بسم الله الرحمن الرحيم

حمص: رحلة نحو الجحيم
ويعرض هذا التقرير حقائق صارخة عما جرى في حمص وبابا عمرو تحديدا، وكيف أقدم النظام على استخدام آلته العسكرية الكاملة وكأنه يخوض حربا شرسة مع قوة عسكرية عاتية، ولكنه لا يواجه بحقيقة الأمر سوى شعب طالب بالحرية والكرامة بطريقة سلمية. ولعل من يتذكر بداية الأحداث التي اندلعت في مدينة درعا، سيرى أن أحدا لم يتحدث يومها عن إسقاط النظام. فكل ما طالبوا به هو الحرية والتخلص من قيود هذه المؤسسات الأمنية المتكالبة على الشعب والتي تعاملهم كالتلاميذ المشاغبين لا ينفكون عن تلقينهم الدروس القاسية والمذلة. لكن الناس أدركوا مع تطور الأحداث أنه نظام غير قابل للإصلاح إطلاقا ولا يمكن التعايش مع أو إئتمانه على حياة السوريين ومستقبلهم، فطـرح شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" نفسه بقوة، وجعله النظام ماثلا بعيون الناس عبر إمعانه بسفك الدماء وقتل الأطفال واغتصاب النساء، فالعربي والمسلم الشريف قد يتغاضى عن أي شيء إلا انتهاك الأعراض والمحارم، فهي من الكبائر التي لا تمحى إلا بالدم.

ومن يشاهد التقرير سيرى بأم عينه كيف أن حرائر سوريا هن من يطالبن بتسليح الجيش السوري الحر، لكي يعمل على حمايتهم من الجنون الذي أطلقه النظام عليهم بلا وازع أو رادع. وهذا مؤشر على أن الأمور قد تصل إلى حد الحرب الأهلية، ولكن هناك من يقول أن الحرب الأهلية قد وقعت بالفعل لحظة استخدام النظام للعنف منذ بداية الأحداث في درعا. ولا يمكن الجزم بهذا الأمر بشكل قاطع، فالنظام توفرت له أكثر من فرصة طوال الأشهر الخمسة الأولى لوضع حل معقول يتفق عليه الجميع، ولم يكن يوجد بتلك الفترة أي تدخلات أو ضغوط خارجية تجعله يتخذ موقف المساومة أو التشدد بالموقف. لكن النظام لجأ لإقامة المسرحيات المزيفة كمسألة إجراء الإصلاحات وإلغاء حالة الطوارئ ووضع الدستور الجديد، وهو ما يتهكم عليه معظم السوريون حاليا، ولجأ بذات الوقت لإظهار وجهه الحقيقي على السوريين من خلال تجييش جيشهم (الذي يفترَض أنه وطني) على الشعب المدني الأعزل، وعمل النظام كذلك على تشغيل ماكينته الإعلامية بما تضمه من كتاب وإعلاميين مأجورين باعوا ضمائرهم بثمن بخس من دماء وأشلاء هذا الشعب الذي يريد التحرر من قيود وكيلٍ من وكلاء المستعمر يرتدي عباءة القضية الفلسطينية زورا وبهتانا.

توقع الكثير أن أعواما صعبة وعسيرة ستواجه الأمة العربية إذا أرادت التخلص فعلا من "حقبة الاستعمار الثاني"، ولكننا لم نتوقع أن نشهد مثل هذا الإنحدار والدناءة من نظام يدعي الممانعة والدفاع عن قضية فلسطين. إلا أن ما يخيب الآمال هو هذا الضعف العربي الشديد الذي لم يمنع هذا النظام من ارتكاب الكبائر والموبقات بحق شعبه. ولعل ما تقوم به بعض الدول العربية ومنها الخليجية هو أقرب للشيء الهزيل والمهين، فالشعب السوري المطحون لم تسعفه الجعجعة بلا طحين والمبارزات الهوائية، فهو يريد حدا لجنون هذا النظام وتنكيله بهم، ويريد هذا بسرعة شديدة. وللأسف الشديد فإن العرب وقفوا بلا حول ولا قوة ولا نفوذ ولا تأثير، فبعضهم ينتظر الضوء الأخضر من أمريكا ومجلس الأمن والأمم المتحدة، وهؤلاء أوقفوا ضخ "الحنفية" التي فتحوها بليبيا لأن سورية ليس لديها ثروات نفطية كالتي في السابقة، وهذا يجعلنا لا نملك سوى الاشمئزاز من الغرب وما يطلـَق عليه "المجتمع الدولي"، فهو مجتمع لا يرى سوى المصالح والمنفعة المادية، والمكيافيلية والنفاق من أهم أدواته. أما دول الخليج، فبعد أن أطلقت البالونات الكلامية والتصاريح المتفجرة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، لجأت إلى ما يطلق عليه "الحَوَل السياسي". فرغم أنها تؤيد الثورة السورية وتطالب النظام بعدم سفك الدماء، إلا إن بعضها لجأ لتسفير بعض السوريين ممن تملكتهم حرقة القلب مما يجري في بلادهم فتظاهروا سلميا للتعبير عن غضبهم واستنكارهم. وهذا لا يمكنني وصفه إلا على أنه انعدام للرؤية وغياب للاستراتيجية السليمة، فدول الخليج إما أن تقف على الحياد التام ولا تتدخل بالشأن السوري إطلاقا لكي تبرر لنفسها عدم السماح لقيام مظاهرات مؤيدة للثورة السورية، أو أنها تؤيد الثورة بكل ما يتطلبه ذلك من زخم شعبي حسب الحدود التي تقرها القوانين الدولية المحترمة والتي تكفل حق التظاهر السلمي المنظم. أما التمسك بنصف هذا ونصف ذاك، فلا أملك تسميته سوى بـ"الحول السياسي".

