
فرعون رايح فرعون جي
محمد سليم:
لا شك,,لكل طاغية مُتكبر في أي زمان ومكان طغمة تزيّن له سوء عمله,,لا ريب,,
فرعون مصر سيُزف على رأس قومه يوم القيامة إلى نار السعير,,لا نقاش,,الشعب المصري أبدع حضارة فريدة أبدية" الموت والخلود" كانت ومازالت أعجوبة للعالمين..وأنه الشعب الوحيد على البسيطة الأخف دماً والأكثر فكاهة رغم مُرّ السنين,,ولا جِدال,,الــ" فَرْعَوْن" بفتحتين وسكونين..مفردة عجيبة ساحرة موروثة عن الآباء وننطقها بفتح الفم ونحن ساكنون..و اللفظة تعني صاحب القصر المنيف,يدير شئون البلاد أنّا شاء ويفرض على عباده من الضرائب ما أراد..ولأن الرأي رأيه والمشيئة مشيئته ..فـ كان ولا بد أن يكتسب شرعية ما لمواجهة الجماهير الغفيرة!....فكان أبن المجنونة هذا..يدّعي أنه الوسيط بين الآلهة العظام وبين الشعب المقهور ليكتسب القدسية والجلال..ولو أستبد الجنان بمولانا الفرعون أكثر..كان يهب واقفا على رأس الشعب ويصرخ فيهم أنا ربكم الأعلى كامل الأوصاف..وكان أبن المجنونة هذا لا يكتفي بذلك بل يخلع على مجلس وزراءه المبجل أنهم آلهة من الدرجة الثانية الممتازة في قطار المُلك..ثم يذهب إلى دفن سلفه "الإله الميّت" بعد الأربعين.. لـ يمسك حينئذ بعصا الألوهية وصولجان القوة وعندئذ يهتف الشعب بحياته عاش الإله عاش الفرعون ,فيصدر مراسيمه الفرعونية ويظل قابعا على كرسي الحكم للأبد حتى يأتيه ملك الموت بغتةً!.. تخيّلوا بقه"كيف يقبض ملك الموت روح مليك البلاد فرعوننا المبجل؟!" لا شك أنها معركة حامية الوطيس يقف فيها الشعب على قدم وساق طربا بروح الفرعون الصاعدة للعُلا بغير رجعة ولا يحزنون!.......
ولمّا تولي علينا فرعون مصر " العسكري الثالث..الطيّار مبارك"
لم يعط سره لأحد حتى أحتار الشعب في ماهيته وأصله وفصله..أهو فرعون يا ربنا العظيم لـ نعبده؟..لا لا..أهو رئيس الكنهة الوحيد لنقدسه؟..لا لا..أهو رئيس العسس لنرتعش عند رؤيته؟..لا لا..,عشنا على هذا المنوال ثلاثين عاما لا نعرف للرجل كنة غير أنه صاحب الضربة الجوية والفرعون الشرعي الذي هبط فجأة على عرش مصر كمنحة سماوية!..حتى أتت ثورة يناير" بسواعد شبابنا" واكتشفنا أن فرعوننا الإله" المبارك"لم يكن غير ممثل مشخصاتي قدير..صنعته الاتفاقات الأمنية مع أمريكا والصهيونية العالمية" بــ كامب ديفيد" فأقتصر أمن البلاد في أمن الرئيس وحياة الشعب في حياة الرئيس وأموال الدولة في جيب عائلة الرئيس بل وصل الأمر أن أقتطع سيناء من لحمنا لتكون قصره المنيف..ولم يكتفي بهذا بل جيّش الجيوش ليولي ولده عرش مصر!..بعدما باعها بدراهم معدودات للأراذل..تخيّلوا بقه "إله صغير يرث عرش الإله الكهل" في غفلة,والشعب لم يقرأ بعد فاتحة الكتاب ولم يهبط ملك الموت من السماء ليخطف روح الفرعون العتيق بلا عزاء ولا يحزنون!.......
ونحن الآن يا سادة بعد ثورتنا الفريدة في
شغل شاغل..
بانتظار ولادة جديدة للفرعون القادم"بولادة قيصرية أو بذاتية الدفع"..ولكن مصيبتنا أننا سنختاره بطريقة ديمقراطية لأول مرة منذ وجدت حضارتنا الفرعونية العجيبة,,قالوا: يجب على أهل مصر أن يختاروا" بالديمقراطية" زعيمهم المُلهم قبل كتابة الدستور!؟..ومن ثم يحُق للفرعون القادم أن يلبس على ذاته من الصفات والأوصاف ما يشاء ويخلع عليه نواب الشعب من الكهنة ما يرغبون من سمات,,وبعض أهل مصر قالوا نريده سلفيا حتى النخاع بلحية طويلة مخضبة بحناء أرض الحرمين الشريفين ونفضله بدشداشة وعقال ليلقى المواعظ بالليل والنهار..وقالوا نريده عصريا ذو مرجعية أو خلفية أو بظل خفيف وقافية حاضرة..وقالوا سيجتمع شيوخ الطُرق الصوفية للاستخارة وطلب الغوث إذ ربما يهبط فرعونا من السماء على هيئة ملاك..وأحتار أهل مصر فيمن يختاروا من بين مائتين شخص وأكثر ممن ترشحوا لشغل هذا المنصب الإلهي الخطير.......
ولمّا كان الأمر كما أسلفنا..تأرجح في خلطة عجيبة بين الموروث الفرعوني وبين خفة روح أهل المحروسة..و
ما بين شرعية الكهنة الجدد وبين طبيعة الفرعون المنتظر..وما بين وما بين..فإن الشعب قرّر قرارا لا رجعة فيه أن يعرف أدق التفاصيل عن الفرعون القادم ليضعه على قمة السلطة..بـــــ؛
أن نضع المرشحين معا على بسطة في ميدان التحرير ثم يمر الناخب المصري عليهم أجمعين..يقلبهم ذات اليمين وذات اليسار وبنهاية المطاف يضرب ضربتين على الرأس"كما يضرب البطيخة"ويُدلي بصوته صارخا : (حمراااااا..أو قرعاااااااا) وبا بختك يا بو بخيت
وقد تُجرى إعادة لاختيار قرعة من قرعتين!.. أو..يصطف أهل مصر صفا واحد من بحري للصعيد..أمام لجنة لقياس ابتسامة الفرعون القادم..وصاحب الابتسامة الأكبر يكون فرعون المحروسة المنتظر ...وربما
يخرج علينا مولانا " الإله الخفي" ليقول؛ قد نصبتُ عليكم " إله" بلا طعم ولا رائحة صافيا رائقا كالماء الزلال وأشربوا يا أهل مصر هنيئا مريئا..أو قد يخرج أحد الكهنة ليصرخ أنه رأي بالمنام أن الشيخ " فلان" هو الفرعون القادم والمهدي المنتظر في آن..وقد يخرج علينا أحدهم صارخا ؛سنختار الرئيس بعد تعريته كما ولدته أمه ثم نتفحص لباسه أيهم أكثر طولا سيكون الفرعون القادم كي يكون بلباس شرعي واسع ...
..ولأنها أول مرة نختار فيها لذ وجب أن نختاره كــ الخيارة الخضراء على هرم السَلطة ..و
يا ليتها سَلطة
بل ستكون كُفتة وفتّة ومُنبار بالثوم!!.......................
16/03/2012
تعليق