في السجن
في زمن ما، عندما كانت الخدمات متدنيّة في السجون، قبض على " بيتر" نتيجة سطوه المسلّح على مصرف المدينة،
لكن بعد تمكّنه من إخفاء النقود. بعد محاكمة سريعة حكم عليه السجن مدى الحياة لتسبّبه في وفاة أحد الحرّاس.
أصبح كالوحش الجريح لا يستكين ولا يستريح، يذرع زنزانته الضيّقة - وقد أطبقت على صدره - جيئة وذهابا. لم يعد
يحتمل حبسه يوما آخر، فكيف وهو سيسجن طيلة العمر؟ وصار جلّ هدفه استعادة حريّته للعيش ببذخ من المال المنهوب
متمتّعا به مع حبيبته الّتي تنتظره في الخارج.
استرعى انتباهه سجينا عجوزا يدعى العم "جورج" كان محكوما بالأشغال الشاقّة مدى الحياة بسبب قتله زوجته
وعشيقها بيديه العاريتين، ولكبر سنّه جعلوه يعمل في التنظيف وتوزيع الطعام على المساجين، بالإضافة كان المسؤول
عن تجهيز من يموت من السجناء ويضعه في نعشه، ومن ثم يتولّى مع بضعة حرّاس دفنه في مقبرة كنيسة مجاورة.
قام بالتعرّف عليه أثناء تناول الطّعام، وبدأ يجاذبه أطراف الحديث في ساعات التنفّس بالسّاحة، حتى توثّقت عرى
الصداقة. وصارحه برغبته الفرار من السّجن، على أن يعطيه مبلغا ضخما من المال المخبوء إن قام بمساعدته.
جورج أمضى في الحبس عمرا، لا يطمح أو يرغب في مغادرته. لكنّ المال مهمّ لتحسين نوعيّة حياته من حيث المأكل
والشراب والدخّان، بالإضافة إلى أنه سيكسبه المزيد من الحظوة والسّلطة على بقيّة المسّاجين والحرّاس بالإنفاق
عليهم، علما أنهم كانوا يحبّونه ويثقون به، ولا يخشون منه الهرب، لهذا لم يهتمّوا بتشديد الرقابة عليه.
خطّطا لهرب بيتر، بأن يسرق نسخة إضافيّة من المفتاح الرئيس الّذي من خلاله بالإمكان فتح أبواب الغرف، وهذا أثناء
عمليّة التّنظيف من أحد أدراج مكتب المأمور. وأن يعدّ بنفسه تابوتا يستوعب "بيتر" بالإضافة إلى أحد السجناء عندما
يموت، فيتسلّل إليه ثمّ يقوم جورج بوضع المتوفّى بالتابوت ويدفن معه، على أن يعود ليلا للحفر عليه وإخراجه.
في الليلة الموعودة بعد إعدام أحد عتاة المجرمين، أعلمه جورج البدء في تنفيذ الخطة وتركه يفرّ في ساعة الصّفر،
مستغلّا انشغال الجميع بالإعدام، مستخدما المفتاح الإضافيّ استطاع بيتر االوصول إلى الغرفة الموضوع فيها التابوت،
والانسلال داخله في المكان السرّي أسفله حريصا على وضع رقائق خشبية مبطنة فوقه لإخفائه جيّدا. ثمّ أحضروا
الجثمان. تنهّد بارتياح لمّا سمع صوت طرقات مسمرة التّابوت دون اكتشاف أمره، بعدها نقل التّابوت وبيتر داخله
وتم الدّفن في المقبرة القريبة.
مضت الساعات طويلة ثقيلة وبيتر يترقّب قدوم صديقه كي يخرجه، انتظر وانتظر حتى هبط الظلام دون فائدة.
تذكّر علبة كبريت يحملها في جيبه كان قد نجح في سرقتها من أحد الحرّاس، التقطها بصعوبة شديدة بعد معاركة
الميّت والألواح فوقه حتى أزاحهم عنه، وكان جورج حريصا على توسيع التابوت وإعداد مكانه جانبيّا لتخفيف ثقل
الجثّة عنه، استطاع توليع عود ثقاب فأضاء له التابوت، وسقط على وجه الميّت، فغر فاه مصدوما لدى رؤية صديقه
الهرم المفترض أن ينقذه، ممدّدا معه في التابوت دون حراك.
انطفأ عود الثقاب منذرا بنفاذ الأكسجين. لم يكن أحد في الجوار إلا بومة غطّى نعيبها في ظلمة الليل البهيم صوت
الصّراخ المكتوم الصّادر من أعماق الأرض!
