تويت
قرصة أذن
• صديقي رمزي مصاب والعياذ بالله بالوسواس القهري . فتراه يمارس بعض الأفعال ذات القيمة التافهة ، مع علمه علم اليقين بسخافة ما يقوم به
وعدم معقوليته . إلا أنه يستمر في أداء الفعل الذي يكون عادة على هيئة طقوس لو لم يقم بها ، تُقفل في وجهه الأبواب ( وينتحس ) .
من هذه الأفعال . يجب أن يدخل البيت بقدمه اليمين ، وعند خروجه يخرج بقدمه اليسار
وكم من مرة كان يغادر عمله عائدا إلى البيت لظنه أنه غادر البيت بقدمه اليمين وليس باليسار .
ذات يوم بينما كان يهم دخول مكتبه في الصباح . وإذ بجرس الهاتف يرن . لم يشأ أن يرفع السماعة قبل أن يعرف شخص المتكلم .
نظر إلى شاشة كشف الرقم . إنه البيت .
ــ يا صبّاح يا عليم يا رزاق يا كريم . ألله يستر .
زوجتي لا تتصل بي في العمل إلاّ في المصائب . الثلاجة خربت ، الكهربا قطعت ، المجاري طفحت ، فلان مات ...
ــ نعم يا ست الحسن والجمال . ماذا هناك ؟
ــ ابنك حنا .
ــ انطقي يا امرأة ما به حنا ؟
ــ اتصل معي شخص قال أنه من المخابرات العامة ويريد ابننا حنا على وجه السرعة . اترك عملك واذهب إليه ، ولا تتركه وحده .
صفن رمزي وسرح مع أفكاره . لقد خرجت اليوم من البيت بقدمي اليسار . أكيد هناك لبس في الموضوع ، وسيمر اليوم على خير .
رفع سماعة التلفون واتصل مع ابنه .
ــ خير يا حنا ؟ إيش الي عملته ؟ متنساش أنك جديد في الوظيفة ، وكلام مثل هذا سوف يجيبلك الكلام ، وممكن يستغنوا عن خدماتك .
ــ اطمئن يا والدي . الموضوع بسيط وسوف أذهب إليهم أوضح لهم الأمر .
ــ بَرِّد قلبي ، ماذا فعلت ؟
ــ الموضوع أنني انتسبت إلى جماعة من المعارضة في الفيس بوك خجلا . وسوف أنسحب وأعلن انتمائي وحبي للوطن وقائده .
ــ الله يرضى عليك يا حنا . أنا مش وش بهدلة على آخر العمر . كلّمني بعد ما تنتهي من الموضوع وبسرعة أرجوك .
دخل الليل ولم يأته خبرا من ابنه ولم يتصل به .
لملمّ نفسه وانطلق متوجها إلى المخابرات يسأل عن فلذة كبده .
جلس على دكة الانتظار مع مجموعة من المواطنين ، حالهم مثل حاله ، ينتظر دوره للمثول أمام المسئول .
طال انتظاره وترامى من بعيد صوت أحدهم :
ــ رمزي أبو العينين
ــ نعم .
ــ تعال معي .
سار خلفه كالمضبوع إلى أن وقف أمام أحد الأبواب . ثم نهره آمرا :
ــ خُشّ
خُشّ يا قليل الأدب . ألا تعرف كلمة تفضل . قالها بسرّه وخاف أن تفضحه ملامحه . ابتسم وخَشِّ .
وقف أمام مكتب المسئول . بينما كان عددا من المواطنين يهمون بالخروج . صاح بهم المسئول بفظاظة :
ــ الحقيقة بدون لف ودوران . أريد الحقيقة .
لم ينبس أحد فصاح :
ــ الويل لمن يخفي همسة .
ورمى رمزي بنظرة حادة أمرا :
ــ هات ما عندك .
يا خراب بيتك يا رمزي . وأخذ يسائل نفسه هل دخل الغرفة بقدمه اليمين أم اليسار .
ــ ابني عندكم من صباحية ربنا . ولا أدري عنه شيئا .
ــ حنا ابنك ؟
ــ نعم هو ابني . يا باشا نحن عائلة مستورة وليس لنا في السياسة . وإذا غُرِّرَ به من خلال الفيس بوك لعنة الله عليه .
