الرئيس المحتمل.. يرشح نفسه ويصلح الساعات
وظهر منهم فلاح يكاد يكون أميًّا، لنكتشف أن شروط الترشح يمكن في غفلة من الزمن أن تأتي برجل (أو حتى امرأة) ليس له من العلم من حظ، ليقود العلماء والفقهاء؟ لن يكون هناك لمصر – إن حدث ذلك الهراء- من مجدٍ أكثر من أن تحتل موقعًا في موسوعة الأرقام القياسية لأخيب دولة في العالم، والتي كان المخلوع يبذل قصارى جهده لتحقيقها لولا رحمة ربي.
وسوف تجد عجبًا في مثل هذا السباق الذي بدأ بأكثر من أربعمائة مترشح، بعد أن كان المخلوع يتشدق بأنه لم يجد في مصر من يقدر على حمل مسئوليتها فهو مضطر لحمل العبء وحده عن شعبٍ عقيم. فستجد المحامي المغمور جدًا والذي يأتي لسحب الأوراق طمعًا في أن تتلقاه فضائية من الفضائيات تملأ به ساعة من ساعات بثها المترهلة، فيكون قد أصاب عصفورين بحجر واحد، أن يعلن عن ترشحه لعل وسامته الفتاكة تدفع به إلى التاريخ من أغرب أبوابه!! وإن لم تنجح فعلى الأقل سيلفت نظر بعض الموكلين الذين سيعرفونه لأول مرة على شاشات التلفاز.
وربما تجد عاطلاً يبحث عن وظيفة، فيتقدم لرئاسة الدولة من ضمن مجهوداته الضائعة منذ سنين للحصول على وظيقة !! أو فتاة تبحث عن فتى الأحلام الذي قد يراها على الشاشة فلا ينام الليل، أو صاحب مشروع العمر يبحث عن ممول، أو فنان عجز عن الظهور على الشاشة لتواضع إمكانياته وتجاهل المنتجين له فقرر أن يخرج لقطات من إنتاج الفضائيات المفلسة فنيًا، أو رجل طموح عقد مقارنة بينه وبين المخلوع فوجد نفسه أفقه منه وأحلى منه فتحمس لطموحه أو الشهرة على الأقل.. أو فئات من الشعب تخرج منها نكرات يغرها كثرة فئاتها، مثل فئة المعوقين أو فئة العاطلين، أو فئة العمال الذين تم تسريحهم ببركة الخصخصة، أو فئات ترتكز على التقسيمات الإجتماعية مثل ذكر وأنثى، فتخرج بعض النساء للتعبير عن نصف المجتمع والحلم بأن تكون كليوباترا التي أنهت تاريخ الفراعنة أو شجرة الدر التي أنهت تاريخ الأيوبيين، وربما تنجح فتكون حتشبسوت صاحبة المسلات والتي سرقت الحكم من ابن أخيها القائد العسكري الفذ الذي هزم 350 ملكًا في معركة واحدة سرقها محرفوا العهد القديم ونسبوها إلى الملك داوود. أو ربما تكون أول رئيسة منتخبة في تاريخ مصر والعالم الإسلامي الحديث. أو الأقلية القبطية حين يترشح قبطي عكس مقتضيات الواقع ليتحدث باسم الأقباط ظنًا منه أن الأغلبية الساحقة سترشحه لتحصل على شهادة نوبل لأكثر شعب متسامح في التاريخ؟
الذي رجح انضمام أكثر من 80% من طابور ساحبي استمارات الترشح هو حب الظهور أو الإعلان المجاني. وذلك يذكرنا بالخواجة بيجو المشهور حين كانت مصر دولة غنية يأني اليونانيون للعمل بها وبيع الأقمشة من بيت لبيت في القرى والنجوع وكل أرجاء مصر، تماماً كما يفعل الصينيون الآن. وحيث تميز الخواجات اليونانيون بحب المال والتجارة بالتقسيط المريح جدًا، ظهرت الفكاهة المصرية المعهودة عن أظرف شعوب الأرض.. ليصبح الخواجة بيجو رمزًا لكل أجنبي.
ومن المضحكات قصة بخل الخواجة بيجو. فقد كان لدى الخواجة بيجو محلاً لتصليح الساعات. وفي يوم من الأيام توفى شريكه في المحل. وحتى لا يبدو وكأنه فرح لموت شريكه نصحه أحد أصحابه بعمل نعي في الصحيفة. واغتم الخواجة بيجو وسهر الليل بطوله يفكر فيما سينفق من نقود في هذا النعي بلا طائل. وفي الصباح ذهب إلى الجريدة وقد بدا عليه الرضا قليلاً. وكان النعي كالتالي: "الخواجة بيجو.. ينعي صاحبه ... ويصلح الساعات". وهكذا عرف الخواجة بيجو كيف يستغل النعي في الإعلان. أظن أن هذا هو سبب وصول عدد المترشحين إلى أربعمائة وربما وصلوا ألفًا حين يدرك من فاتته الفكرة كيف يرشح نفسه و.... يصلح الساعات.
تعليق