مع تحيات
ريما ريماوي
في زمن ما، عندما كانت الخدمات متدنيّة في السجون، قبض على " بيتر" نتيجة سطوه المسلّح على مصرف المدينة،
لكن بعد تمكّنه من إخفاء النقود. بعد محاكمة سريعة حكم عليه السجن مدى الحياة لتسبّبه في وفاة أحد الحرّاس.
أصبح كالوحش الجريح لا يستكين ولا يستريح، يذرع زنزانته الضيّقة - وقد أطبقت على صدره - جيئة وذهابا. لم يعد
يحتمل حبسه يوما آخر، فكيف وهو سيسجن طيلة العمر؟ وصار جلّ هدفه استعادة حريّته للعيش ببذخ من المال المنهوب
متمتّعا به مع حبيبته الّتي تنتظره في الخارج.
استرعى انتباهه سجينا عجوزا يدعى العم "جورج" كان محكوما بالأشغال الشاقّة مدى الحياة بسبب قتله زوجته
وعشيقها بيديه العاريتين، ولكبر سنّه جعلوه يعمل في التنظيف وتوزيع الطعام على المساجين، بالإضافة كان المسؤول
عن تجهيز من يموت من السجناء ويضعه في نعشه، ومن ثم يتولّى مع بضعة حرّاس دفنه في مقبرة كنيسة مجاورة.
قام بالتعرّف عليه أثناء تناول الطّعام، وبدأ يجاذبه أطراف الحديث في ساعات التنفّس بالسّاحة، حتى توثّقت عرى
الصداقة. وصارحه برغبته الفرار من السّجن، على أن يعطيه مبلغا ضخما من المال المخبوء إن قام بمساعدته.
جورج أمضى في الحبس عمرا، لا يطمح أو يرغب في مغادرته. لكنّ المال مهمّ لتحسين نوعيّة حياته من حيث المأكل
والشراب والدخّان، بالإضافة إلى أنه سيكسبه المزيد من الحظوة والسّلطة على بقيّة المسّاجين والحرّاس بالإنفاق
عليهم، علما أنهم كانوا يحبّونه ويثقون به، ولا يخشون منه الهرب، لهذا لم يهتمّوا بتشديد الرقابة عليه.
خطّطا لهرب بيتر، بأن يسرق نسخة إضافيّة من المفتاح الرئيس الّذي من خلاله بالإمكان فتح أبواب الغرف، وهذا أثناء
عمليّة التّنظيف من أحد أدراج مكتب المأمور. وأن يعدّ بنفسه تابوتا يستوعب "بيتر" بالإضافة إلى أحد السجناء عندما
يموت، فيتسلّل إليه ثمّ يقوم جورج بوضع المتوفّى بالتابوت ويدفن معه، على أن يعود ليلا للحفر عليه وإخراجه.
في الليلة الموعودة بعد إعدام أحد عتاة المجرمين، أعلمه جورج البدء في تنفيذ الخطة وتركه يفرّ في ساعة الصّفر،
مستغلّا انشغال الجميع بالإعدام، مستخدما المفتاح الإضافيّ استطاع بيتر االوصول إلى الغرفة الموضوع فيها التابوت،
والانسلال داخله في المكان السرّي أسفله حريصا على وضع رقائق خشبية مبطنة فوقه لإخفائه جيّدا. ثمّ أحضروا
الجثمان. تنهّد بارتياح لمّا سمع صوت طرقات مسمرة التّابوت دون اكتشاف أمره، بعدها نقل التّابوت وبيتر داخله
وتم الدّفن في المقبرة القريبة.
مضت الساعات طويلة ثقيلة وبيتر يترقّب قدوم صديقه كي يخرجه، انتظر وانتظر حتى هبط الظلام دون فائدة.
تذكّر علبة كبريت يحملها في جيبه كان قد نجح في سرقتها من أحد الحرّاس، التقطها بصعوبة شديدة بعد معاركة
الميّت والألواح فوقه حتى أزاحهم عنه، وكان جورج حريصا على توسيع التابوت وإعداد مكانه جانبيّا لتخفيف ثقل
الجثّة عنه، استطاع توليع عود ثقاب فأضاء له التابوت، وسقط على وجه الميّت، فغر فاه مصدوما لدى رؤية صديقه
الهرم المفترض أن ينقذه، ممدّدا معه في التابوت دون حراك.
انطفأ عود الثقاب منذرا بنفاذ الأكسجين. لم يكن أحد في الجوار إلا بومة غطّى نعيبها في ظلمة الليل البهيم صوت
الصّراخ المكتوم الصّادر من أعماق الأرض!
مع تحيات
ريما ريماوي
تعليق