قطة برية
تتهادى فى جلال و أبهة شجية
ربما كانت تدرك
في أي مفازة هي حين رفعت إزارها قليلا
تياهة بما يخبئه الحنين بين جدائل حزنها
تمشط دلالها ببسمة
ترش نحرها بزفرة
و تحن لطعم تذوق غنائها من شفاههم
تطعم نظراتهم- زجاجية المنافذ و المسام –
ببعض رسوم ملونة لأطفال بهجتها .. و شوقها .. و حنينها .. وغضبها
وجنونها ،
وهم يلهون في حدائق متعتها المترعة
و تراخمَ صوتُها كالنسيم .. كالعبير كنشوة مجنحة
تغوص في مصارف صدورهم
تنقى ماءها
فتترقرق.. تترقرق
وتصفو .. تصفو ..
تكون أحلى من فرات
تشرق الأحياء فيه بعد ممات
تتلألىء .. تتلذذ
احتراقا .. وربما صبابة
ويطفو كل من سباه النهر
لطعمة نغماتها ..
وبحة توقظ الاشتهاء في صدور تملؤها طينة غفل
تصليه .. يكون وجعا
وهاجسا .. يبتغى ارتواء
خضرة لحظها تلقى حنطتها
بغيطان قط
تفرش حجرها
تفرش حجرها
للظى الحنين الشجي !!
حومت - فوقها.. و تحتها .. و جنبها-
غرابيبُ سودُ .. على حين غرة .
من فصيل يشابه الصقور في وثبة الافتراس،
تنقرُ الجسرَ تحت شوقِ الضلوع..
وشوك المخالب .. وابتهاج الحنايا ،
تكربج الهواء ،
ليلتوي جذعها ..
تنثني .. و تكتوي ؛
كأنها تهتبل طريدة ،
تحلق في استماتة .. و الغبار يفور ،
يرسم ..
وجوه و ثعالب و فئران غيط !!
غاق .. غاق .. غاق
تُغيِّمُ الفضاء ، تهيلُ ألفَ سحابةٍ من ضباب ،
تقتلعُ ريشَها بقسوةٍ و انتشاء ..
في مهرجانها الوحشي .
لكنها- البرية - لزهوة .. وربما نشوةٍ سكنت روحها ،
لم تر .. أو رأت ..
ولم تبالي !!
فريسة هي .. ما أحست خديعة ؛
فالجسرُ للشطارِ .. و المُرَّاق ..
و الغربان .. و الضباع !!
تهدَّلَ الجناحُ ، و ابتلتْ الثيابُ ..
والعروقُ ،
و ابتردَ الساكنُ القفص .
و الفريسة ما أصبحت بعدُ ..
بين المخالب سانحة ؛
برغم دمدماتٍ لها تمزق الأحلام !
لم تزل .. تحرك الجناح ،
و العنف ديدان ذعر ..
تُهرئ جلد الجسر حد الجنون..
والبكاء .. والشهيق!
وغاق .. غاق .. غاق
في غاقه الأولى
تهندم المذاق ، و انتفخ صدره ،
دنا قليلا، وتغنخ ..
معجبا بريش مخالبه ،
وصوته المنقوعُ في العسل؛
في محاولة للخروج من غاقه
الحريفة .. ما استطاع رشو حنقه و رائحة ..
غير متحملة لروح أهلكها السبي !!
أما الأكثر عنفا.. ذاك الذي يصليها
صراخا واقترابا.. و يصفقها بالجناح ؛
كان خارجا لتوه من حكايا ..
شهرزاد .. فحين تلاعبت يدٌ ماهرة ،
أفلحت في إخراجه من مرناء ،
ولم يحفظ الجميل ،
وانفلت من جنون صاحبه ..
لجنونه الخاص ،
وراح يقذف النجوم بالحجارة ،
يقتل البشر بكثرة التلحين .. و الإنشاد
والداعرة !!
و الأخير كلب عصى صاحبه ،
وحيث كان ساحرا ،
فخلا بينه بعد أن داعبت أصابعه القادرة ..
بيضة الجمجمة ،
وسواه غرابا أبقع !!
وبقية السرب سواء
متشابهو الثياب و ما تحوى الحبة الصماء !!
تكشفت جلودُ القهر للقط الضحوك ،
فطار .. صوب الجسر ؛
ليدرك ألهناك ..
قبل أن تذل ، تحط في الشباك !
فابترد الانتشاء في بطون الخواء ،
وولت الأدبار !!
يبكى أبقع الدماءِ و التاريخِ ،
يدبدب ؛
فيسقطه الجناحُ في حضن أمه المسبية
بعد إعدام سيدها .
و تحفة شهرزاد .. في عالم الكرتون ،
حين لم تعره غنجة ،
ينفلت ..
و قت حط القطُ وسط الدائرة ،
ويعود يدميه الوجع ،
يغربل الطريق بحثا عن قبضة صاحبه ،
يرجوه مزيدا من جنون..
فشحنُهُ خانَه .. وخان طيشَه ،
في ذروة التحدي الجبان !!
و الأول / الطاووس ،
ذو القرط المدلي على جانب وجهه ،
المشقوق الشفه ،
كان تمرس القنص عبر الجسر ..
غير مرةٍ ..
بالمخاتلة ..
و الملاينة ..
و التماهي
مع ألوان طيف الفرائس ،
مع ألوان طيف الفرائس ،
فآثر البقاء ،
وذرف دمعتين ،
لاك ألف غاق ،
وحين ماءَ القطُّ لينا ،
لوح بالمخالب و الأنياب ،
و غنى جملة ..
كانت مثل كلمة السر في ميدان حرب .
تهللت للحن روحها ،
وحلقت في حضنه ،
اختفت بين الضلوع ،
تلوذ بالأمان ؛
و لم تر تدفق المطر بين مقلتيه غيرة
و افتتان !!
ورغم عودة الغربان ..
للتحليق و النعيق ..
و سكب سوائل الغواية ..
أمام حقولها الخضراء ،
ما تزال تسلك الطريق صوب الجسر ؛
لأنها في ذات حب ..
رأته على مشارف القمر ..
خيطا يلف روحها بذلك القط الحنون ..
فما يزال ينتظر ..
على كفه ..
تسكب البدور نورها الشفيف
راسمة ببسماتها حروف اسمها
الطائر الرحيق !!!!
تعليق