فهذا شقاوة عيال وعدم فهم . ضحكوا عليه بحكاية الربيع العربي . سوف أوبخه وألجمه .
ــ ومن قال لك أن القضية التي من أجلها أوقفنا ابنك سياسية . هي قضية أخلاقية يا حضرة .
أخلاقيّة ؟! ولقي رمزي نفسه في الجحيم ، بين يدي من لا يرحم .
ــ لقد قام ابنك الهمام بهتك عرض والتشهير بإحدى البنات وقام بنشر صور إباحية لها على النت .
وسوف نقوم بالطبطبة عليه بطريقتنا حتى يبان له صاحب أو أن يعترف بجرمه . وبعدها سيحاكم ويسجن على الأقل ثلاث سنوات .
أعراض بناتنا ليس لعبة بأيدي شبابكم .
زُلزل كيان رمزي لدى سماعه هذا الكلام . فانخرس ولم يستطع الرد .
ــ اذهب ونم في بيتك . حنا في ضيافتنا وسوف ينام عندنا الليلة .
ــ أبوس إيدك . الموضوع فيه لُبس . نحن عائلة محترمة ونربي أولادنا كل شبر بندر على حسن الخلق والتدين .
ــ يا راجل يا مهووس ابنك بلطجي نت . وسيعترف أمامك .
ــ يا ليلة سودا . حنا بلطجي ؟! أكيد حضرتك تتكلم عن حنا غير حنا ابني .
نهض المسئول عن المقعد كمن لسعته أفعى . فتح الباب وصرخ :
ــ هاتولي حنا أبو العينين
دخل شخص ممزق الثياب . شاحب الوجه . منكوش الشعر . متورم الوجه . مكسور الأنف ...
ــ هذا ليس حنا ابني . ماذا فعلتم بولدي ؟
ــ هيا . تفضل وقول لأبيك ماذا فعلت
ــ الذي قلته لكم سوف أعيده على مسامع أبي
حضن حنا والده ، وقبل يده .
ــ سامحني يابا . كل ما فعلته أنني تعرفت على فتاة من خلال منتديات الدردشة . وذات يوم
شاهدت صورة إباحية لها على إحدى منتديات التواصل . نقلتها لها كي تأخذ حذرها فقط .
هذا كل ما في الأمر . فعلت ذلك حفاظا عليها وليس تشهيرا بها . وربي سبحانه وتعالى شاهد على ما أقول .
ــ اسمع يا حنا ، واسمع يا سيد رمزي . إذا لم تقم الفتاة بسحب شكوتها ضدك يا حنا ، فلن ترى الشارع إلا بعد ثلاث سنوات .
دخل الغرفة أحد موظفي الدائرة وبيده ورقة ، وضعها فوق مكتب المسئول وخرج . بذات الوقت رن جرس الهاتف . رفع السماعة
فسرعان ما تقهقر المسئول . تخلّى عن صلابته الزائفة فآوى إلى وضعه الطبيعي :
ــ نعم سيدي . الورقة أمامي . قرأتها . أمرك سيدي .
رسم ملامح ابتسامة شاحبة على وجهه . ثم خاطب رمزي قائلا :
ــ خذ ابنك يا أبو حنا ، واذهبا إلى البيت بسلام . سحبت الفتاة شكوتها المقدمة بحق حنا . ونحن نعمل على التعرف على المجرم
الحقيقي . وسيقع في أيدينا اليوم قبل غد .
زفر رمزي طاردا الغم الذي كان جاثما فوق صدره . وقبل أن يخرج هو وابنه من باب الغرفة ، خاطبهما المسئول متخابثا وعينه على حنا :
ــ دعك من الفيس بوك . أنصحك بتعليق اشتراكك فيه أو قم بإلغاءه . رحمةً بوالدك يا حنا . سامعني .
عند ذاك أغمض رمزي عينيه متفكرا . ماذا ينتظر ؟ أنه يمارس طقوس ما قبل الخروج ، ويعاني من انفعالات متضاربة .
