هوَّ كان "شَنَب" أبو زيد؟!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد العمودي
    شاعر
    • 19-03-2011
    • 175

    هوَّ كان "شَنَب" أبو زيد؟!!

    هوَّ كان "شَنَبْ" أبو زيد؟!!





    2400000000000000000000.bmp.jpgفي الفيلم الكوميدي العربي "30يوم في السجن" –والذي هو قائم على حادثة حرق شنب شيخ قبيلة بالخطأ- يقول "فريد شوقي" بطل الفيلم، عندما جاءه وفد قبيلة "النَجْعاويَّة"-وهي قبيلة صاحب "فَرْدَة" الشارب المحروق- بعد حادث حرْق شارب كبيرهم على يديه كما يظنون، مطالبينه باسْمِ "مجلس" قبيلتهم، الذي اجتمع خصيصا لهذا الشأن، بتعويض كبير أو الويل والثبور!
    فما كان من فريد شوقي إلا أن قال لهم: (طز).. "ياعم صلي ع النبي، يطلع إيه "المجلس" الهُزُؤْ دا إللي بيجتمع عشان شنب! هوَّ شنب أبو زيد"؟!

    ونحن هنا بين يدي واقعة تُقارب حدّ التطابق مع سياق الكوميديا السابقة، مع بعض الإختلاف التفصيلي، وروح فكاهة "أبي الطيب المتنبي" السوداء تتخلها حين قال:
    أغاية الدين أن تحفّوا شواربكم ** يا أمة ضحكت من جِهلها الأممُ

    والذي حدث في مكة المكرمة أن شابا سعوديا دخل إلى صالون الحلاقة، وطلب حلق لحيته،فجلس وبدأ الحلاق -وهو مصري الجنسية- يقصها له، بينما كان الزبون يعلك في فمه قطعة لبان (علكة)، ويبدو أن يد الحلاق تأثرت بانحرافات الفك من مضغ اللبان بعض الشيء، فمالالمقص إلى شارب الزبون، وقص قسماً من الشعر، فتغير شكل الشارب، فغضبالزبونودخل في ملاسنة مع الحلاق، وتطورت إلى عراك بالأيدي أدى إلى إصابة "صاحب الشارب" في أنفه. ومن ثم وصلت إلى المحكمة التي ستبدأ بالفصل فيها، بعد أن تم حجز الحلاق لـ 8 أيام، وأُفرج عنه بكفالة، إذ فشلت محاولات التصالح بين الطرفين، بعد أن قدّم الحلاق 10 آلاف ريال كتعويض، لكن "صريع الشارب" رفضها في إصرار على الحكم الشرعي من المحكمة في حق الحلاق.

    أي أننا أمام حلاق –مغترب لأجل لقمة العيش- مُهدّد بخراب بيته بسبب (فردة شنب)! ففي حالة الإدانه، سيُحكم عليه بشهرين سجن، وغرامة عن الإصابة، وربما يتبعهما -بحكم القوانين هناك- إلغاء لإقامة عمله وتسْفِيره لموطنه!!

    يحدث هذا في بلادنا التي يمر فيها الخطأ والإهمال الطبي -على سبيل المثال- المؤدي في كثير من الأحيان إلى إزهاق الأرواح، دون مساءلة، تحت بند (مقدَّر ومكتوب)! ولو أنّ أحدا من طرف الذي جرى عليه (المقدَّر والمكتوب) تقدَّم بشكوى ضد المستشفى أو طلب التحقيق في سبب الوفاة بدعوى وجود شبهة خطأ وإهمال، لاتُّهِمَ من مختلف الجهات بــ(قلّة الدين) وعدم التسليم –كمسلم- بالقضاء والقدر!
    أي أننا نُسلِّم –بكل أريحيّة- بالقضاء والقدر في إزهاق الروح، بينما يستعصي علينا ذلك، ونتنافخ، في حالة إزهاق "فَرْدَة شنب" كما في الحالة التي بين يدينا!!

    كم أشعر الآن بالعطف على الحلاق المسكين، وقلبي معه، وقدمي فوق "فردة الشنب" المحلوق.. التي أضحكتنا وأضحكت علينا، وأردد مع فريد شوقي:
    - هو كان شنب أبو زيد!!

    وحيث أني من عائلة فُطرت على الشوارب وتقديرها حق قدرها، فمثلاً.. أول ما يقابلك من أبي إذا التقيته هو شاربه الكث الشعيرات والسواد، والذي يحرص حتى بعد أن جاوز السبعون –أطال الله عمره- على تشذيبه بعناية وصبغة، لدرجة أني لم يحدث أن ضبط شعرة بيضاء واحدة لتكون كقمر في ليل شاربه. فوجدتني أضع نفسي مكان "صريع الشارب"، وبعد لأيٍ وجهد كي أعيش لحظة: أنّ إحدى "فرْدَتَيْ" شاربي طُرِحَتْ أرضاً، كما حدث للزبون السعودي، وجدتني أصل -بلا تصنّع- إلى أنّ ذلك لو حدث بسابق إصرار وترصد، دون اي مجالٍ لإحتمالية الخطأ فيه، فإني متخذا طريق:
    "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى...