هذا عام قد انقضى على الأحداث في سورية، وحق للجميع أن يسميها "ثورة"، ونحن الآن نشهد المرحلة الأولى من هذه الثورة، وقد أراد النظام تطويل عمر هذه المرحلة عبر اللجوء لإحياء الذكريات المغولية البربرية والهمجية. أما من يريد التفذلك والقول أن ما يجري في سورية ليس ثورة على الإطلاق، فنرد عليه بأن عليه أن يعيد دراسة مراحل الثورة الثلاث بكل ما تحتويه من تغييرات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، وعليه كذلك أن يعيد مراجعة الثورات الناجحة الأخرى في العالم، لكي يرى أن معالم بواكير الثورة جارية حاليا في سورية، كما جرت في تونس ومصر وليبيا واليمن.

إن مسالك الخروج من الكهف المظلم الذي تعيشون به أيها العرب شاخصة أمامكم، فأيها ستختارون؟

[line]-[/line]
لمشاهدة التقرير كاملا عبر اليوتيوب
[line]-[/line]
ولمشاهدة التقرير بنسخة فائقة الجودة مع الترجمة،
يرجى تنزيل التورنت والترجمة من المرفقات
[line]-[/line]
هذا وتقبلوا مني ومن مترجمي العمل أطيب تحية
وعاشت سورية حرة أبية
هكذا أرادها النظام السوري، قمع وقتل وانتهاك محارم ودمار وخراب. وظهرت هذه النوازع الشريرة جلية في حمص ثالث أكبر المدن السورية. فما هي حقيقة ما جرى داخل هذه المدينة، وحيها الشهير "بابا عمرو"، وما تعرضت إليه من حصار شديد ثم إلى قصف واقتحام عسكري كامل واستباحة ما بها؟ ورغم أن النظام يعيش بعقلية التعتيم والكذب السافر وتشويه الحقائق وخلط الأوراق كما بالعصور الغابرة، إلا إنه لم يتمكن إغلاق جميع منافذ الحصول على جوانب مؤلمة من الحقيقة التي أراد ذلك النظام سترها وحجبها عن أعين العالم. وتحقق ذلك على أيدي هؤلاء المراسلين الذين يعملون لصالح قناة بي بي سي والذين قدموا هذا التقرير الإخباري الموسع، وهو ما نقدمه لحضراتكم مترجما على أيدي مجموعة مخلصة من ابناء الشعب السوري العظيم.

حمص: رحلة نحو الجحيم
ويعرض هذا التقرير حقائق صارخة عما جرى في حمص وبابا عمرو تحديدا، وكيف أقدم النظام على استخدام آلته العسكرية الكاملة وكأنه يخوض حربا شرسة مع قوة عسكرية عاتية، ولكنه لا يواجه بحقيقة الأمر سوى شعب طالب بالحرية والكرامة بطريقة سلمية. ولعل من يتذكر بداية الأحداث التي اندلعت في مدينة درعا، سيرى أن أحدا لم يتحدث يومها عن إسقاط النظام. فكل ما طالبوا به هو الحرية والتخلص من قيود هذه المؤسسات الأمنية المتكالبة على الشعب والتي تعاملهم كالتلاميذ المشاغبين لا ينفكون عن تلقينهم الدروس القاسية والمذلة. لكن الناس أدركوا مع تطور الأحداث أنه نظام غير قابل للإصلاح إطلاقا ولا يمكن التعايش مع أو إئتمانه على حياة السوريين ومستقبلهم، فطـرح شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" نفسه بقوة، وجعله النظام ماثلا بعيون الناس عبر إمعانه بسفك الدماء وقتل الأطفال واغتصاب النساء، فالعربي والمسلم الشريف قد يتغاضى عن أي شيء إلا انتهاك الأعراض والمحارم، فهي من الكبائر التي لا تمحى إلا بالدم.