هل يخرج بقدمه اليسرى أم اليمنى ؟
• صديقي رمزي مصاب والعياذ بالله بالوسواس القهري . فتراه يمارس بعض الأفعال ذات القيمة التافهة ، مع علمه علم اليقين بسخافة ما يقوم به
وعدم معقوليته . إلا أنه يستمر في أداء الفعل الذي يكون عادة على هيئة طقوس لو لم يقم بها ، تُقفل في وجهه الأبواب ( وينتحس ) .
من هذه الأفعال . يجب أن يدخل البيت بقدمه اليمين ، وعند خروجه يخرج بقدمه اليسار
وكم من مرة كان يغادر عمله عائدا إلى البيت لظنه أنه غادر البيت بقدمه اليمين وليس باليسار .
ذات يوم بينما كان يهم دخول مكتبه في الصباح . وإذ بجرس الهاتف يرن . لم يشأ أن يرفع السماعة قبل أن يعرف شخص المتكلم .
نظر إلى شاشة كشف الرقم . إنه البيت .
ــ يا صبّاح يا عليم يا رزاق يا كريم . ألله يستر .
زوجتي لا تتصل بي في العمل إلاّ في المصائب . الثلاجة خربت ، الكهربا قطعت ، المجاري طفحت ، فلان مات ...
ــ نعم يا ست الحسن والجمال . ماذا هناك ؟
ــ ابنك حنا .
ــ انطقي يا امرأة ما به حنا ؟
ــ اتصل معي شخص قال أنه من المخابرات العامة ويريد ابننا حنا على وجه السرعة . اترك عملك واذهب إليه ، ولا تتركه وحده .
صفن رمزي وسرح مع أفكاره . لقد خرجت اليوم من البيت بقدمي اليسار . أكيد هناك لبس في الموضوع ، وسيمر اليوم على خير .
رفع سماعة التلفون واتصل مع ابنه .
ــ خير يا حنا ؟ إيش الي عملته ؟ متنساش أنك جديد في الوظيفة ، وكلام مثل هذا سوف يجيبلك الكلام ، وممكن يستغنوا عن خدماتك .
ــ اطمئن يا والدي . الموضوع بسيط وسوف أذهب إليهم أوضح لهم الأمر .
ــ بَرِّد قلبي ، ماذا فعلت ؟
ــ الموضوع أنني انتسبت إلى جماعة من المعارضة في الفيس بوك خجلا . وسوف أنسحب وأعلن انتمائي وحبي للوطن وقائده .
ــ الله يرضى عليك يا حنا . أنا مش وش بهدلة على آخر العمر . كلّمني بعد ما تنتهي من الموضوع وبسرعة أرجوك .
دخل الليل ولم يأته خبرا من ابنه ولم يتصل به .
لملمّ نفسه وانطلق متوجها إلى المخابرات يسأل عن فلذة كبده .
جلس على دكة الانتظار مع مجموعة من المواطنين ، حالهم مثل حاله ، ينتظر دوره للمثول أمام المسئول .
طال انتظاره وترامى من بعيد صوت أحدهم :
ــ رمزي أبو العينين
ــ نعم .
ــ تعال معي .
سار خلفه كالمضبوع إلى أن وقف أمام أحد الأبواب . ثم نهره آمرا :
ــ خُشّ
خُشّ يا قليل الأدب . ألا تعرف كلمة تفضل . قالها بسرّه وخاف أن تفضحه ملامحه . ابتسم وخَشِّ .
وقف أمام مكتب المسئول . بينما كان عددا من المواطنين يهمون بالخروج . صاح بهم المسئول بفظاظة :
ــ الحقيقة بدون لف ودوران . أريد الحقيقة .
لم ينبس أحد فصاح :
ــ الويل لمن يخفي همسة .
ورمى رمزي بنظرة حادة أمرا :
ــ هات ما عندك .
يا خراب بيتك يا رمزي . وأخذ يسائل نفسه هل دخل الغرفة بقدمه اليمين أم اليسار .
ــ ابني عندكم من صباحية ربنا . ولا أدري عنه شيئا .
ــ حنا ابنك ؟
ــ نعم هو ابني . يا باشا نحن عائلة مستورة وليس لنا في السياسة . وإذا غُرِّرَ به من خلال الفيس بوك لعنة الله عليه .