    أما لو كان خطأ محضا غير مقصود -كما في حالة صاحبنا "صريع شاربه"- فإن الأمر لن يتعدى (صالون الحلاقة) مهما عَظُمَ. وهو لا يستحق السعي لتجريم المخطئ عن غير قصد، وخراب شأنه. وسأُردد:
    - هوَّ كان شنب أبو زيد؟!
    ثم أنها بضعة أيام وسيُعاوِد النمو ثانية في "تبات ونبات.. وربما يخلف صبيان وبنات".

    وعلى ذكر "شنب أبو زيد"، كي نُدْرِكَ الفرق الهيكلي واللوجستي بين شواربنا وشاربه:
    فشارب أبو زيد هو من عينة الشارب الذي جاء ذكره في كلمات المقطع الأخير من الأغنية الشهيرة (يا صلاة الزين) التي غناها زكريا أحمد من ألحانه وكلمات الشاعر بيرم التونسي، واشتُهِرت بصوت سيّد مكاوي:
    أبا سعدى فارس معدود ** على صيته بايت محسود
    وفي صوته شاب المولود ** على دراعه يقفوا سبعين
    على شنابه يقفوا صقرين ** على كتافه يبنوا قصرين
    يا صلاة الزين علي أبا سعدى .. يا صلاة الـزين.

    فهكذا شارب وإلا فلا، ودونه الرقاب بكل تأكيد، وإلا أين سيقف الصقرين لو هَوَتْ فرْدَتيْهِ أو حتى فَرْدة واحدة؟!
    ثم إن مثل هكذا شارب قد يكون هو مصدر قوة "أبا سعدى" المهولة -مثل شَعَر "شَمْشون الجبار- والتي جعلته يُقِفُ سبعين على دراعه، ويبنوا قصرين على كتافه!
    وبالتأكيد أن شارب صاحبنا "صريع شاربه" ليس مثل شارب أبا سعدى، والتأكيد عندي يأتي من أنه كان يعلك لبان (علكة)، فلو كان مثل شارب أبا سعدى لطار الصقرين من حركتهما جراء هذا العلْك، والذي سيجعلهما يبدوان -في اهتزازهما- أقرب لخصر راقصة منه إلى مَهْوى صقرين.

    أحمد محسن العمودي

    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد العمودي; الساعة 16-03-2012, 08:28.
    " أهذا آخر المكتوب خلف نشيج أسفاري!
    فيا لفداحة الأنهارِ
    والأشعار لم تأتي بظلِّ النارِ..
    بل قلبي الذي يَسْتَهْطِلُ الحطبَ
    "


    أنا..


  • منار يوسف
    مستشار الساخر
    همس الأمواج
    • 03-12-2010
    • 4240

    #2
    أستاذ أحمد
    تعرف أن عندنا بمصر إذا قُتل أحدهم خطأ تكون العقوبة مجرد غرامة قد تكون مائة جنيه
    هذا في حالة قتل روح
    أما هذا الشنب الذي تأذى بطريق الخطأ ليتم تغريم الفاعل عشرة آلاف ريال غير الحجز أو السجن و الترحيل
    شىء يفوق الخيال من غرابته
    و على رأيك هو كان شنب أبو زيد
    موضوع ساخر به إسقاط جميل
    أما المفارقة بين عقوبة تأذي الشارب و عقوبة قتل النفس بالخطأ
    فهي مفارقة مؤلمة ..
    شكرا لك أستاذ أحمد
    سعدنا بتواجدك معنا
    و راق لي قلمك الساخر المرح الذي لمس الجرح باحترافية
    و شر البلية ما يضحك سيدي
    لك التقدير الكبير
    و في انتظار المزيد من مداد قلمك الرائع

    تعليق

    • فوزي سليم بيترو
      مستشار أدبي
      • 03-06-2009
      • 10949

      #3
      أخي أحمد العمودي .
      هديتي لك هذه الأبيات عن حكاية شنب

      لي شاربٌ كث
      عزيزٌ على القلبْ
      نَبَتَ مع أشتال بيارتي
      زيتونا وجميزا
      وكرماتِ عنبْ
      وقفَ الصقرُ عليه
      بالمواسم
      شعرةٌ منه
      تقفُ للغزاةِ سَدّا
      وإن مرّت قُرْبه
      حمامة بيضاء
      مِن سَمارِهِ تسْوَدّ

      رُوَيدَكْ يا شاربي ... وَتَمَهّل
      ألم تمِلّ سَرْدَ أحلامك ؟
      والعزفَ على لحنِ أوهامك
      ملَلْناها نحن

      أين كنت ؟
      ورابين يغتصبُ رملتك واللد
      أين كنت
      وديان يقتلعُ أقصاك والمهد
      أين كنت
      وشارون بصبرا
      يُمَثلُ بأمواتك
      ويتوعد بك
      أين كنت
      وجنين وغزة ... والجدار
      يخنقون لك الحلم
      أين أنت الآن يا شاربي
      وأشتال بستانَك
      تُنتفُ شعرة شعرة
      هل صُنتَ الكرامة ؟
      هل ساهمت بحرب الاستنزاف ؟
      هل عبرت القناة
      ودككت خط بارليف ؟
      أصبحت أشُكّ !

