقدرة له مع امتناعه عن الهوى ومع ذلك العيش لابد أيضاً " أن يتقوقع بداخل الذات وأن لا تسحره الألوان ولا فيض المحيط من الملذات , وليعلم بأن مقاليد الأمور مبينة في كتابٍ مسطور فإذا ما كان في القاع فلا يأمن ذاك النون ولا يأمن الإنجراف خلف التون فإذا ما سلم من الأول ولم ينسحب خلف الثاني فليحذر الشعب ففي كل طرفٍ من أطرافها أشواك إن لم تخدشك حتماً أوقفتك عن الحراك , فإذا ما قابلت تلك الشعاب فليكن لك الخفاء صديقاً موصداً خلفك الأبواب , وليكن في خاطرك دوماً ديدن الخروج من دوامة القاع حتى ترى نور العلياء , وليحِط بهاجسك أن المداد يحتاج إلى استعداد وأن الشئ الذي له قيمة لن تناله إلا بعد أن تمتطي صافناتُ العزيمة ففيها جياد الهمة التي ستوصلك بأمر باريها للقمة " وهنا سيطرح علينا السؤال نفسه : هل هناك أداة تحفظك عن الأهواء مدة كبيرة لا يفتر معها السابح ولا ينقلب على عقبيه , وإن نجا من ذلك هل سيحتفظ بالقوة والعزيمة التي تجعله يستطيع أن يجني الثمار التي من أجلها قطع القفار وسار في خطه ولم يحِد عن المسار ؟
    إذا استطعت الإجابة بصدق على هذا السؤال فاسبح واقطف ثمارك واشكر المنعم .
    والثاني : يرى الأمور من منظوره قريبة المجال سهلة المنال لا تحتاج إلى همه ولا تحتاج لكثيرٍ من وقته فهو يرى أن القليل من الجهد سيوصله إلى الثمرة حتى أنه يمتطي دوماً طائر غيره فإذا كان الأول يسبح في الماء والقاع ويتحمل ألم الأشواك ومر الأوجاع ويجاهد ويجتهد وما نراه إلا متخفياً متقوقعاً حريصاً على نفسه على وجلٍ وخجل فالثاني على خلافه فهو " بين الأفلاك نجمٌ من النجوم حتى وإن كان لا يساوي الساق في أوراق العموم , هذا الثاني الذي يطير في السماء بين النجوم التي هي على شاكلته وتتخطفه الأهواء تجده دوماً مع التيار في اتجاه اليسار إن أنت تناولت سيرة الثمار تجده يزورها بناطره بين الحين والحين وتجده واثقاً من محصولها له وكأنه معه إقرار التمكين معتمداً بذلك على مطيته التي لا تسكن وعلى خواطره التي لا تنجو من هواجس الصعود في الإتجاه البعيد عن أصول الوصول إلى ذاك المحصول فهو يرى أن النزول هو أساس الطريق حتى ولو كانَ معلقاً في تلك الجواذب التي تجذبه إلى سماء علمه ويرى أنه مع تعلقه يستطيع أن يتصيد الثمار وأن يتخطفها فلا مشقة في ذلك "
    وكما طرح علينا السؤال نفسه هناك فهنا يعرض علينا فكرته الثانية : عن توفر المطيه التي تهبط من علياء الأهواء إلى ذاك الماء لتلتقط وتعلو لتخالط الأشباه وتعود في حين آخر للإلتقاط مع محاولة تجميع الثمار بعضها على بعض لأنه لا يسكن الطائر إلا إذا علم أنه ملازماً عنق ذاته ... ولابد من اصطحاب طيرك وطير غيرِك حتى تتمسك به في وقت القطف وإلا ربما سقطت في القاع وغاب عنك نور الشمس بل والشعاع ..... فإذا ما استطعت الإستمساك والقدرة على الفكاك .. فليكن طيرُك ملازماً غيرُك فأنت هذا ولا تعجب وواصِل سيرك فهل تجد المطلب ؟
    أما عند تحصيل الفائدة وعلى من كانت الثمرة عائدة ....
    هل : على من سكن القاع وحاول واجتهد ليطفوا للعلياء
    أو : على هذا الذي يطير في الهواء هابطاً على سطح الماء ....؟
    فسيعلم ذلك من أيقن أن الطريق ليس فسيحاً سهلاً بل فيه المشقةِ ما فيه وليس من جد وتعب كمن هوى ولعِب .... والسابح النحرير ليس كمن ظنَّ أنه يطير, فبين الماء والهواء مسافةً فاصلة لها من لها وفيها من فيها ومن لها ليس كمن فيها فقدر تعبيري لن يكفيها ومن عاد لأصل المداد وعلم ما يحتويه وخلفه انقاد وصل إلى أصل الثمرة وسكن وارتاح ووجد نتيجة الكفاح جناتٍ فساح فيها من الثمرات ما فيها ووحده القادر على أن يملأُها ويكفيها . فمن شاء له مولاه الخير فهذا من شرح له صدره وتفضل عليه بجزيل نعمه براحةٍ يجدها في صدره عند ذكر ربه ومن ضاق صدره في الخاتمة فليعِد حساباته فلن يستريح من الأهواء ولن تتركه الأعداء حتى تودي به إلي ما في قعر الماء .......... والله المستعان وعليه التكلان ومنه نستمد القوة والعزم على مر الأزمان وبه يكون حسن الختام وصلى الله على محمد خير الأنام وعلى آله وصحبه الكرام

  • مصطفى شرقاوي
    أديب وكاتب
    • 09-05-2009
    • 2499

    #2
    بين الماء والهواء مسافةً فاصلة لها من لها وفيها من فيها ومن لها ليس كمن فيها فقدر تعبيري لن يكفيها ومن عاد لأصل المداد وعلم ما يحتويه وخلفه انقاد وصل إلى أصل الثمرة وسكن وارتاح ووجد نتيجة الكفاح جناتٍ فساح فيها من الثمرات ما فيها ووحده القادر على أن يملأُها ويكفيها .

    تعليق

    يعمل...
    X