فهذا شقاوة عيال وعدم فهم . ضحكوا عليه بحكاية الربيع العربي . سوف أوبخه وألجمه .
ــ ومن قال لك أن القضية التي من أجلها أوقفنا ابنك سياسية . هي قضية أخلاقية يا حضرة .
أخلاقيّة ؟! ولقي رمزي نفسه في الجحيم ، بين يدي من لا يرحم .
ــ لقد قام ابنك الهمام بهتك عرض والتشهير بإحدى البنات وقام بنشر صور إباحية لها على النت .
وسوف نقوم بالطبطبة عليه بطريقتنا حتى يبان له صاحب أو أن يعترف بجرمه . وبعدها سيحاكم ويسجن على الأقل ثلاث سنوات .
أعراض بناتنا ليس لعبة بأيدي شبابكم .
زُلزل كيان رمزي لدى سماعه هذا الكلام . فانخرس ولم يستطع الرد .
ــ اذهب ونم في بيتك . حنا في ضيافتنا وسوف ينام عندنا الليلة .
ــ أبوس إيدك . الموضوع فيه لُبس . نحن عائلة محترمة ونربي أولادنا كل شبر بندر على حسن الخلق والتدين .
ــ يا راجل يا مهووس ابنك بلطجي نت . وسيعترف أمامك .
ــ يا ليلة سودا . حنا بلطجي ؟! أكيد حضرتك تتكلم عن حنا غير حنا ابني .
نهض المسئول عن المقعد كمن لسعته أفعى . فتح الباب وصرخ :
ــ هاتولي حنا أبو العينين
دخل شخص ممزق الثياب . شاحب الوجه . منكوش الشعر . متورم الوجه . مكسور الأنف ...
ــ هذا ليس حنا ابني . ماذا فعلتم بولدي ؟
ــ هيا . تفضل وقول لأبيك ماذا فعلت
ــ الذي قلته لكم سوف أعيده على مسامع أبي
حضن حنا والده ، وقبل يده .
ــ سامحني يابا . كل ما فعلته أنني تعرفت على فتاة من خلال منتديات الدردشة . وذات يوم
شاهدت صورة إباحية لها على إحدى منتديات التواصل . نقلتها لها كي تأخذ حذرها فقط .
هذا كل ما في الأمر . فعلت ذلك حفاظا عليها وليس تشهيرا بها . وربي سبحانه وتعالى شاهد على ما أقول .
ــ اسمع يا حنا ، واسمع يا سيد رمزي . إذا لم تقم الفتاة بسحب شكوتها ضدك يا حنا ، فلن ترى الشارع إلا بعد ثلاث سنوات .
دخل الغرفة أحد موظفي الدائرة وبيده ورقة ، وضعها فوق مكتب المسئول وخرج . بذات الوقت رن جرس الهاتف . رفع السماعة
فسرعان ما تقهقر المسئول . تخلّى عن صلابته الزائفة فآوى إلى وضعه الطبيعي :
ــ نعم سيدي . الورقة أمامي . قرأتها . أمرك سيدي .
رسم ملامح ابتسامة شاحبة على وجهه . ثم خاطب رمزي قائلا :
ــ خذ ابنك يا أبو حنا ، واذهبا إلى البيت بسلام . سحبت الفتاة شكوتها المقدمة بحق حنا . ونحن نعمل على التعرف على المجرم
الحقيقي . وسيقع في أيدينا اليوم قبل غد .
زفر رمزي طاردا الغم الذي كان جاثما فوق صدره . وقبل أن يخرج هو وابنه من باب الغرفة ، خاطبهما المسئول متخابثا وعينه على حنا :
ــ دعك من الفيس بوك . أنصحك بتعليق اشتراكك فيه أو قم بإلغاءه . رحمةً بوالدك يا حنا . سامعني .
عند ذاك أغمض رمزي عينيه متفكرا . ماذا ينتظر ؟ أنه يمارس طقوس ما قبل الخروج ، ويعاني من انفعالات متضاربة .
هل يخرج بقدمه اليسرى أم اليمنى ؟
تعليق