      أنت يا صاحبي ... كالسراب لا تُمَس
      خريفُ العمر
      صَبَغَ شاربك بألوان الرحيل
      فمُتْ بهدوء
      والفظ آخر أنفاسك قهرا

      سامحوني على قسوتي
      فقد رأيتُ طفلاً
      شعرُهُ ما زال زغبًا
      بشعور له
      يفتت به الجبال
      ومن ضرب حجارته
      سُطّرَتْ ملاحم مَجْد
      فلم يتفاخر بشنب
      أو برمش
      من جفون س
      ب
      اْ

      فوزي بيترو

      تعليق

      • أحمد العمودي
        شاعر
        • 19-03-2011
        • 175

        #4
        أ. منار..
        ألف شكر على المداخله الوافية، والتي ذكرتني بما قاله
        لنا أحد أساتذتنا هنا -حين كنت في الجامعة- وانا أرويها
        على ذمته، وليس على ذمتي ذات المقاس XL
        من أنّ سيّارة دهست حمارا وصاحبه وتسببت في قتلهما معا
        وحيث انه قتْل بالخطأ.. أمرت المحكمة بالغرامة أو الدية.
        وكانت -يالصاااعقة- (ديّة) الحمار أكبر من ديّة صاحبه!!

        ومن يوميها يا ستي.. مابقاش أي حد من الطلاب يزعل لما الأستاذ
        يقوله يا "حمار".

        شاكر لك هذا المرور العذب
        أرق تحياتي أختي الكريمة
        " أهذا آخر المكتوب خلف نشيج أسفاري!
        فيا لفداحة الأنهارِ
        والأشعار لم تأتي بظلِّ النارِ..
        بل قلبي الذي يَسْتَهْطِلُ الحطبَ
        "


        أنا..


        تعليق

        • أحمد العمودي
          شاعر
          • 19-03-2011
          • 175

          #5
          أ. فوزي سليم..

          كم انا أسعدني هذا المرور الكريم..
          اما سيرة الشارب التي في مداخلتك.. فهي سيرة ممتعة
          وتنطبق تقريبا على معظم شوارب جماعتنا العُربان
          وتستحق أن تُغنى على الربابة، ولكن ليس بجانب سيرة
          أبو زيد.. إنما بجانب سيرة صاحبنا "صريع شاربه" الذي
          في المقالة.

          كل الود لهذا الحضور أخي
          أرق تحياتي
          " أهذا آخر المكتوب خلف نشيج أسفاري!
          فيا لفداحة الأنهارِ
          والأشعار لم تأتي بظلِّ النارِ..
          بل قلبي الذي يَسْتَهْطِلُ الحطبَ
          "


          أنا..


          تعليق

          • بثينة يوسف
            أديب وكاتب
            • 17-03-2012
            • 27

            #6
            الأستاذ احمد العامودي
            مساكين الشباب يتغربون ليجدوا فرصة عمل بدخل اكبر من الذى سوف يحصلون عليه في بلادهم
            وأهل البلد المستضيف لهم يعرفون ذلك فيذلونهم بفلوسهم على رأى فؤاد المهندس في مسرحية
            انا فين وانت فين (عندما كان يقول للفراش: بفلوسى)
            تحياتي

            تعليق

            • أحمد العمودي
              شاعر
              • 19-03-2011
              • 175

              #7

              آآآآآه يا أ. بثينة يوسف..
              نقرتي على الـ(زُرَار) الذي يجعل العقل (يهنّق)..
              والرأس (يدخِّن)!!
              فــفلسفة "بفلوسي".. ما أشبهها بربطة عنق، طرفها الآخر
              مربوط بساقية السوبرماركت.. لا أكثر!
              وطبعا لا ننسى أنها -أي فلسفة بفلوسي- هي التي أودت بقارون
              فــ(راح في الكازوزة) حين استذلَّ بها الخلق.. وتنكّر للخالق.

              شاكرا لك هذا التواجد الجميل
              كل الود والتقدير أختي الكريمة.
              التعديل الأخير تم بواسطة أحمد العمودي; الساعة 27-03-2012, 19:42.
              " أهذا آخر المكتوب خلف نشيج أسفاري!
              فيا لفداحة الأنهارِ
              والأشعار لم تأتي بظلِّ النارِ..
              بل قلبي الذي يَسْتَهْطِلُ الحطبَ
              "


              أنا..


              تعليق

              يعمل...
              X