ومن يشاهد التقرير سيرى بأم عينه كيف أن حرائر سوريا هن من يطالبن بتسليح الجيش السوري الحر، لكي يعمل على حمايتهم من الجنون الذي أطلقه النظام عليهم بلا وازع أو رادع. وهذا مؤشر على أن الأمور قد تصل إلى حد الحرب الأهلية، ولكن هناك من يقول أن الحرب الأهلية قد وقعت بالفعل لحظة استخدام النظام للعنف منذ بداية الأحداث في درعا. ولا يمكن الجزم بهذا الأمر بشكل قاطع، فالنظام توفرت له أكثر من فرصة طوال الأشهر الخمسة الأولى لوضع حل معقول يتفق عليه الجميع، ولم يكن يوجد بتلك الفترة أي تدخلات أو ضغوط خارجية تجعله يتخذ موقف المساومة أو التشدد بالموقف. لكن النظام لجأ لإقامة المسرحيات المزيفة كمسألة إجراء الإصلاحات وإلغاء حالة الطوارئ ووضع الدستور الجديد، وهو ما يتهكم عليه معظم السوريون حاليا، ولجأ بذات الوقت لإظهار وجهه الحقيقي على السوريين من خلال تجييش جيشهم (الذي يفترَض أنه وطني) على الشعب المدني الأعزل، وعمل النظام كذلك على تشغيل ماكينته الإعلامية بما تضمه من كتاب وإعلاميين مأجورين باعوا ضمائرهم بثمن بخس من دماء وأشلاء هذا الشعب الذي يريد التحرر من قيود وكيلٍ من وكلاء المستعمر يرتدي عباءة القضية الفلسطينية زورا وبهتانا.

توقع الكثير أن أعواما صعبة وعسيرة ستواجه الأمة العربية إذا أرادت التخلص فعلا من "حقبة الاستعمار الثاني"، ولكننا لم نتوقع أن نشهد مثل هذا الإنحدار والدناءة من نظام يدعي الممانعة والدفاع عن قضية فلسطين. إلا أن ما يخيب الآمال هو هذا الضعف العربي الشديد الذي لم يمنع هذا النظام من ارتكاب الكبائر والموبقات بحق شعبه. ولعل ما تقوم به بعض الدول العربية ومنها الخليجية هو أقرب للشيء الهزيل والمهين، فالشعب السوري المطحون لم تسعفه الجعجعة بلا طحين والمبارزات الهوائية، فهو يريد حدا لجنون هذا النظام وتنكيله بهم، ويريد هذا بسرعة شديدة. وللأسف الشديد فإن العرب وقفوا بلا حول ولا قوة ولا نفوذ ولا تأثير، فبعضهم ينتظر الضوء الأخضر من أمريكا ومجلس الأمن والأمم المتحدة، وهؤلاء أوقفوا ضخ "الحنفية" التي فتحوها بليبيا لأن سورية ليس لديها ثروات نفطية كالتي في السابقة، وهذا يجعلنا لا نملك سوى الاشمئزاز من الغرب وما يطلـَق عليه "المجتمع الدولي"، فهو مجتمع لا يرى سوى المصالح والمنفعة المادية، والمكيافيلية والنفاق من أهم أدواته. أما دول الخليج، فبعد أن أطلقت البالونات الكلامية والتصاريح المتفجرة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، لجأت إلى ما يطلق عليه "الحَوَل السياسي". فرغم أنها تؤيد الثورة السورية وتطالب النظام بعدم سفك الدماء، إلا إن بعضها لجأ لتسفير بعض السوريين ممن تملكتهم حرقة القلب مما يجري في بلادهم فتظاهروا سلميا للتعبير عن غضبهم واستنكارهم. وهذا لا يمكنني وصفه إلا على أنه انعدام للرؤية وغياب للاستراتيجية السليمة، فدول الخليج إما أن تقف على الحياد التام ولا تتدخل بالشأن السوري إطلاقا لكي تبرر لنفسها عدم السماح لقيام مظاهرات مؤيدة للثورة السورية، أو أنها تؤيد الثورة بكل ما يتطلبه ذلك من زخم شعبي حسب الحدود التي تقرها القوانين الدولية المحترمة والتي تكفل حق التظاهر السلمي المنظم. أما التمسك بنصف هذا ونصف ذاك، فلا أملك تسميته سوى بـ"الحول السياسي".

هذا عام قد انقضى على الأحداث في سورية، وحق للجميع أن يسميها "ثورة"، ونحن الآن نشهد المرحلة الأولى من هذه الثورة، وقد أراد النظام تطويل عمر هذه المرحلة عبر اللجوء لإحياء الذكريات المغولية البربرية والهمجية. أما من يريد التفذلك والقول أن ما يجري في سورية ليس ثورة على الإطلاق، فنرد عليه بأن عليه أن يعيد دراسة مراحل الثورة الثلاث بكل ما تحتويه من تغييرات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، وعليه كذلك أن يعيد مراجعة الثورات الناجحة الأخرى في العالم، لكي يرى أن معالم بواكير الثورة جارية حاليا في سورية، كما جرت في تونس ومصر وليبيا واليمن.

إن مسالك الخروج من الكهف المظلم الذي تعيشون به أيها العرب شاخصة أمامكم، فأيها ستختارون؟

[line]-[/line]
لمشاهدة التقرير كاملا عبر اليوتيوب
[line]-[/line]
ولمشاهدة التقرير بنسخة فائقة الجودة مع الترجمة،
يرجى تنزيل التورنت والترجمة من المرفقات
[line]-[/line]
هذا وتقبلوا مني ومن مترجمي العمل أطيب تحية
وعاشت سورية حرة أبية
تعليق